المرأة في اليمن.. جزء مهم في المجتمع المدني
المرأة اليمنية كانت وستبقى دائماً جزءاً مهماً من المجتمع اليمني، الذي لا بدَّ للمتابع لشؤونه أن يستذكر من ماضيه بلقيس، وأروى.
ورغم أن المرأة اليمنية في نضالها الحديث، استطاعت أن تنتزع الكثير من حقوقها السياسية إلا أن هذه المكتسبات تناقصت بعد قيام الحرب، وأصبح هناك تجاهل كبير لوجودهن بحجة أن الحرب القائمة تحتاج الرجال لا النساء في المناصب القيادية، فالحكومة التي تشكلت في ديسمبر 2020 خلت تماماً –ولأول مرة منذ عقود- من النساء، وهو ما يعدّه المراقبون تراجعاً كبيراً في وضع المرأة، وحقها في أن تتولى المناصب القيادية.
وفي 7 إبريل الجاري أصدر الرئيس اليمني عبد ربه هادي قراراً بنقل السلطة إلى مجلس قيادة رئاسي، معلنا تفويض المجلس بكامل صلاحياته. ونص القرار أيضا على إنشاء فرق، ولجنة استشارية. فكيف كان تمثيل النساء في هذه المشاورات؟
سألنا بعض النساء المشاركات في المشاورات عن التحديات التي تواجه الفرق، وتمثيل المرأة، ونظرتهن للمستقبل، وإمكانية إيقاف الحرب، وكانت هذه ردودهن..
د. بلقيس أبو اصبع, أستاذة العلوم السياسية، والجندر في جامعة صنعاء، ورئيسة مؤسسة أوام التنموية الثقافية، وهي أيضاً عضوة في التوافق النسوي اليمني للأمن، والسلام، وعضوة المجموعة الاستشارية النسائية لمكتب المبعوث الأممي إلى اليمن سابقا، شاركت في ثلاث جولات من المفاوضات في الكويت، وجنيف ٢، وستوكهولم، كما كنت ضمن مجموعة النساء اللاتي تمت دعوتهن لحضور توقيع اتفاق الرياض. تقول بلقيس:
“منذ بداية الحرب، ونحن نطالب بمشاورات يمنية-يمنية، وهذا ما تم في مشاورات الرياض، هذه المشاورات التي تهدف إلى وقف الحرب في اليمن، وتجميع كلمة اليمنيين معا من أجل وقف الحرب، كانت هناك مشاركة نسائية فاعلة لم تصل إلى النسبة المتفق عليها في مخرجات الحوار الوطني، وهي الـ ٣٠٪ على الأقل وهذا ما نعمل عليه حالياً، وهو الوصول بمشاركة النساء إلى هذه النسبة في اللجان المختلفة، ولكن تميزت مشاركة النساء بالفاعلية داخل المؤتمر، وشاركن في أغلب المحاور وناقشن معظم القضايا”.
مشاركة النساء أقل مما هو مطلوب والسبب المكونات
رشا جرهوم خبيرة في النوع الاجتماعي، والسلام، والأمن. وهي رئيسة مؤسسة مبادرة مسار السلام التي تتم استضافتها في مركز أبحاث وتعليم حقوق الإنسان في جامعة أوتاوا، كندا، وعضوة مؤسسة لشبكة التضامن النسوي. كانت رشا إحدى النساء السبع المدعوات من قبل المبعوث الخاص للأمم المتحدة إلى اليمن لدعم محادثات السلام التي عقدت في الكويت في عام 2016.
تم تعيين جرهوم في هيئة التشاور والمصالحة؛ وهي هيئة تجمع مختلف المكونات لدعم، ومساندة مجلس القيادة الرئاسي، والعمل على توحيد، وجمع القوى الوطنية بما يعزز جهود مجلس القيادة الرئاسي، وتهيئة الظروف المناسبة لوقف الاقتتال، والصراعات بين كافة القوى، والتوصل لسلام يحقق الأمن، والاستقرار في كافة أنحاء الجمهورية.
تقول جرهوم: “كان مهماً ألا نحصر مداخلاتنا على مطالب مشاركة النساء لتعرضنا لانتقادات كبيرة بأن النساء لا يملكن خبرة، أو محتوى يقدمنه عدا مطالباتهن بالمشاركة، وهو أمر غير صحيح، وجودة ما طرحناه من أوراق في جميع المحاور يدل على ذلك. مشاركة النساء لم تكن كافية بسبب عدم الالتزام بمخرجات الحوار الوطني، وتمثيل النساء بما لا يقل عن 30%. على قلة عددنا إلا أن مشاركتنا كانت نوعية، وكنا نعقد اجتماعات متواصلة مع المشاركين، والشركاء الدوليين للضغط والمناصرة.
أما عن سبب عدم تمثيل النساء، فأنا ألوم المكونات المدعوة. فأغلب النساء من ضمن 40 تمت دعوتهن بشكل فردي، وشخصي، وهذا أمر تشكر أمانة المجلس عليه، وكانت ترشيحات الأحزاب، والمكونات السياسية ضعيفة، وتميز فقط حزب المؤتمر بفروعه بوجود ممثلات له بقوة في المحور الإنساني، والاجتماعي. وقد سجلنا موقفنا حول ضعف مشاركة النساء من بداية المشاورات، وحاولت الأمانة تصحيح الوضع خلال الأيام التي تلت، ولكن لم يتم تحقيق نسبة 30%”.
فرق لإنقاذ الوطن
نبيلة الحكيمي مستشارة قانون دولي، تعمل كمستشار بدرجة وكيلة وزارة في وزارة التربية، والتعليم. هي رئيسة تحرير لصحيفة الحدث الالكترونية، ومؤسسة إعلام للسلام، وهي عضوة في التوافق النسوي اليمني من أجل الأمن والسلام. تم تعيينها في الفريق القانوني المكون من الكفاءات الوطنية المختصة لصياغة مسودة القواعد المنظمة لأعمال مجلس القيادة الرئاسي، وهيئة التشاور والمصالحة.
تقول الحكيمي: “نحن كفريق متخصص، لا عوائق أمام أداء أعمالنا على الوجه المطلوب في ما أوكل إلينا، ولكن نخشى عدم تحقيق الأهداف التي نتمناها ووضعناها والتي خرجت بها جميع الأطراف المتحاورة ممن حضروا، بعد أن تم تشكيل مجلس قيادة رئاسي، ونقل السلطة إليه، وتشكيل فرق تعتبر فرق إنقاذ لهذا الوطن بالمصالحة، وعودة الدولة، وعمل شراكة وطنية تشمل الجميع حتى مع الحوثيين في الداخل”.
مخرج نحو بر الأمان
وحول المستقبل، تقول الحكيمي: “الشعب اليمني على شفا حفرة من هاوية، وهناك تدهور اقتصادي، ومعيشيّ للمواطن، ووصل الأمر أن نرى المواطن يأكل من القمامة. رفعنا راية السلام والتصالح، وهي بحاجة للالتفاف من كل أبناء اليمن تحت راية نعم للسلام، وألف لا للحرب، وأخاف من التعسف والتمترس وراء البندقية، والمصالح، تاركين همنا الأول، وهو الشعب وبناء اليمن واستقراره، وتنميته، لكنني رغم ذلك متفائلة”.
وتؤكد جرهوم: “الجميع تعب من الحرب وعلينا أن ندرك بأن التوافق، والشراكة الوطنية، والمواطنة المتساوية هي المبادئ التي تستند إليها المرحلة، وهي المخرج نحو بر الأمان، ونحو البناء والسلام الدائم.
القرارات الأخيرة رتبت الصف الوطني، وهي مدعومة بشكل كبير أيضا من قبل دول الإقليم، والهدف العام هو بناء الدولة المستقرة الآمنة، واستعادة مقومات الحياة لننهض ضمن دول الإقليم لتأسيس الشرق الأوسط الحديث، لذلك علينا النظر لمستقبل اليمن من الصورة الأكبر كجزء لنهضة المنطقة ككل. من يفقد البوصلة، ولا يرى هذه الصورة، ويستمر بالتفكير الضيق، ولا يؤمن بالشراكات الوطنية سيجد نفسه معزولاً”.
تنويه: جميع الآراء الواردة في زاوية مقالات الرأي على موقع أخبار الآن تعبر عن رأي أصحابها ولاتعكس بالضرورة موقف موقع أخبار الآن