لم تعد شهادة الصيدلة كافية لمزاولة المهنة في مدينة الرقة بعد قرار التنظيم الذي يقضي بوقف جميع الصيدليات في المدينة حتى خضوع الصيدلي لدورة شرعية.
يبدو أنّ أصحاب الشهادات العلميّة أصبحوا ضحايا قرارات التنظيم في العديد من المجالات، فبعد إيقاف عمل المعلّمين جاء دور الصيادلة.
رخصة مشروطة
بدأ تنظيم داعش بإعداد دورات شرعيّة للصيادلة المتواجدين في مدينة الرقة، واشترطوا على الصيادلة اجتياز الدورة بنجاح حتّى يعاودوا مزاولة المهنة.
محمد صيدلاني، من أبناء الرقة، حضر أوّل دورة أقامها التنظيم، قال لـ"أخبار الآن": "خضعنا لدورة شرعيّة انتهت منذ ثلاثة أيّام، وفي نهاية الدورة تم تقييمنا من قبل لجنة حددّت ما إذا سوف نواصل العمل أم لا".
وأضاف: "لم نأخذ في هذه الدورة أيّ معلومات تخصّ مهنتنا، واقتصر المشرفون على تعليمنا أصول الدين".
وعلمت "أخبار الآن" أنّ بعض الصيادلة ممن لم يحضروا الدورة، قام التنظيم بإغلاق صيدليّاتهم إلى حين حضورهم الدورة الشرعيّة، فيما رسب عدد من الصيادلة الذين خضعوا للدورة، ولا زال مصير صيدليّاتهم مجهولاً.
واشترط التنظيم على الذين اجتازوا الدورة الشرعيّة: عدم حلاقة الذقن والتي تعتبر من الكبائر بنظر التنظيم، وعدم ارتداء البنطال الطويل، وعدم بيع امرأة إن دخلت لوحدها الصيدليّة لأنّ ذلك يعتبر خلوة بمنظور التنظيم.
إلى الجهاد!
لم تقتصر مضايقات تنظيم داعش على إجبار الصيادلة على الخضوع للدورات الشرعيّة، بل امتدت إلى حثّهم على الجهاد ضمن أوقات لقائهم بالصيادلة في الدورة الشرعية.
وفي سؤال أحد الصيادلة للمشرفين على الدورة عن طبيعة عملهم الذي اعتبره الصيدلي جهاداً بحدّ ذاته، أجابه العنصر: "هذا ليس جهاد، وإن متّ فأنت لست بشهيد، فالجهاد الآن يقتصر على القتال مع الدولة الإسلامية في حربهم ضدّ المرتدّين والكفّار".
(علي) أحد الصيادلة الذين قرروا الهروب من مضايقات التنظيم نحو تركيا، قال لـ"أخبار الآن": "أفضّل الهروب إلى تركيا على أن أخضع للدورة التي يعلّمون بها قطع الرؤوس، واستعمال السلاح، وهذا بعيد كلّ البعد عن عملنا"، مضيفاً: "تركيا ليست حلاً بالنسبة لنا لكن من يجبرنا على المرّ هو الأمرّ منه".
من المتضرر؟
إغلاق بعض الصيدليّات التي لم يقبل أصحابها الخضوع لدورة شرعيّة، لم تعود بالضرر على الصيادلة فقط من المنظور المادي بل امتد أثرها إلى المواطن.
أحد أطباء مدينة الرقة، اشتكى، بالقول: "في حضرة التنظيم المصائب لا تأتي فرادا، فالمدارس أغلقت، والمشافي بمعظمها خارجة عن العمل، والآن الدور على الصيدليّات، حتى أصبح البحث عن الدواء مسألة مرهقة للمواطن، خاصة بعد إعلان منظمة "أطباء بلا حدود" توقّفها عن العمل في الرقة في الشهر الرابع من العام الحالي بسبب مضايقات داعش، رغم أنّها كانت تقدّم تجهيزات العيادات الطبيّة ومستلزمات اللقاح لأطفال الرقة وريفها".