أخبار الآن | كينيا (حصري)
فتاة كينية ذهبت وراء لقمة العيش في الصين لتصطدم بواقع مرير يختزل الكثير من المعاناة التي رسمها الحزب الشيوعي الصيني عبر إجراءات ومفاهيم جعلت من الأجنبي عرضة للتمييز العنصري وسوء المعاملة وخاصة بعد تفشي وباء كورونا في العالم من مهده في الصين.
أليس وهي مواطنة كينية تروي لأخبار الآن تجربتها في العمل بمدينة شينجن الصينية وكيف تم ترحيلها بعد فقدها للعمل هناك، وتقول: “بدأ الأمر يزداد سوءً عند ظهور فيروس كورونا، دعنا نقول مع بداية شهر فبراير. بالفعل أصبح الوضع أكثر سوء من قبل لأنه كان هناك تقييد للحركة، وتم إقفال كثير من المتاجر في يناير وفبراير، لذلك أصبح الحصول على الطعام والمستلزمات أمر صعب إذا كنت لا تخزن الطعام في منزلك، وقل عدد الموردين بشكل كبير. كان الذهاب إلى المتاجر أمر ليس سهلا لأن معظهمها كان مغلق، ومن المحتمل أن لا يتم لك السماح بالدخول للمفتوح منها لشراء مستلزماتك… مع دخول شهر مارس، ازداد الوضع سوء أكثر فأكثر، وفي أبريل أيضاً مع عدم وجود المال، ومع مطالبات صاحب المنزل لنا بدفع الإيجار، وأيضا مع الحاجة للمال للإنفاق على الطعام والمستلزمات الأخرى، كل ذلك من دون عمل. حقا كان وضع سيئا للغاية”.
وتسرد أليس معاناتها في العيش في الصين منذ لحظة وصولها إلى البلد الآسيوي وكيف تعرضت للتمييز العنصري من قبل السلطات الصينية، وقالت ضمن هذه السياق، “ذهبت إلى الصين عن طريق صديق من مدينتي ناكورو، وهو الشخص الذي أرشدني إلى كيفية التقديم للحصول على تأشيرة وكيف أحجز تذكرة الطائرة عن طريق الانترنت، وأخبرني عن المكان الذي كان يقطن فيه. كنت أبحث عن فرصة للأعمال هناك أو حتى الحصول على وظيفة. كنت أعيش وأعمل في مدينة شينجن، وهي مدينة قريبة من هونغ كونغ. إنها مدينة كبيرة تابعة لمقاطة قوانغدونغ، ويبلغ عدد سمانها حوالى 25 مليون نسمة”.
وتضيف المواطنة الكينية: “كل شيء كان يسير على ما يرام، من حجزي لتذكرة الطائرة، والحصول على التأشيرة، والطيران خارج كينيا. ولكن واجهت بعد التعقيدات عند وصولي، إذ طلب مني موظفوا الجمارك أن أخرج كل ما في حقيبتي، واستمروا في سؤالي عن الأشياء التي أحملها معي، لأنني كنت أحمل بعض الأعشاب وأوراق الشاي، ومنتجات أخرى للعناية بالشعر، لذا طلبوا مني إخراجهم واحدة تلو الأخرى، وأخذوني بعد ذلك إلى غرفة التفتيش، وخضعت للتفتيش دون ملابس. إنهم يعتقدون أن الأشخاص أصحاب البشرة السوداء يهربون المخدرات إلى الصين. لم تكن تجربة سهلة، ولكن في جميع الأحوال، بعد أن تحققوا من عدم وجود أي ممنوعات في أمتعتي، أمروني أن أذهب وذهبت”.
وتتابع: “كنت محظوظة حقا لوجود أشخاص قدموا لي المساعدة للتأقلم مع الحياة في الصين، وأخبروني عن طبيعة العمل الذي يقوم به معظم الأفارقة في الصين وهو التعليم. لذا، كان الأمر سهلاً بالنسبة لي لأنني وجدت من يقدم لي المساعدة. وهكذا، بدأت على عملي بعد خمسة شهور من وصولي”.
إعلان صيني عنصري يثير موجة غضب عارمة
إعلان صيني عنصري يثير موجة غضب عارمة …. شاهد واحكم بنفسك#أخبار_الآن #الصين #racism #أفريقيا https://t.co/F7ItUlpfxk
إعداد: #نورا_الشيخ @Norasheikh pic.twitter.com/qZYyfn5OHy
— Akhbar Al Aan أخبار الآن (@akhbar) April 16, 2020
البيروقراطية التي زرعتها السلطات الصينية والخوف من الأجانب والتعامل معهم وخاصة من هم من ذوي الأصول الأفريقية، كل ذلك ألقى بظلاله على تجربة أليس في الصين، وقالت المواطنة الكينية: “تتم عملية التوظيف عن طريق وكلاء. يجب عليك الاستعانة بوكيل من الجنسية الصينية في أغلب الأحوال. سيأخذك إلى ويقدمك إلى المدرسة، و قال لي إنه يجب علي قول أنني من إحدى الدول الأوروبية لأنهم يرفضون المتقدمين من دولة أفريقية، وبسبب حاجتي للعمل قمت بذلك فعلًا. كونك شخصا ذو بشرة سوداء ليس بالأمر السهل في الصين”
تضيف أليس: “لم يكن الأمر سهلًا على الإطلاق، وكنت أشعر بالعنصرية عند استخدم الحافلات العامة أو القطارات أو سيارات الأجرة، حتى أن بعض سيارات الأجرة ترفض التوقف فقط لأنك من ذوي البشرة السوداء. إذا استقليت إحدى حافلات النقل العام، وكان هناك شخص صيني جالس داخلها، سيغادر الحافلة وستبقى وحيدًا. إذا ذهبت إلى محطة قطار سيضعون أيديهم علآ أنفهم على الفور كذلك. وإذا افتربت من أحد يحمل حقيبة، سيمسك بها هكذا. مجرد رؤية شخص من ذوي البشرة السوداء يتبادر إلى أذهانهم أنه لص أو شخص ذو رائحة كريهة، والبعض ينعتنا بالأشباح باللغة الصينية. لذا، لم الأمر سهلًا على الإطلاق”.
الصعوبات التي واجهت أليس في الصين، تفاقمت بعد تفشي فيروس كورونا في البلاد وحتى دخول المطاعم أصبح صعباً على كل أجنبي وكأن الفيروس اقترن بحملة عنصرية ضد من هو ليس بصيني في البلد الآسيوي، وتقول: “بعد ظهور فيروس كورونا، أصبح الأمر أكثر صعوبة، وأصبح الخروج من المنزل صعبًا، وكان من الصعب الذهاب إلى المتجر للحصول على المستلزمات. أتذكر حادثة عندما ذهبت في أحد المرات إلى مطعم للوجبات السريعة، لم يسمحوا لي بالدخول، وقالوا أن دخول ذوي البشرة السوداء غير مسموح حاليًا، وكانوا يضعون لافتة كبيرة مكتوب عليها بالصينية والإنجليزية عبارة “الدخول ممنوع”، وعندما تسألهم يقولون “لا يمكنك الدخول” باللغة الصينية لأن معظمهم لا يتحدثون الإنجليزية. بعض متاجر التسوق تفعل ذات الشي أيضًا. كان هناك متجر أعرفه لبيع الهواتف المتحركة قريب من مكان سكني، لم يسمح لي بالدخول وقال لي إنه يمنع دخول ذوي البشرة السوداء حاليًا. لذا، بالفعل زاد الأمر سوء مع انتشار الفيروس، ولست وحدي من تضررت بسبب ذلك، بل كثير من الناس أيضًا”.
أليس أوضحت: “كانت السنوات التي سبقت الفيروس سهلة نوعا ما، ولم يكن الجميع عنصريا. كنا نعمل دون تصريح عمل، وكان يطلب منا أحياناً عدم المجيء إلى العمل لأن هناك حملات تفتيشية. بعض الأحيان كان يخبرني الوكيل أن أصحاب العمل يريدون موظفين من أصحاب الشرة البيضاء فقط، قلت له لماذا؟، فأجابني أن الأشخاض ذوي البشرة السوداء غير قادرين على التدريس بشكل جيد ولا يعلمون جيدًا. ومع ظهور الفيروس أصبح الأمر أكثر صعوبة. يمكن ملاحظة أصحاب البشرة السوداء عن بعد. في أحد المرات خرجت من منزلي دون ارتداء الكمامة، وكنت متوجهة إلى أحد المتاجر لشراء واحدة، فلم يسمح لي البائع بالدخول، ولم استطع الحصول على كمامة مع أنني أريد شراء واحدة. بعدها بعدة خطوات أوقني أحد رجال الشرطة وطلب مني العودة إلى المنتزل لأنني لا أرتدي كمامة، كان أمرا صعبا بالنسبة لي”.
ناشط إيغوري: الصين تتعمد قطع صلة الرحم بين الإيغوريين
ناشط إيغوري: #الصين تتعمد قطع صلة الرحم بين الإيغوريين
عبدالله كوكيار ناشط إيغوري يعيش في السويد تحدث لأخبار الآن كيف عمدت الصين إلى حرمانه من والدته#الإيغور#FreeUyghurMothers#HappyMothersDay2020 https://t.co/045xVecYpW pic.twitter.com/oSvFFpHGTJ
— Akhbar Al Aan أخبار الآن (@akhbar) May 10, 2020
وبعد تزياد الحملة العنصرية ضد الأجانب في الصين على خلفية التجييش الإعلامي من قبل الحكومة، فقدت أليس عملها وباتت تعيش تحت خطر الفقر في ذلك البلد، وقالت أليس: “فقدت عملي في شهر يناير، ولم أعمل منذ ذلك الحين… مضحك للغاية لأنها في شهر يناير أغلقت المدارس فورًا، وبعد أسبوع أعلنت الحكومة عن الفيروس وأغلقت المدينة. استيقظنا في يوم ووجدنا أنه أصبح علينا المرور عبر بوابة للدخول إلى مكان معين. بعدها بأيام، أعلنت الحكومة عن شيء يسمى “رمز الصحة الأخضر” ويجب أن يكون موجودا على هواتف الجميع. وبعد ذلك كان مسؤولون حكوميون يزورون جميع المنازل لإجراء فحص فيروس كورونا. في البداية استهدفوا الأشخاص من ذوي البشرة السوداء. على سبيل المثال، أتوا إلى شقتي تحديداً لإجراء الفحص، ولم يذهبوا إلى جيراني، ولم أفهم السبب. إذا لم أحصل على هذا الرمز على هاتفي فلن أتمكن من الدخول أو الخروج من المنطقة التي أتواجد بها، لإثبات أنني لم أسافر خلال الأسبوعين الماضيين، وأنني أتمتع بصحة جيدة. وإذا كان هذا الرمز غير موجودا على هاتفك، فلن يسمح لك الدخول حتى إلى المتاجر. إنه أمر صعب وسيء للغاية”.
وتوضح أليس: “عندما خضعت لفحص كوفيد-19، طلبوا مني أخذ رمز معين على هاتفي للاحتفاظ بالتنتيجة على الهاتف واستخدامها عند الحاجة. فعندما كنت أذهب إلى المتجر، كان يجب أن يرى النتيجة. ويجب مرورك من نفس البوابة قبل السماح لك بالدخول”.
وفي نهاية المطاف تمت التضحية بكل من هو أجنبي، وتم اخبار أليس بضرورة عودتها إلى بلدها كينيا رغم السنوات التي عاشتها في الصين، وتقول: “لم يكن قرارا سهلا، من ناحية العمل بالتأكيد. حتى مع صعوبة التعامل مع العنصرية، يبقى افضل من الحياة في دولة أفريقية بالنسبة للعمل. كنت آمل أن ينتهي الفيروس بسرعة والعودة إلى العمل. ولكن بات من الواضح أن الأمر لن يسير بشكل جيد، لأنني لا أملك المال، وصاحب المنزل يطالبني بدفع الإيجار، وعندما سألت رؤسائي في العمل عن عودتي للمدرسة قالوا لا، الأمر صعب الآن بسبب أن الفيروس ما زال موجودًا، وقالوا لي إنني يجب أن أعود إلى بلدي لأن العمل في الصين أصبح الآن أمر صعب بالنسبة لي. عندما سألت عدد من أصدقائي عن الأمر قالوا الشيء ذاته، عندها أدركت أنه يجب علي الرحيل. لم أكن وحدي، إذ إنني ومجموعة ممن يعانون من نفس مشكلتي أنشأنا مجموعة على تطبيق واتساب تتكون من حوالى 200 شخص، وبدأنا بالضغط على حكومتنا للتدخل وإعادتنا إلى بلدنا، لأنه يوجد كتثير من الأشخاص تم طردهم من أماكن سكنهم أيضا من قبل المؤجرين، قائلين أن ذوي البشرة السوداء سيأتون بموجة جديدة من فيروس كورونا إلى الصين، ويجب على الحكومة أن تكون حازمة تجاههم. أصبح علينا التقدم بلطلب لحكومتنا لإعادتنا إلى ديارنا”.
موقف الحكومة الكينية
ما سبق دفعنا لاستطلاع رأي المتحدث باسم الحكومة الكينية سايروس اوغونا، والذي تحدث بدوره عن قيام حكومته بالتواصل مع الصينيين للاستفسار عن المضايقات التي تعرض لها الكينيون في الصين، وقال: “لدينا نظام قريب جدا لمراقبة الوضع في الصين، حتى قبل القضية التي تحدثت عنها. حتى أنه كان هناك طلاب كينيون في مدينة ووهان، بلغ عددهم حوالى المئة طالب. لذلك نحن مهتمون بالوضع الذين يعيشونه في ووهان، وكنا نتابع ما يحدث في الصين بشكل مستمر”.
وتابع: “علينا أن نكون حذرين بعض الشيء هنا. ليس كل ما يقال من أحد الأشخاص يكون بالضرورة يعبر عن ما يحدث حقيقة على الأرض. لطالما كان هناك تخصيص للمسائل، خاصة إذا كان شخص ما ربما لا يريد الكشف عن مدى وكيفية مساهمته في الموقف. لذا، في الواقع، كانت القضايا التي كانت تأتي من الصين في ذلك الوقت في عيون هؤلاء الكينيين الذين كانوا هناك، وليس فقط الكينيين وحدهم، حتى الأفارقة من جنسيات أخرى، ممن تعرضوا للمضايقة وتم استهدافهم لأسباب ليست واضحة. وبعد وصول هذه الشكاوى إلى الحكومة، وكأي حكومة مسؤولة وذات مصداقية، تواصلنا مع السفارة الصينية هنا لمعرفة ما هي تلك القضايا، ووعدونا بالتحقيق لمعرفة ذلك”.
وأوضح: “أول شيء فعلناه عند اكتشاف أن بعض الكينيين الذين لم يكن لديهم وثائق سفر صالحة هو التواصل مع الحكومة الصينية حول كيفية تسهيلها عودة ممن كان منهم يرغب بذلك”.
كل ذلك يدلل على حقيقة واحدة، وهي أن النظام الصيني حاول تجيش الإعلام ضد كل ما هو أجنبي سواء كان ذلك داخل الصين أم خارجها، لينجو بفشله من التعامل مع أزمة تفشي الوباء ولو كان ذلك على حساب قيم أخلاقية وإنسانية.
تنويه: تم إخفاء وجه الضيفة بناءً على طلبها
أقرأ أيضا:
بسبب فيروس كورونا.. دول ومنظمات وأفراد قد يجرون الصين إلى أروقة المحاكم