الاختلاف واضح وصريح في التوقعات والأحكام المسبقة التي تواجه الأم العازبة وتلك التي يتلقاها الأب العازب في عالمنا العربي
في هذه المقالة:
- كواليس سلسلة آباء عازبين في بودكاست صارت معي.
- الصورة النمطية عن الأم العازبة مقارنة مع الأب العازب في مجتمعنا العربي.
- مايقوله بعض الآباء العازبين والأمهات العازبات
- كيفية دعم الآباء والأمهات العازبين بشكل أفضل.
عندما قررت إطلاق سلسلة حلقات “أمهات عازبات” في بودكاست صارت معي لتسليط الضوء على تجارب من عالمنا العربي مع التنويه لاختلاف المفهوم والمعنى والتجربة ككل للأم العازبة العربية و الأم العازبة الأجنبية التي يكون إنجاب طفلها في الغالب خارج إطار الزواج لم أخض بتجارب عربية كان الإنجاب فيها خارج إطار الزواج وإنما طرحت السلسلة لتقديم حالات نساء انفصلن عن أزواجهن أو ترملن أو غاب الأب عن حياتهن وحياة أطفالهن لأي سبب من الأسباب.
هنا مقال سابق يستعرض لكم جميع حلقات السلسلة وأبرز المواضيع التي طرحناها في الحلقات
لم أكن أتوقع أنني سأقوم بعد حوالي عام بإطلاق سلسلة “آباء عازبين” في عالمنا العربي وكي أكون أكثر صراحة لم أكن لأجد فائدة أو معنى نظراً لتصور مسبق لدي بأن أعدادهم قليلة نسبياً ومعظمهم تزوج بعد انفصاله عن أم أطفاله أو ترك أطفاله لوالدته أو أخته وإن وجد فماذا سيكون المفصل والمحرك الرئيسي لمواضيع الحلقات لكن الفكرة ظلت ترد بين فترة وأخرى إلى أن تكرر على مسامعي وفي المحتوى الذي أتابعه في منصات التواصل الإجتماعي خلال مدة قصيرة ذكر لآباء عازبين عرب منهم من يعيش في بلدان عربية ومنهم من هو لاجئ في أوروبا فاتخذت القرار وأعلنت لأصدقائي في انستغرام وفيسبوك أنني أريد التواصل مع آباء عازبين من جميع الجنسيات العربية وبالفعل قمت بتسجيل خمس حلقات مع خمسة آباء عازبين بتجارب مختلفة لكنها تتقاطع ببعض الظروف والأحداث
هنا يمكنكم الاستماع إلى تجاربهم.
في السلسلتين واجهت مشكلة الحصول على دراسات وإحصاءات من مراكز بحوث اجتماعية عربية لتقييم وضع وحاجات ومعاناة الأمهات والآباء العازبين وفي جميع الحلقات لم أقدم آراء أو وجهات نظر من الخارج سواء مختصين أو معنيين بالتربية والزواج والعلاقات كنت فقط أقدم التجربة كما هي وهذا أسلوبي عامة في بودكاست صارت معي.
ولأنني أم أدرك تماماً صعوبة تربية طفل في منزل يضم والدين فما بالك بتربية طفل مع والد|ة عازب|ة
الأمر الذي يقوم به كثيرون من حولنا إذا أصبح أمراً شائعاً بشكل متزايد في السنوات العشرة الأخيرة تزامناً مع الثورات والحروب وحركات الهجرة وموجات اللجوء إلى أوروبا.
على الرغم من أن العديد من الدراسات حول التربية تركز على الأمهات إلا أنه يكاد لا يوجد أي مصدر عربي يقدم بيانات متاحة حول الآباء والأمهات العازبين مع استمرار ارتفاع أعدادهم.
ومع عدم وجود قوانين لتحقيق المساواة بين المرأة والرجل في معظم بلداننا العربية فعن أي تغيير أو دعم يمكننا أن نتحدث أو نسعى لتحقيقه تجاه الأسر التي يقوم والد واحد بتربية أطفالها.
وإذ تعتبر رعاية الأطفال في الغالب من تخصص النساء في مجتمعنا وأن الأم هي الشخص الأفضل لهذه المهمة بتصور أن “الأم الجيدة” هي التي تكرس وقتها وطاقتها واهتمامها الكامل لأطفالها هذا التوقع يجعل من الأمهات العازبات معرضات للحكم عليهن بشكل أكثر قسوة من الآباء العازبين عندما تخرج الأمور عن السيطرة مثل نسيان واجب مدرسي أو تأخر في استلام الأطفال من الحضانة أو المدرسة لأن النساء من المفترض أنهن متفوقات بطبيعتهن في تقديم الرعاية بطريقة لا نفترضها بالنسبة للرجال.
لذا فمن المتوقع أن تكون النساء أمهات مثاليات بغض النظر عن ظروفهن. من ناحية أخرى، يُعتقد أن الآباء العزابين أقل قدرة على تربية الأطفال وبالتالي يُلقبون بـ”الأبطال” أو يُحتفى بهم لتحملهم دور الوالد الوحيد أو العازب. فيتم منح المزيد من التعاطف للآباء العازبين وفرصًا أكثر للتخفيف عنهم عند ارتكابهم أخطاء في تربية الأطفال.
ماذا كانت خلاصة التجارب في سلسلة أمهات عازبات:
تؤكد الأمهات العازبات أنهن يواجهن هذه الضغوط والتوقعات العالية يوميًا، وحتى أنه يتم الإساءة إليهن عندما لا تتوافق قدراتهن مع النموذج المثالي للأم في مجتمعنا العربي وهناك مخاوف من أنه إذا لم تثبت الأمهات العازبات أنهن قادرات على فعل كل شيء سيتم الحكم عليهن بشكل سلبي.
استمعوا لتجاربهن:
رشا: والد ابنتي يقاطعها عندما أختلف معه ويتواصل معها بشروط
ليلى: لا أخبركم عن انتصاراتي بل عن هزائمي التي خرجت منها حيّة
هزار: من أجل بناتي تظاهرت بالقوة في أشدة لحظات الضعف
امتثال: كيف لأطفالي أن يكونوا سعداء إذا لم أكن أنا سعيدة؟
غزل بغدادي: ليس على الأم أن تقوم بدورها ودور الأب معاً
نوران الغميان: يمكنني أن أحب ابنتي دون أن أضحي من أجلها
ماذا كانت خلاصة التجارب في سلسلة آباء عازبين:
يقول الآباء العازبين: إنهم يلاحظون كيف يتم الكيل بمكيالين عند طرح حالاتهم وهم يواجهون أيضًا ضغوطًا ووصمة اجتماعية فعند تواجدهم مع أطفالهم في التجمعات أو الأماكن العامة دائماً ما يتم التساؤل: أين الأم؟ أو التصرف بدهشة مع ثناء “واو برافو عليك لحالك عم تربي” ويتسائلون لماذا لا تتلقى الأمهات العازبات ذات الثناء؟ ويؤكدون أن مثل هذه الانطباعات تنبع من الصورة النمطية للأب غير الكفء إذ يُفترض أن الرجال هم الذين لا يمكنهم حتى أن يلبسوا طفلًا، بينما يفترض أن النساء هن اللائي يمكنهن فعل كل شيء من أجل الأطفال ولهذا السبب يمدح الآباء عندما تسير الأمور على ما يرام ويتم انتقاد الأمهات عندما لا تسير الأمور على نحو جيد.
إن الأب عموماً يُنظر إليه على أنه الوالد الرديف وقد جعل ذلك منه يشعر بأنه يجب عليه أن يثبت نفسه باستمرار ليتم اتخاذه على محمل الجد.
استمعوا لتجاربهم:
مصطفى (اسم مستعار) شاب سوري عمره 39 سنة وصل إلى ألمانيا سنة 2015، تزوج وأنجب طفلة ثم انفصل عن زوجته وعادت إلى سوريا بعد مرور عام على ولادة ابنتهما التي تبلغ من العمر حالياً 6 سنوات، يخبرنا مصطفى كيف تأقلم مع واقع غياب شريكته وأم ابنته عنهما؟ كيف ينظم وقته بين العمل والدراسة وتربية طفلة بمفرده دون وجود أي طرف مساعد عائلي أو اجتماعي؟ وما هي أبرز الصعوبات التي تواجهه يومياً كأب عازب في ألمانيا.
ساسين” فنان مسرحي وسينمائي لبناني، أب لبنت وحيدة عمرها حالياً 3 سنوات تقريباً، انفصل عن والدتها منذ عامين ومنذ ذلك الوقت يتبعان روتيناً لتقاسم مهمة الاعتناء بابنتهما ورعايتها حيث تبقى في منزل كل منهما من 3 إلى 4 أيام اسبوعياً. يخبرنا تفاصيل من حياته اليومية كأب عازب؟ وأبرز الصعوبات والتحديات التي يواجهها في التربية والتعامل مع طفلته في بلد مثل لبنان المجتمع ونظام الخدمات فيه ليس مهيأ ولا متألفاً للتعامل مع حالة الأب العازب.
علي الحسن شاب سوري- أمريكي، بعد وفاة والدته وبقاء والده وحيداً عاد إلى سوريا بعد 12 سنة اغتراب مع زوجته الأجنبية وطفلين، بنت وصبي كانت أعمارهم عندما قررت أمهم العودة إلى أمريكا 4 و 3 سنوات وبدأ علي رحلته معهم كأب عازب. يشاركنا تجربته ويخبرنا كيف تعامل مع أطفاله؟ كيف شرح لهم هذا الوضع؟ وماذا كان موقف عائلته؟
وائل (اسم مستعار) فنان سوري يعيش في إيطاليا، يربي طفليه بشكل مستقل منذ حوالي 7 سنوات بعد انفصاله في سوريا عن أمهم واتخاذها قرار بقائهم مع والدهم.
كيف حياته كأب عازب تحت ظروف اللجوء واختلاف الثقافة واللغة؟
كيف تعامل مع حالة لم يكن مستعداً لها؟
كيف تصرف بلحظات حاجة أطفاله لأمهم؟ وما هي أبرز التحديات التي تواجهه؟
“باسل حافظ ” شاب سوري مقيم في لندن منذ حوالي 23 سنة، آخر زيارة له إلى سوريا كانت عام 2002. خريج أدب انكليزي من جامعة دمشق وحصل على منحة من جامعة لندن لدراسة الماجستير في اللسانيات والترجمة ويعمل في تخصصه مدرس ومترجم قانوني في مؤسسات الخدمات الاجتماعية.
باسل أب عازب لابنة وحيدة عمرها 13 سنة اسمها مايا أنجبها خارج إطار الزواج وانفصل عن والدتها عندما كان عمرها سنة ونصف تقريباً.
يشاركنا في بودكاست صارت معي ضمن سلسلة آباء عازبين تفاصيل أكتر عن تجربته كأب عازب وبعض من آراءه الشخصية في مفهوم الأبوة والتربية ويخبرنا عن طريقته وأسلوبه في رعاية مايا وكيف يتعامل مع شريكته “أم مايا” بما يخص تقسيم الوقت بينهما وتحمل المسؤوليات ويشاركنا أيضاً بعض المحطات من أرشيف الصور الضخم الذي يحتفظ به لمايا منذ ولادتها إلى يومنا هذا.
فهم الفروق بين الأمهات العازبات والآباء العازبين يساعد الناس على دعم الطرفين في الوقت الذي تتجه فيه معظم الأبحاث والدراسات العالمية نحو الأمومة والصحة النفسية والجسدية للأمهات العازبات فإن الآباء العازبين لم يتم دراستهم بشكل كبير.
المقارنة عادة تكون بين الأمهات العازبات والأمهات المتزوجات والأشخاص المتزوجين بالأشخاص العزاب والأمهات بالآباء ولكننا لسنا جيدين في مقارنة الأمهات العازبات بالآباء العازبين ومع ذلك، كلما قمنا تضمينهم في البحث وجعلهم جزءًا من الحوار، زادت فرصنا في فهم الفروق بينهم لنصل إلى نقطة نتمكن فيها من دعم الطرفين على الأقل اجتماعياً ونفسياً بنفس السوية مع غياب أي دعم حكومي في بلداننا العربية لهم و لأطفالهم بدءًا من الصور النمطية التي يواجهونها وصولاً إلى الاحتياجات الأساسية، مثل طاولات تغيير الحفاضات في دورات المياه الرجالية وعلينا التعاطف والتضامن معهم والتصور الفعلي لمعاناتهم مع غياب شركاء داعمين لهم في رحلة التربية والرعاية.