وثائقيات | نار الفتنة – 7-3-2019
في مخيمِ العزل تستذكرُ أم حسام ماضٍ تبكيه بمرارة. إبنةُ ترفٍ ورفاهية تفترش الآن حصيراً في واحدٍ من مخيمات العزل المنتشرة جنوب الموصل في العراق والتي تؤوي عائلات مسلحي داعش المندحرين.
لسان حالها يقول: هذا ما جناه ولدي عليّ.. فقد قلب داعش الآية، وكانت القاعدةُ قد سبقته في ذلك. فخسِرت أم حسام زوجَها وأبناءَها الثلاثة وعائلاتِهم وثروة، وصُدّت في وجهها أبواب الجميع في مدينتها الموصل، فلم تجدْ غيرَ مخيم العزل ملجأ لها.
منطقةٌ معزولة عن العالم الخارجي لا يدخلُها إلا المنظماتُ الإنسانية ومحاطةٌ بحماية أمنية. قناة الآن دخلت بعضَ مخيمات العزل، وهنا التقت أم حسام التي تركت وراءَها تحت أنقاض المدينة سبعةَ عشر جثة. تعود بها الذاكرة إلى سنينَ خلت.. بدايةُ السقوط كانت عام ألفين وسبعة…
أُدخل ابنها حسام إلى سجن بوكا خلال عامي 2006 و2007 خلال أحداث العنفِ الطائفي الذي اجتاح العراق آنذاك.
وفي معتقل بوكا الذي كان يوصفُ بأنه أكبرُ مصنعٍ للإرهاب في العراق قبل إغلاقه عام 2009، تعرف حسام عن قرب إلى فكر الجماعاتِ المسلحة المتطرفة، وأبرزُها القاعدة. فمعتقل بوكا كان يعج بآلاف المعتقلين من أفرادِها وقياديها في العراق.
وكان هناك أبو بكر البغدادي الذي أظهر قدرة على إعادة تنظيم صفوف القاعدة في العراق وقيادتها لاحقا في عام ألفين وعشرة قبل أن يُنصِّبَ نفسه قائدا لداعش وخليفةً مزعوما للمسلمين. عمل هؤلاء جميعا على استقطابِ أكبر عددٍ ممكنٍ من المعتقلين وتجنيدِهم خلايا نائمة منتشرة في البلاد، تُوقظُ ساعةَ الصفر.
مع احتلال داعش للموصل في حزيران/ يونيو 2014، أُسقط في يد العائلة تماما وتوقفت عن محاولات ردعِ ابنها عن الانتماء للجماعاتِ المتطرفة. فقد سارع حسام إلى الانضمام علنا لداعش. حمل سلاحَهُ وارتدى الزيَ القندهاري، أسوةً بباقي مقاتلي داعش الذي أطبق قبضتَه وبطشَ بالمدينة وأهلِها.
مع بدء القوات العراقية عملياتها لدحر داعش واستعادة الموصل في اكتوير 2016، قررت قياداتُ داعش سحبَ عائلاتِ أفرادِه ومسلحيه وعائلاتٍ موصلية أخرى من مدنِهم وقراهم الى داخل المدينة القديمة في الموصل. أكثرُ من أربعةٍ وستين ألفَ عائلةٍ صارت دروعا بشرية استخدمها داعش خطَ دفاعٍ أول لحمايته من القوات العراقية التي كانت على مشارف المدينة.