بعض الأعمال في دراما رمضان ترفع شعار “التكرار”
- جائزة أفضل عمل متكرر تتجه مباشرة للنجم محمد سعد
- انتقاد معظم أبطال الكبير في موسمه السابع بحجة التكرار
صدمة غريبة تلقاها بعض جمهور الدراما في 2023 بعدما تحولت معظم أعمال الشاشة الصغيرة في موسم رمضان إلى تكرار ما شاهده الجمهور من قبل في أعمال أخرى أو نفس الأعمال دون تقديم أفكار جديدة تستحق العرض في أقوي مواسم الدراما العربية، وهو موسم رمضان الدرامي وسوف نستعرض معا في هذه المساحة معظم ما تم أخذه على تلك الأعمال خلال الأسبوع الأول من عرضها على الشاشة.
تربع مسلسل الكبير أوي في موسمه السادس العام الماضي على عرش المشاهدات ورجح البعض أنه نجح في تحجيم مشاهدات برنامج المقالب الأشهر الذي يقدمه رامز جلال سنويا في رمضان وتم اختيار موعد عرض الكبير ليكون متزامنا مع برنامج رامز جلال، وهو ما تكرر أيضا هذا العام لكن يبدو أن الحظ لم يكن نفسه. ليتم انتقاد معظم أبطال الكبير في موسمه السابع بحجة التكرار والأداء المبالغ فيه من مربوحة وتحول السيناريو لمجموعة مواعظ ونصائح واستقطاب ضيوف شرف لا علاقة لهم بالقصة الأصلية.
في حين رجح البعض أن زيادة مساحة “مربوحة” هذا العام نتيجة تجاوب الجمهور معها في الموسم الماضي ولهذا تم تخصيص الحلقات الأولي من المسلسل هذا العام لتتمحور حول خطف مربوحة وبحث الكبير عنها وهو ما دفع معظم الجمهور لاسترجاع كوميديا مهرجان المزاريطة وقوة السيناريو والحوار في الموسم الماضي عن هذا الموسم.
من ناحية أخرى قرر الفنان أحمد أمين خوض المنافسة بمسلسل الصفارة الذي استطاع من خلاله التواجد بقوة في كوميديا شهر رمضان مع بعض المآخذ على العمل أهمها التشابه بينه وبين الفيلم الأمريكي “click” الذي أنتج عام 2006، بطولة آدم ساندلر وتاليف مارك أوكيفي وإخراج فرانك كوراسي أو بشكل أقرب للمجتمع يمكنك مقارنته بفيلم طير أنت لأحمد مكي أو فيلم “Bedazzled” إنتاج عام 2000.
حيث يلعب كل من الريموت لساندلر والعفريت لمكي والصفارة لأمين الدور الرئيسي في تغيير حياة شخصيات العمل لتقديم شخصيات مقهورة في إطار كوميدي، وأزماتهم تتنوع بين الأزمات المالية وخلافات في العمل وغيرها من الأمور التي يتم التعامل معها بالسيطرة على الزمن والمكان من خلال الأداة التي هي ريموت ساندلر وصفارة أمين ورغم ذلك نجح أمين في فرض مواقفه الكوميدية بالمسلسل وتحول بعضها إلى كوميكسات على مواقع التواصل الاجتماعي دون مراعاة ذكر الفكرة الأصلية أو الإشارة لاستخدامها أو حتى الاستئذان من أصحابها.
ومن الكوميديا للدراما الوطنية سوف نكتشف بكل بساطة أن مسلسل الكتيبة 101 هو استمرار للملاحم الوطنية التي تم تقديمها السنوات الماضية تحت عنوان الاختيار، وتدور أحداث الكتيبة 101 حول البطولات في مدينة العريش. حيث بدأت الحلقة الأولى بالقضاء على أحد العناصر الإرهابية، عن طريق غارة جوية. ولا نستطيع أن ننكر أن مثل هذه الأعمال لها دور مهم في رفع الروح المعنوية للمشاهدين وتقريب المسافات بينهم وبين المدافعين عن الوطن الذين اعتبرهم التاريخ دائما جنودا مجهولين لندرة القصص والحكايات المصرح بسردها.
بعيدًا عن الأهداف والقصة والسيناريو نعود لفكرة تكرار تجارب سابقة حتى لو كان الموضوع عمل ملحمي وطني.
وطالما انخرطنا في رصد تكرار الأفكار فلابد أن نؤكد على تقديم الجزء الثاني من “اللي مالوش كبير” بعد نجاحها مع أحمد العوضي وياسمين عبد العزيز ليتم الاتفاق على تطويرها دون الاعتراف بذلك مباشرة بشخصية “جابر أبو شديد” وشخصية ياسمين ” مهرة أبو الليل” وبداية من اختيار أسماء الأبطال سوف نعرف أننا نتحدث عن دراما نمطية صعيدية ربما تعتمد بشكل كبير على تطوير شخصية العوضي لينافس بها شخصية أحمد زكي بالتحديد في فيلمه “الهروب”. البطل الذي اختار أن يأكل كل شيء إلا ” الأونطة” بينما نأكلها نحن كمشاهدين بكل أريحية!
المهم أن أبو الليل يقابل مهرة بنت شبرا القوية التي تواجه مشكلات تناسب شكلها واسمها. ينقذ جابر أخوها وينقذها. ويميل قلبها له بينما يقوم بدور الشرير الفنان ماجد المصري، وهو ذئب يرتدي ثوب الحمل، ويدير أنشطة إجرامية. وفي أول ظهور مؤسس لقوته يخرج من السيارة ليقتل أحد معاونيه بعدة طلقات، لأنه يكره الخيانة، وبينما يعود لسيارته يطلق طلقة في الهواء معلنًا نهاية “سكوكسية” الحلقة وبداية الصراع بينه وبين أبو الليل أو أبو الرجال أو أبو أية صفات حلوة ماعدا تقليده الدائم للنجم محمد رمضان في اختيار العبارات والجمل الشهيرة في عالم التكاتك والميكروباصات لعمل “لزمة”تشبه”على الله حكايتنا” التي استخدمها في المسلسل السابق مع ياسمين أيضا.
ومن التكرار غير المباشر للسير على نهج تكرار أفلام “اللمبي” الذي يقدمه حمادة هلال في الجزء الثالث من مسلسل المداح “أسطورة العشق” وهو من الأعمال التي يجاهد بها حمادة هلال لتكون أولى أعمال الرعب الرمضانية حيث يعتمد في محتواه على بعض الخرافات المصرية الريفية عن الجن، المترصد للإنس في الأماكن المهجورة، ليلبسهم ويسيطر عليهم، مع بعض الرومانسية الملتزمة التي يقدمها الشيخ صابر صاحب الكرامات “حمادة هلال” عندما يلجأ إليه سليم (أحمد ماهر)، ليحل لغز أمينة (سلمى أبو ضيف) ابنة أخته، التي تركها خطيبها فجأة لأنها حامل.
يفهم صابر أن أمينة حملت من جن عاشق، تلتقيه في مغارة في الصحراء، فيصطحبها إلى هناك ليحل اللغز، وهو ما يحتاج لظهور كلب أسود، ينبح على باب المغارة، ثم يتحول إلى رجل بعينين حمراوتين، لتبدأ الحرب وتظهر هند (لوسي) زعيمة القبيلة الشيطانية لصابر، ترتدي تاج على رأسها وتنقلب عينيها للأحمر، وتحذره من المساس بابنهم لينقلب الموضوع إلى كوميديا سوداء لا تقل سخرية من فيلم البيضة والحجر للنجم الراحل أحمد زكي.
أحيانا لا يكون تكرار الأعمال الناجحة مباشرا فمثلا عام 2021 خرج مسلسل “ملوك الجدعنة” بطولة مصطفى شعبان وعمرو سعد وإخراج أحمد خالد موسى. عام 2023 أخذ مصطفى شعبان شخصيته في المسلسل وأيضا مخرجه، وقررا عمل “بابا المجال”، في حين قرر عمرو سعد استغلال لياقته البدنية ودوره في نفس المسلسل ليقدم هذا العام الشكل الجديد منه باسم ” الأجهر” ويمكن؛ بمنتهي البساطة مشاهدة المسلسلين في وقت واحد لربط الأحداث والشخصيات وتوقع ما سيكون ومتابعة نفس الأداء وهي طريقة جديدة ومبتكرة لم نرها سابقا في الدراما لأنه من الصعب عمل مسلسلين مختلفين وكأنهما مسلسل واحد.
ومع مصطفي شعبان سوف تتعرف على زين الميكانيكي الذي يعلق لافتة مكتوب عليها “اللي ياكل الحرام، الحرام ياكله”. زين طيب. طيب جدًا لدرجة أن أمه هي من تقبل يده لأنه نعمة ربنا. يحبها وسيتبرع لها بفص من كبده ويدفع تكاليف سفرها العمرة، بينما يحتاج كل قرش للزواج، وحوله المغريات كثيرة، كليشيه الطيبة الذي يشبه فيديوهات التضحية والجدعنة على تيك توك ينتقل للحارة التي يعيش فيها، فأهل الحارة يجهزون مائدة إفطار جماعية وتغني النساء فيه ابتهاجًا بأم زين التي ستسافر للحرم.
ثم يظهر عزوز الذي يقوم بدوره باسم سمرة شخصا في منتهى الشر، وهو الذراع الأيمن للمعلم زكريا الديب الذي يقوم بدوره رياض الخولي.
في حين يكرر عمرو سعد ما فعله في مسلسلات سابقة، من تقمص لشخصية لها ماض يطارده، أو يبحث هو عنه، ويستمر في الظهور في دور البطل المنقذ، في عمل مليء بالخطوط الدرامية التي تمر سريعًا بين اليتم، والأخوة، ومجتمع المنطقة الشعبية، وعلاقة الآباء بأبنائهم بنفس طريقة بابا المجال أو الأكثر دقة “ملوك الجدعنة”.
يهرب يوسف “عمرو سعد” من الإصلاحية، ليخطفه قتلة أمه قبل أن يصل بيته، فيهرب منهم ويلتقى بسعداوي (سيد رجب)، ويعمل معه وهو الصائغ الذي يربح من توفير الذهب المستخرج بشكل غير قانوني وبيعه عن طريق شركات وموزعين لإدخاله في السوق الرسمي. يرعى يوسف ويمنحه اسمًا جديدًا، مصطفى الأجهر، ليتخفى عن أعين الشرطة ومن يسعون لقتله مثل والدته. وربما نتذكر وقتها كريم عبد العزيز وحسن حسني في فيلم ” خارج عن القانون”.
المهم أن يوسف يستمر في مطاردة ماضيه بمجموعة من العبارات ولغة التكاتك التي يبدو أنها اللغة السائدة بين مصطفي شعبان وعمرو سعد والعوضي وحلقة من الصفارة هذا العام.
ومن هذه التجربة لشكل مختلف من التكرار وهو تحويل برنامج تليفزيوني لمسلسل وهو ما نجح فيه المؤلف والإعلامي إبراهيم عيسي عندما قرر تقديم حلقات من برامجه في مسلسل أطلق عليه اسم “حضرة العمدة” وأهم موضوعاته هي تمكين المرأة، والمد السلفي، والصراعات القبلية، واللجان الإلكترونية، وتغلغل الإخوان، واضطهاد المسيحيين، وأزمة الدروس الخصوصية، والثأر، والحجاب، وختان الإناث، وتحريم الموسيقى والرسم، ومكبرات الصوت بالمساجد، وتوظيف الأموال وظاهرة المستريحين، والمخدرات، وفساد المحليات، واللجان الإلكترونية وغيرها من الأمور التي سبق وناقشها إبراهيم عيسي سابقا لكنه قرر هذا العام مناقشتها في عمل درامي تدور أحداثه حول وصول روبي لمنصب العمودية وقرارها بتحدي كل المشكلات السابقة في برامج إبراهيم عيسي.
نأتي لنجم الموسم الفنان محمد رمضان الذي قرر بدوره الاستمتاع بمشاهدة معظم النجوم وهم يقلدونه بطريقته في استخدام عبارات الشارع وجمل التكاتك وقرر بنفسه تكرار نفسه حيث يقدم رمضان هذا العام الجزء الجديد المختلف من مسلسله الأسطورة الذي أخرجه محمد سامي أيضا حيث يعود رمضان في مسلسل “جعفر العمدة” لأحضان الحارة الشعبية مثلما حدث من قبل في البرنس (2020) والأسطورة (2016)، مع فارق العمر لأن “جعفر العمدة” ليس شابا وإنما معلم كبير في حي السيدة زينب، ينتسب لعائلة من عائلات الصعيد، لديها نفوذ اقتصادي داخل الحي، لا نعلم إن كان مصدر ثروتها من تجارة اللحوم أو العقارات أو من العطارة التي أتت منها أموال عائلة والدته الحاجة صفصف (هالة صدقي)، لم يتضح ذلك في الحلقات الأولى للأسف، لكنها ثروة طائلة مكنته من منافسة البنوك في إقراض رجال الأعمال.
المهم أن رمضان قرر في هذا العمل الزواج بأربعة ممثلات ليستكمل دوره في الجلسات العرفية التي يحكم فيها جعفر بين العائلات، المهنة التي ورثها عن والده، أيضًا هناك أحداث كثيرة في كل حلقة على عكس موضة الإيقاع الهادئ التي أصبحت تتسم بها المسلسلات الأخرى.
كذلك هناك مشاهد جمالية بـ”الدرون” فوق أحياء السيدة والحسين قد تجدها ممتعة إذا كنت من محبي القاهرة القديمة. المهم في النهاية أنك سوف تستمتع بكوميديا عائلة الحاج متولي ومغامرات الاسطورة وبراعة البرنس في تركيبة “جعفر العمدة”.
أما جائزة أفضل عمل متكرر هذا العام فلابد وأن تتجه مباشرة للنجم محمد سعد الذي يحسد على عدد مرات استخدام الشخصيات التي قدمها في أكثر من عمل سواء درامي أو مسرحي أو سينمائي قبل أن يعلن عودته من جديد بمسلسل “إكسلانس” إلى شخصية “الحناوي” التي ظهرت في فيلم كركر، وقرر سعد عمل مسلسل خاص لها في 2023.
ومن الحلقة الأولى سوف تتعرف على الحاج الحناوي، وهو يصدر أصواتا غريبة، ويتلعثم في الكلام والحركة، مع المزيد من التشنجات والشلاليت والصفعات، على وجوه جيرانه وصبيانه، يتخللها فقرات من تقليد أصوات الحيوانات والتنمر والتهكم على الجميع ولهذا يمكنك اختصار الوقت والمجهود ومشاهدة عمل آخر.