من المسؤول الذي ساعد غادة والي على تنفيذ لوحات المترو المسروقة؟

غادة والي.. تنفيذ لوحات مسروقة بمساعدة أحد المسؤولين

قبل عام 2017، لم يكن يعرف المصريون شيئاً عن الشابة المصرية غادة والي مصممة الجرافيك، حتى اختارتها مجلة فوربس العالمية لتكون ضمن قائمة تضم 30 فناناً تحت سن الثلاثين، احتفى بها المجلس القومي للمرأة باعتبارها نموذجاً للفتاة المصرية الموهوبة والقادرة على تحقيق حلمها رغم التحديات التي تواجهها ونشر فيديو لحكايتها. واليوم الكل يعرفها بعد اتهامها بسرقة لوحات محطة مترو أنفاق كلية البنات من فنان روسي.

تشابه الشكل

أعود إلى بدايات عام 2017، استضافت البرامج الفضائية غادة والي لتتحدث عن انجازها، من بينهما برنامجين واسعي الانتشار، هما معكم مع منى الشاذلي والستات ما يعرفوش يكدبوا، وكلا الإعلاميتين تحدثا عن الشبه في الشكل بين غادة والي والفنانة هنا الزاهد، بل عرضوا على الشاشة صورتين لهما لإبراز الشبه، وكذلك الشبه مع الفنانة رغدة.

تشابه الأسماء

من بين أسباب شهرتها، هو تشابه اسمها مع اسم وزيرة التضامن المصرية آنذاك، وظن البعض أن بينهما صلة قرابة، لكن هذا غير حقيقي، ونفت المصممة في لقائها مع الإعلامية منى الشاذلي وجود صلة قرابة وأكدت وقتها أنهما لم يتقابلا ولو مرة واحدة، ونفى القرابة أيضاً الدكتورمحمد العقبي المستشار الإعلامي السابق لوزارة التضامن.

حقوق ملكية روايات نجيب محفوظ

العمل الذي كان سبباً في ترشيح غادة والي للانضمام لقائمة فوربس، كان عبارة عن إعادة تصميم لـ 10 أغلفة من روايات نجيب محفوظ الشهيرة التي تحولت إلى أفلام مثل اللص والكلاب، والقاهرة 30 وغيرها، وبينما تحكي غادة والي هذه الحكاية أدركت وقتها  الإعلامية منى الشاذلي أن غادة وقعت في فخ انتهاك حقوق الملكية الفكرية الخاصة بأعمال الأديب الراحل لأنها لم تستئذن أسرة نجيب محفوظ في استغلال أعماله، لكن الأمر مر بسلام دون أي تحرك من الأسرة.

السطو على مجهود نورهان معاذ

خلال سرد وحكي غادة والي لقصتها وتصميماتها، عرض البرنامج التلفزيوني صوراً لحملة أطلقتها غادة والي مع زميلتها مصممة الجرافيك نورهان معاذ عام 2013 ونشرت وسائل الإعلام عنها عام 2015 بعنوان “مين هم؟” بهدف إسقاط المفاهيم والمعتقدات الإجتماعية المصرية الفاسدة حسب وصفهما لـ “الحملة“. لكن ما يصدمك أن غادة والي عندما ظهرت في برنامج الستات ما يعرفوش يكدبوا لم تذكر اسم زميلتها نورهان معاذ ولم تشر إليها مطلقاً، ونسبت كل المجهود لنفسها!

أزمة فيلم إخواني في لندن

في نفس العام 2013، كانت هناك واقعة غريبة حدثت لغادة والي في العاصمة البريطانية لندن، حيث دخلت في نزاع مع أحد المعارض الفنية في شهر سبتمبر، كان المعرض يتناول أربعة مدن عربية هي الأسكندرية والجزائر وبغداد ونابلس، وكان من المفترض أن يكون هناك 12 ملصقًا لغادة والي بعنوان “فيلم إخواني”، إلا أن إدارة المعرض قبل افتتاحه بأربعة أيام رفضت عرضها، وطُلب منها العثور على قطع جديدة لتضعها في مكانها. وعندما طعنت في القرار، قيل لها أن العمل كان مسيسًا للغاية ولا يتناسب مع بقية المعرض.

وبعدها عُرضت الصور في معرض آخر هو “هاردي تري” في لندن كعرض منفرد بعنوان “The Censored”. كما تعرض غادة والي الصور ضمن محتوياتموقع شركتها الحالية التي تأسست عام 2018.

 

علشان خاطر مصر

حتى يوم 31 يناير عام 2017 لم يكن هناك أي تواصل بين غادة والي وأي جهة مصرية، حكومية كانت أو غير حكومية، قالت ذلك بصراحة للإعلامية مفيدة شيحة التي طلبت على الهواء من الجهات المصرية التواصل معها والاستفادة منها ومن رؤيتها لإدخال تصميم الجرافيك في المطارات والمتاحف ومحطات القطارات والمترو والكتاب المدرسي. ويا ريتها ما طلبت! في ذلك اليوم قالت غادة والي إنها لا تريد مقابل، وأنها ستضحي بأي فرصة عمل في الخارج علشان خاطر مصر. كلهم بيقولوا كدا في الأول والكلام الحلو بيتحول على رأي عمرو دياب.

احتفاء الجامعة الألمانية

في فبراير 2017، نظمت الجامعة الألمانية في مصر مؤتمراً صحفياً احتفالاً بنجاح الطالبة التي تخرجت فيها عام 2011 كما نشرت قناة الجامعة على يوتيوب فيديو توثيقي تحكي فيه غادة والي قصتها، وخلال المؤتمر الصحفي قالت: “أتمنى خدمة مصر في مجال السياحة، نفسى أساهم في تطوير اللغة البصرية فى بلدى، للأسف لدينا تلت آثار العالم ومفيش اهتمام كاف بالآثار، كلنا نريد أن ننفذ هذا ولكن نفتقد للفرصة”. ثم لاحقاً أخذت غادة الفرصة تالت ومتلت، فحصلت الفضيحة.

 

بطاقة التعريف في منتدى شباب العالم

ساهمت كل هذه التفاصيل والظهور الإعلامي المتزامن مع تحضير الحكومة المصرية لمنتدى شباب العالم في نوفمبر من عام 2017 في شرم الشيخ في ترشيح غادة والي لإلقاء كلمة في المنتدى باعتبارها قصة نجاح مصرية طازجة.

منتدى الشباب بجامعة القاهرة 2018

في شهر يوليو من عام 2018، أشاد الرئيس المصري عبدالفتاح السيسي  بالمشروع الذي قيل أنه مقدم من غادة والي وشقيقتها ياسمين بعنوان “هوية مصر البصرية“، مقدم بشكل شخصي وليس كامتداد لمشروع الجامعة الألمانية. وفي نهاية كلمتهما، طالب رئيس الجمهورية من وزير الدفاع والهيئة الهندسية بتبنى المشروع، وقال السيسي لهما :” أهنئكم وأشكركم وما فكرتم به سنطلقه بالأقصر تحت اشرافكم”.

 

حقوق الملكية الفكرية للأقصر

ما صدمني أنه في شهر أبريل عام 2018، أي قبل عقد منتدى الشباب السادس بأربعة أشهر تقريباً، وقبل تبني رئيس الجمهورية للمشروع الذي نسبته غادة والي وشقيقتها إلى نفسيهما، كانت الجامعة الألمانية بالقاهرة قد نظمت احتفالية لإهداء محافظ الأقصر شهادة براءة حق استخدام حقوق الملكية الفكرية لدليل الهوية البصرية والشعار الجديد لمدينة الأقصر.

المشروع بدأ أصلا عام 2016!

أعلن رئيس الجامعة الألمانية أن المشروع بدأ في شهر نوفمبر عام 2016 وشارك فيه أكثر من 300 خبير مصري وألماني وحوالي 500 طالب بالمراحل الدراسية المتقدمة، كل هذا المجهود نسبته غادة والي لنفسها ووضعته على موقع شركتها الإلكتروني دون أي إشارة للجامعة أو زملائها المشاركين في هذا المجهود الضخم!

انتفاضة ضد السطو

تسببت تصرفات غادة والي وشقيقتها وسطوهما على هذا المشروع الضخم في تحرك ممن شاركوا في المشروع عبر السوشيال ميديا وطالبوا بعض وسائل الإعلام بحذف أخبار تزعم أن الفضل يعود إلى غادة والي وحدها، وكتبت ياسمينا صالح المعيدة بالجامعة الألمانية عبر صفحتها أنه الهدف الرئيسي لهذا العمل هو رؤية وإحداث فرق في بلدنا الحبيبة، لذلك لم نهتم حقًا بالدعاية أو إثبات أي شيء لأي شخص.

اختفت غادة والي منذ اكتشاف واقعة السرقة، ولم ترد ولم تعلق، واختفى زوجها

السطو يتوقف

بعد هذه الواقعة كان الظهور التليفزيوني لكل ما يتعلق بمشروع هوية مصر البصرية يتم من خلال أعضاء الفريق الأصليين بالجامعة الألمانية، وكرمهم رئيس الجمهورية في أسبوع الصعيد بأسوان، وعرضوا مشروعاً جديداً عن هوية أسوان البصرية، واستمر مركز “هوية مصر البصرية“ التابع للجامعة الألمانية في محافظات أخرى بعد الأقصر منها أسوان والإسكندرية وجنوب سيناء ومدينة شرم الشيخ. لم يعد لغادة والي وشقيقتها أي صلة بالمشروع، لكنهما بحثا عن طرق أخرى ومشاريع أخرى لتحقيق الربح.

تأسيس شركة

خلال الفترة التي ظهرت فيها غادة والي إعلامياً، كانت شقيقتها ياسمين تعمل في شركة جهينة لمنتجات الألبان الشهيرة، وقبلها كانت تعمل في شركة MI7 للدعاية والإعلان التي تصمم حملات دعائية لـ “جهينة” وغيرها من الشركات، وهي نفس الشركة التي عملت فيها غادة والي أيضاً من 2012 حتى 2015 قبل السفر إلى إيطاليا للحصول على منحة لمدة عام.

استعرضت غادة والي في كلمتها الهوية البصرية للأقصر وهو المشروع الخالص للجامعة الألمانية

السطو على أعمال شركات دعاية

عندما ظهرت ياسمين والي في منتدى الشباب السادس بجامعة القاهرة قالت إنها “استشاري إدارة أعمال” وهي الوظيفة التي لم تعمل بها مطلقاً، وأنكرت حينها عملها في شركة جهينة.

المهم استقالت ياسمين من جهينة وأسست مع شقيقتها شركة “والي أستديو” في نفس شهر الظهور في منتدى الشباب، وبدأتا بيزنس خاص بهما مستغلين الشهرة التي تحققت بتبني رئيس الجمهورية لهما. المؤلم أن جريمة سطو أخرى حصلت على الحملات الإعلانية التي نفذتها الشركات التي عملوا بها ووضعوها على موقع شركتهم الجديدة باعتبارها من أعمالهم!

بحثت غادة والي وشقيقتها عن طرق وبدائل وحملات أخرى بعد أن ضاعت عليهما فرصة مشروع الهوية البصرية لمصر المسروق من الجامعة الألمانية، فذهبتا للمشاريع التي يمكن أن تحقق عائداً مادياً جيداً وخاصة تلك التي تتوفر لها جهات تمويل.. أستعرض بعضاً منها.

 1-   مشروع القطن المصري

كان من بين تلك المشاريع التي شاركت فيها غادة والي وشركتها، حملة بعنوان “مشروع القطن المصري“، وكتبت في منشور على صفحة شركتها: ” يسعدنا أن نشارك في إنعاش صناعة القطن في مصر مع منظمة الأمم المتحدة للتنمية الصناعية ومع وزارة التجارة والصناعة بالشراكة مع فيلمر وبنك الاسكندرية”.

2-   دار الكتب والوثائق

في فبراير من عام 2019، افتتح رئيس الوزراء المصري وحاكم الشارقة الشيخ سلطان القاسمي دار الكتب والوثائق القومية المصرية بعد إعادة ترميمها بتكلفة 30 مليون جنيه، تزامن الترميم مع مهمة أخرى قامت بها غادة والي قبل عامين من الافتتاح، خاصة بصناعة العلامة التجارية لمتحف دار الكتب إضافة إلى الكتيب الإرشادي الذي يوثق جميع القطع الأثرية في المتحف، وكتاب العملات، واللافتات والخرائط، وخريطة المتحف، ولوحات القاعة، بالإضافة إلى الواجهة الرقمية، واستمرت غادة والي وشركتها في هذا المشروع لعامين بتمويل من جمعية المكنز الإسلامي.

غادة والي في اليونسكو

بعد مشاركتها في هذا المشروع، وفي 18 ديسمبر من نفس العام 2019 ذهبت غادة والي لتمثيل مصر في اجتماع اليونسكو في باريس احتفالاً باليوم العالمي للغة العربية، واستعرضت في كلمتها أيضاً الهوية البصرية للأقصر وهو المشروع الخالص للجامعة الألمانية وللتصحيح هو ليس أيضاً مشروعاً خاصاً ببعض الفتيات كما حاول البعض الترويج لذلك الفترة الماضية!

3-   مشروع مع وزارة البيئة

في 25 سبتمبر من عام 2020، أطلقت وزارة البيئة المصرية حملة Eco Egypt كأول حملة للترويج للسياحة البيئية ورفع الوعى البيئى لدى المواطنين بأهمية المحميات الطبيعية وثرواتها، بالتعاون مع وزارتي السياحة والآثار والدولة للإعلام وبمشاركة برنامج الأمم المتحدة الإنمائي ومشروع دمج التنوع البيولوجى فى السياحة المصرية الممول من قبل مرفق البيئة العالمية .

صاحبة الكعكة الكبيرة

يا ترى يا هل ترى.. ما هي الشركة المسؤولة عن تنفيذ وتصميم هذه الحملة الضخمة والتي فازت بالكعكة الكبيرة؟ نعم هي شركة غادة والي، التي نشرت على حسابها الرسمي أن العمل في التحضير للحملة قبل إطلاقها استمر لمدة عامين. وبجانب الجهات المانحة للمشروع، دخل البنك الأهلي المصري أكبر البنوك المصرية كشريك استراتيجي في الحملة حسب ما هو موجود على موقعها الإلكتروني، ونشرت الشركة على صفحتها صورة لوزيرة البيئة وهي ترتدي منتجات قماشية من تصميم شركة غادة والي.

صدفة غريبة

في ديسمبر 2021 أي قبل فضح سرقة غادة والي لوحات الفنان الروسي بالمترو بسبعة أشهر فقط، نشر الدكتور عصام والي رئيس هيئة الأنفاق الحالي على حسابه على فيس بوك منشوراً  يفتخر فيه بمشاركته في مشروع هوية الأقصر البصرية قال فيه: “فخر لي أن أكون مشاركاً في هذا العمل الرائع.. تحياتي لصديقي العزيز المحافظ محمد بدر.. تحياتي للصديق العزيز الدكتور أشرف منصور رئيس الجامعة الألمانية.. وتحية خاصة لشباب وشابات الجامعة الألمانية. أمل مصر”.

كان وقتها يعمل مساعداً لرئيس الهيئة الهندسية والمشرف الأول على مشروع هوية الأقصر البصرية بعد تكليف رئيس الجمهورية، ثم في يونيو 2019، صدر قرار من وزير النقل المصري بتعيينه رئيساً للهيئة القومية للأنفاق.

4-  محطات مترو الأنفاق

بعد تولي عصام والي المنصب في هيئة الأنفاق، كلفت الشركة الفرنسية غادة والي وشركتها بتنفيذ مشروع البوسترات الخاص بمترو الأنفاق الخط الثالث، والتكليف يعني منح المشروع بالأمر المباشر، وشركات القطاع الخاص غير ملزمة بإجراء مناقصات مثل الهيئة القومية للأنفاق، وانتهت غادة بالفعل من المشروع الذي يضم 4 محطات هي هليوبوليس وباب الشعرية وكلية البنات والعباسية، وأعمالها موجودة حتى يومنا هذا وكلها عبارة عن فينيل ملصق على سيراميك بنفس الطريقة التي شاهدناها عن إزالة اللوحات المسروقة في محطة كلية البنات.

لعب التشابه في الأسماء بين غادة والي وعصام والي، إضافة إلى إشرافه على مشروع الأقصر دوراً في حصولها على مشروع محطات المترو لكن التنفيذ والتعاقد كان من خلال الشركة الفرنسية التي لا يمكن أن ترفض لرئيس الهيئة القومية للأنفاق طلباً ولا فكرة، وحضر رئيس الهيئة افتتاحات المشروع وكثيراً ما أشاد به.

المحاسبة والمكاشفة

صحيح أن الهيئة القومية للأنفاق والشركة الفرنسية تصرفتا بشكل سريع في أزمة غادة والي، وقالتا أنهما ستقاضيان غادة والي، لكن التبرؤ منها ليس كافياً، ولابد أن يحاسب من اختارها، ولأن نعرف المعايير التي استندوا إليها غير معرفة رئيس الهيئة بها؟ ولا بد أن يعرف الرأي العام الثروة الطائلة التي حققتها من كل هذه المشاريع، والأهم من وجهة نظري أن يتوقف المسؤولون عن الممارسات المشابهة، فمصر غنية بشبابها وفنانيها المبدعين الذين يحلمون بفرصة، فرصة وليس أكثر، حتى لا تتكرر هذه الفضيحة مرة أخرى. وبالمناسبة مجلة فوربس تضم في قوائهما سنوياً عدداً من الشباب المصريين الناجحين بحق وحقيق ولا يهتم بهم الإعلام ولا الجهات الرسمية ولا يسمع عنهم أحد.

الاختفاء وعار السرقة

اختفت غادة والي منذ اكتشاف واقعة السرقة، ولم ترد ولم تعلق، واختفى زوجها، واختفى الممثلون جميعاً، إيماناً منها ومنهم أن الشعب المصري طيب وكلها كام يوم والناس ستنسى كل ما مضى وفات، لكني أعتقد أن العودة ستكون صعبة وسيظل عار السطو والسرقة يطاردها مدى الحياة.

 

 

تنويه: جميع الآراء الواردة في زاوية مقالات الرأي على موقع أخبار الآن تعبر عن رأي أصحابها ولا تعكس بالضرورة موقف موقع أخبار الآن