شهدت إفريقيا 205 انقلاب ومحاولة انقلاب عسكري آخرها النيجر

سلط الانقلاب العسكري الذي شهدته النيجر في 26 يوليو 2023 الماضي، الضوء على أزمة الدولة الحديثة في البلدان الإفريقية في مرحلة ما بعد الاستقلال.

وأعلن قادة الانقلاب في النيجر، الأحد، إغلاق المجال الجوي للبلاد فيما انتهت المهلة التي حددتها لهم المجموعة الاقتصادية لدول غرب إفريقيا (إكواس) لتسليم السلطة أو مواجهة تدخل عسكري.

وكانت إكواس أمهلت العسكريين في 30 يوليو أسبوعا لإعادة الرئيس المخلوع محمد بازوم إلى منصبه.

ومع انتهاء المهلة، لم يبد الانقلابيون الذين تولوا السلطة في 26 يوليو حتى الآن أي نية في التراجع.

تلك الأزمة التي تعتبر الانقلابات العسكرية سببًا وناتجًا لها، حيث شهدت إفريقيا 205 انقلاب ومحاولة انقلاب عسكري منذ مرحلة ما بعد الاستعمار، كان آخرها الانقلاب في النيجر، ومن قبله انقلاب مالي (أغسطس 2020) وغينيا كونكاري (سبتمبر 2021) وبوركينا فاسو (يناير 2022).

ومن بين تلك الدول الأربع ثلاث تشهد وجودًا كبيرًا للتنظيمات الإرهابية من داعش والجماعات الموالية لتنظيم القاعدة، وهي مالي والنيجر وبوركينا فاسو، فكيف تتأثر جهود مكافحة الإرهاب بالانقلابات العسكرية؟

بدايةً تؤدي تلك الانقلابات إلى تحوّل جذري في العلاقات الخارجية للدول التي تقع فيها؛ إذ يلجأ العسكريون إلى استغلال المشاعر الشعبية المناوئة للمستعمر السابق (فرنسا) وللدول الغربية بشكل عام لكسب الشرعية، ولهذا يكون في مقدمة قراراتهم تعليق التعاون العسكري مع الدول الغربية وخصوصًا فرنسا، التي تعتبر الشريك الدولي الأول في مكافحة الإرهاب.

ويلجأ الانقلابيون إلى استبدال النفوذ الغربي بالنفوذ الروسي، وتحديدًا في جانب التعاون العسكري تحل شركة “فاغنر” محل التعاون الغربي العسكري في التدريب والعمل الميداني، بينما تقدم روسيا الدعم العسكري إلى تلك الدول، ما يؤدي إلى تحولات كبيرة في بنية المؤسسات العسكرية والأمنية لتلك الدول، وبالتالي انعكاسات كبيرة على الحرب ضد الإرهاب العابر للحدود.

وكما حدث في مالي وبوركينا فاسو طلبت السلطات الانقلابية في الدولتين من فرنسا والدول الغربية سحب قواتها العسكرية التي كانت تقدم الدعم العسكري والتدريب للجيوش الوطنية، وهو الأمر المتوقع في حالة النيجر التي تعتبر البلد الأخير الذي يستضيف قوات عسكرية فرنسية وغربية في منطقة غرب إقليم الساحل والصحراء.

انقلاب النيجر: ما هو تأثير الانقلابات العسكرية على مكافحة الإرهاب في إفريقيا؟

وجانب آخر من تداعيات الانقلابات العسكرية، يتمثّل في استهلاك جزء كبير من القدرات الأمنية لتلك الدول في فرض وتثبيت سلطة الانقلابيين، وهو ما يأتي على حساب توجيه تلك القدرات للحرب على الإرهاب، ما يجعل الأخير يستفيد من الفوضى الأمنية والسياسية لتحقيق مزيد من التمكين والانتشار.

وفضلًا عن ذلك، تؤدي الخلافات البينية بين دول الساحل والصحراء ودول غرب إفريقيا جراء استبدال السلطات المنتخبة بالانقلابيين العسكريين إلى قطع العلاقات الدبلوماسبة ووقف التعاون الأمني والعسكري، ما يعني أنّ الجغرافيا التي ينشط فيها الإرهاب تفتقد إلى التعاون بين الدول التي تتشارك تلك الجغرافيا، وهو الأمر الذي يفيد التنظيمات الإرهابية، التي تستغل ذلك التشرذم لاستهداف الدول في عمليات عابرة للحدود، واستغلال خلافات دول الجوار للتصدي لأية عمليات عسكرية تستهدفهم.