شفيقة المصرية.. عمل مسرحي يضم نخبة من الممثلين
- شفيقة المصرية هي الراقصة الشهيرة شفيقة القبطية
- العمل من بطولة علا رامي ومجدي فكري وعدد من النجوم
أحيانًا يشعر الإنسان بحالات من الملل.. كراهية روتين اليوم العادي الذي تتكرر فيه نفس الانفعالات والمشاعر والطقوس، فيقرر الهروب لممارسة فكرة جديدة أو مختلفة لكسر فوضي الروتين التي تسيطر على معظم حياتنا.
فكرة دخول المسرح لم تراودني منذ وقت طويل، ورغم تخوفي من التجربة إلا أن تحدي الروتين ما زال أقوي من أي خوف.
بحثت فوجدت مسرحية “شفيقة المصرية” على مسرح البالون، لم أكترث كثيًرا بأسماء الأبطال أو تفاصيل العمل بقدر تركيزي في قضاء وقت مختلف بعيدا عن شاشة الموبايل والتليفزيون دون هدف.
اتخذت القرار ودخلت المسرحية التي تخيلت قبل بدايتها أنها إحدى إعمال مسرح الدولة، التي يتعامل فيها النجوم مع النص كتحصيل حاصل ولا ينتظرون من ورائها المجد ولا الشهرة.
بدأ العمل وظهر الأبطال تباعا ومنذ اللحظات الأولي للعرض. اكتشف أن هناك مجهودا غير عادي في اختيار الأغاني والأصوات.
ولم يكن غريبا عندما علمت أن كلمات أغاني العمل للشاعر الكبير جمال بخيت، والألحان للموسيقار صلاح الشرنوبي اللذان صنعا روح وحالات غنائية يتمني أهم نجوم الغناء دغدغة مشاعر الجمهور بها.
ورغم عدم معرفتي بالأصوات التي غنّت أغاني المسرحية إلا أنني فوجئت بصوت رغدة جمال التي لا تقل موهبة عن شيرين عبد الوهاب ومالك الذي فوجئت بإحساسه وثقته بنفسه علي المسرح.
الأغاني والرقصات تستحق الاستماع والمشاهدة أكثر من مرة وبالفعل نجحت الأصوات الشابة، رغم قلة تجاربهما في تحمل مسئولية كلمات وألحان عباقرة الغناء في مصر.. بخيت والشرنوبي.
شفيقة المصرية أو الراقصة الشهيرة شفيقة القبطية، من القصص الشهيرة في القرن الماضي، لكن فكرة تقديمها في عمل مسرحي حديث يحتاج لشجاعة وإبداع وجرأة ونجوم من نوع خاص.
وهو ما نجح المخرج محمد صابر في صياغته وتطويره وتجسيده علي خشبة مسرح البالون، ومعه المخرج المنفذ محمد عمر بسيناريو وحوار مستنير وراقي ومغزول بأسلوب درامي ومسرحي مخدوم من المؤلف والكاتب الراحل مصطفي سليم.,
العمل من بطولة علا رامي ومجدي فكري ومنة جلال ووائل علاء ودعاء سلام وفادي خفاجة وشيرين موسي وأسماء الباجوري، وعدد كبير من الراقصين والراقصات الذين تشعر مع براعتهم أنهم جزأ لا يتجزأ من ابطال العمل الرئيسيين.
هناك بطولة من نوع مختلف في هذا العمل وهي بطولة ملابس النجوم والراقصين والراقصات التي صاغتها كوثر محمد ونافست بجمالها وواقعيتها مجهود الممثلين والعمل نفسه وساعد في إظهارها ديكورات حازم شبل الراقية والمعبرة بشكل كبير عن الفترة المقصودة في المسرحية وطبيعة مشاهدها.
ربما تتوقف قليلا وانت تشاهد شفيقة المصرية الحديثة لتتذكر فيلم شفيقة القبطية للراحلة هند رستم والمخرج الكبير حسن الإمام.
وسوف يخطر أيضا ببالك المسرحية التي قدمتها الراحلة القديرة تحية كاريوكا لنفس قصة شفيقة الراقصة السمراء جميلة التقاطيع وفاتنة القوام وتتفاجأ في مسرح البالون أن شفيقة تجسدها سوليست فرقة رضا دعاء سلام التي لا أنكر براعتها في تصميم رقصات العمل وإتقانها للرقص والتمايل مع الفرقة الاستعراضية.
وتذكرت بسببها الراحلة فريدة فهمي برشاقتها وبراعتها، لكني تذكرت أيضًا أن فريدة لم تكن البطلة المناسبة في التمثيل والأداء، وكذلك دعاء سلام التي كان لابد من التركيز معها في الاستعراضات دون الرهان علي أدائها التمثيلي والدرامي.
للأسف استشعرت نوع خفي من المجاملات في ظهور مصممة الاستعراضات بدور البطلة الرئيسية للعمل ومع ذلك تخطيت الأمر شفقة علي تعبها ومجهودها المحترم في الاستعراضات والرقص طوال العمل الذي يتخطي ثلاث ساعات من التمثيل والرقص والغناء.
رمانة ميزان خشبة مسرح البالون في شفيقة المصرية هي النجمة علا رامي، وطبعا لا أحد يستطيع أن ينكر دورها وثقلها وموهبتها الساحرة في تقديم دور الراقصة “شوق” التي احتضنت موهبة شفيقة وقدمتها للجمهور.
ومع علا سوف تجد نجوم تمثيل مسرحي علي رأسهم الفنان الواثق من قدراته مجدي فكري ويقدم شخصية الباشا في المسرحية بكل تمكن وثقة.
هناك أيضا “جملات” الراقصة الغيورة من نجاح شفيقة وهي الشخصية التي تملكت من الفنانة منة جلال.
أما وائل علاء فأعتبره فاكهة المسرحية يتهادي بين الكوميديا والدراما بكل أريحية وسهولة لدرجة أن جمهور العرض ينتظر ظهوره علي المسرح ليخفف حدة التوتر الدرامي بالنص.
وبنفس القدرة والموهبة يتألق الفنان فادي خفاجة في دور “ذكي” الإبن المتبني للراقصة شوق ومن بعدها شفيقة.
في النهاية المسرحية أخرجتني من الملل، ونجحت في اقناعي بأن المسرح حقا أبو الفنون.