أعلن المعتقلون في سجن حمص المركزي تعليق إضرابهم بعد وعود من إدارة السجن بتلبية مطالبهم.
الإضراب الأخير هو حلقة لن تكون الأخيرة في مسلسل معاناة المعتقلين في سوريا، وفي سجن حمص المركزي بشكل خاص، فاستغلال المعتقلين في أوجه، وحالة إنسانية سيئة جداً يعيشها السجناء، في ظل خطر تفشي الأمراض واختلاط السجناء الجنائيين مع سجناء الشغب "أي سجناء الثورة" على حد تعبير النظام مع الأحداث حتى ما دون 14 سنة.
التقت "أخبار الآن" الناشط حسام بدر خان، أحد أبناء مدينة حمص، وسجين سابق ومنسق لعدد من الإضرابات في سجن حمص، بما فيها هذا الإضراب، وفي معرض حديثه عن الإضراب الأخير، قال بدر خان: "جاء هذا الإضراب بسبب تحويل ملفات عدد كبير من المعتقلين إلى محكمة جنايات الإرهاب من أجل تأخير النظر بملفاتهم، وهو ما يعني إبقاء المعتقل لفترات طويلة تتعدى الأشهر دون تحويله إلى القاضي لإطلاق سراحه، معتبراً أن مجرد تحويل المعتقلين لمحكمة الإرهاب هو جرم بحق الذين انتزعت منهم اعترافاتهم تحت التعذيب.
وأكد بدرخان أن الأتاوى التي فرضها النظام مؤخراً كانت سبباً من أسباب الإضراب، وقال: "ابتكر النظام طريقة لابتزاز المعتقلين والضغط على أهاليهم من خلال إنشاء مكتب لتحويل الأموال على مدخل السجن، وإلغاء تسليم الأموال باليد، ووضع حد أعلى للمبلغ المحوّل وهو خمسة آلاف ليرة سورية، بعد خصم نسبة كبيرة منه لصالح الضباط المسؤولين عن السجن".
وأشار منسق الإضراب إلى أنه "الإضراب" سيحافظ على سلميته طالما لن يقوم النظام باستخدام العنف، مؤكداً أن الهدف الأساسي منه هو لفت نظر المجتمع في الداخل والخارج إلى قضية المعتقلين، والضغط على النظام لإطلاق سراحهم، خاصة بعد قضاء عدد كبير منهم فترات احكامهم.
وأوضح بدر خان أن أعداد المعتقلين من مدينة حمص في تزايد مستمر بعد استخدام النظام للتسوية الأمنية كحيلة للدخول إلى البيوت وجمع المعلومات، فبعد دخول بعض الأحياء في تسوية مع النظام، دعا النظام الأهالي إلى الحضور لمراكز الأمن لإجراء التسوية الأمنية التي لا تتجاوز مدتها 48 ساعة، لكن بقدوم هؤلاء إلى المراكز الأمنية يكونون مدعوين للإدلاء باعترافات كاملة ومفصلة عن كافة أقاربهم المنخرطين في صفوف الثورة، والنشاطات التي يقومون بها، وسجل عدد كبير من حالات الاعتقال لمن قاموا بتسوية أوضاعهم بعد خروجهم من المراكز الأمنية مباشرة.
وأضاف لـ"أخبار الآن" أن هنالك أمراضا عديدة بدأت بالتفشي داخل السجن، بسبب الأوضاع الحالية، ورفض السجناء تحويلهم إلى مشفى حمص العسكري الشهير بممارسة أقسى أنواع الذل والتعذيب، والتي سجل فيها عدد ضخم من حالات القتل تحت التعذيب.
وسجلت إلى الآن عشرات حالات التهاب الكبد الفيروسي، وأربع إصابات بمرض السل توفيت إحداها، فيما حولت بقية الحالات مجبرة إلى مشفى حمص العسكري، حيث تم حجرها صحياً، كما توفي رجل ثمانيني بعد إحضاره إلى السجن بثلاثة أيام إثر إصابته بمرض مجهول سبب له حالة شديدة من الرجفان والاختلاجات، وتجدر الإشارة إلى أن كل هذه الأمراض تتم متابعتها من قبل بعض المعتقلين العاملين في المجال الطبي.
وعن وضع السجن حالياً، أوضح بدر خان أنه يتم حشر ما يزيد على 80 شخصاً في مساحة لا تتجاوز 16 متراً مربعاً، ويعتبر السجن أرضاً محررة إذ لا يملك النظام أية سلطة داخل السجن أو في منشآته، ويكتفي بتطويقه من كافة الجوانب، ويقوم السجناء بإنجاز كل ما يتعلق بالحياة اليومية من طعام وطبابة وغسيل وتسيير أمور السجناء بأنفسهم عن طريق لجان مختصة تم تعيينها من قبل السجناء، ويقوم النظام ببيع السجناء كافة مستلزماتهم من طعام وشراب ودخان واحتياجات أخرى.
هذا الإضراب لم يكن الأول في سجن حمص، فقد شهد السجن عدة إضرابات سابقة أشهرها الإضراب الذي قام به الناشط حسام بدرخان مع المعارض نجاتي طيارة منتصف العام 2012، والتمرد الذي حصل داخل السجن في نفس العام بعد أن قام المعتقلون بالسيطرة على كافة أقسام السجن، وأخرجوا قوات الأمن التي قامت بدورها بقطع المياه والكهرباء والطعام والشراب عن السجناء لمدة ستة أيام، مما أشعل اشتباكات بين المعتقلين الذين استخدموا الحجارة وقوات الأمن التي استخدمت الرصاص الحي مما أودى بحياة ثلاثة سجناء، شكلت بعدها لجنة من السجناء للتفاوض، وثبتت الواقع ببقاء قوات الأمن خارج السجن والحفاظ على نوع من الاستقلالية للسجناء.