تقفز هذه الشابة في الهواء وترفع يدها عالياً كنسر سرياني قديم، لتضرب الكرة فوق الشباك نحو أرض الخصم، في مباراة ستُقرر بطل العراق في كرة الطائرة لعام 2020.
هي واحدة من لاعبات فريق السيدات في نادي قره قوش لكرة الطائرة الذي سطّر في نهاية اللعبة هذه، فوزاً تاريخياً رياضياً للنادي ومعنوياً لبلدة قره قوش التي تعرف كذلك باسم بغديدا.
يومها، أصبح فريق السيدات في نادي قره قوش بطل العراق للسنة السادسة على التوالي في هذه اللعبة الرياضية.
قره قوش في محافظة نينوى شمال العراق كانت بلدة وادعة، قبل أن يقطع داعش عنها المياه صيف عام 2014، عقب محاولات عديدة لاحتلالها إلى أن أسقطها بقبضته، فعاث بها دماراً، لم تسلم منه منازلها ولا مزارعها ومصانعها ولا حتى ملعباً رياضياً يصنع البطولات.
شابات أضئن سماء قره قوش بعزيمتهن
في ملعب نادي قره قوش الرياضي بعد إعادة تأهيله، كانت الكابتن عبير وسام في تدريب لفريق الناشئات، شابة لم يثنِ النزوحُ عزيمتها هي وباقي الشابات في الفريق، فتجمعن من الشتات داخل الوطن، وسجلن بطولة تلو الأخرى، أضئن بها سماء قره قوش ولو بعيداً عنها حين خيّم عليها الظلام، واستمرين في إضاءتها بعد عودتهن إليها عقب دحره.
منذ تأسيسه عام 1972، خرّج نادي قره قوش الرياضي ما يقارب مئة من أبرز الرياضيين والرياضيات في العراق، وهو بفريقه لكرة الطائرة للسيدات على وجه التحديد، مستمر في رفد المنتخب الوطني العراقي بأبرز اللاعبات.
احتله داعش وحوله مقراً له وملعباً من ملاعبه ميداناً للتدريب على الرماية، وتركه مدمراً ومنهوباً، لكن إدارة النادي المتمسكة بجذور سهل نينوى وإرث الأجداد، بدأت بإعماره من جديد جزءاً تلو الآخر.
طموح هؤلاء الشابات العراقيات يتخطى حدود الوطن لتمثيله في المباريات الدولية ورفع اسمه واسم بلدتهن عالياً في محافل الرياضة الدولية، نتركهن يستكملن التدريب تحضيراً للدوري العراقي لعام 2021، متمنين لهن البطولة السابعة والتحليق المستمر في سماء بلدة مرّ فيها إعصار داعش.. دمّر وخرّب وأرهب.. لكنه لم يستطع كسر روح أهلها.