يتردد اسم العقيد سهيل حسن الملقب بـ"النمر" كثيراً في الآونة الأخيرة في الشارع السوري الموالي والمعارض على حد سواء، ليتصدر اهتمامات الطرفين، أحدهم يؤيده ويحبه كمنقذ ومخلص، والثاني يهابه ويطالب برأسه كمجرم حرب وقاتل.
"إن تحقيق جيش النظام أي تقدم على جبهة ما، يعني أن قائد الجبهة هو النمر، دون أدنى شك"، هذا ما يتداوله الموالون للنظام في المناطق ذات الأغلبية العلوية، حتى باتت عناصر جيش النظام التي تعاني على جبهة ما، تطالب به لقيادتها وتخليصها من مأزق الخسارة واحتمال الموت، حسبما تفيد صفحات الموالين على مواقع التواصل الاجتماعي.
أبو مضر من قرية الشبطلية الموالية بريف اللاذقية قال بصوتٍ عالٍ في مجلس عزاء ابنه، الذي قتل في مطار الرقة العسكري على يد عناصر تنظيم داعش: "لو تولى النمر قيادة حملة الدفاع عن المطار لما سقط ولما قتل شبابنا ذبحاً".
إنجازات النمر
ينحدر سهيل حسن من أسرة فقيرة من قرية بيت عانا في ريف جبلة، وهو من مواليد عام 1970، استعان به النظام بعد إثباته كفاءة عالية في مواجهة الجيش الحر، فنقله من الجيش إلى فرع المخابرات الجوية، ليعمل على قيادة المعارك حيث تشتد الضغوط على الجيش.
تنقل سهيل الحسن بين مختلف الجبهات، وتمكن من تسجيل اسمه في أذهان مقاتلي النظام، وبات نجم أخبار وسائل إعلام النظام، حيث يحقق انتصارات ولو جزئية أينما تولى القيادة.
ويسجل موالوه أنه استعاد السيطرة على ثلاث عشرة قرية علوية في ريف اللاذقية، كما تمكن من رفع الحصار عن سجن حلب المركزي وأعاد مدينة مورك بحماة وحقل شاعر النفطي بريف حمص إلى سيطرة النظام.
كل ذلك حوّله إلى بطل شعبي، ودعا كثيرا من أبناء الطائفة العلوية لتسميته رئيسا عوضا عن بشار الأسد، ونقل الناشط علي -من قرية بسنادا- أن حالة غضب عاشها أبناء القرية عند وصول جثث سبعة من أبنائها، تحولت إلى مطالبة علنية بالنمر رئيسا.
ويرى أبو حيدر -عنصر أمن- أن النمر وحده فقط قادر على قيادة سورية والجيش، وإنهاء القتال وإعادة الأمن والأمان إلى سورية.
ويضيف في حديثه إلى ناشط متعاون مع الثورة: "بات النمر مطلباً شعبياً، وارتفعت أسهمه فوق أسهم بشار الأسد، وتم استقباله كالفاتحين في حي النزهة الموالي بحمص بعدما سيطر على حقل الشاعر، حيث هتفوا له ورفعوا صوره".
حقيقة النمر
ينفي عقيد مقرب من النمر -فضل عدم الكشف عن اسمه- أي صفة شجاعة أو بطولة عن العقيد سهيل، ويصفه بـ"الجبان الذي يحول المناطق التي يقاتل لاستعادتها إلى أكوام من الحجارة، يقضي على البشر والشجر".
ويضيف في حديث للناشط: "يعتمد النمر على مجموعة من المجرمين والقتلة، مزودين بأحدث وسائل التدمير من دبابات ومدفعية، يفتحون نيرانا كثيفة، بعد أن يلقي الطيران عشرات -بل المئات- من البراميل المتفجرة على المنطقة المطلوب اقتحامها، ثم يأتي دور اقتحام الوحوش البشرية".
ويشير إلى أن العقيد سهيل يأمر عناصره بالاستيلاء على كل ما يصادفونه في المناطق التي يسيطرون من أموال ومصوغات وأدوات كهربائية، كمكافأة لهم على "بطولاتهم".
ويقول إن شخصاً بسيطاً يستطيع تحقيق ما يحققه النمر، إذا ما سخرت له الوسائل والأدوات التي تسخر للنمر، ونفى العقيد اشتراكه في أي من عملياته، مكتفيا بمهامه البسيطة التي رفض الإفصاح عن ماهيتها حتى لا يتم اكتشافه من قبل النمر، "الذي لن يتوانى عن إعدامي فيما لو أدرك حقيقة موقفي من إجرامه"، حسب قول العقيد المقرب من النمر.
موقف الأسد
اعتاد نظام بشار الأسد على إقصاء الشخصيات التي تسجل حضوراً جماهيرياً أو تشكل قوة يمكن أن تهدده، ولا ينسى السوريون كيف أبعد حافظ الأسد شقيقه رفعت، في ثمانينيات القرن الماضي، بعدما شكل سرايا الدفاع، وزاد قوتها حتى صارت توازي قوة جيش حافظ.
كما قضى على تنظيم الإخوان المسلمين الذي شكل حضورا قويا في مطلع ثمانينيات القرن الماضي، وكان قد أبعد وسجن رفاق دربه صلاح جديد ومحمد عمران الذين ساعدوه في الوصول إلى الحكم.
ويؤكد المحامي مضر -من قرية عين العروس الموالية- أن حافظ الأسد أقصى المشاهير في كل مجال بدءا من الشاعر أودونيس، وصولاً إلى لاعبي كرة القدم مثل عبد القادر كردغلي وجمال كشك، خوفاً من تطور جماهيريتهم وطموحاتهم.
ويرى مضر أن بشار الأسد يسير على نهج والده، حيث أنه لن يسمح بظهور شخص يشكل خطراً على حكمه، ويضرب مثالاً على ذلك إبعاده كل السياسيين المعارضين في بداية حكمه، بعدما نصب لهم فخ "ربيع دمشق"، ويعتقد أن نهاية العقيد سهيل ستكون قريبة بأمر شخصي من بشار، حيث بات يشكل خطراً حقيقياً عليه.