سليمان توبوكوفيتش: ليس من مصلحة بوتين شن حرب في البوسنة
- الاتحاد الأوروبي ضاعف وجوده في البوسنة والهرسك
- روسيا تدعم فصائل عرقية متشددة من صرب البوسنة
- موسكو حذرت سراييفو من الانضمام إلى الناتو
مؤخرا ومع استمرار الغزو الروسي لأوكرانيا، فقد قام الاتحاد الأوروبي بمضاعفة حجم قوة حفظ السلام التابعة له في البوسنة والهرسك رغبة منه في الحفاظ على استقرار ذلك البلد الذي عانى ويلات الحروب على مدار أعوام.
إذا قررت البوسنة والهرسك أن تصبح عضواً في أي اتحاد، فإن لروسيا رد فعل أيضاً شبيهاً بما يحصل في أوكرانيا”
السفير الروسي في سراييفو، إيغور كالابوهوف
ربما لا تشكل روسيا تهديدا مباشرا لها ولكنها تدعم بعض الفصائل العرقية المتشددة من صرب البوسنة والتي تهدد بنشوب صراع مسلح داخل البوسنة والهرسك.
وفي وقت سابق من هذا الشهر صرح السفير الروسي في سراييفو، إيغور كالابوهوف إن البوسنة لها الحق في اتخاذ قرار بشأن الانضمام إلى الناتو، لكن موسكو لها الحق في الرد على هذا القرار، وفقاً لمصالحها الخاصة.
وتمثل تلك التصريحات تهديدا صريحا لجمهورية البوسنة والهرسك التي تعاني من اضطرابات داخلية بفعل عناصر عرقية متعصبة يدعمها الرئيس الروسي فلاديمير بوتين.
تبوكوفيتش: تصريح السفير الروسي أخرق وغير دبلوماسي
وعن تصريحات السفير الروسي في سراييفو يقول سليمان توبوكوفيتش المحامي الحقوقي الدولي والسياسي البوسني البارز في تصريحاته لأخبار الآن”لقد صرح السفير الروسي في البوسنة إيغور كالابوهوف على شاشة التلفزيون، أن مواطني البوسنة لهم الحق في أن يقرروا الانضمام إلى الناتو” وهذا هو حقهم الديمقراطي، أما الجزء الثاني من تصريحاته فقد كان أخرق وغير دبلوماسي تجاه الدولة المضيفة له، البوسنة ومواطنيها.. الفرضية التي طرحها على أنها “تهديد” خففت من حدتها، نتيجة الصراع في أوكرانيا، وهو الصراع الذي تم تبريره باحتمال وجود أنظمة صواريخ بالقرب من موسكو إذا انضمت أوكرانيا إلى الناتو، مما سيشكل تهديدًا لأمن موسكو والاتحاد الروسي. “
ويعتبر توبوكوفيتش هذه التصريحات تدخلا في كل من عمليات صنع القرار الديمقراطي لمواطني البوسنة وحقهم الديمقراطي في الطريقة التي يريدون من خلالها تنظيم دولتهم والدخول في جمعيات لصالحهم سواء كان بالانضمام إلي الناتو أوالاتحاد الأوروبي.
توبوكوفيتش: الهيكل السياسي والإداري يقيد ردود أفعالها ضد تهديدات روسيا
وعن الخطوات التي يمكن أن تتخذها جمهورية البوسنة والهرسك لمواجهة تهديدات روسيا يقول توباكوفيتش “إن جمهورية البوسنة والهرسك بما لديها الآن من هيكل للبنية الإدارية والسياسية فإنها مقيدة، حيث إن البوسنة تمثل هذه البنية الإدارية والسياسية وهيكلها غير فاعلة للأسف، لأنها مقيدة بطريقة صنع القرار التي فرضتها عليها اتفاقية دايتون للسلام وملحقها الرابع، الذي يطلق عليه الجميع دستور البوسنة، والذي يعتبره أي نظام قانوني في العالم أنه شئ غير ممكن وغير قابل ليكون دستورا لدولة.”
والسبب وراء هذا الضعف الذي يتحدث عنه توبوكوفيتش لأي رد فعل محتمل هو خضوع البلاد بمجموعاتها العرقية الرئيسية الثلاث، البوسنيون والصرب والكروات، لإدارة شديدة التعقيد ومتعددة الأعراق تعلوها رئاسة ثلاثية.
ويضيف توبوكوفيتش”لقد تعلمت بلادنا من التهديدات اليومية ومحاولات حل البوسنة وتقسيمها من قبل الجيران مع المشاركين في الهياكل المحلية التي كانت في حالة حرب مع البوسنة وأدينت بأحكام تتعلق بمشروع إجرامي مشترك في محكمة جرائم الحرب في لاهاي، و منذ إحلال السلام، تعرضت البوسنة والبوسنيون يوميًا للقصف بالتهديدات بتقطيع أوصال ليس فقط من قبل جيرانها، ولكن أيضًا من قبل الأحزاب السياسية المشاركة في الحياة السياسية، وهم في الواقع نتاج الحرب التي انتهت باتفاقية سلام.”
توبوكوفيتش: التهديدات الروسية ليس لها أي تأثير على رغبتنا في الانضمام إلى الناتو والاتحاد الأوروبي
وعن تأثير التهديدات الروسية علي رغبة جمهورية البوسنة والهرسك في الانضمام إلي الناتو يقول توباكوفيتش “إن هذه التصريحات الملتوية ليس لها أي تأثير على قرار مواطنينا بالانضمام إلى الناتو والاتحاد الأوروبي. ومع ذلك ، يجب أن نكون واقعيين وأن نأخذ في الاعتبار جهود صربيا وكيانات جمهورية صربسكا في البوسنة لاتباع سياسة روسيا ومحاولة عرقلة الحقوق الديمقراطية للبوسنيين في التزامهم بالانضمام إلى الاتحاد الأوروبي، وبالتالي حلف شمال الأطلسي. أعتقد أن إجراء استفتاء على إلغاء جمهورية صربسكا والانضمام إلى الاتحاد الأوروبي وحلف شمال الأطلسي سيكون وسيلة قانونية للبوسنة للانضمام إلى جميع التكاملات العالمية.
لأنه لا يوجد عدد كافٍ من الناس لقلب الاستفتاء مع وضع هذا في الاعتبار، أسس مواطنو البوسنة الملتزمين ديمقراطياً في البوسنة وحول العالم “حركة البوسنة للبوسنيين” التي تسعى إلى دعم مواطنيها في البوسنة وفي الخارج بدعم من المؤسسات الديمقراطية التابعة للاتحاد الأوروبي والولايات المتحدة الأمريكية وأصدقاء البوسنة في العالم لمشروعه واتحاداته
انخفاض أعداد المواطنين في الدول الثلاث سيحول دون حدوث حرب
وعن دعم بوتين لحرب أهلية في البوسنة مرة أخري قال توباكوفيتش”بادئ ذي بدء، أريد توضيح أنه لم تكن هناك حرب أهلية في في بلادنا، كما يتضح من جميع الأحكام الصادرة عن محكمة العدل الدولية في لاهاي، التي أدانت المشاركين في المشروع الإجرامي في جمهورية يوغوسلافيا الاتحادية سابقا، والبوسنة والهرسك هي الدولة البطل الوحيدة التي صمدت على الرغم من أعدائها الخارجيين والداخليين تكريما لمواطنيها البوسنيين.
وليس من مصلحة بوتين شن حرب في البوسنة لأنها ستفجر البلقان بأكمله، والحرب لن تناسب أيا من تلك الأطراف لأن الطرق التي تسيطر عليها مجموعات ضغط النفط والغاز، ووفقًا لبوابة صربيسكا و عصابات المخدرات التي تتحكم في طريق المخدرات إلى الاتحاد الأوروبي ليست مهتمة بوجود حرب لأن مثل هؤلاء القلة سيكونون ضائعين و في حيرة من أمرهم.”
كما أن عدد المواطنين في كرواتيا والبوسنة وصربيا والجبل الأسود انخفض بشكل كبير وليس هناك من يستطيع أن يشن حربًا ليس لديه أحد ضد أحد سوى أولئك الذين سرقوههم خلال الحرب الأخيرة.”
تأثير الحرب الروسية الأوكرانية
وعن تأثير الحرب الروسية في أوكرانيا على الأوضاع داخل البلاد يقول توبوكوفيتش”لقد كان تأثير الحرب الروسية الأوكرانية على اقتصاد جميع بلدان العالم، بما في ذلك البوسنة بالطبع، فجميع أسعار الطاقة والمرافق والمواد الغذائية آخذة في الارتفاع، وبالتالي ينخفض مستوى معيشة المواطنين بشكل كبير.
علاوة على ذلك، فالشركات تفشل، وتنخفض فرص العمل، ويتزايد النقص في جميع محلات البقالة لأن الحرب قد أبطأت عمليات التسليم والتدفقات وهناك مشكلة الآن في نظام المعاشات، أعتقد أن نظام المعاشات سينهار بحيث لا يكون من الممكن دفع المعاشات، كما أن النظام المدرسي في أزمة، والنظام الصحي في حالة انهيار تام خاصة بعد أزمة كوفيد19″
في عام 2018 كشف تحقيق لصحيفة الجارديان البريطانية، نقلاً عن وسائل إعلام بوسنية، أن روسيا كانت تدرب مرتزقة انتزعتهم من عالم الجريمة الصربي لدعم الانفصاليين. نظمت هذه الميليشيات التي أطلق عليها اسم “الشرف الصربي” وتدربت في “مركز إنساني” بتمويل روسي ، عرضا عسكريا عاما في مدينة بانيا لوكا البوسنية، فيما كشفت وثيقة سرية أن مساعدي الزعيم الصربي دوديك كانوا يتحدثون عن أهداف تلك الميليشيا. وشمل ذلك تدخلاً أخيرًا إذا أرادت المعارضة عرقلة الحكومة في قرارات انفصالية وعن حقيقة هذه الميليشيات من المرتزقة أصحاب السوابق الاجرامية يقولرجل القانون الدولي والحقوقي سليمان توبوكوفيتش”لقد كان ذلك سببا إضافيا لتعبئة المواطنين بالخوف حيث كان 2018 عام انتخاباتأما الآن فالوضع الاقتصادي صعب للغاية بالنسبة لشخص ما للذهاب إلى الحرب من أجل أهداف غير مرئية أو بعض الأهداف القومية أو الدينية الخيالية. “
توبوكوفيتش: لا توجد فرصة للحرب دون تكبد خسائر كبيرة وعقوبات
ويضيف توبوكوفيتش أنه خلال حرب 90-95. فان المواطنين البوسنيين الذين دافعوا عن بلادهم، تم نزع سلاحهم وتركوا تحت رحمة الأعداء الخارجيين والداخليين، وفرض حظر على السلاح، لكنهم تمكنوا من النجاة بتضحيات كبيرة كشعب ودولة. لدى البوسنة والبوسنيون الآن أسلحتهم وجيشهم وشرطتهم ومؤسساتهم ، وكجزء لا يتجزأ من قوات الناتو موجودة في جميع مهام الناتو حول العالم وتدريب الناتو ، لذلك لا توجد فرصة لمهاجمتها دون تكبد خسائر كبيرة وعقوبات.
فيما بين عامي 1990 و 1995في يوغسلافيا السابقة وقعت مجزرة كبيرة ضد المسلمين على يد قوات جمهورية صربيا وصلت لحد وصفها بجرائم الإبادة الجماعية، ولكن مازال الزعماء الصرب المقربون من روسيا يرفضون الاعتراف بهذه الجرائم فكيف تدعم روسيا منكري الإبادة الجماعية ضد المسلمين في التسعينيات ، بقيادة ميلوراد دوديك، عضو المجلس الرئاسي لصرب البوسنة، وكيف يؤثر هذا الدعم على التعايش بين الجالية البوسنية؟
يقول سليمان توبوكوفيتش” إن روسيا تمتلك مصالح اقتصادية مع هؤلاء القادة الصرب، من خلال عمليات الاستحواذ المالية في البلقان وفي كرواتيا والبوسنة، نظرًا لعمل ميلوراد دوديك على تدفق الأموال إلى صربيا وروسيا وما إلى ذلك”
روسيا تستثني مواطنيها و شركائها من عقوبات المحاكم الدولية
وجدير بالذكر أن ميلوراد دوديك هو العضو الصربي في رئاسة البوسنة المكوّنة من ممثلي ثلاثة أعراق، قد أعلن العام الماضي أن الكيان الذي يُديره الصرب، أي جمهورية صرب البوسنة (أو جمهورية صربسكا)، سوف ينسحب من مؤسسات الدولة الرئيسية لتحقيق الحكم الذاتي الكامل داخل البلاد، في انتهاك صريح لاتفاقيات السلام لعام 1995. وبالفعل، أصدر برلمان جمهورية صربسكا سلسلة من القوانين تمكن الكيان من تشكيل مؤسساته شبه الحكومية وجيشه الخاص به بحلول شهر مايو القادم.
ويعد الرئيس الروسي فلاديمير بوتين من أهم الداعمين لدوديك وكيانه المزعوم”صربسكا”.
ويضيف سليمان توبوكوفيتش” وفقًا للصحفيين الاستقصائيين والتحقيقات في مكتب المدعي العام قفي البلاد، فإن سلوك روسيا ليس سوى السياسية التي تستخدمها مع الجميع لحماية شركائها الماليين. في هذه الحالة ، تنفي روسيا حتى أحكام محاكم جرائم الحرب الدولية في لاهاي وأحكامها ،فان دولة مثل روسيا ، لا تعترف بالمحاكم الدولية وأحكامها ، رغم أنها شاركت في إنشائها، لكن مواطنيها أو من تدعمهم مستثنون من هذه الإجراءات”