تنظيم القاعدة يحاول التكيف بسبب هزائمه الثقيلة في أبين
يضطر فرع تنظيم القاعدة في اليمن – ومنذ نشأته عام ٢٠٠٨- إلى محاولة التكيف في كل مرة؛ وقد برزت هذه المحاولات في مسارين، أولا سعيه إلى التكيف مع البيئة المحلية والانصهار معها، وثانيا محاولة التكيف مع الهزائم الثقيله واعادة ترتيب صفوفه لاستئناف نشاطه من خلال أساليب جديدة واستراتيجية مغايرة.
ومع سعي القوات العسكرية الموالية للشرعية اليمنية للحد من خارطة الانتشار الجهادي ، يعد التنظيم نفسه إلى سيناريو جديد ظهرت ابرز ملامحه في اصداره الأخير “اليمن المحتل”. حيث أعلن تنظيم القاعدة بان عدوه الرئيسي بات يتمثل في المجلس الرئاسي والحكومة اليمنية، سيما المجلس الانتقالي، وقوات الحزام الأمني”.
أبين و اعادة التموضع الجهادي
في نهاية اغسطس الماضي اعلن نائب الرئيس اليمني عيدروس الزبيدي عن اطلاق عملية عسكرية في محافظة ابين جنوبي غربي اليمن ، باسم “سهام الشرق”، شاركت فيها قوات الحزام الامني وقوات امن ابين.
و كعادته لم يحاول تنظيم القاعدة خوض مواجهات مباشرة مع القوات المشتركة، ووجه في منتصف اغسطس بسحب قياداته وأهم مقاتليه من المحافظة، مع الابقاء على العشرات من عناصره في وادي عومران، لزرع العبوات الناسفة و تاخير الحملة العسكرية.
ومع اشتداد المعارك وتقدم القوات المشتركة انسحب من تبقى من عناصر القاعدة عبر طريق سري كانوا قد امنوه لهروبهم.
وبالنظر الى نمط تحركات القاعدة خلال السنوات الماضية يمكن القول ان عناصره سوف تنتظر حتى تموضع القوات المشتركة في مواقع ثابتة لها ثم تشرع في شن معارك كر وفر واستنزاف القوات الحكومية، وسوف يعود عناصر القاعدة من نفس الطريق التي فروا منها.
استراتجية القاعدة المستقبلية في أبين :
بحسب مصادر أمنيه وجهادية مطلعة على سير الأحداث ، فمن المتوقع ان يعود تنظيم القاعدة في أبين إلى أسلوب حرب العصابات ، وهو المفضل لدى قيادة التنظيم والاقل تكلفة ماليا وبشريا.
وسوف يعتمد التنظيم بشكل اكبر على زراعة العبوات الناسفة والاغتيالات والكمائن واقتحام النقاط .
وسيعمد التنظيم من خلال هذه العمليات “النكائية” الى تعميق خسائر خصومه واثبات حضوره الاعلامي والميداني امام انصاره الذين بدأو يشعرون بانهيار التنظيم وتراجعه.
اما على مستوى الهيكل القيادي ، فقد افادت مصادر جهادية ، بان التنظيم سيركز على توحيد قواته المتواجدة في محافظتي شبوة وابين تحت قيادة امير واحد هو المدعو “أبو الهيجاء الحديدي” والذي يعرف بإنه احد ابرز القادة الميدانيين الذين يجيدون حرب العصابات.
عودة ورش تصنيع العبوات الناسفة :
وقالت مصادر خاصة لـ”أخبار الآن” ان تنظيم القاعدة في محافظتي شبوة وابين رسم خطة تفعيل وتوسيع ورش تصنيع العبوات الناسفة وفتح دورات تدريبية مكثفة لعناصره للتصنيع والتشريك وحتى التنفيذ وإعطاء أهمية كبيرة لذلك في الفتره الأخيرة.
وأشارت المصادر ان التنظيم طور من تقنية العبوات الناسفة خلال الشهرين الماضيين، ولم يعد التنظيم يعتمد على الاتصالات الشبكية والشرائح الاكترونية التي كانت تستطيع القوات فصلها ومنع وقطع الاتصال بها.
وأكدت المصادر ان العبوات باتت أكثر خطورة وحساسة جدا تنفجر عند تحركها او عند التفكيك والسحب، او الدوس عليها، وهذا التي عانت منها القوات في عومران، كما أن مفعولها قوي جدا شديدة الانفجار، وهذه التقنية تشبة لحد كبير التقنية المستخدمة من قبل مليشيات الحوثي في زرعة في العديد من المحافظات اليمنية.
مصير قيادات و عناصر التنظيم التي غادرت محافظة أبين :
مغادرة مئات القيادات العناصر من محافظة ابين يفاقم من ازمة التنظيم، فقد كان جزء كبير منهم ينحدرون من محافظة ابين وكانوا يتكفلون بتوفير احتياجاتهم واحتياجات الكثير من العناصر الذين كانوا قد نزحوا الى ابين بعد خسارة التنظيم مديرية الصومعة، بعد ان خذلهم التنظيم ولم يوفر لهم أبسط الاحتياجات.
وبعد مغادر ابين ستتفاقم معاناة هؤلاء المغادرين، وسيعجز التنظيم عن توفير احتياجاتهم،وهو ما سيؤثر على القيادة العامة للتنظيم فـدائرة الغضب الداخلي ضدهم ستتوسع وتتصاعد خلافاتهم التي ستؤدي إلى انعزال الكثير من عناصرهم أصحاب تلك المناطق، وهذا الغضب والخلاف الذي تسبب بانعزال الكثير سبق وصار عند تراجع التنظيم من مناطق سابقه حين قام بخذلان عناصره في مناطق شبوة وأبين وحضرموت ومناطق البيضاء ولازال الانهيار مستمر في صفوفه.
مصادر خاصة أكدت لـ”أخبار الآن” إن مع خسارة اي منطقة كان يتواجد بها التنظيم، يندلع غضب وتنشب الخلافات داخل التنظيم مع أصحاب تلك المناطق، الامر الذي ينعكس على الحاضنة الشعبية للتنظيم وتنهار هناك ، لأن عناصر التنظيم من أبناء المناطق هم واجهة التنظيم وهم من يوسعون الحاضنة الشعبية ، وقي حال عضبهم يكون التنظيم قد بلغ اسوء حالاته مع بيئته المحلية.
الحوثي كملاذ جديد
ترجح مصادر امنية وجهادية متطابقة بان القادة والعناصر الميدانية المنسحبة من ابين ستعود إلى مناطق نائية على الحدود بين محافظة ابين و محافظة البيضاء الواقعة تحت سيطرة الحوثي . اضافة الى مناطق اخرى ريفية في محافظة شبوة حيث مازال للتنظيم نفوذا فيها.
مصادر “أخبار الآن” لا تستبعد ان توفر مليشيات الحوثي ملاذا آمنا للتنظيم في مناطق تحت سيطرتها ، مرجحاً ان تتم اتفاقات بين قيادات التنظيم ومليشيات الحوثي.
من جانبه نفى مصدر جهادي مطلع على صناعة القرار في تنظيم القاعدة امكانية ان يكون هناك تواصل مباشر بين القاعدة والحوثي . ولكنه لم يستبعد في الوقت نفسه احتمالية ابرام تفاهمات ثنائية عبر وسطاء قبليين.
و أفاد المصدر بوجود قاده قبليين متعاطفين مع القاعدة يقيمون في مناطق سيطرة الحوثي ويعرضون على قيادات القاعدة وعناصرهم امكانية إيوائهم.
وأضاف بان هذه القيادات توجه الدعوة بعد ان تكون قد نسقت مع صنعاء من جهة و قيادات من القيادة العامة من جهة اخرى ، اذ يستفيد الحوثي بشكل غير مباشر من توفير ملاذ امن لتنظيم القاعدة كي ينطلقوا منه لاداء عملياتهم في المناطق المحررة ضد خصوم الحوثي.