أحمد دفع حياته لتحقيق حلم طفل آخر بالثراء السريع عبر الديب ويب
بينما كان أحمد، الفتى ذو الـ 15 ربيعا، يستمتع بلعب البلاي ستيشن في المقهى المجاور لمنزله بحي شبرا الخيمة بمحافظة القليوبية في مصر، بدعوة مدفوعة من صديقه الحالي وقاتله المستقبلي، طارق، أحد العمال بالمقهى، كان غريمه صاحب الـ 15 ربيعا أيضا يستمتع بمحاولة حصر الأموال التي سيحصل عليها جراء تصوير قتل أحمد والتمثيل بجثته.
جرائم القتل بين المراهقين ليست جديدة ولكن الجديد على مجتمعنا العربي هو أن تصل جرائم الديب ويب والدارك ويب إلى المراهقين في عمر لم يتجاوز عمر الطفولة ويقوم بتنفيذها أشخاص لا يتوقع منهم الضحية شرًا فإن كان الآباء سوف يتابعون نشاط أبنائهم على الشبكة العنكبوتية بأنوارها كانت أو بظلامها، فكيف سينبهون أطفالهم أن القريبون منهم ربما لا يكونون سوى شيطان يتحين الفرصة للانقضاض والفتك بهم.
في 15 من إبريل الجاري اختفي “أحمد م س ” 15 سنة مقيم بمنطقة الفيلا بدائرة قسم ثان شبرا الخيمة، ولم تعثر أسرته عليه رغم البحث المستمر في كل مكان بمعاونة الأقارب والجيران وكالعادة كان القاتل أحد الباحثين وبإخلاص ظاهر عن صديقه الصغير ممنيًا عائلته أنه حتما سيعود قريبًا.
وبعد مرور 4 أيام لاحظ أحد الجيران انبعاث رائحة كريهة من شقة طارق القهوجي، وبدوره قام بإبلاغ جيرانه الذين استدعوا الشرطة من فورهم والتي قامت باقتحام الشقة، وعثر على جثة الطفل الصغير المختفي أحمد مشطورة لنصفين طوليا، وبجوارها أحشاؤه الداخلية بكيس بجانب الجثة في مشهد صعب، بينما أعضاء أخرى مثل الكبد والكلى والطحال غير موجودة وبعض الأحشاء موجودة.
سرطان كاذب وثراء مفاجئ
بعد ما استفاق أهالي عزبة عثمان بمدينة شبرا الخيمة من صدمتهم فور عثورهم على جثة الطفل”أحمد م س “عاريًا على سرير ومذبوحًا بكامل الجسد بداية من الرقبة إلى نهاية البطن داخل شقة سكنية بعزبة عثمان، بدأوا يروون للشرطة ووسائل الإعلام المصرية قصة طارق، القاتل الشاب الذي استدرج أحمد وذبحه ومثل بجثته بتلك الطريقة الوحشية، فقالوا أن طارق حينما أتى ليسكن ويعمل بالمقهى بالمنطقة ادعى أنه مصاب بالسرطان ويكافح من أجل علاجه وكان يدعي التدين والهدوء فكسب تعاطف أهالى المنطقة ومحبتهم في وقت قصير، ومؤخرا اختفى فترة ثم ظهر ومعه الكثير من المال الذي يتقرب به إلى الصبية الصغار حيث يقوم بعزومتهم على الطعام والفسح أو لعب البلاي ستيشن وكان الضحية أحمد من بين هؤلاء الصبية الذين كانوا بدورهم ضحايا مستقبليين محتملين.
في اعترافاته أقر طارق أنه فعل فعلته بأحمد بتحريض من مراهق مصري يعيش في دولة الكويت، كان قد تعرف عليه في غرفة مما يطلقون عليها الغرف الحمراء في الدارك ويب على موقع لتجارة الأعضاء البشرية، وطلب منه المراهق المحرض الذي لم تعلن السلطات عن اسمه، أن يختار طفلًا وينتزع أعضاءه وأن تتم عملية القتل ونزع الأعضاء عبر الفيديو كول ليراها المراهق المصري بالكويت لايف، وكل ذلك مقابل 5 مليون جنيه، لم ينلها طارق قط لأن المراهق الوغد طلب منه أن يفعل نفس الشئ في ضحية أخرى حتى يحصِّل الملايين الخمسة.
خبر أسود يحمل علامات الغرف الحمراء في الديب ويب
وبينما احتفظ المراهق المحرض بفيديوهات قتل أحمد واتنزاع أحشائه والتمثيل بجسده على جهاز كمبيوتر خاص به لكي يعرضها بعد ذلك في تلك الغرفات المظلمة على الدارك ويب مقابل مبالغ مالية ضخمة يدفعها المهوسون بالجرائم والعنف من المختلين من أثرياء هذا العالم المخيف.
بعد التوصل إلى المراهق المصري في الكويت والقبض عليه وعلى والده الذي استخدم الطفل شريحة هاتف باسمه للتواصل مع القاتل، أصدرت النيابة العامة بيانها الذي جاء فيه:
“توصلت التحريات إلى مرتكب الواقعة، وبضبطه واستجوابه؛ أقر بارتكابه إياها بطلب من مصري مقيم بدولة الكويت، كان قد تعرف إليه عبر أحد مواقع التواصل الاجتماعي الخاصة بتجارة الأعضاء البشرية، الذي طلب منه اختيار أحد الأطفال لسرقة أعضائه البشرية مقابل مبلغ خمسة ملايين جنيه، وعقب اختياره لضحيته وعرضه عليه عبر تقنية “الفيديو كول”، طلب منه المذكور إزهاق روحه تمهيدًا لسرقة أعضائه البشرية، على أن يتم نقل عملية انتزاع الأعضاء عن طريق تقنية “الفيديو كول” أيضًا، وأخبره بأنه سيتم إبلاغه بالخطوات التالية عقب قيامه بذلك، إلا أنه بعد أن قام بتنفيذ ما طلب منه، كلفه بتكرار الأمر مع طفل آخر ليحصل على المبلغ المتفق عليه، إلا أنه تم ضبطه قبل قيامه بذلك، هذا ولم تعثر النيابة العامة بمعاينتها على أية تجهيزات طبية تشير إلى أن المقصود هو تجارة الأعضاء البشرية.”
لم يكن الحادث الأول من نوعه
وذكر المراهق في اعترافاته أن ما حدث مع أحمد لم يكن أول حادث من نوعه بل سبقه حوادث أخرى حيث قال ” أيوة أنا اللي اتفقت معاه على قتل طفل وسرقة أعضاءه وتصوير الجريمة كلها بالفيديو كول بس مش عشان تجارة أعضاء لأن هو مش طبيب ولا متخصص الهدف بس أني احتفظ بالفيديو ده لأني هقدر أبيعه بعد كده لمواقع كتير بتدفع في النوعية دي من الفيديوهات مبالغ كبيرة جدا وانا كنت عايز ابقى مليونير من غير مجهود أنا بخطط وحد غيري ينفذ وكررت الموضوع كده قبل كده كذا مرة”
أي أن كل شئ كان للمتعة فقط وليس للتجارة، أطفال تختطف من أصدقائها وتقتل ويمثل بأجسادها من أجل متعة مهووس في آخر العالم يستغل الديب ويب في إشباع رغباته.
جرائم الديب ويب ليست جديدة على العالم ولكنها جديدة على عالمنا العربي، منذ عدة أعوام ومع بدايات الحديث عن جرائم الديب ويب والدارك ويب عند الشباب العربي، تعددت الحكايات عن شباب يقومون بتصوير الفتيات والنساء في الشوارع بل وتصوير محارمهم داخل منازلهم ووضعها على هذه المواقع المظلمة مقابل مبالغ مالية كبيرة .
والآن أصبحت الأرواح بل والتمثيل بالجثث واقتراف أبشع الجرائم من أجل الثراء السريع الذي بات يحلم به المراهقون والشباب بحكم مظاهر الحياة المعروضة على وسائل التواصل الاجتماعي والتي تجعل هؤلاء المراهقون يحلمون بتلك الرفاهية التي تحتاج إلى ملايين سريعة دون جهد ووقت.
جرائم بشعة من أجل متعة لا محدودة لأشخاص ساديون مختبئون خلف شبكة تتيح لهم تجهيل كل شئ، فحين يستطيع الإنسان أن يخفي هويته يتاح له أن يخرج الشيطان القابع داخله ويدمر العالم ويصرخ ضاحكا.