أحمد سلطان
الظواهري يُهاجم النهضة ويرثي “أبو عياض التونسي” في كلمة قديمة
- حمل الإصدار عنوان “شهيد الدعوة أبو عياض التونسي”
- أبو عياض التونسي هرب من أفغانستان بعد انهيار حكم طالبان عام 2001
نشرت مؤسسة السحاب، الذراع الإعلامي لتنظيم القاعدة، إصدار جديدًا لزعيم التنظيم السابق أيمن الظواهري لرثاء أبو عياض التونسي، القيادي بتنظيم أنصار الشريعة التونسي والمرتبط بتنظيم القاعدة، بعد نحو 5 أيام من نشر إصدار آخر يرثي فيه قاري عمران مسؤول القاعدة في أفغانستان سابقًا، والدكتور أبو خالد القيادي البارز بالتنظيم، وأحمد فاروق نائب أمير القاعدة في شبه القارة الهندية سابقا.
وحمل الإصدار عنوان “شهيد الدعوة أبو عياض التونسي”، وتضمنت كلمة لأيمن الظواهري ومقتطفات من كلمات ألقاها أبو عياض التونسي، خلال السنوات التي تلت الثورة التونسية عام 2011، كما تضمن هجومًا على حركة النهضة التونسية، ومنتدى تعزيز السلم في المجتمعات المسلمة الذي يترأسه الشيخ عبد الله بن بيه.
وقال أيمن الظواهري إنه تعرف على “أبو عياض التونسي” واسمه الحقيقي سيف الله بن حسين، أثناء وجوده في أفغانستان قبيل الغزو الأمريكي للبلاد عام 2001، مضيفًا أنه انتقل إلى لندن وتعرف على أبو قتادة الفلسطيني وشارك معه في إصدار مجلة “المنهاج” الجهادية وكان “التونسي” سكرتيرًا لتحريرها، قبل أن ينتقل إلى أفغانستان حيث التقى بأيمن الظواهري وارتبط بتنظيم القاعدة،
وأوضح الظواهري أن أبو عياض التونسي هرب من أفغانستان بعد انهيار حكم طالبان عام 2001، وانتقل إلى تركيا، عام 2003، قبل أن ترحله الحكومة التركية إلى تونس حيث حكم عليه بالسجن لمدة 68 سنة بتهمة قانون الإرهاب، مضيفًا أنه في السجن واصل دعوته الجهادية للسجناء وخاض معارك مع نظام الرئيس التونسي الأسبق زين العابدين بن علي.
ووفقًا لأيمن الظواهري فإن أبو عياض التونسي واصل دعوته عقب خروجه من السجن- بعفو عام- بعد الثورة التونسية، قائلًا إن حركة النهضة أصرت على التضييق على أنصار الشريعة وعملت على تحجيم نشاطهم ثم قامت بالصدام معهم، وألقت القبض على نحو 800 من كوادر التنظيم بينهم نساء، خصوصًا بعد مهاجمة متظاهرين تابعين للجماعة مقر السفارة الأمريكية في تونس.
ولفت الإصدار إلى أن اثنين من سجناء تنظيم أنصار الشريعة أضربا عن الطعام حتى موتهما، بسبب المعاملة التي تعرضوا لها داخل السجون التونسية.
وهاجم أيمن الظواهري، زعيم القاعدة السابق، حركة النهضة التونسية معتبرًا أن راشد الغنوشي، رئيس الحركة، خدع الناخبين الذين أيدوه وتوافق مع القوى العلمانية في تونس (في إشارة إلى حكومة الترويكا التونسية السابقة) على ضرب تنظيم أنصار الشريعة، واصفًا الحركة بأنها تؤسس للدولة العلمانية وتخدم مصالح الغرب وتحارب “حاكمية الشريعة” والجهاد، على حد قوله.
ومن الواضح أن إصدار أيمن الظواهري سُجل قبل فترة طويلة من مقتله- عام 2019 على الأرجح- لكن تأخر نشره لأسباب غير معروفة، إذ أنه يتحدث عن حركة النهضة باعتبار أنها ما تزال مسيطرة على الحكومة التونسية دون أن يلفت إلى أن الرئيس التونسي قيس سعيد أطاح بالحركة في يوليو/ تموز 2021 وحل البرلمان (مجلس نواب الشعب) الذي كانت تشغل غالبية مقاعده، كما يستشهد الإصدار بمقتطفات من لقاءات إعلامية سابقة لعبد الفتاح مورو، نائب رئيس حركة النهضة سابقًا، ويصفه بأنه نائب حالي لرئيس الحركة رغم أن “مورو” استقال منها منذ مايو/ آيار 2020.
ودأبت مؤسسة السحاب، الذراع الإعلامية لتنظيم القاعدة، على نشر إصدارات لزعيم التنظيم السابق أيمن الظواهري، والذي أعلنت الولايات المتحدة مقتله في أغسطس/ آب 2022، دون أن تعترف صراحة بمقتله، واكتفت المؤسسة الإعلامية بحذف صيغة دعاء “حفظه الله” الذي كانت تُتبع به اسم أيمن الظواهري إبان حياته.
وترواغ مؤسسة السحاب في الاعتراف بمقتل أيمن الظواهري، وتعتمد على تكرار نشر الإصدارات التي سجلها قبل موته والتي تضمنت رثاء لقادة آخرين من تنظيم القاعدة قُتلوا في أوقات سابقة ومنهم أبو عياض التونسي.
ويبدو أن مؤسسة السحاب تحاول تأجيل الاعتراف بمقتل أيمن الظواهري لأطول فترة ممكنة، حتى ينحسم الخلاف القيادي بين كبار قادة القاعدة على من يتولى منصب أمير التنظيم خلفًا له، كما تسعى للحفاظ على من تبقى من أنصار القاعدة الذين لا زالوا يجهلون مصير زعيمهم.
وساد ارتباك في أوساط أنصار تنظيم القاعدة على ما وقع التواصل الاجتماعي، بسبب نشر إصدارات أيمن الظواهري الأخيرة، لا سيما وبعد تعرضهم لخداع من قبل مؤسسة السحاب التي أوردت الإصدارات الأخيرة دون أن تُشير إلى تاريخ تسجيلها الحقيقي أو إلى مقتل أيمن الظواهري.
وفي المقابل، هاجم أنصار تنظيم داعش، تنظيم القاعدة بسبب إصدارات الظواهري الأخيرة والتي لم تكشف عن حقيقة ما جرى لأمير القاعدة السابق، كما أن تلك الإصدارات احتوت على رثاء لقادة مقتولين بصورة أظهرت القاعدة على أنه تنظيم أموات يرثي بعضهم بعضًا.
وسبق للقيادي البارز بتنظيم داعش أحمد أبو سمرة المعروف بـ”أبي ميسرة الشامي”، نائب أمير ديوان الإعلام في داعش سابقًا ومسؤول بلجنة الرقابة المنهجية للتنظيم، أن هاجم أيمن الظواهري وأبو عياض التونسي بسبب ما وصفه بـ”خطة اختراق داعش”، التي كشفتها مراسلات بين “الظواهري” و”التونسي” عام 2014.
وبحسب مراسلات سُربت من أرشيف القاعدة عام 2016، فإن أبو عياض التونسي اقترح على أيمن الظواهري القيام باختراق تنظيم داعش عن طريق التظاهر بقبول الخلافة التي أعلنها داعش، في يونيو/ حزيران 2014، ومن ثم العمل على تقوية أحد تيارات داعش الذي يصفه التونسي بتيار “أبو بكر البغدادي”، الأقل تشددًا، على حساب تيار “أبو محمد العدناني” الأكثر تشددًا، وبعد ذلك يُسيطر عناصر القاعدة على خلافة داعش ومن ثم يقودونها في الطريق الذي يخدم أهداف “القاعدة”.
وكتب “الشامي” مقالًا مطولًا بعنوان “يهود الجهاد: قاعدة الظواهري” اعتبر فيه أن تنظيم القاعدة يحاكي سلوك الخارجين عن الدين وكان يهدف إلى اختراق داعش، ظنا منه أنه سيتمكن من تقسيم التنظيم وفق رؤيته.
جدير بالذكر أن جماعة نصرة الإسلام والمسلمين أعلنت في فبراير/ شباط عام 2019، مقتل أبو عياض التونسي برفقة القيادي بتنظيم القاعدة يحيى أبو الهمام (جمال عكاشة)، خلال عملية للقوات الفرنسية في مالي، في فبراير من نفس العام، وهو ما أكده تنظيم القاعدة في المغرب الإسلامي عبر تسجيل صوتي نشره في فبراير/ شباط 2020.