عمد نظام بشار الأسد إلى استهداف المشافي الميدانية في مدن وبلدات الغوطة الشرقية بريف دمشق التي تقوم بعلاج المصابين جراء عمليات القصف المستمرة على مدن وبلدات الغوطة.
وتسبب حصار النظام للغوطة منذ قرابة العامين، بحرمان من كانوا يدرسون الطب والصيدلة في الجامعات السورية أو المعاهد الطبية والتمريض من الجلوس على مقاعد الدراسة، ومنعهم من تحقيق حلمهم بالتخرج، وممارسة المهنة التي اختاروها لبناء مستقبلهم.
عدد كبير من هؤلاء الطلبة اختاروا التطوع للعمل في المشافي الميدانية علّهم يساعدون على إنقاذ جرحى القصف، واضطر بعض طلاب الطب البشري في السنوات الأخيرة من دراستهم إلى إجراء العمليات الجراحية للجرحى بسبب نقص الطواقم الطبية.
نقص الطواقم هذا، وفقدان المشافي الميدانية، كان محط أنظار "اتحاد الأطباء السوريين الأحرار"، حيث عمل على إنشاء "معهد العالي الطبي" تحت إشراف أطباء وممرضين وصيادلة، ليكون المعهد التعليمي الأول في الغوطة الشرقية المحاصرة.
يقول القائمون على المعهد أنهم انطلقوا بفكرة المعهد بعد تأمين المناهج التعليمية باللغة الإنجليزية، التي واجهوا صعوبات في ترجمتها، يقول الدكتور فايز مدير معهد المعالي الطبي لـ"أخبار الآن": "تم افتتاح المعهد لتأهيل طواقم طبية للعمل ضمن الغوطة الشرقية، وتغطية نقص الطواقم فيها، وتخفيف الضغط على الأطباء في متابعة حالات المرضى"، مؤكداً أنه تم اعتماد مناهج عالمية لصعوبة توفر المناهج في الغوطة الشرقية.
وأشار مدير المعهد إلى أن الصعوبة الثانية كانت في ترجمة هذه المناهج, وقال: "تم أيضاً اختيار نخبة من الأطباء والفنيين لتدريب المنتسبين إلى قسمين نظري ضمن المعهد، وعملي ضمن النقاط الطبية".
وأضاف الدكتور فايز: "يتكون المعهد من عدة أقسام، حيث يحتوي على قاعتين دراسيتين تحتوي كل منها على سبورة وجهاز إسقاط (بروجكتر) وعدد من المقاعد الدراسية, ويحتوي المركز أيضاً على منتدى خاص بالرجال ومنتدى خاص بالنساء، وأربعة مكاتب :مكتب إدارة المركز – مكتب الامتحانات – مكتب شؤون الطلاب – مكتب المطبوعات وتنسيق المحاضرات بالإضافة لمكتبة إلكترونية".
ويستقبل المعهد الطلاب الناجحين في المرحلة الثانوية عن طريق مفاضلة لانتقاء الطلاب أصحاب المعدلات الأعلى.
وحول شروط قبول الطلاب للدراسة في المعهد، قال مدير شؤون الطلبة مدين: "شروط التسجيل في معهد المعالي أن يكون المتقدم حاصل على شهادة ثانوية بفرعها العلمي"، مؤكداً أنه وفي أول مفاضلة تقدم عدد كبير من الراغبين في التسجيل, وتم قبول 62 طالباً في الدفعة الأولى، تم تقسيمهم إلى شعبتين لتسهيل العملية التدريسية".
"عبد الرحمن" طالب سنة أولى في المعهد الطبي, لم يحصل على فرصته إكمال دراسته، فكان معهد المعالي هو خياره ليتدرب ويكتسب الخبرة التي تؤهله للعمل في المشافي الميدانية، يقول عبد الرحمن: "كنت أدرس في المعهد الطبي بدمشق، وفي ظل الحصار لم أعد استطيع استكمال دراستي، فقدمت أوراقي لمعهد المعالي، وتم قبولي، وأنا الآن أتابع في دراستي واكتسب خبرة عملية بالإضافة للنظرية، وأكون احد الطواقم الفاعلة في إنقاذ المدنيين".
وتفتقر الغوطة الشرقية للمؤسسات التعليمية التي توازي المعاهد المتوسطة والجامعات، ما يفقد الكثير من الشباب حلمهم بالحصول على شهادة جامعية, بعد أن خسروا فرصهم بالتسجيل بالجامعات الحكومية أو فقدوا فرصتهم بمتابعة دراستهم، خوفاً من اعتقالهم من قبل قوات النظام على الحواجز، كما أن هناك المئات من الطلاب فُصِلوا من الجامعات بسبب انقطاعهم عن الدوام أو بسبب مواقفهم المؤيدة للثورة السورية.