بعد محاولة تكراره في الرقة الهجوم على سجن الصناعةفضح أيدلوجية داعش المتناقضة
- تحلّ في يناير ذكرى عام على هجوم داعش على سجن الصناعة الواقع في الجهة الجنوبية للحسكة.
- الحادثة فضحت من دون أدنى شك أيديولوجية داعش المبنية على التناقضات والضلال الذي سعت قيادة داعش آنذاك المتمثلة بأبي إبراهيم القرشي قبل إعلان قتله قبل أيام بإغراق أفراده فيه.
- داعش قامر بحياة الآلاف من متابعيه، بالتضحية بالآلاف من أفراد داعش.. ومناصريه لا قيمة حقيقية لهم عند القيادة.
- نتيجة انتفاضة سجن غويران عادت بوابل أكبر على أفراد داعش هو بالتأكيد أسوأ من القتل.
- تفاصيل تروى للمرة الأولى من خلال فريق صحافي جمع البيانات والصور الحصرية من كاميرات المراقبة التابعة لقوات سوريا الديمقراطية وقابل السجناء داخل السجن.
بعد نحو اسبوعين على محاولة داعش الإرهابي مهاجمة قوات سوريا الديمقراطية في الرقة، وبعد نحو أسبوعين على بدء عملية عسكرية تحت اسم صاعقة الجزيرة، اعلنت قسد انتهاء الحملة بالقاء القبض على عدد كبير من الإرهابيين. هذه الأحداث اعادت الى الأذهان هجوم تنظيم داعش على سجن الصناعة في الحسكة في شمال شرق سوريا في يناير/ 2022 من أكبر عمليات التنظيم من حيث عدد المهاجمين والأهداف المخططة منذ معركة الباغوز في مارس 2019.
داعش انتقل من مرحلة الهجمات الاستنزافية إلى مرحلة الهجمات أكثر دقة وتخطيطا وأخذ يأخذ زمام المبادرة مجددا.
لكن تفاصيل حقيقة ما حصل داخل السجن خلال ذلك الهجوم بقيت لغزا محيرا وتدور حوله العديد من الأسئلة، فماذا حدث؟، وكيف استطاع داعش إحداث الفرق الدراماتيكي من هجمات فردية ضعيفة إلى هجمات كبيرة ومنسقة بشكل دقيق؟.
والسؤال الأكثر تحديدا، يدور حول، كيف استطاع تنظيم داعش إيجاد التواصل بين الداخل والخارج.
قوات سوريا الديمقراطية كانت قد أعلنت في أكتوبر من عام 2021 أنها أحبطت هجوما كبيرا على السجن نفسه الذي نجح التنظيم في الهجوم عليه بعد شهرين فقط. ما علاقة الهجومين ببعضهما؟.
استغرق الأمر شهورا من البحث المكتبي والميداني وإعادة رسم الخط الزمني للأحداث والتفاصيل .
منذ الهجوم الأول رصدنا نشاط خلايا تنظيم داعش في شمال شرق سوريا ورسمنا الخطوط البيانية لنشاط خلايا التنظيم وتحديد النطاق الجغرافي لأهداف و نشاط التنظيم.
بعد موافقة قوات سوريا الديمقراطية تم الحصول على محتوى أحد الهواتف التي كان افراد التنظيم يستخدمونها في أثناء التحضير للهجوم.
فماذا كشفت الصور وماذا قال مخططو الهجوم الذين قابلناهم والذين اشتركوا بتنفيذه؟.
ملاحقة بيانات ما قبل الهجوم
من خلال البحث الذي قاده عدد من الصحافيين فإن عدة إشارات سبقت هجوم داعش على سجن الصناعة لعلّ أبرزها تمشيط قوات سوريا الديمقراطية للمباني السبعة من السجن بهدف القيام بأعمال صيانة وإخراج السجناء إلى باحة السجن وما تبع ذلك من عمليات عصيان وصلت إلى حدود السبع عمليات وأشهرها استعصاء المشفى.
أبو محمد الأردني مسؤول التجهيز للعصيان والهجوم أكد أن أفراد التنظيم كانوا يملكون هواتف داخل السجن وكانوا على اتصال مباشر مع قيادات داعش في الخارج.
وقد كشف محتوى أحد الهواتف الذي سلمته قوات سوريا الديمقراطية للفريق الصحافي عمّا كان يجري وكيف أعلنت قيادة داعش عمّا يسمى ” ولاية غويران”.
فكيف زجّت قيادة داعش بسجناء داعش بهكذا مشروع وكيف تمكنت من إيهامهم بإمكانية نجاحهم بهذه الخطة؟ وهل فعلا كان تخطيطا بهدف إنقاذهم؟ أم أرادت التخلص منهم؟.
بحسب ما أكدّ أبو علي الخالدي النائب الأول لأمير السجن فإنّ التخطيط لهجوم سجن الصناعة سبقه الكثير من الترتيبات لعلّ أبرزها صناعة سكاكين والتخطيط الذي كان يتم من خلال مراقبة الشفاطات الهوائية للسجن ومن خلال الثغرات بين الطوابق لسفلية والعلوية للمبنى.
بعد تشكيل الهيكلية والمحاكم الأمنية وتجهيز القوة الضاربة داخل السجن تمكن التنظيم من إحكام السيطرة على السجناء كافة وعلى ما يبدو فان من حاول عصيان الأوامر تمت عملية إعدامه بتهمة التواصل مع الحراس وممارسة الجنس أو ” الردة”.
بالتوازي وفي الخارج كان داعش يعيد ترتيب هيكليته في ولاياته المزعومة وأكدت المعلومات أنه بدأ يعدّ العدة للهجوم على السجن، فيما أعطيت التعليمات للأفراد داخل السجن بعدم إثارة المشاكل لضمان نجاح الخطة.
الأول من أكتوبر 2021 كشف أمر مصنع السيارات المفخخة في الجزرة ومن خلال عملية مشتركة مع التحالف تم تدمير المصنع وبالتالي تدمير الخطة لاقتحام سجن الصناعة.
في الجزرة تمّ تدمير مصنع لصناعة السيارات المفخخة كان من المفترض تجهيز سيارة مفخخة بهدف اقتحام السجن وبحسب ما قال أبو علي الخالدي النائب الأول لأمير السجن فقد انكشفت العملية وفقد الاتصال بأفراد داعش وقتل و اعتقل العديد منهم الّا أنّ الأمر أخفي عن السجناء لكي لا يصابوا بخيبة أمل.
بعد 3 أيام من فشل العملية تحول العمل الى ولاية العراق وتبلغ امير السجن عن التخطيط للهجوم مجددا وتم ابلاغ امير السجن بأن دور ولاية الشام يقتصر على الدعم بعد بدء الهجوم وخُطط للعملية على نطاق أوسع ولم تتطلب العملية أكثر من شهرين للتنفيذ.
كانت الخطة إعداد الهجوم على سجن غويران وبعد التمكن منه التوجه إلى مخيم الهول لتحرير عوائل داعش هناك.
وفي 18 يناير 2022 عقد مجلس شورى داعش اجتماعا و ابلغ السجناء بأن الهجوم على سجن غويران بات وشيكا والعملية المركزية كانت بطلب من الخليفة المزعوم نفسه.
فشل الهجوم والتضحية بأفراد داعش
في العشرين من يناير 2022 هاجمت سيارة تابعة للتنظيم البوابة الرئيسية للسجن وأعقبها هجوم من قبل انتحاريين لكن السيارة تم استهدافها قبل اصطدامها بالبوابة وفي حي غويران وقعت اشتباكات بين مسلحين وقوات الأمنية.
انقسمت خلايا التنظيم على عدة محاور ومع سماع دوي الانفجار وانشغال الحراس بالهجوم الخارجي بدأ الهجوم من داخل السجن.
وأظهرت الصور التي كشفت عنها قوات سوريا الديمقراطية حركة السجناء داخل أروقة السجن، من تحطيم للأسوار والأبواب وإثارة الشغب داخل السجن بالإضافة إلى ذبح عدد من الحراس والحصول على أسلحتهم.
تمكن العديد من السجناء من الهروب عبر ثغرة فتحوها بجانب البوابة الرئيسة التي لم يستطع التنظيم التحكم بها لا من الداخل ولا من الخارج.
و فيما قتل العديد من المسلحين وتم القاء القبض على عدد كبير منهم شددت قسد قبضتها الأمنية على اقسام مباني السجن وعلى البوابة الرئيسية واستطاعت من خلال التحرك السريع من إيقاف وردع هذا الهجوم.
في اليوم الثالث للهجوم ورغم إصرار قيادة داعش على أوامر تهريب بعض الأشخاص المحددين إلا ان ملامح الفشل بدات تلوح في الأفق واستسلم عدد كبير من المسلحين فيما انهار السجناء في الداخل لتعلن في التاسع والعشرين من يناير قوات سوريا الديمقراطية انتهاء العملية وفشلها باستسلام العشرات من أفراد داعش.
هي تفاصيل تؤكد نية قيادة داعش تجاه أفراده الذين يُضحى بهم في كل مناسبة، فهل كان الهدف الأساسي إخراج وتهريب السجناء أم مجرد قرارات عشوائية متناقضة أول من يذهب ضحيتها أفراد داعش أنفسهم.