“لا تعذبني والا سرت وتركت المكلا لك اذا مافيك معروف” الكثير منا يعرف هذه الأغنية الجميلة التي تغنى بها الفنان العظيم أبوبكر سالم بلفقيه عن مدينة المكلا عاصمة محافظة حضرموت والتي يبلغ عدد سكانها أكثر من نصف مليون نسمة. هذه المحافظة التي أتى منها عمالقة الفن على المستوى العربي مثل ابوبكر سالم، كرامة مرسال، عبدالرب إدريس والشاعر المبدع حسين المحضار.

عندما دخلت القاعدة لمدينة حضرموت العريقة توقفت الحياة الفنية، ولكن بعد الانتصار على القاعدة وخروجهم من المكلا في أبريل 2016 كان هناك حدثا كبيراً أعاد الأمل بعودة الفن لهذه المدينة ذات التاريخ العظيم. الحدث كان بعنوان “الموسيقى تعود”، فمن وراء هذا المشروع وكيف بدأ؟ فلنعود لعام 2012 ونتعرف على من كانوا وراء هذا الحدث.

مواهب حضرموت

محمد باوزير ناشط ثقافي شاب من المكلا، في عام ٢٠١٢ قام هو ومجموعة من الشباب بتكوين فريق فني اسموه “مواهب حضرموت”. كان الهدف الأساسي من المشروع هو تشجيع المواهب الفنية على الظهور وتنفيذ مشاريع فنية وقاموا بعدة مشاريع ولكنهم توقفوا في عام 2017، إلا أن محمد لم يتوقف عن اهتمامه بالتغيير المجتمعي والاقتصاد الإبداعي. فبعد خروجه من حضرموت للدراسة قرر أن يطبق مشروع تخرجه بدرجة البكالريوس في الإدارة حول دراسة حالة الفن والفنانين في حضرموت ويجعل منه مشروعاً على الأرض، ومن هنا أتت فكرة ميمز.

مبادرة ميمز

مؤسسة فنية، معهد، مساحة أو مكان للمواهب كل هذا جمعته هذه المبادرة الشبابية التي كونها مجموعة من الشباب والشابات من حضرموت.

تقول شيماء بن عثمان، باحثة وناشطة ثقافية وأحد المؤسسين لمبادرة ميمز:  “في نهاية عام 2017 تواصل معي محمد باوزير أنا ومجموعة من الشباب والشابات وكونا فريقاً للعمل على فكرة استخدام الفن للتغيير، وأن الفن من الممكن أن يخلق فرص عمل. في بداية مناقشتنا للفكرة لم يكن لدينا إسم لهذه المبادرة، ولكن الفكرة كانت أننا نريد حراك يرجع الفن لحضرموت”

تكمل شيماء حديثها بحماس وشغف: “لقد عملنا جاهدين على أن نخلق جو داعم لهذه المشاريع التي تعتبر جديدة في بيئة صعبة. ولكي لا نتضارب مع المجتمع قمنا بعمل حلقات بؤرية مع شباب من خلفيات متنوعة منها خلفيات متشددة لحد ما، وواجهنا فعلا أصوات رافضة ولكننا نجحنا في أن لا نتصادم مع المجتمع فكنا نسمع آراءهم مما ساعدنا على أن نكسب مناصرين أكثر”.

المبادرة لا تدعم فقط الدورات الموسيقية ولكنها أيضا تقوم بدعم الفنانين الذين قد يتعرضوا للاعتقال من قبل السلطات، وقد ساهمت في دعم فريق فني راقص “هيب هوب” تم اعتقالهم وارغامهم على كتابة تعهد بالتوقف عن الرقص، ولكن بسبب الحملة الداعمة من قبل المبادرة والتي ساهمت في خلق دعم مجتمعي، تغير تعامل السلطات مع الفرقة وقامت باستضافة الفرقة لحفلاتها الرسمية.

 أول حفل فني موسيقي منذ أكثر من 25 عاماً

على المسرح الوطني في مدينة المكلا شارك نحو 30 موسيقي تدربوا على يد عازفين من حضرموت، المايسترو هيثم الحضرمي الذي درس في مصر وعاد لليمن ليدرب هؤلاء الشباب، والمايسترو أحمد الأحمدي.

كان التدريب ضمن مشروع نفذته مبادرة ميمز بعنوان ( الموسيقى تعود). استمر التدريب لثلاثة أشهر ونتج عنه أول فرقة موسيقية اوركيستراليه في تاريخ حضرموت التي عانت لفترة طويلة من منع تام للموسيقى حتى في المدارس.

تسابق سكان حضرموت لحضور هذا الحفل التاريخي وظهرت عليهم السعادة وكأن الحياة عادت لهم من جديد. من يصدق أن كل هذا بدأته مبادرة لشباب وشابات حالمين استطاعوا وفي فترة بسيطة تحقيق حلمهم بعودة الموسيقى لمدينتهم.

” لازال لدينا الكثير من الأحلام، هدفنا أن نفتتح معهد لتعليم الفنون. وهو مشروع نحتاج فيه لدعم كبير، ونتمنى أن ننجح في ذلك” كانت هذه كلمات شيماء والتي بالتأكيد ستصبح حقيقة واقعة على يد أمثالها من الشباب والشابات الطامحين، صنّاع التغيير.

تنويه: جميع الآراء الواردة في زاوية مقالات الرأي على موقع “أخبار الآن” تعبر عن رأي أصحابها ولا تعكس بالضرورة موقف موقع “أخبار الآن”.