العالم العربي مايكل نجيب يعتبر زمالة “يوجين ويجنر” من أهم إنجازات حياته
في الجزء الأول من حكاية العالم المصري “مايكل نجيب” أحد أهم علماء علوم المواد في العالم، تحدثت عن نشأته وتعليمه في مصر وجامعة القاهرة والصفر الذي حصل عليه من أستاذه الجامعي، وصولًا إلى تعيينه معيدًا، وتطرقت إلى أساتذته الذين تأثر بهم وساعدوه حتى سافر إلى أمريكا لدراسة الدكتوراه، واستعرضنا بالتفصيل الاكتشاف العلمي الذي غير حياته.
وفي الجزء الثاني سوف نتحدث عن قرار فصله من جامعة القاهرة، وعن أهم انجازاته العلمية، والجوائز التي حصل عليها، وكذلك الاستخدامات الصناعية لاكتشافاته وأبحاثه، إضافة إلى علاقته بأسرته في مصر وكتابه الأول والإفطار الرمضاني الذي ينظمه كل عام في أمريكا وتفاصيل أخرى.
التفكير في العودة إلى مصر
عندما اقترب مايكل نجيب من مناقشة رسالة الدكتوراه في جامعة دريكسل الأمريكية عام 2014، كانت خطته الأساسية هي العودة إلى مصر بعد الانتهاء من أبحاث ما بعد الدكتوراه. تقدم وقتها للحصول على زمالة «يوجين ويجنر» الحائز على جائزة نوبل في الفيزياء عام 1963 والمدير الأول للبحث والتطوير في مختبر أوك ريدج الوطني، وهو أكبر معمل تابع لوزارة الطاقة الأمريكية.
يعتبر «مايكل نجيب» زمالة «يوجين ويجنر» من أهم إنجازات حياته، لأن كل من حصلوا عليها كانوا علماء مرموقين ولوجود منافسة كبيرة للفوز بها، ولأنه في تلك الفترة تعلم كثيرًا، واكتسب علاقات، والعلاقات – من وجهة نظره – مهمة جدًا في البحث العلمي، كما سنحت له الفرصة للتعرف أكثر على وزارة الطاقة في أمريكا، خاصة وأن لديها إمكانيات كبيرة لا تتوفر في غيرها من الجامعات والمراكز البحثية.
الفصل من جامعة القاهرة
بعد قبوله في الزمالة، تقدم «مايكل نجيب» بطلب إلى جامعة القاهرة لتمديد إجازته، يقول لي: «في هذا الوقت كان قلبي بيقولي إرجع مصر، وعقلي بيقولي لأ. ثم فوجئت بصدور قرار بفصلي من جامعة القاهرة ورفض طلب تمديد الإجازة. وساعدني هذا الفصل على اتخاذ قراري بالاستقرار في أمريكا. بداخلي كنت أود العودة لأن جامعة القاهرة هي بيتي، لكني قلت بيني وبين نفسي، لو قالت لي الجامعة مع السلامة يبقى خلاص. وأعود لأقول مرة أخرى، ليس لدي أي ضغينة، ولا مرارة في حلقي من قرار فصلي من الجامعة، لأن الموضوع ليس شخصياً، وهذه هي قوانين الجامعة ولوائحها وهم طبقوها، وأنا التزمت».
إخطار مطالبة بالنفقات
في 21 يناير 2016، أرسلت السفارة المصرية في واشنطن خطاباً إلى العالم المصري «مايكل نجيب»، جاء فيه ما يلي: «إخطار مطالبة بالنفقات.. السيد الدارس/ مايكل نجيب عبد المسيح عبد الملاك – جامعة القاهرة (كلية الهندسة) عضو أجازة دراسية – تمويل خارجي.. تحية طيبة وبعد،، نحيط سيادتكم علمًا بأن اللجنة التنفيذية للبعثات قررت بتاريخ 13 أكتوبر 2015 الموافقة على اتخاذ إجراءات مطالبتكم وضامنكم بالنفقات اعتبارًا من تاريخ 19 أبريل 2015، نظرًا لإنهاء خدمتكم من الجهة الموفدة وعدم التزامكم بخدمتها المدة المقررة قانونًا».. انتهى نص الخطاب المرسل من الدكتور حازم صالح المستشار الثقافي المصري ومدير مكتب البعثة التعليمية في واشنطن.
يضيف نجيب: «النظام في مصر تقريبًا ينص على أنه مسموح لك بسنتين فقط كحد أقصى بعد الدكتوراه للتواجد خارج البلاد، وكنت أحتاج إلى ثلاث سنوات لأنتهي من الزمالة، وبالتالي فصلوني من الكلية بعد سنة واحدة فقط من انتهاء الدكتوراه ولم ينتظروا حتى انتهاء السنتين. لم يكن فصلًا تعسفيًا، وكانت هناك طرق ملتوية يمكنني القيام بها للتحايل على زيادة المدة لكني رفضت فعلها، فأنا انتهيت من الدكتوراه في 4 سنوات وهو وقت قصير، لأن هناك من ينتهون منها خلال 6 سنوات. في النهاية تمسكت الجامعة بفصلي ولم ينتظروا انتهائي من الزمالة، ووقتها كنت قد قررت إذا فصلوني فلن أعمل في أي جامعة في مصر غير جامعة القاهرة وسأكمل أبحاثي في أمريكا، وبعد الفصل طلبوا مني دفع حوالي 30 ألف جنيه تقريبًا لأنهم كانوا يحولون راتبي في الجامعة إلى حسابي البنكي خلال الأجازة الدراسية لدراسة الدكتوراه، فطلبوا استرداد هذا المبلغ وسددته بالفعل».
قائمة 40 تحت 40
بعد الفصل من جامعة القاهرة في أبريل 2015 وخلال حصوله على الزمالة، تلقى «مايكل نجيب» في أكتوبر من نفس العام خطابًا من جامعته التي درس فيها الدكتوراه، جاء فيه: «عزيزي مايكل، إنه لمن دواعي سروري أن أبلغك أنه قد تم ترشيحك للظهور في مجلة “40 تحت 40” السنوية لهذا العام في مجلة دريكسيل، وهي مجلة خريجي جامعة دريكسيل البالغ عددهم 149000 خريج. الآن في عامها الرابع، تكرّم “40 تحت 40” الخريجين الشباب المتميزين الذين تركوا بصمة في مهنتهم ومجتمعهم. تهانينا على اختيارك!» وفي 15 مارس 2016 صدرت المجلة واحتفت الجامعة بـ «مايكل نجيب» في القائمة لعام 2016.
ضمن أفضل 50 مقالة خلال 50 عامًا
خلال نفس العام الذي فصلته فيه جامعة القاهرة أيضًا، نشر «مايكل نجيب» أول بحث له كباحث مستقل بدون وجود مشرفين معه. بعد ست سنوات من نشر هذا البحث كتب بنفسه على فيس بوك عام 2021: «يسعدني أن أرى أن بحثي الأول كباحث رئيسي مستقل حول التصفيح واسع النطاق للماكسينات والذي تم نشره في عام 2015، قد وصل إلى أفضل 50 مقال (استنادًا إلى الاستشهادات) في الخمسين عامًا الماضية لمجلة Dalton Transactions. إنها ثاني أحدث ورقة في القائمة وهو أمر مثير للإعجاب بالنظر إلى أن القائمة تحتوي على أوراق منذ عام 1971».
الانتقال إلى جامعة تولين
بنهاية زمالة «يوجين ويجنر» عام 2017، تقدم «مايكل نجيب» للعمل في أكثر من جامعة، واختار الانضمام إلى جامعة «تولين» التي يزيد عمرها عن 100 عام. منحته الجامعة في البداية تمويلًا بقيمة مليون دولار لتأسيس معملًا بالبنية التحتية اللازمة وخصصت له الميزانية اللازمة لتعيين فريقه البحثي. بدأ مسيرته في الجامعة الجديدة في يناير 2018 واستطاع في عامه الأول، وبالتعاون مع مجموعة من جامعات مختلفة، الحصول على تمويل من وزارة الطاقة الأمريكية بقيمة 15 مليون دولار لمدة 4 سنوات داخل مركزه البحثي. وخلال نفس العام حصل على جائزة «روبرت كوبل» لأفضل باحث شاب تحت 35 عامًا من هيئة الخزفيات الأمريكية وجائزة كروتو، ثم حصل بعدها على تمويل من وكالة ناسا للفضاء وجائزة المقتبل الوظيفي من منظمة العلم القومية الأمريكية، وهذه الانجازات ثبتت أقدامه في الجامعة وكانت كافية ليحصل على ترقية مبكرة في يناير 2023 ويصبح أستاذًا مشاركًا (في المنظومة الأمريكية تلك الترقية تعني أن الأستاذ الجامعي تتوفر له الحماية ولا تستطيع الجامعة فصله أو الاستغناء عنه).
مؤتمر الصين نقطة تحول
في عام 2018 تم عقد أول مؤتمر علمي في الصين للماكسينز التي اكتشفها «مايكل نجيب»، يومها ذهب فوجد قاعة بها أكثر من 500 باحثًا من الحضور يجرون أبحاثًا عن الماكسينز. كانت المرة الأولى التي يشعر فيها «مايكل نجيب» بعظمة انجازه. ثم أصبح هناك مؤتمر سنوي في الصين عن الماكسينز، ويُعقد هذا العام (2024) في أوروبا وأمريكا مؤتمرات أخرى عن الماكسينز. وأصبحت هناك ندوات عديدة في المؤتمرات العلمية الكبرى للحديث عن الماكسينز. ويوجد حاليًا أكثر من 50 مادة من الماكسينز بعدما أنتج «مايكل نجيب» أول 12 مادة منها، فمهد العالم العربي المصري الفذ الطريق لمئات الباحثين بعده لنشر آلاف الأبحاث عن الماكسينز.
يقول مايكل نجيب: «في البداية كنت أقرأ كل الأبحاث التي تستكمل ما بدأته، وهذا أصبح صعبًا حاليًا. سعيد جدًا بقيام باحثين آخرين باستكمال أبحاث بدأتها. إحساس أنك ساهمت في اكتشاف لابد أن يصحبه تواضعًا منك لأنه من الممكن أن باحثًا ينشر فكرة أنا لم أفكر فيها. وهذا لا ينقص مني في شيء لأن العلم تشاركي. أنت وحدك لن تفعل شيئًا، ووجود منافسة شيء جيد، فأنت ساذج إذا ظننت أنك الوحيد الذي يفكر في الفكرة التي تفكر فيها أو تعمل عليها. وهذا الإحساس قد يصل إلى حد التوتر لأنك قد تُفاجأ ببحث في نفس النقطة التي تعمل عليها ويسبقك باحث آخر في النشر، ويضيع عليك السبق والاكتشاف وهذا فيه ضغط عصبي كبير».
أغلفة المجلات العلمية
نشر «مايكل نجيب» 112 ورقة بحثية في دوريات ومجلات علمية دولية مرموقة وعالية التأثير مثل ACS Nano، وAdvanced Materials، وScience وNature Communications، ومجلة الجمعية الكيميائية الأمريكية، 12 ورقة بحثية من الـ 112 بحثًا أُختيرت كغلاف لهذه المجلات العلمية. كما تمت الإشارة لأبحاثه أكثر من 49 ألف مرة، بمعامل ترتيب 63 في مؤشر الباحث العلمي من جوجل.
وعن علاقة أبحاثه بأغلفة المجلات، يقول: «عادة ما تختار المجلات العلمية بحثًا من الأبحاث المهمة في أعدادها الجديدة ليكون غلافًا وهو ما يعطي أهمية للبحث، وجزء من هذا الموضوع يكمن في قدرة الباحث على إنتاج صورة تجعل المجلة تختارها غلافًا. وفي البداية كانت صور الماكسينز مبهرة، واستعنت بمتخصصين في الجرافيك للمساعدة في إنتاج صورة مبهرة، لكن قبل الصورة تأتي أهمية البحث نفسه، ثم يعطي الغلاف أهمية للبحث وانتشاره».
الأكثر استشهادًا في العالم 4 سنوات
لأربع سنوات مختلفة منهم الثلاث الأخيرة على التوالي، تم اختيار «مايكل نجيب» في القائمة السنوية كلاريفيت أناليتيكس (Clarivate Analytics) للباحثين الأكثر استشهادًا في العالم، والتي تصدرها شركة Clarivate، وهي شركة تحليلات مقرها بريطانيا. تحدد القائمة أكثر الباحثين تأثيراً في العقد الماضي لأعلى 0.1% من الباحثين الذين حصلوا على 2000 استشهاد في مقال واحد أو عدة مقالات. يتم اختيار هؤلاء الباحثين من 21 مجال مختلف. ويرى «نجيب» أن وجوده في هذه القائمة خلال أعوام 2018 و2021 و2022 و2023 شرف عظيم وأنه ممتن لطلابه والمتعاونين معه لمساعدته في تحقيق ذلك.
كما تم إدراج «مايكل نجيب» في قائمة جامعة ستانفورد لـ (أعلى 2٪ من علماء العالم) الأكثر استشهادًا أكاديميًا في مختلف التخصصات سنويًا منذ نشأتها عام 2020 حتى أحدث إصداراتها عام 2023.
6 براءات اختراع
لدى «مايكل نجيب» 6 براءات اختراع دولية، أربعة منها قامت شركات عالمية بشرائها وحصلت على حق استغلالها في مشاريع خاصة بها، والماكسينز هي أول براءة اختراع كانت سببًا في مصدر دخل له، وهناك تطبيقات كثيرة سوف تستفيد من براءات اختراعه.
الاستخدامات الصناعية لاكتشافات مايكل نجيب
مجموعة كبيرة من الاستخدامات الصناعية لعائلة المواد ثنائية الأبعاد الجديدة (الماكسينز MXenes) التي اكتشفها «مايكل نجيب»، وتسرد الأوراق البحثية مجموعة مذهلة من التطبيقات المحتملة، منها: البطاريات طويلة الأمد، والإلكترونيات المرنة والقابلة للارتداء، وأجهزة استشعار الغاز، والهوائيات، والمحفزات، والكاشفات الضوئية، وأجهزة تنقية المياه، وإنتاج الهيدروجين الأخضر، وغسيل الكلى، والوقاية من الموجات الكهرومغناطيسية ومحفزات لصناعة الكيماويات.
وبعد ما يقرب من 15 عامًا، أصبحت الماكسينز MXenes التي اكتشفها «مايكل نجيب» على وشك الظهور التجاري لأول مرة. تمتلك الشركات الكبرى مثل إنتل وسامسونج براءات اختراع متعلقة بـ MXene. كما أن شركة Murata Manufacturing اليابانية المصنعة للمكونات الإلكترونية والمنتجة للمكثفات الدقيقة تخطط لإطلاق منتج يعتمد على مادة الماكسين في غضون السنوات الثلاث المقبلة. وبالتالي هناك شركات من انجلترا وكوريا الجنوبية وأمريكا واليابان حصلت على حقوق استخدام الماكسينز وإنتاجه، والمفاوضات حسبما أخبرني «مايكل نجيب» تتم مع الجامعة مباشرة وليس مع الباحثين.
سجل حافل من الجوائز
أكثر من 10 جوائز حصل عليها «مايكل نجيب»، منها جائزة القيادة الناشئة المتميزة من جامعة دريكسل عام 2023، وجائزة مجلة إنفومات لأفضل باحث شباب عام 2022، وجائزة النجم الصاعد من جامعة تولين عام 2021، وجائزة المقتبل الوظيفي من منظمة العلم القومية الأمريكية عام 2021، وجائزة روبيرت كوبيل لأفضل باحث شاب (تحت 35 عام) لعام 2018 من الجمعية الأمريكية للخزفيات، وجائزة كروتو للعام 2018 من المؤتمر الدولي للمواد ذات البنية النانوية على شرف العالم الراحل هاري كروتو (الحائز على جائزة نوبل في الكيمياء 1996) والمخصصة للباحث الشاب (تحت 35 عام) المتميز والرائد في مجال علوم وتكنولوجيا النانو والمتمتع بسجل حافل من المساهمات الأصلية في مجال النانو.
كما تم إدراجه في قائمة «أربعون تحت الأربعين» من جامعة دريكسل عام 2016، وحصل على الجائزة الذهبية لأفضل طالب دراسات عليا عام 2014 من جمعية بحوث المواد، وجائزة التميز في الدراسات العليا في علوم المواد عام 2013 من الجمعية الأمريكية للخزفيات، وجائزة التميز لأكثر طالب واعد من خريجي جامعة دريكسيل للعام 2014، وجائزة روس كوفين بوردي لأفضل بحث للعام 2012 من الجمعية الأمريكية للخزفيات.
شخصيات أثروا في حياته
نشرت في الجزء الأول عن شخصيات عديدة أثرت في حياة «مايكل نجيب»، منهم أساتذته في جامعة القاهرة د.إيمان المحلاوي ود.رأفت القوصي ود.سعد الراجحي، والمشرفين على رسالته في أمريكا، د. ميشيل برسوم و د. يوري جوجوتسي.
كان رد فعل أساتذته على عرفانه بفضلهم كبيرًا، فكتبت له الدكتورة إيمان المحلاوي: «شكرًا يا مايكل على الكلام الحلو ده، إنت مش زي ابني.. إنت ابني لأن الأبن مش بس الابن بالميلاد. الابن هو كل واحد الأم مسكت إيده و هو صغير أو محتاج وأظنك تعلم الآن شعور أستاذ الجامعة نحو طلابه، فهي أعظم علاقة أمومة أو أبوة. ياااه ما أحلى كلمة أمي من بعض الطلاب لما أقابلهم بعد سنوات التخرج. ربنا يحفظكم جميع طلابي من مصر وفلسطين وسوريا والعراق والسعودية والسودان ومالي ونيجيريا وأوغندا، تحياتي لكم».
هناك شخصية أخرى أثرت كثيرًا في حياة «مايكل نجيب» وهو الأب «مجدي زكي» بكنيسة الأقباط الكاثوليك. يحكي لي عنه فيقول: «كان صيدليًا ومثقفًا واعيًا، وهو من أسباب اهتمامي بالقراءة وعلم النفس والفلسفة، والشأن العام، وتكوين فكر نقدي لدي، وكان ممن شجعوني على عدم العمل في القطاع الخاص بعد التخرج فكانت هناك فرصة لدي للعمل في شركات مثل حديد عز وأوراسكوم، لكن الأب «مجدي» شجعني على استكمال رحلة البحث العلمي وعدم الالتفات للأمور المالية رغم أن أول راتب حصلت عليه كمعيد كان 700 جنيهًا، في حين الراتب في تلك الشركات كان كبيرًا، كما أنني كنت ولا زلت ضد عمل المعيدين وأساتذة الجامعة في الدروس الخصوصية لزيادة دخلهم، وهذه مسألة مبدأ بالنسبة لي».
علاقة مايكل بأسرته
مبادئ «مايكل نجيب» وأخلاقه وتربيته السليمة والصحيحة تركت أثرًا كبيرًا في نفوس كل من تعاملوا معه، لاحظت ذلك جيدًا في التعليقات بعد نشر الجزء الأول من أساتذته وزملاء دراسته وجيرانه وأسرته. ارتباط مايكل نجيب بأسرته في مصر وثيق جدًا، فيوميًا يتصل بوالده ووالدته، إما صباحًا وهو في طريقه إلى الجامعة أو عند عودته منها ليطمئن على صحتهم وعلى قراءات الضغط والسكر اليومية، حتى لا ينسوا قياسها. كما يتواصل مع شقيقته إنجي ويزور مصر بانتظام ويتابع أخبارها وكل الأحداث الجارية، ويشاهد مباريات كرة القدم المصرية ومسلسلات رمضان كل عام، وهي من عاداته القديمة منذ صغره.
وعن دور زوجته في حياته، يقول: «زوجتي تساعد في رعاية طفلينا، مارتن 10 سنوات ومايا 5 سنوات، ومارتن مغرم بالعلوم والدراسات الاجتماعية ومهتم بالتاريخ والقراءة والآثار والحضارة المصرية. ودور زوجتي يعوض إنشغالي عن أطفالي وتتولى هي رعايتهم بشكل مدهش».
الإفطار الرمضاني السنوي
ارتباط «مايكل نجيب» بالعادات المصرية ترك أثرًا كبيرًا فيه، فلاحظ مثلًا أن معظم طلاب الدكتوراه في فريقه البحثي من المسلمين، ومعظم طلاب الدكتوراه الدوليين بعيدون عن عائلاتهم، وهو يعلم مدى أهمية شهر رمضان بالنسبة لهم، لذلك كان حريصًا على الاحتفال معهم من خلال دعوتهم لتناول الإفطار مرة واحدة على الأقل خلال شهر رمضان، كما يقوم طلبة الدكتوراه خلال هذا التجمع السنوي بتعليم زملائهم الأمريكيين تقاليد الإفطار والسنة.
3 طلاب دكتوراه تخرجوا على يديه
يفخر مايكل نجيب بالطلاب الجدد الذين أشرف على حصولهم على الدكتوراه بجامعة «تولين»، وصل عددهم إلى ثلاثة حتى الآن، تخرج أحدهم الشهر الماضي وهو الباحث المصري أحمد ماجد الذي تخرج في كلية الهندسة بجامعة عين شمس المصرية، وبعد حصوله على الدكتوراه تم تعيينه بجامعة تولين. كما يدرس معه حاليا طالب مصري آخر للحصول على الدكتوراه وهو من خريجي نفس القسم الذي درس به «مايكل نجيب» في جامعة القاهرة. وكان هذا الباحث قد انضم لفريقه البحثي بترشيح من الدكتورة إيمان المحلاوي التي يعترف بفضلها الكبير عليه في مسيرته ونجاحه.
الكتاب الأول
هذا النجاح وهذه المسيرة دفعت أحد الناشرين، لإصدار الكتاب الأول من تأليف العالم المصري مايكل نجيب، مع زميله البروفيسور Chuanfang Zhang. صدر الكتاب منذ أسابيع ويحتوي على قائمة متميزة من المؤلفين ذوي الخبرة الواسعة في تركيب ومعالجة وخصائص وتطبيقات الماكسينز. يقدم المؤلفون رؤى قيمة ودروسًا مستفادة من سنوات عملهم في مختلف جوانب الماكسينز.
التكريم الغائب واللوائح المجحفة
رغم كل هذه الانجازات العلمية الكبيرة والنجاحات غير المسبوقة والمسيرة التي تدعو للفخر، لم يحظ «مايكل نجيب» بأي تكريم رسمي أو غير رسمي في وطنه الأم «مصر» حتى يومنا هذا، ولم يستدعه أي أحد أو أي جهة للاستفادة من خبراته وعلمه ونجاحاته حتى اللحظة. «مايكل نجيب» هو قدوة لكل المصريين. قدوة حقيقية، وقصة كفاح ونجاح. رحلة فيها مزيج عظيم بين العلم النافع والعمل الجاد. قصة تستحق التدريس في المناهج الدراسية لأبنائنا وتلاميذنا. أنا على يقين أن هذا التكريم وهذا الاستحقاق سيحدث عاجلًا أو آجلًا، وأتنبأ له بالحصول على جائزة نوبل – يومًا ما ليس ببعيد – ومعه العالم المصري ماهر القاضي أيضًا.
وبالمناسبة العالم المصري «ماهر القاضي» هو من أشاد لي بنجاحات «مايكل نجيب» في أمريكا، والعالم المصري «محمد عطية» هو من رشح لي «ماهر القاضي» للكتابة عنه، والعالمة المصرية «إلهام فضالي» هي من أخبرتني عن قصة «شيرين السيد» الملهمة. هذه هي أخلاق العلماء، وهؤلاء هم الواجهة المشرفة وناصعة البياض لمصر التي تستحق أن نفخر بها.
وأعيد وأكرر مرة أخرى، لا بد أن تعيد الدولة النظر في لوائح فصل باحثينا وعلمائنا النوابغ الموجودين في بعثات خارجية لدراسة الماجستير أو أو الدكتوراه. بالتأكيد هناك حل ومخرج، فخسارة هؤلاء واحدًا تلو الآخر هي خسارة فادحة لاقتصاد ومستقبل هذا البلد. اللهم قد بلغت اللهم فاشهد.