أخلاق نجوم الزمن الجميل: أغنية تنازلت عنها ليلى مراد لعبدالحليم وتزوجت بسببها وردة
فوجئت وأنا أقرأ في الأرشيف الفني مواقف وحكايات يصعب أن تتكرر في العصر الحديث لدرجة أنني شعرت أمام أخبار نجوم الزمن الجميل أنهم كانوا يتعاملون معا كأسرة واحدة حتي في ظل المنافسات والمشاحنات التي قرأنا أو سمعنا عنها بينهم وأشهرها خلافات فريد الأطرش وعبد الحليم حافظ التي استوجبت الصلح أمام المشاهدين في أحد البرامج، ورغم ذلك حتي عندما تقرأ عن تلك الخلافات سوف تتأكد أنهم كانوا في قمة الرقي حتي في اختلافاتهم، فلم يخرج أحدهم ليتهم زميل أو زميلة له بالسرقة أو قلل أحدهم من نجومية الآخرين حتي لو كان ذلك بين السطور.
ووسط ارشيف الفن في الزمن الجميل جذبتني واقعة تؤكد علي رقي وابداع هذا الجيل وهو ما سوف تكتشفونه معي ذلك بعدما أحكي لكم قصة أغنية من أقوي وأهم أغاني العندليب الأسمر عبد الحليم حافظ مع الموسيقار بليغ حمدي وهي أغنية “تخونوه” التي كتبها الشاعر الراحل اسماعيل الحبروك للصوت الملائكي ليلى مراد، وطلب من بليغ عرضها علي ليلي ليكون أول تعاون بينها وبين بليغ حمدي وبالفعل عرضها بليغ علي ليلى وفوجئ بأنها اعجبت بها لدرجة أنها قررت تسجيلها علي نفقتها وإهدائها للإذاعة المصرية وإصدارها في اسطوانة علي نفقتها، لكن في جلسة جمعت بليغ حمدي بعبد الحليم في معهد الموسيقي العربية اسمعه بليغ الاغنية التي كان سعيدا بكلماتها ولحنها وعلي الفور شعر العندليب أن هذه الأغنية تناسب فيلمه الجديد” الوسادة الخالية” ومن كثرة حبه فيها طلب من بليغ أن يتدخل ويرجو ليلى مراد لتترك الأغنية وبالفعل قام بليغ بلعب دور حمامة السلام بين حليم وليلى وتوسط في جلسة ودية بينه وبين ليلى مراد ليقنعها بالتنازل عن أغنية “تخونوه” رغم علمه أنها قامت بتسجيل الجزء الأول منها، في وقت لم يكن فيه تسجيل أغنية بنفس سهولة ولا تكاليف تسجيلها حاليا، بل الأصعب أن ليلى مراد كانت قد حددت موعد صدور الأغنية في اسطوانة لجمهورها وقتها.تخيلوا وسط كل هذه التفاصيل والظروف تقرر ليلى مراد أن ترد على حليم بجواب بخط ايديها كتبت فيه:
“الفنان الجميل صاحب الصوت المميز عبد الحليم حافظ.. لقد حضر عندي الشاب الملحن بليغ حمدي وقد طلب منى التنازل عن غنوة تخونوه علشان تغنيها في فيلمك الجديد الوسادة الخالية على حد علمي، وعلى فكرة الموضوع كان مفاجأة لي لأني قمت فعلاً بتسجيل الجزء الأول من الغنوة هذا أولًا.
ثانيًا الأستاذ إسماعيل الحبروك لابد له من الموافقة يعنى الموضوع مش خاص بي ولكن هناك عدة أطراف وهناك شركة اسطوانات والعقد المتفق عليه بيني وبينهم ولكن على فكرة أنا موافقة من ناحيتي أنا، المهم الأستاذ إسماعيل الحبروك، أنا هحاول أن أوضح له الأمر وأنا حكون سعيدة بتقديم أي شيء يكون سبب في نجاحك يا عبدالحليم أنا سوف أتنازل عن أي حقوق مادية أو قانونية خاصة بي وطبعا أنا عارفة إن بليغ موافق لأنه هو اللي عرض عليا الموضوع.
وبليغ قال إنه في غاية الحرج منى علشان الغنوة، وإنه جاء بناء على طلبك أنت، وعلى فكرة أنا سعيدة جدًا بهذا الطلب منك، أنا غنيت كتير جدًا يا عبدالحليم وأنا دائماً أحب أن أرى نجاح الشباب وأحب دائما الوقوف إلى جانبهم وخاصة أنت لأن ظروفك في البداية زى ظروفي، وأنا وجدت التشجيع من الأستاذ عبد الوهاب وقد تعلمت منه أن أقف مع الشيء الجميل وأكون سبب فيه لأن الحاجة الحلوة سوف تظهر على الساحة بينا أو بغيرنا.. آسفة طولت عليك، المهم أنا يا سيدي زى ما قولت موافقة وسوف أكلم الأستاذ إسماعيل الحبروك وسوف أقول له إن وجود الأغنية في فيلم سوف يكون أفضل من أسطوانة وإن شاء الله سوف يوافق”.
بعدها أصبحت الأغنية من نصيب عبد الحليم حافظ وغناها في فيلم الوسادة الخالية قصة إحسان عبد القدوس وسيناريو وحوار السيد بدير وإخراج صلاح أبو سيف وكان اول يوم عرض الفيلم في 7 أكتوبر عام 1957 بطولة عبد الحليم حافظ ولبنى عبد العزيز وزهرة العلا وعمر الحريرى وأحمد رمزى وعبد المنعم ابراهيم وعبد الوارث عسر وسراج منير وفي فيلم الوسادة الخالية غنى عبد الحليم حافظ تخونوه وهي بالمناسبة الأغنية التي سمعتها وشاهدتها وردة في الفيلم أثناء عرضه خارج مصر وكانت سببا في حبها لبليغ حمدي فقد دخلت الفيلم أكثر من 6 مرات وقالت إن قدر لي الله الغناء والذهاب لمصر فسوف أغني للملحن الذي لحن أغنية تخونوه وسوف أتزوجه.. وفعلا غنت ورده أغنية تخنوه بعد ذلك مع بليغ حمدى وتزوجته.