فقد الكثير من الأطفال حياتهم جراء قصف قوات النظام على مدن وبلدات الغوطة الشرقية، ولكن يبقى وضع الأطفال الذي فقدوا أطرافهم هو الأصعب مع تردي الأوضاع الصحية، وقلة الإمكانيات في المشافي الميدانية بالغوطة جراء الحصار المفروض عليها منذ ما يزيد عن العامين.
"مايا" طفلة تبلغ من العمر 12 ربيعاً، من عائلة بسيطة، أجبرتهم ألة الحرب والقصف على النزوح من منزلهم إلى منطقة اعتبروها أقل خطورة، كانوا يخشون أن يلحق أي أذى بطفلتهم في منطقة قريبة من خط الجبهة في بلدة زملكا.
تقول والدتها لـ"أخبار الآن": "كل يوم تعود مايا من مدرستها لتسارع فوراً إلى إحدى سيارات المطاعم الخيرية, منذ شهرين تقريباً كانت في طريقها للحصول على بعض الطعام تسدّ فيه رمقها ورمقنا، فنالت منها قذيفة هاون سقطت قربها".
وتضيف: "أصابت مايا شظية بساقها، تسببت بتفتت عظم الفخذ، وبعد عدة عمليات ركب على قدم مايا مثبتات لتساعد على شفائها, اليوم مايا فقدت فرصة الدراسة واللعب مع أصدقائها".
تصف حالة طفلتها بعد الإصابة والحزن بادِ على ملامحها، وتقول: "بعدما أصيبت ابنتي تغيرت نفسيتها، وبدأ الرعب يلاحقها في جميع الأوقات، وخاصة أنها كانت تحب اللعب مع أقرانها الذين حُرِمت من رؤيتهم، فأصبحت هذه العكازات رفيقة لمايا بدل أقرانها والحزن طغى على الابتسامة والسعادة اللذين كانا يرتسمان على وجهها".
تقطع مايا مئات الأمتار يومياً برفقة والدتها من منزلهم إلى المشفى الميداني لمتابعة العلاج بغية التمكن من العودة إلى مقاعد المدرسة.
الحرب في سوريا خلفّت تبعات وآثارا كبيرة, فالسلاح الذي يستخدمه النظام ضد المناطق المحاصرة ترك أثراً في النفوس والأجساد وغالباً ما يترسخ هذا الأثر في نفوس الاطفال.
وتلخص الطفلة "مايا" ما حدث معها بالقول: "كنت عم جيب أكل من السيارة، نزلت قذيفة، وأسعفوني، ومن يومها ما عم اقدر روح عالمدرسة وشوف رفقاتي".
بدورها، قالت الطبيبة ندى التي تشرف على معالجة "مايا": "لا أستطيع أن أصف لكم حجم الألم الذي يمزق قلوبنا عند سماع صرخات الأطفال المصابين جراء شظية أو رصاصة"، مضيفة: "بالنسبة لمايا في البداية ونتيجة حالتها الصعبة كنت أذهب إلى منزلها أو أرسل الطاقم الطبي لمعالجتها، ومساعدتها على التأقلم مع الوضع الحالي، واستطعنا أن نساعدها في تقبل ما كتبه الله لها، وأن عليها مساعدتنا من أجل أن تستطيع الذهاب مستقبلاً إلى المدرسة واللعب مع أقرانها".