الإدمان والبارانويا.. الأمراض النفسية للنجوم
معظمنا تابع مؤخرا الأزمات الخاصة ببعض النجوم والنجمات وأهمها علي الإطلاق اتجاه عدد ليس بقليل منهم للإدمان سواء تم اكتشاف ذلك علانية من خلال الجهات القانونية أو بمعرفة المقربين من نجوم الوسط الفني والتأكيد علي إدمان البعض منهم للمواد المخدرة.. وبعيدا عن الأدلة والوقائع لو بحثنا قليلا في علم النفس والإجتماع سوف نكتشف كتاب مهم جدا للدكتور الشهير الراحل عادل صادق عن أمراض الفنانين النفسية ومن خلال هذا الكتاب سوف تكتشف مدي التناغم بين الكتاب والواقع ويمكنك أن تتعرف علي تفسير علمي لمعظم التجارب التي مر بها بعض النجوم ولم يفهم أحد سر تحولاتهم واختلافات ردود أفعالهم بين الحين والآخر.
عن نفسي قبل قراءة هذا الكتاب لم أكن أدرك الأسباب الحقيقية لقلق النجوم وحيرتهم الدائمة، بل استوقفني كثيراً خروجهم عن النص وتقمصهم لشخصيات أخري في حياتهم لكن مع كتاب د. عادل صادق تحولت معظم علامات الاستفهام إلي علامات تعجب وتعرفت بسهولة علي إجابات لأسئلة طالما حيرتني، وبدأت أجيد فن التعامل مع كل نجم أعرفه حسب ما قرأته عنه في كتاب عادل صادق!
بالطبع لم يذكر الكتاب حالات معينة أو أسماء محددة لكني نجحت في تخطي ذلك بمدي التشابه بين الذي قرأته من نماذج عادل صادق ونماذج الواقع الذي عشته والوسط الفني الذي تعرفت عليه من قريب وبعيد.
في أحد الفصول يؤكد الكتاب أن الفنان أناني.. يعشق ذاته ولا يجد فيمن حوله من يقدر ذلك، وهذه الأنانية هي التي تدفعه لحب الظهور ولفت الأنظار في أي مكان يتواجد فيه، ونفس الأنانية تدفعه لكراهية كل من ينتقده أو يحاول التقليل من شأنه وشأن فنه ونجاحه الذي صنعه بمفرده ودون وقوف أحد إلي جانبه، وعندما تنظر إلي هذه الصفات وتقلب في ذهنك أسماء النجوم سوف تكتشف أن 99% منهم هو ذلك الشخص مع إضافة واحدة.. أنهم جميعاً يفضلون الكذب الجميل بمعني أنه عندما تسأل أي فنان عن رأيه في النقد سوف يؤكد لك دون أن يفكر أنه مع النقد البناء وضد كل قلم يقصد محاربته أو هدم تاريخه وكأن النقاد لا يشغلون بالهم إلا بتاريخ هذا النجم ويركزون كل طاقاتهم لمحاربته والقضاء علي أمجاده وهو نفس الوهم أو الهاجس الذي يصيب السوبر ستارز لدرجة أنهم يصلون لمرحلة المرض بالوسواس القهري والهلع من الأمراض والتفكير باستمرار في الموت!
ويري الدكتور عادل صادق أن بعض الفنانين يهربون من أمراض الشهرة بالخمور والمخدرات حيث يشعرون معهما بالصفاء والهدنة مع النفس، وعلي أرض الواقع سوف تكتشف أن الخمور إدمان لبعض الممثلين بينما يختار بعض المطربين غالباً المخدرات باعتبارها «دماغ» موسيقية تفتح شهيتهم للغناء والتلحين وقطعا لن تستطيع بعد ذلك أن تتخطي ما مرت به النجمة شيرين عبد الوهاب مؤخرا!
ويؤكد د. صادق أن الفنان كذاب لدرجة أنه يصل لمرحلة تصديق نفسه وأكاذيبه، وفي الواقع يمكنك أن تكتشف النجوم الذين يحاولون الظهور كملتزمين ومتدينين بينما في الخفاء يفعلون ما يحلو لهم وهذه النماذج منها الكثير في الوسط الفني والغنائي، إنهم يجيدون الكذب حتي علي أنفسهم ويطلبون من جمهورهم في النهاية أن يصفق لهم ويقلدهم.
بخلاف كل هذه الأمراض هناك ما هو أخطر وهو المرض الذي يدفع النجم إلي التشكيك في معتقداته وكل ما تعلمه وآمن به وهذا المرض لا يصيب عادة إلا من شعروا أن نجوميتهم وما حققوه أهم وأكبر من معتقداتهم!
أما الأمراض الأخري مثل العصبية والبخل والأنطواء والاكتئاب والغيرة لدرجة الحقد وأحيانا السادية فهي تصيب الفنان وغيره من البشر لكن الفنان أقرب للإصابة بها لاعتماده الدائم علي أحاسيسه ومشاعره في التواصل مع الحياة وهو الاعتماد الذي يجعله الأكثر عرضة للأمراض النفسية المتعددة والتي بسببها يزور معظم النجوم أطباءهم النفسيين سراً كل فترة وكان آخرهم النجمة غادة عبد الرازق التي أكدت في أكثر من لقاء أنها لا تستطيع الاستغناء عن زيارة طبيبها النفسي خصوصا بعد كل دور مهم تلعبه ليس فقط ليخلصها من تقمص الشخصية ولكن لتتمكن من تفريغ طاقاتها النفسية مع جلسات العلاج النفسي وأحيانا تضطر لتناول بعض المهدئات لمساعدتها علي العودة لطبيعتها.
شجاعة غادة عبد الرازق لا يملكها الكثيرون لكني أعلم جيدا أن من يخاف من النجوم علي اسمه وسمعته ويتحاشي زيارة طبيب نفسي يسقط في بئر الأزمات النفسية الصعبة التي تصيب المبدعين والنجوم وربما معظمهم لا يعرف أن يعاني من مرض نفسي ومنهم من يتمادي في عشق لنفسه لتزداد أمراضه سوء وينتهي بالبعض منهم للانتحار ومعظمنا يعلم أن هذا قد حدث بالفعل مع نجوم عالميين مثل داليدا وبريتني سبيرز وغيرهما.
في النهاية لا يجب أن نلوم علي نجمة أو نجمة دون أن نعلم أن مهنتهم كمبدعين تدفع بعضهم دفعا لمراحل متطورة من المشاكل النفسية وللادمان والبارنويا والوسواس القهري الذي اشتهر به موسيقار الأجيال الراحل محمد عبد الوهاب وبعض نجوم الجيل الحالي المعروف عنهم خوفهم الزائد علي صحتهم وحياتهم بشكل مبالغ فيه.