في منتصف أغسطس، وبعد أسابيع من التكهن، أعلن أبو الفتح يحيى بن طاهر الفرغلي، عضو المجلس الشرعي في هيئة تحرير الشام، أنه استقال من منصبه من دون أن يقدم أي توضيح. في الأثناء، ترددت أنباء أنه أُقيل من منصبه.
الفرغلي هو الأخير في سلسلة من الشرعيين المهاجرين الذي اعتزلوا الهيئة أو عُزلوا منها. قد يرى البعض أن هذا دليل على حملة تطهير داخل الهيئة ضد التيار المتشدد فيها. لكن الفرغلي ظلّ حتى عزله – أو اعتزاله – وفيّاً للهيئة وزعيمها أبي محمد الجولاني. فإلى أي درجة ينجح الجولاني في “تبييض” صفحته بالتخلص من هذا وذاك؟
الهيئة المتحوّلة
خلال خمسة أعوام فقط، طرأت تحولات أيديولوجية وتنظيمية عميقة على هيئة تحرير الشام، الفصيل الذي يسيطر على جزء كبير من مدينة إدلب وريفها وريف محافظة حماة الشمالي وريف محافظة حلب الشرقي. بعد انشقاق النسخة الأولى منها (جبهة النصرة) عن تنظيم داعش في أبريل ٢٠١٣ ومبايعة زعيم تنظيم القاعدة الأم أيمن الظواهري؛ انشقت النسخة الثانية (جبهة فتح الشام) عن القاعدة كلها في ٢٠١٦؛ وليس هذا وحسب بل وخاضت طلاقاً أيديولوجيا وتنظيمياً من تيار السلفية الجهادية بأفكاره المعولمة ساعيةً إلى التحول لمنظمة محلية التركيز.
غير أن هذا التحول ليس بالأمر السهل وتحديداً بسبب وجود بعض الشخصيات المتشددة داخل الهيئة والتي قد تعيق مساعي زعيمها أبي محمد الجولاني في التخلص من عبء ماضيه الراديكالي لإضفاء الشرعية الدولية على فصيله وتعويم شخصه كحاكم فعلي للمناطق التي يسيطر عليها. آخر هذه الشخصيات كان الشرعي المصري أبو الفتح الفرغلي الذي “استقال” من مجلس شورى الهيئة دون توضيح الأسباب. يحاول هذا المقال تسليط الضوء على دور الفرغلي وغيره من الشرعين المصريين في توطيد حكم الهيئة وتحليل الأسباب التي أدت إلى خروجه منها في ظل ما قد يبدو وكأنه محاولة للتخلص من آخر رجالات التيار المصري الأكثر تشدداً داخلها.
التيار المصري في الساحة الشامية
شكلت الحرب السورية في سنواتها الأولى نقطة جذب للكثير من الجهاديين الأجانب عموماً والمصريين خصوصاً وتحديداً أولئك الذين خرجوا من السجون المصرية عام ٢٠١٢ إثر العفو الرئاسي الذي أصدره الرئيس المصري السابق محمد مرسي. من بين هؤلاء الذين وصلوا إلى سوريا برزت أسماء ثلاث شخصيات شكلت ما يمكن تسميته بالتيار المصري: أبو الفتح الفرغلي وأبو اليقظان المصري وأبو شعيب المصري. انضموا جميعاً إلى حركة أحرار الشام الإسلامية ذات التوجه السلفي والتي نشطت في ريف حماة الشمالي وإدلب. اقتصر دور التيار المصري داخل الحركة على جانب التوجيه الشرعي من خلال حلقات العلوم الشرعية التي أنشأوها لرفع معنويات المقاتلين قبل المعارك مع بعض المشاركات المعدودة في المعارك ضد النظام السوري.
اقتصر دور التيار المصري على جانب التوجيه الشرعي من خلال حلقات العلوم الشرعية
يمكن القول أن ما شجع الكثير من المهاجرين المعولمين للانضمام إلى أحرار الشام كان التداخل الكبير بين الجماعات الجهادية في سوريا خلال السنوات الأولى من الحرب وتحديداً بين حركة أحرار الشام وجبهة النصرة، ووجود شخصيات محسوبة على القاعدة داخل حركة أحرار الشام مثل أبي خالد السوري (سفير الظواهري للبت في الخلاف الذي وقع بين داعش والنصرة عام 2013). أضف إلى ذلك التباس هوية أحرار الشام الأيديولوجية حينها بين الجهاد المحلي والمعولم وبروزها كأحد أكثر الفصائل المحلية شعبية وتنظيماً مما جذب الكثير من المهاجرين إلى صفوفها ناسين أو متناسيين الاختلافات الفكرية معها والتي من شأنها أن تحسم مسائل أساسية مثل مستقبل الجهاد والعلاقة مع الدول “الكفرية” بحسب تعبيرهم.
لكن دوام الحال من المحال. اغتيال معظم قادة أحرار الشام بما فيهم أبو خالد السوري في عام ٢٠١٤ عمّق التباس هوية الجماعة الفكرية وشكل أزمة حادة على صعيد القيادات والتنظيم. على الجهة المقابلة، توحدت معظم الفصائل المحلية لقتال تنظيم داعش، عدو جبهة النصرة اللدود، مما زاد من نفوذ الأخيرة في شمال غرب سوريا ودفع بعض المهاجرين للانضمام إلى صفوفها. ومع دخول عام ٢٠١٧, غادر أبو الفتح الفرغلي وأبو اليقظان المصري وأبو شعيب المصري أحرار الشام منضمين إلى النسخة الجديدة من جبهة النصرة، هيئة تحرير الشام.
داخل الهيئة
من الممكن وصف العلاقة بين قيادة هيئة تحرير الشام والتيار المصري داخلها بزواج المصلحة. الهيئة احتاجت إلى المهاجرين المتشددين لمواجهة خصومها وتوطيد حكمها وهم احتاجوا لفصيل قوي يزيد من نفوذهم ويسمح لأفكارهم المتطرفة بالانتشار. فمع بداية عام ٢٠١٧, فشلت معظم مساعي هيئة تحرير الشام للاندماج مع الفصائل المحلية لرفعها من قوائم الإرهاب مما زاد تغولها العسكري وتشددها الفكري. وشرعت بقتال حلفائها من الفصائل المحلية وتحديدا حركة أحرار الشام ونور الدين الزنكي للسيطرة على شمال غرب سوريا. عندها برز دور المهم للتيار المصري داخلها والذي دعم قرارها بالقتال وبغيها على الفصائل الأخرى من خلال إصدار فتوى تحلل قتال الفصائل المحلية على أنها باغية وبناء على ذلك وجب قتالها.
مع بداية عام ٢٠١٧ فشلت معظم مساعي هيئة تحرير الشام للاندماج مع الفصائل المحلية لرفعها من قوائم الإرهاب
على سبيل المثال، في عام ٢٠١٧ وبعد عام واحد من مغادرته صفوف أحرار الشام، أصدر أبو اليقظان المصري فتواه الشهيرة المعروفة باسم “اضرب في الرأس”, والتي أجاز من خلالها ضرب مقاتلي أحرار الشام رمياً بالرصاص، مضيفاً “أنا المسؤول يوم القيامة، تعال يوم القيامة وقل أبو اليقظان قال لي كذا وكذا، اضرب بالراس وسأبعث على نيتي يوم القيامة”. وعندما سأله أحد المقاتلين عن كيفية التصرف في حال وجود مدنيين أثناء الاشتباك من العدو (أحرار الشام)، يجيبه أبو اليقظان “نحن نقتل ونقول هناك تترس”. فقهيا، يجيز منظرو السلفية الجهادية قتل المسلمين والمحرمة دماؤهم في حال تترس العدو بهم ولم يكن هناك طريقة أخرى لإيقاف العدو. وبهذا الشكل أجاز المصري لجنود الهيئة قتل المدنيين. وعلى الرغم من أن المصري رفض وصف كلامه بالفتوى وادعى أنه جاء في سياق كلمة عامة قبل أحد المعارك إلا أن ذلك الادعاء لا يغير في الأمر شيئا. في نهاية الأمر قاتلت الهيئة أحرار الشام وقتلت الكثير من رجالها بسبب كلمات أبي اليقظان وغيره.
وفي عام ٢٠١٩, بعد عام على تشكيل جبهة تحرير سوريا من قبل أحرار الشام ونور الدين الزنكي لمواجهة نفوذ الهيئة في إدلب، أصدر أبو الفتح الفرغلي فتوى شبيهة بتلك التي أطلقها زميله أبو اليقظان، وعرفت باسم فتوى “اضرب فوق وتحت الرأس”. ظهر تسريب صوتي للفرغلي يقول لعناصر هيئة تحرير الشام قبل أحد المعارك مع جبهة تحرير سوريا “كل من يقاتل اقتله، اضرب فوق الرأس وتحت الرأس، اقتله نصرة للدين، وحتى لو انهزم لمناطق يقاتلنا منها اقتله، لو كان ينسحب انسحاب أيضاَ فأجهز عليه واقتله”. من الصعب إنكار الدور الذي لعبه التيار المصري في توطيد حكم الهيئة وضرب خصومها لكن السؤال الأهم يبقى لماذا انقلبت الهيئة عليه أو بشكل آخر لماذا فشل هذا التيار من الحفاظ على مكانته داخلها؟
نهاية التيار المصري
ظهور الهيئة كقوة ضاربة في شمال غرب سوريا بعد عام ٢٠١٦ لم يكن السبب الوحيد وراء انضمام التيار المصري لها، إنما أيضا عداؤها الشديد (على الأقل العلني حينها) للتدخل التركي والاتفاقيات الدولية حول سوريا وتحديداً سوتشي وأستانا التي أدت إلى تجميد خطوط الصراع ودفعت بعض قوى المعارضة إلى الانخراط في عملية سياسة ترعاها كل من روسيا وتركيا وإيران. لكن مع خسارة داعش لسيطرته المكانية في عام ٢٠١٩, وانحسار نفوذ حراس الدين فرع القاعدة في سوريا إثر ضربات التحالف وحملات هيئة تحرير الشام الأمنية، كثفت الأخيرة جهودها لتحويل نفسها إلى طرف محلي التركيز لا يمكن الاستغناء عنه في الملف السوري وذلك من خلال نسج علاقات مصالحية مع القوى الفاعلة في الملف السوري وتحديداً تركيا وفصائل الجيش الوطني المدعومة من أنقرة. ظهر ذلك من خلال السماح للجيش التركي بتثبيت نقاط عسكرية في مناطق مختلفة في إدلب و تشكيل غرفة الفتح المبين والتي ضمت فيلق الشام بالإضافة إلى جبهة تحرير سوريا – المؤلفة من أحرار الشام ونور الدين الزنكي- وفصائل أخرى مدعومة من تركيا. أدى هذا الانعطاف الكبير في سياسة هيئة تحرير الشام إلى توتر شديد مع التيار المصري الذي وجد نفسه أمام واقع جديد يمنعه من الاستمرار بأفكاره الأيديولوحية ومواقفه السياسية التي كانت نقطة التقائه مع هيئة تحرير الشام في يوم من الأيام.
خسر داعش سيطرته المكانية في عام ٢٠١٩ وانحسر نفوذ حراس الدين فرع القاعدة في سوريا إثر ضربات التحالف وحملات هيئة تحرير الشام الأمنية
ظهر التباين في الرؤى بين الهيئة والتيار المصري داخلها أول مرة خلال العام ٢٠١٩ عندما فصلت هيئة تحرير الشام أبا شعيب المصري من صفوفها بسبب “عدم التزامه المتكرر بسياسة“ الهيئة كما جاء في بيان نشرته. وعلى الرغم من صعوبة معرفة السبب الحقيقي وراء إبعاده من الجماعة إلا أن العديد من التقارير تشير إلى أن قرار فصله جاء نتيجة مخالفة بعض قرارات هيئة تحرير الشام وتحديداً فيما يتعلق بقصة الطفل الأيزيدي هوكر الذي فر من داعش في العراق وانتهى به الحال في إدلب. عندما علم أهل الطفل الموجودون في العراق بذلك قرروا استرجاعه؛ ووافقت هيئة تحرير الشام على ذلك. غير أن أبا شعيب أعلن رفضه تسليم الطفل إلى أهله بحجة أنه اعتنق الإسلام ولا يجب إعادته إلى أهله غير المسلمين. تكمن إشكالية كلمات أبي شعيب بأنها تظهر وجود تيار متشدد داخل الهيئة غير آبه بأبسط الحقوق التي يتمتع بها الأطفال في العالم؛ الأمر الذي يتعارض مع الصورة التي تحاول هيئة تحرير الشام إيصالها للمجتمع الدولي على أنها منظمة معتدلة.
أما بالنسبة لأبي اليقظان فالموضوع أكثر حساسية لأنه يتعارض بشكل مباشر مع قرارات الرجل الحاكم في إدلب أبي محمد الجولاني وتحديداً فيما يتعلق بالعلاقة مع تركيا والجيش الوطني المدعوم من قبلها. في آب ٢٠١٨, صرح أبو اليقظان أن “الجيش الوطني” الذي تم تشكيله في ريف حلب فيه “وأد الجهاد وانتشار الفساد وتنحية الحاكمية”، مؤكدًا أنه “ليس لنا خيار في إدلب إلا الجهاد وفضح أصحاب هذا المشروع الاستسلامي”. وإذا كان تصريح أبي اليقظان لم يمس هيئة تحرير الشام بشكل مباشر إلا أنه فتح باب السؤال حول جهاد الهيئة الذي بات خاضعاً للاتفاقيات الدولية وضامنيها وزاد من حدة توتر علاقاتها مع الفصائل القريبة من تركيا.
أما الشعرة التي قصمت ظهر البعير مع هيئة تحرير الشام فكانت فتواه بتحريم المشاركة في معارك شرق الفرات إلى جانب الجيش التركي ضد قوات سوريا الديمقراطية في يناير ٢٠١٩ قائلًا إن هذه الحرب هي بين “جيش علماني حزب علماني ملحد ولذلك لا ناقة للمسلمين فيها ولا جمل”. وعلى الرغم من أن هيئة تحرير الشام لم تشارك في هذه المعارك إلا أن زعيمها أبا محمد الجولاني أيد العمليات العسكرية التركية ضد الأكراد قائلا إنه يدعم ”التوجه لـ تحرير منطقة شرق الفرات” مضيفاً ” أن “حزب العُمال الكردستاني (PKK) عدو للثورة السورية، ويستولي على مناطق فيها عدد كبير من العرب السُّنة، وهم عشائرنا وأبناؤهم يقاتلون معنا، لذلك نرى مِن الضرورة إزالة هذا الحزب، لذا نحن مع التوجه لتحرير منطقة شرق الفرات”. تعارض تصريحات أبي اليقظان مع الجولاني فيما يتعلق بالعملية التركية دفع قيادة الهيئة إلى فصل أبي اليقظان بالحجة المعتادة وهي عدم “التزامه إعلاميًا“ بالضوابط التي تقدّرها “الجماعة”.
الفرغلي آخر الراحلين
آخر رجالات التيار المصري كان أبو الفتح الفرغلي الذي نشر في ١٣ من آب في حسابه على منصة تويتر أنه كان قدم استقالته من المجلس الشرعي لهيئة تحرير الشام في “سائلاً المولى أن يوفقهم إلى ما يحبه ويرضاه”. غير أن مصادر محلية مطلعة على شؤون هيئة تحرير الشام أكدت لكاتب المقال أن الهيئة هي من قامت فعلياً بفصل الفرغلي بعد توجيه العديد من التحذيرات له بعدم مخالفة السياسة العامة للجماعة وأنه على الرغم من وجوده في مجلس شوراها إلا أنه كان مهمشاً حتى قبل قرار الفصل. الفرغلي كان انتقد أخيراً – في جلسات خاصة – ما سماه تغيير مناهج الانتساب إلى الهيئة، موضحاً أنه لم تُعرض على المجلس الشرعي وأنها تحتوي على مخالفات شرعية كبيرة. يؤكد أبو شعيب المصري هذه المعلومات في منشور له على تطبيق تلغرام، مضيفاً أن الفرغلي كان نشر بياناً داخلياً على نفس المنصة يبين فيه أسباب خلافه مع الهيئة. بحسب أبي شعيب، الفرغلي وضح أنه كان أرسل رسالة إلى الجولاني اعتراضًا على تغيير منهاج الانتساب دون عرضه على المجلس الشرعي. وعلى الرغم من أن الفرغلي تمكن من إيصال انتقاداته إلى الجولاني نفسه في رمضان الماضي، إلا أنه إلى “هذه اللحظة مازال يُدرس نفس المنهاج ذي الأخطاء في المعسكرات دون تصحيح كلمة فيه” بحسب ما كشف عنه أبو شعيب المصري.
آخر رجالات التيار المصري كان أبو الفتح الفرغلي الذي نشر في ١٣ من آب في حسابه على تويتر أنه قدم استقالته من المجلس الشرعي لهيئة
تحرير الشام
لم تكن انتقادات الفرغلي لمنهج الهيئة في قبول المنتسبين الجدد الأمر الأكثر إشكالية في علاقته مع قيادتها؛ وإنما علاقة الهيئة مع تركيا. في مارس ٢٠٢٠, أصدرت هيئة تحرير الشام بياناً شكرت فيه تركيا علناً لأول مرة بعد أن تدخل الجيش التركي بشكل مباشر لصد هجمات النظام السوري على محافظة إدلب. وعلى الرغم من أن علاقات تركيا وهيئة تحرير الشام تعود إلى عام ٢٠١٧، إلا أن إخراجها إلى العلن من قبل الهيئة أرسل رسائل واضحة للعدو والصديق مفادها أن الهيئة جزء من التفاهمات الدولية وأنها جاهزة بشكل جاد للانخراط في اللعبة السياسية من خلال تركيا.
هذا الشكر لم يغير رأي الفرغلي الذي أصر على أن تركيا دولة علمانية “كافرة”. في أبريل 2020, أجاز الفرغلي التعامل مع تركيا انطلاقاً من قاعدتي “الاستعانة بالكفار على الكفار” و “اختبار أقل الضررين”. بحسبه، القاعدة الأولى تجيز للهيئة الاستعانة بالجيش التركي لمواجهة أعدائها في حالة الحرب سواء كانت مع النظام السوري أو قوات سوريا الديمقراطية. أما القاعدة الثانية فتبرر الاستعانة بالجيش التركي على أنه أقل ضرر من معاداته. بحسب الفرغلي، لو أن هيئة تحرير الشام رفضت التعاون مع تركيا ولم تسمح لها بالدخول إلى إدلب وتثبيت نقاط عسكرية تابعة لها، لكان على الهيئة قتالها وخسارة المعركة بالضرورة. يضيف الفرغلي أن دخول الجيش التركي إلى إدلب جاء مشروطاً بعدم تدخل الأتراك في نظام حكم الهيئة وفي قرارات الحرب والسلم. بالنسبة لقيادة الهيئة، أضحى تكفير تركيا اليوم خطاً أحمر لا يمكن السماح بتجاوزه. ومن أراد البقاء، عليه أن يتغيّر وفقاً للظروف السياسة الحالية، وإلا فلن يختلف مصيره عن مصير رجالات حراس الدين – الموت بضربات التحالف أو في سجون هيئة تحرير الشام.
الفرغلي: هيئة تحرير الشام رفضت التعاون مع تركيا ولم تسمح لها بالدخول إلى إدلب وتثبيت نقاط عسكرية تابعة لها
لعب صقور التيار المصري (أبو الفتح الفرغلي وأبو اليقظان المصري وأبو شعيب المصري) دوراً لا يستهان به سواء أثناء وجودهم مع أحرار الشام أو عند انضمامهم إلى هيئة تحرير الشام. الهيئة تبدلت كما تبدل الواقع الراهن، لكن التيار المصري زاد تعنتاً. وإذا كان التشدد أكثر ما احتاجته الهيئة خلال فترة قتال الفصائل المحلية (٢٠١٦ – ٢٠٢٠) فإن البراغماتية السياسة في أكثر صورها فجاجة هي أكثر ما يسعى إليه اليوم زعيم هيئة تحرير الشام أبو محمد الجولاني.