توقعات بأن تكون 2023 أخطر السنوات بسبب غزو أوكرانيا
- معاهدة سلام تبدو بعيدة للغاية على الرغم من أمنيات الكثيرين بذلك
- حجم القصف المدفعي الروسي انخفض بنسبة الثلثين
بحسب بعض المحللين قد تكون سنة 2023 من أخطر سنوات التاريخ المعاصر وخصوصا ما يتعلق منه بأوروبا ويعزون ذلك إلى الحرب في أوكرانيا.
فانتهاء الحرب عبر مفاوضات تقود إلى معاهدة سلام تبدو بعيدة للغاية على الرغم من أمنيات الكثيرين بذلك. ومع اقتراب الذكرى السنوية الأولى لاندلاع الحرب الروسية على أوكرانيا يمكن لأوكرانيا القول أنها صمدت واستطاعت تحدي دولة كبرى بحجم روسيا.
في السنة الأولى من الحرب صمدت أوكرانيا بفضل الدعم العسكري الغربي واستطاعت ترسيخ صمودها وتحقيق بعض الإنجازات تمثلت في تراجع الهجمات الروسية وانسحابات تكتيكية من بعض المناطق الأوكرانية التي تم احتلالها في بدايات الحرب.
لكن والحرب على مشارف سنتها الثانية بدأت القوات الروسية تستعد لتطبيق خطة جديدة تأخذ في الاعتبار كما يتسرب من معلومات زيادة حجم القوة النارية وتهدد في الوقت نفسه دول أوروبا من أي تدخل لصالح أوكرانيا.
لكن هذه الخطة المتعلقة بزيادة حجم القوة النارية تناقض ما تعلنه مصادر أمريكية وأطلسية بأن حجم القصف المدفعي الروسي انخفض بنسبة الثلثين وانخفض عدد قذائف المدفعية الروسية في اليوم من ستين ألف قذيفة إلى عشرين ألفا.
المصادر نفسها لم تستطع الجزم ما إذا كان الأمر بهدف توفير الذخيرة للمرحلة الثانية أم هو نقص فعلي أم تكتيك جديد.
الوضع العسكري في جبهات القتال صعب للغاية وهو صعب على الجانبين على الرغم من أن القوات الروسية حققت بعض التقدم في إقليم الدونباس الذي تدعيه روسيا لها ويجب أن يعود إليها وتحاول قواتها إحكام سيطرتها عليه.
لكن القوات الأوكرانية أيضا حققت نتائج إيجابية في الحرب في جبهات أخرى وأجبرت القوات الروسية على الانسحاب من عدة مناطق. ففي الأسبوع الماضي أعلنت روسيا هدنة من جانب واحد.
واعتبر كثيرون هذه الهدنة دليلا على الضعف والتراجع وكان دافعها الهجمات المضادة التي شنتها القوات الأوكرانية واستعادت فيها مدينتي خيرسون وخاركيف لكن وزير الخارجية الأمريكي اعتبر تلك الهدنة مجرد فترة راحة لإعادة التحضير لهجمات جديدة.
توقعات الجيش الأوكراني أن هدف روسيا الجديد للمرحلة الثانية من الحرب هو استهداف العاصمة كييف خلال الشهور الثلاثة الأولى من العام الحالي.
لكن روسيا تستبعد هذا الهدف فاحتلال العاصمة لا يقوض الدولة الأوكرانية لأن أوكرانيا استعدت لنقل العاصمة والقيادات إلى مدينة أخرى وسيواصل الغرب إرسال المساعدات العسكرية للجيش الأوكراني وتتواصل الحرب.
في بداية الحرب سعت روسيا فعلا إلى تقويض الدولة الأوكرانية وإقامة نظام موالي لها. فقد طال أمد الحرب ويبدو أنها لا تتجه إلى تحقيق أهداف روسيا المعلنة. والظاهر أن أهداف روسيا تغيرت وبات هدفها الواضح هو أحكام السيطرة على إقليم الدونباس بعد أن حققت بنجاح
أهداف المرحلة الأولى من الحرب بحسب التوضيحات الرسمية الصادرة من موسكو.
في هذا العام سيواصل الغرب اتخاذ الموقف نفسه بالنأي عن التدخل المباشر حتى لا تتورط أوروبا في حرب شاملة لا تريدها لكن الغرب سيواصل تقديم الدعم العسكري لتحويل الحرب التي أرادتها روسيا عملية عسكرية خاصة ومحدودة المدة إلى حرب استنزاف ترهق روسيا وتنهكها
وتمنعها من تحقيق أي نتائج حاسمة. فهذه الحرب أصبحت اختبارا قاسيا للجيش الروسي والنجاح فيه لا يبدو أكيدا.
وقد غيرت روسيا تكتيكاتها من الهجوم إلى الدفاع بحسب ما يقول خبراء عسكريون وبدأت ترسخ وجودها في الأراضي الشرقية من أوكرانيا التي احتلتها في بداية الحرب.
وبسبب العقوبات الغربية القاسية عليها أصبحت الصناعات العسكرية الروسية غير قادرة على تلبية احتياجات الجيش الروسي في الجبهة.
قد تحتاج روسيا إلى تعزيز قواتها على الجبهة بحوالي نصف مليون جندي إضافي بينما تقوم حاليا بتدريب حوالي ثلاثمئة ألف مقاتل جديد فقط. ولأن الحاجة ملحة لدعم الجبهة فقد يتم إرسال هؤلاء قبل اكتمال تدريبهم.
ربما راهنت روسيا في البداية على انقسام الغرب لكن هذا لم يحدث وخاب أمل موسكو لكن الأوضاع آخذة بالتغير فقد أشارت صحف لندن أن بريطانيا اقتربت من فقدان الحماس لمواصلة دعم أوكرانيا.
وفي ألمانيا ترى المعارضة أن استمرار الدعم الألماني السخي إلى أوكرانيا سيجر البلاد إلى صراع مع روسيا هي في غنى عنه.
أما في الولايات المتحدة وبعد وصول نائب جمهوري لرئاسة مجلس النواب الأمريكي ووجود أغلبية جمهورية في المجلس فإن المجلس وربما من باب المناكفة قد يعرقل خطط الإدارة الديمقراطية في استمرار الدعم العسكري لأوكرانيا.
ترى أوكرانيا أنها ستكون في هذا العام قادرة على تحقيق النصر واستعادة أراضيها التي احتلتها روسيا.
ويبدو الرئيس الأوكراني في موقع قوة في بلاده ويحظى بدعم شعبه على غير ما يوصف به الرئيس الروسي فلاديمير بوتين الذي واجه في بداية الحرب تذمر شعبه ومعارضته لهذه الحرب.
من الواضح أن المعارضة الروسية الشعبية للحرب في أوكرانيا هدأت الآن لكنها بالتأكيد لم تمت وربما لا تزال تحت الرماد بانتظار شرارة جديدة تشعلها.
في تصرفات بوتين الأخيرة ظهر مثل الرؤساء الأميركيين الذين يتركون أمور الحرب والقتال للقادة العسكريين فزار مراكز القيادة وطلب من القادة العسكريين أن يمدوه بالأفكار والمقترحات المتعلقة بالعمليات الحربية.
لكن الشكوك تحيط بمستقبل الرئيس الروسي الذي لن يترك منصبه باختياره على أي حال.
إذا تعثرت القوات الروسية أكثر وأكثر في الجبهة الأوكرانية فقد ينفجر غضب شعبي ضد بوتين ويتدخل جنرالات الجيش لإقصائه وربما اتهامه بتوريط البلاد في هذه الحرب.
على مشارف نهاية العام الأول من الحرب لا تبدو هناك أي بارقة أمل للتفاوض وإنهاء الحرب فالجانبان متصلبان في موقفيهما على أمل أن يتم تحقيق مكاسب تخدم شروط التفاوض في حال حدوثه.
إلا أن التفاوض لن يحقق شيئا ما لم يتم التوصل إلى نتائج ترضي البلدين. لكن هل يمكن إرضاء الطرفين بعدالة؟
روسيا تريد أن يتم تحييد أوكرانيا ومنع انضمامها إلى حلف الناتو وفي الوقت نفسه مواصلة الاستحواذ على جزيرة القرم وإقليم الدونباس.
أما أوكرانيا فربما توافق على عدم الانضمام إلى الناتو لكنها بالتأكيد لن توافق على التخلي عن أراضيها المحتلة في شرقي البلاد ولن تتخلى بسهولة عن جزيرة القرم.
في جميع الأحوال تبدو المفاوضات هي الحل الأمثل لإنهاء الحرب أو على الأقل توقفها في هدنة طويلة. وما سيجري في المفاوضات أمر آخر تماما. ولكن هل ستتجه الدولتان إلى التفاوض بمحض إرادتيهما؟ قد تقبل روسيا التفاوض وتضع شروطها أما أوكرانيا فلن تقبل التفاوض مالم
يتم الضغط عليها من الدول الغربية. واذا قبلت أوكرانيا الموافقة على التفاوض فإنها لن تقبل التنازل عن أراضيها.
تنويه: جميع الآراء الواردة في زاوية مقالات الرأي على موقع أخبار الآن تعبر عن رأي أصحابها ولا تعكس بالضرورة موقف موقع أخبار الآن