بعد أن بدأ النظام يروج إلى أنه بصدد بدء حملة عسكرية على مخيم اليرموك في جنوب دمشق، بدأت موجة جديدة من الهمجية تضاف إلى سلسة المجازر الناجمة عن حصار الأسد للمخيم ألا وهي الاغتيالات الممنهجة لشخصيات معروفة داخله سعت كثيرا لتجنيب مدنيي المخيم أصناف الموت المتعددة التي اختبروها.
آخر الاغتيالات الغامضة التي قام بها مسلحون مجهولون هي اغتيال أمين سر حركة فتح داخل المخيم محمد طروية -أبو أحمد- (54 عاما)، أطلقوا عليه النار عندما كان خارجا من صلاة المغرب. هذا وقد شهد اليرموك الأسبوع الماضي اغتيال أبو العبد عريشة المسؤول الإغاثي عن المخيم والذي ساهم بشكل كبير بإدخال المعونات إلى اليرموك وإعادة أسر لداخل المخيم بعد أن كانت عالقة خارجه، وقبلهما سقط الشهداء علي الحجي وبهاء صقر، وأبو العبد شمدين، وكثيرون أخرون بنفس الطريقة.
بدأت القصة باغتيال نشطاء مدنيين وعناصر من الجيش الحر إلى أن توسع المسلسل فبات مجهولون يغتالون من كان يسعى دائما إلى الوقوف مع المدنيين ويحاول كسر الحصار عنهم وإيجاد مخرج لهم بالتنسيق مع الكتائب المقاتلة في المنطقة وعن السبب يخبرنا الناشط أحمد من المخيم: " نعتبر أن مجموعات تابعة للنظام هي من يقوم بهذه الأعمال الدنيئة، لكي يوهم المدنيين أن الجيش الحر هو من اغتال شخصياتهم المتفق على نزاهتها شعبيا، ويفترض أن الناس ستصدق ذلك أو ستتهم الجيش الحر بذلك فقط لأن الشهداء الذين اغتيلوا كانوا يسعون دائما إلى عقد مصالحة ترضي جميع الأطراف وتحيد المخيم، فيكسب النظام بذلك نقطتين، أولهما أن يعدم الطرف الذي يحرجه عند الحديث عن أية هدنة، والثانية هي اشعال نار الفتنة بين الكتائب المقاتلة على الأرض ومدنيي اليرموك"
وعلى المستوى السياسي فقد أصدرت الهيئة العامة لشؤون اللاجئين الفلسطينيين في سوريا التابعة للحكومة المؤقتة بيانا جاء فيه: "إنها أجندة سياسية، وأمنية تستهدف تفتيت عوامل الصمود داخل المخيم، ودق أسافين الفتنة والتفرقة والكراهية بين أبنائه، وتسهيل مهام النظام و أدواته التشبيحية في إسقاط المخيم من الداخل" وطالب البيان الكتائب العسكرية المُسيطرة على المخيم، " القيام بمسؤولياتها دون أي تباطؤ، في كشف هوية الجناة والقتلة والاقتصاص منهم اليوم قبل الغد".
لم يترك النظام وسيلة همجية أو طريقة للقتل ولم يتبعها في المخيم المحاصر منذ قرابة العامين، والذي بات يشكل صفعة على جبين العالم، مذكرا البشرية بأن هناك من يموت بشتى الوسائل، وباستخدام أرخص الطرق يوميا أمام عجز المجتمع الدولي لا بل بمشاركته في كثير من الأحيان لعصابة الأسد الحاكمة.