فاغنر تنهب الموارد الطبيعيّة لجمهورية أفريقيا الوسطى مكافأة على أعمالها

يضجّ العالم منذ أعوام بالممارسات الوحشيّة لمرتزقة فاغنر التي يتمّ ربطها بروسيا في دول النزاعات والحروب، وتتابع مجموعة العمل التابعة للأمم المتحدة المعنيّة باستخدام المرتزقة أنشطة فاغنر عن كثب وتتناول أنشطتها في مجموعة متنوعة من النزاعات المسلحة والمختلفة من ليبيا وسوريا وجمهورية إفريقيا الوسطى إلى أوكرانيا مؤخراً، لكن حتى اليوم ما من تحركات فعلية ملموسة في إمكانها أن تضع حداً لانتهاكات هؤلاء التي ترقى إلى مستوى جرائم حرب. فأي دور تلعبه تلك المجموعات في جمهورية أفريقيا الوسطى؟ وأي مكافأة تحصل عليها لتنفيذ أعمالها القذرة؟.

فاغنر

في حديث إلى رئيسة المجموعة المعنية باستخدام المرتزقة التابعة للأمم المتحدة الدكتورة سورشا ماكلويد لفتت إلى أن “ما رأيناه هو أنه عندما يكون هناك نشر أو استخدام غير منظم للاعب مثل فاغنر، فهناك خطر كبير جدًا في ما يخص انتهاكات حقوق الإنسان أو انتهاكات قوانين الحرب، وقوانين النزاع المسلح، واتفاقيات جنيف. هناك خطر كبير جداً لتعرّض تلك الإتفاقيّات والقوانين للانتهاك وهذا بالضبط ما رأيناه يحدث في مثل تلك المواقف المختلفة للنزاع المسلح. لذلك في جمهورية إفريقيا الوسطى، رأينا مزاعم عن عمليات قتل، وتعذيب، واختفاء قسري، واحتجاز ونهب على نطاق واسع وفي بعض الحالات استهداف واسع النطاق وعشوائي للمدنيين، أعلم أن ذلك مهم لأنه يضع تلك الأنشطة في مستوى جرائم حرب. وقد رأينا هذا النمط يحدث في ليبيا، ربما ليس على نطاق واسع لكن أنواع الانتهاكات التي حدثت متشابهة جدًا. ولذلك فإن مجموعة العمل دائمًا ما تشعر بقلق شديد من أنه عندما يكون هناك لاعبين غير منظمين مثل هؤلاء يشاركون في النزاعات المسلحة، فإن ذلك يمثل إشكالية كبيرة من منظار حقوق الإنسان”.

يكافأون بنهب الموارد الطبيعية!

في جمهورية إفريقيا الوسطى، ثمّة اتفاق بين الحكومة والحكومة الروسية لتزويد القوات المسلحة بالمدربين بحسب ماكلويد، وهي تؤكد أن ذلك لا يعتبر غير قانوني بحسب القانون الدولي بل هو أمر مشروع تمامًا “إذ يمكن للدول أن تكون لديها اتفاقيات لإرسال أو استقبال المدربين، فلا بأس بذلك لكن المشكلة تكمن في أنهم عندما يبدأون بالمشاركة بشكل مباشر في النزاعات المسلحة، ونتحدث عن مشاركتهم في الأعمال العدائية فإن ذلك يضعهم في الخانة التي تعرّف بهم على أنهم مرتزقة إذ إنهم يشاركون بالفعل في الأعمال العدائية، هذا أولاً، وهذا ما رأيناه يحدث في جمهورية إفريقيا الوسطى”.

فاغنر

أما الأمر الثاني وفق ماكلويد فيتعلق بجمهورية إفريقيا الوسطى “فقد رأينا أدلة على أن هؤلاء المرتزقة يكافأون في الواقع من خلال الحصول على امتيازات بالوصول إلى الموارد الطبيعية، وهكذا كان هناك مشاركة من بعض الشركات المحلية، ونرى بعض الشركات المحلية في جمهورية إفريقيا الوسطى التي تم إنشاؤها في البلاد ولكنها مملوكة بالفعل من الروس، وهناك دليل على أنهم يشاركون في إدارة الترتيبات المالية حول ما يسمى بمجموعة فاغنر”.

وأضافت “إنه النمط السائد حالياً حيث تشارك دول خارجية في نزاعات مسلحة، لكنهم يفعلون ذلك بطريقة غير مباشرة وبطريقة تمنحهم إمكانية إنكار معقولة، يشكل ذلك مشكلة كبيرة وهو أحد الاتجاهات التي نراها حالياً. ثمّة اتجاه آخر نراه وهو أن استخدام هذه الأنواع من الجهات الفاعلة في النزاعات المسلحة يؤدي إلى ما نسميه بالحرب غير المتكافئة حيث نرى هؤلاء الفاعلين يجلبون واجبًا ثقيلًا للغاية وأسلحة خطيرة جدًا تستخدم في النزاع المسلح ما يتسبب بالضرر للسكان المدنيين وخصوصاً بسبب استخدامهم العشوائي لهذه الأسلحة. وأعتقد أن الشيء الثالث الذي نراه مع هذا النوع من استخدام المرتزقة هو أننا نرى أن المرتزقة الفعليين أنفسهم يتم تجنيدهم من ضمن مجموعة متنوعة من الأماكن المختلفة. لذلك في ليبيا على سبيل المثال، هناك مزاعم بأن روسيا وتركيا جندت أفراداً من سوريا على سبيل المثال واستغلت الصراع المسلح المستمر هناك والوضع الاجتماعي والاقتصادي في سوريا لتجنيد الأفراد. يعرف البعض منهم أنه تم تجنيدهم كمرتزقة وربما لديهم خلفية كمقاتلين في صراعات في الشرق الأوسط والتي بالطبع تمثل مشاكل كبيرة من حيث معرفة تاريخ حقوق الإنسان، ومعرفة تاريخ جرائم الحرب التي ارتكبوها. لكن البعض منهم ببساطة لا يعرفون أن هذا ما يتم تجنيدهم للقيام به، فقد اعتقدوا أنه تم تجنيدهم ليكونوا حراس أمن على سبيل المثال، وفجأة انتهى بهم الأمر في ناغورنو كاراباخ أو انتهى بهم الأمر في ليبيا، وفجأة وضعوا أسلحة في أيديهم وهم يقاتلون في النزاع المسلح ولم يكن ذلك شيئًا معروفًا بالنسبة لهم”.

فاغنر

استحالة الوصول إلى العدالة

بالعودة إلى جمهورية إفريقيا الوسطى تؤكد ماكلويد أن “أحد المخاوف الكبرى هناك هو أن السكان لا يمكنهم الوصول إلى العدالة. لقد شكلت الحكومة لجنة تحقيق، ولكن هناك أدلة على أن هناك العديد من الشكاوى حول لجنة التحقيق هذه لأن الروس مرتبطين ارتباطًا وثيقًا بالشرطة مثلا، لذلك فإن الناس ببساطة لا يذهبون إلى الشرطة لتقديم شكوى والإبلاغ عن الحقوق التي يتم انتهاكها لأنهم عندما يفعلون ذلك يتم مضايقتهم وربما يتم احتجازهم وربما يتعرضون للتعذيب، وهكذا يتكوّن هذا التأثير المخيف على نظام العدالة بأكمله”.

وأضافت “لا يريد الناس أن يتقدموا بشكوى فعلاً، ولا يريدون في الواقع أن يقولوا إن حقوقي قد انتهكها المرتزقة، وهم خائفون من السعي لتحقيق العدالة”.

إلى ذلك لفتت إلى أنه “من الصعب حقًا العثور على أمثلة لحالات تمّت فيها محاسبة الأفراد على أنواع انتهاكات حقوق الإنسان التي تحدثنا عنها، فإن أي نوع مما يمكن أن نعتبره علاجاً لتلك المسائل هو نادر جدًا، وهذا بحدّ ذاته يشكّل مشكلة وهذا هو السبب في أن مجموعة العمل تركز بشدة على محاولة تشجيع المجتمع الدولي على تنظيم هذه الجهات الفاعلة، وتشجيع الدول على معالجتها على المستوى الوطني والتأكد من وصول الضحايا إلى العدالة”.

لكن هل يكفي تشجيع المجتمع الدولي وحده في إتمام العدالة في تلك الدول التي تصل فيها المعاناة والجرائم والقهر إلى مستويات غير معقولة على المستوى الإنساني؟.