كيف تتخذ سلطات الصين من ملايين مسلمي الإيغور رهينة؟
- الممارسات القمعية تتخذ أشكالا متعددة بدوافع تعسفية.
- شهادات موثقة عن حالات تعذيب تصل إلى حدود التسبب بالعقم.
- هدم ممنهج للمعالم الدينية والهوية الإيغورية.
- محاولات حثيثة لتشويه الحقائق من غير دعاية كاذبة.
- ثني الرأي العام العالمي من إدانة القمع الذي تمارسه السلطات في معسكرات الاعتقال.
بكثير من الحزن و الأسى الذي يسكن مآقيه، يحدثنا محمد أمين منسق العلاقات العامة للاتحاد العالمي لمنظمات تركستان الشرقية عن مأساة الإيغور في شينجيانغ.
هذه المأساة التي ظهرت بشكل جلي للعلن بعد تسلم الرئيس الحالي شي جينبينغ السلطة وبدأ حربه ضدّ المعالم الدينية الإسلامية والمساجد والمكاتب الدينية مستهدفا نخب شعب تركستان الشرقية من المثقفين والفنانين وأصحاب الثروات.
يقول محمد أمين إن الرئيس شي جين بينغ بدأ بتأسيس معتقلا ومعسكرات تعتبر أسوأ سجون العالم.
محمد أمين، هو المحروم من أطفاله يحمل صورهم بين يديه وما بيده حيلة سوى التحدث عمّا يملكه من معلومات حول ما يجري في داخل هذه المعتقلات السرية.
كل مسلم متهم بالإرهاب
تركستان الشرقية الخاصرة الغربية لجمهورية الصين الشعبية. يبلغ عدد سكانها بحسب أرقام الحكومة الصينية حوالي واحد وعشرين مليون نسمة، منهم أحد عشر مليونا من المسلمين، ينتمون أساسا إلى عرق الإيغور وبعض الأقليات مثل الكازاخ والقرغيز والتتار والأوزبك والناشط على مساحة جغرافية ضخمة تقدر بواحد فاصلة ثمانية ملايين كيلومتر مربع.
ضمت الصين جمهورية تركستان الشرقية في العام 1949 ومنذ العام 2009 بدأت الحكومة الصينية إجراءات قمعية بحق سكان الإقليم مرورا بالعام 2014 وصولا الى العام 2017 حيث بدأت تختلف الروايات بين معسكرات اعتقال أم مراكز تأهيل، حسب الرواية الصينية.
وفي إطار بحثنا للكشف عن خفايا ما يحدث وراء أسوار هذا الإقليم المنعزل عن العالم تماما. وصلنا إلى محمد أمين، الباحث و الكاتب ومنسق العلاقات العامة للاتحاد العالمي لمنظمات تركستان الشرقية ليفتح لنا أغوار هذا السجن العظيم، وهو الذي فقد الإتصال بعائلته شارحا خلفيات هذا العداء لمسلمي الإيغور.
يشير محمد أمين إلى أنّ طريق الحرير هو الدافع و السبب وراء القمع الذي يمارس بحق الإيغور وهو السبب الذي حوّل مساحة شينجيانغ الى مجرّد سجن.. سجن الصين العظيم.
ما أخبرني به محمد أمين من ممارسات تعسفية بحق الإيغور واحتجاز قسري لم يعد خفيا على أحد وإجبار الإيغور على تناول لحم الخنزير وشرب الخمر يهدف إلى محاولة محوها ومحو هويتهم الإسلامية والعرقية ومن هنا تندرج محاولات إزالة أنماط الحياة الإسلامية المرتبطة بالثقافة العربية بالإضافة الى ضغوطات على لغة المسلمين، ودينهم وعاداتهم وتقاليدهم لعلّ أبرزها الزواج القسري من الصينيين
حيث ويشترط على الفتاة قبول طلب الزواج من الصينيين لإنقاذ وإخراج والديها من السجن، ومع ذلك حتى وإن تزوجت لا يتم إطلاق سراح والدها ووالدتها. فكلّ مسلم في الصين هو متهم بالإرهاب.
شهادة محمد أمين قابلناها مع شهادات إضافية أخرى. نهاد الجريري التي زارت كسائحة إقليم شينجيانغ ووثقت بالصوت والصورة كيف استطاع النظام في الصين أن يخفي جرائمه.
حياة طبيعة ورقص متواصل وحياة تنبض في شوارع شينجيانغ كلّها مظاهر غشاشة لتعسف يتعرض له مسلمو الإيغور.
لكن الحقيقة والواقع كانا مختلفين فعلى مسافة ساعة واحدة فقط بالسيارة نساء ايغوريات أخريات كنّ يعذبن في معسكرات ومعتقلات والأسباب صادمة.
ناجيات: أجبرن على تناول أدوية سببت لنا العقم
شهادات مروعة تضاف إلى ما سبق أن أبلغني به محمد امين و الصحافية نهاد الجريري، هذه المرة من قبل ناجيات من معتقلات الإيغور.
مهريغول تورسون وغولبهار جليلوفا وزمرت داوود ثلاث نساء التقيتهم وثقن تجارب و فظائع حصلت معهم داخل المعتقلات.
مهريغول تورسون إحدى الناجيات التي تعيش اليوم في الولايات المتحدة الأمريكية اعتقلت في أبريل العام الفين وخمسة عشر فور وصولها إلى المطار في الصين مع ثلاثة من أبنائها والتي فقدت أحدهم داخل السجن. استطعنا أن نوثق شهادتها معنا أيضا.
تؤكد مهريغول أنها تعرضت للضرب والصعق بالكهرباء حتى وصل الحال بها الى القول للسجان لم أعد أريد أن أعيش اقتلني.
من جانبها وفي أثناء حديثي مع غولبهار جليلوفا أكدت أنها اكتشفت فور خروجها من المعتقل أنها أصبحت عقيمة بعد إجبارها على تناول أدوية وخضوعها لإبرة كل عشرة ايام لا تعرف ماهيتها تتسبب بوقف الحيض عند النساء مؤكدة أن العديد من الفتيات تعرضن للاغتصاب فيما اقدمت السلطات على ارتكاب الاغتصاب الجماعي بحق السجينات.
في إطار الشهادة التي أخبرتنا بها مهريغول تقول ان: “هناك ٤ كاميرات وميكروفونات للمراقبة بشكل دائم لمدة ٢٤ ساعة وفي زاوية السجن هناك حمام ولكن أيضاً مراقب بالكاميرات ولايوجد مياه للغسل أو مناديل.
يتم ايقاظنا عبر المنبهات في الساعة الخامسة صباحاً ويجعلونا نقوم بحركات عسكرية وترديد شعارات صينية، ومن ثم ندخل لقضاء حاجتنا في الحمام وتلزمنا المساعدة في خلع ملابسنا لأننا مقيدون.
عند الساعة السابعة يتم فتح بوابات السجن الحديدة لنطل على نوافذ نأخذ منها الخبز ويجب أن نردد عند اخذها “أنا مخطئ أنا مذنب سأكون انسانا جيدا” ومن لا يردد ذلك لا يأخذ الخبز، والنساء الكبيرات في السن لا يعرفن التحدث باللغة الصينية، فلا يمكنهم الحصول على الخبز… نقوم بإعطائهم حصصنا من الطعام، وعندما يعرف الأمن الصيني… يقوم بمعاقبتها ”
رغم أن هؤلاء الشهود قد حالفهم الحظ وخرجوا ليكشفوا للعالم ما يحصل وراء أسوار هذا السجن الكبير، لا تزال زوجة محمد أمين وأولاده والمليون ايغوري مختفين في سجون الإذلال وكسر الإنسانية، مما يدفعنا لطرح سؤال رئيسي ماهي الدوافع الحقيقية وراء طمس الهوية الإيغورية.
هدم الهوية و أسس المعتقدات الدينية
فالتعسف لا يقتصر فقط على ممارسات تعذيب بحق المساجين والمعتقلين، إذ أن ممتلكات الإيغور و أساس معتقداتهم الدينية هي محط استهداف.
من خلال حديثنا مع محمد أمين تحصلنا على مجموعة صور لمساجد تم هدمها ومقابر تم نبشها.
بعض هذه الصور التي سنستعرضها حصل عليها محمد أمين بعد مراسلات سرية مع الداخل في شينجيانغ.
نشطاء إيغور كانوا قد أكدوا أيضا أنّ السلطات الصينية فرضت تعديلات على بعض المساجد و تمّ تجريد المسجد من الزركشة و الأقواس المزخرفة. وكانت المآذن هي المستهدفة من عملية طمس المعالم الدينية لتتحول ليس فقط المعسكرات ومراكز إعادة التأهيل إلى سجن كبير يضمّ الملايين يعيشون يوميا مآساة متكررة.
بالنسبة للناشطين الإيغور والحقوقيين الموجود خارج شينجيانغ لم يعد التحقق من كل ذلك مهمة رئيسة وإنما كيفية ردع النظام في الصين والحد من الآلام التي يتعرض لها الإيغور هي المهمة الرئيسة.
عملية مواجهة ما يصفونه بمحاولات خداع الرأي العام وبث البروباغندا هو الهدف الأساسي للناجين من معتقلات ومعسكرات التدريب هي الأولوية اليوم بالإضافة إلى محاولات الضغط الدولية لاتخاذ موقف حازم مما يتعرض له الإيغور وملاحقة قد تتعداها الى خارج الأراضي الصينية وخارج سجن الصين العظيم.