في يوم الجمعة الرابع من تموز/ يوليو عام 2014، كان المسلمون في الساحل الأيمن من مدينة الموصل العراقية، يتحضرون لصلاة الجمعة في معلمهم الأثري والديني البارز، جامع النوري، الذي يعرف كذلك بالجامع الكبير.
كانت المدينة قد سقطت بيد تنظيم داعش في العاشر من حزيران/ يونيو 2014، بعد معركة سماها “غزوة أسد الله البيلاوي”.
في تلك الجمعة التي صادفت السادس من رمضان، تفاجأ المصلون بخطبة غيّرت وجه الموصل رغماً عنها، وما زالت تحمل جروحاً غائرة من تلك الحقبة.
وسط حشد أمني داعشي مشدد، اعتلى رجل كان مجهولاً لهم قبلها، منبر الخطيب في جامع النوري الكبير، لينصّب نفسه أميراً للمؤمنين وخليفة في دولته الإسلامية، ويصبح الخبر الأبرز في العالم كله، أبو بكر البغدادي، زعيم داعش.
احياء روح الموصل
إعادة إعمار جامع النوري الذي يعود إلى تسعة قرون خلت، تتم ضمن مشروع إحياء روح الموصل الذي ترعاه اليونيسكو بتمويل من دولة الإمارات العربية المتحدة، وضع حجر الأساس للمشروع في 16 من كانون الأول/ ديسمبر عام 2018، على أن ينتهي خلال خمس سنوات.
المفخخات التي وضعها داعش في جدران الجامع وأعمدته، كما التخريب العمد الذي أحدثه على نقوش محرابه ومصلاه، فضلاً عن القصف الذي طاله خلال معارك تحرير الموصل، تسببوا في دمار كبير لهذا الأثر الرمز.
على الأرض، بذلت جهود كبيرة في المرحلة الأولى من مشروع إعادة إعمار جامع النوري ومنارته الحدباء من قبل كل الأطراف المعنية، من بين هؤلاء، أفراد لجنة العمل الآثاري ومفتشية آثار وتراث نينوى الذين ينجزون العمل الأبرز المتعلق بكيفية إعادة البناء إلى ما كان عليه بقدر الإمكان وبنفس الحجارة.
الترميم رسالة أمل
ليست هذه هي المرة الأولى التي يرمم فيها الجامع، فقد رمم عام 1947 بعد انهيار أصابه بسبب القدم، لكنها الأولى لترميمه بسبب جريمة بفعل فاعل مع سبق الإصرار والتصميم، وعلى الرغم من أنه سيفقد جزءاً من قيمته التاريخية، لكن الترميم سيعيد للموصل رمزيتها بوجوده، وسيؤدي رسالة أمل للموصليين والعراق، ورسالة أخرى لمن تجرأوا على تنفيذ التدمير، رسالة تلخصها آية قرآنية من سورة البقرة، مكتوبة على محراب جامع النوري الكبير، تذكّرهم بأنه: (وَمَا اللَّهُ بِغَافِلٍ عَمَّا تَعْمَلُونَ﴾