كيف يعيش عمر بن لادن، نجل مؤسس تنظيم القاعدة أسامة بن لادن الذي شغل العالم لعقود ومازال حاضراً إلى اليوم بفعل تداعيات أكبر هجمات للتنظيم في 11 سبتمبر العام 2001؟ أيّ حياة اختارها عمر الذي رافق والده في العديد من المحطّات؟ وماذا يفعل اليوم في يومياته؟
- نجل مؤسس القاعدة عمر أسامة بن لادن وزوجته يعيشان حياة طبيعية في الريف الفرنسي
- يمتهن عمر بن لادن وزوجته زينة الرسم ويعتبر أن اسم عائلته فرصة للترويج للوحاته
- يُبعد عمر بن لادن نفسه عن شؤون القاعدة ولا يتابع أخبارها مذ قضى والده أسامة بن لادن
- يسعى عمر وزوجته زينه لفتح سلسلة مطاعم خاصة بهم حول العالم تبدأ من النورماندي
يعيش عمر بن لادن، إبن مؤسس تنظيم القاعدة وزعيمه الأوّل والعقل المدبّر لهجمات 11 سبتمبر 2001 الشهيرة أسامة بن لادن، في مدينة النورماندي الواقعة في الشمال الفرنسي، برفقة زوجته زينة الصباح بن لادن، وذلك منذ العام 2016، بعدما طوى الإبن البكر لأسامة بن لادن صفحة حياته السابقة، ولم يعد يسأل أو حتى يتابع أخبار من يطلق عليهم اسم “الإخوان”، بعدما قضى والده بالغارة الأمريكية التي استهدفته فجر الثاني من مايو العام 2011 في مدينة أبوت أباد الباكستانية، التي تبعد 120 كلم عن العاصمة إسلام أباد.
عمرن أسامة بن لادن: والدي لم ينتبه لموهبة الرسم لديّ لانشغاله بـ”الجهاد”
في حديث خاص لـ”أخبار الآن“، يتذكّر عمر بن لادن طفولته التي عاشها مع والده، ومن ثمّ رافقه في أفغانستان لنحو العام، بين عامي 2000 و2001 حيث كان تنظيم القاعدة بأوجه حينها. في السنوات القليلة الماضية تنقل عمر بن لادن وزوجته زينة بين مدن وعواصم أوروبية مختلفة، ليختارا الاستقرار في الريف الفرنسي، في منطقة النورماندي حيث اشترايا منازل ومطعماً، ويمتهنان حالياً الرسم، إذ يبيعان لوحاتهما التي تحمل اسميهما في “Arielle brocante” في النورماندي وعبر شبكة الإنترنت أيضاً.
يقول بن لادن الإبن لـ أخبار الآن “إنَّ “الطبيعة الفرنسية، خصوصاً في الأرياف، تشجع الإنسان على الاسترخاء والتفكير وقراءة الكتب وكتابة الشعر، وأنا من ضمن تلك الأمور وجدت الفن، واستطعت أن أدخل مجال الرسم، فوجدت فيه متعةً”.
تعلَّم عمر بن لادن الرسم خلال فترة تفشّي وباء كورونا، وذلك بمساعدة زينة التي احترفت الرسم قبله، لكنّه يقول لـ”أخبار الآن” إنّ “الموهبة كانت موجودة لديه من الطفولة لكن السياق الزماني والمكاني عتَّم على تلك الموهبة، فيما كان والده مشغولاً بأمور “الجهاد”، وأن أحداً لم ينتبه إلى “موهبته” سواء من قبل والده أو أي أحد في الدائرة المحيطة بهم آنذاك.
أي رسالة يوجّه عمر بن لادن عبر لوحاته؟
يقول بن لادن لـ”أخبار الآن“: “رسمت الجبال الحمر والكثيفة كناية إلى جبال تورا بورا في أفغانستان، حيث كنت أعيش فيها تقريباً قرابة السنة أو أقل بقليل، وكان قعر تلك الجبال شديد العمق. كانت تلك الجبال أحياناً ساكنة وأحيانأً موحشة للغاية، وفي ختام حقبة وجود الجماعة هناك أو الوالد، شهدت جبال تورا بورا قصفاً شديداً وقتلاً لكثير من الأرواح سواء أبرياء أو غيرهم أو مقاتلين أو غيرهم، فنتج عن ذلك تأثراً بذلك الموقف الدموي، ونشأت في خاطري فكرة الجبال الكثيرة ذات اللون الأسود والأحمر”.
وعلى ذلك الخط، اشتهرت جبال تورا بورا التي تقع شرق أفغانستان ضمن ولاية ننغرهار، بالمعارك المتنقلة العنيفة التي دارت بين القوات الأمريكية والألمانية والبريطانية والتحالف الأفغاني الشمالي من جهة، ومقاتلي طالبان والقاعدة بقيادة زعيمهم أسامة بن لادن من جهة أخرى، وذلك بعدما تقصَّد الأخير التحصّن في جبالها الوعرة بين العامين 2001 و2002.
وبالعودة إلى بن لادن الإبن، يشرح لـ”أخبار الآن” سبب اختياره اللونين الأسود والأحمر لجبال تورا بورا التي رسمها بأكثر من لوحة، فيقول: “بالنسبة لي، أقصد باللون الأحمر الألم والدماء والمعاناة، والمقصود بالأسود الهدنة والضيق، وارتفاع الجبال وعمقها في ظلام الوديان، فتلك رسالتي داخل اللوحة”.
لعمر بن لادن نظرة مختلفة تجاه اسم عائلته، فكيف يوظفها؟
حياة جديدة يعيشها عمر وزوجته في الريف الفرنسي إذاً، حيث يحاولان الإندامج في المجتمع والعيش بشكل طبيعي بعيداً من الماضي الذي كان صعباً جدّاً بالنسبة لهما، لاسيّما بالنسبة إلى عمر الذي مُنع في سنوات ماضية من الدخول إلى البلدان الأوروبية، وحينها توجّه إلى القضاء لإبطال تلك القيود.
وعلى الرغم من التغيير الشامل في أسلوب الحياة، إلّا أنّ عمر يُصر على المحافظة على اسمه كما هو، وله نظرة خاصة لعائلته التي ارتبط اسمها بالعقدين الماضين بالإرهاب. وهنا قال لـ“أخبار الآن“: “لذلك الإسم جانب جميل وجانب آخر سيء… على سبيل المثال، فإنّ إسمي يضيف قيمةً إلى لوحاتي بطريقة ما، إذ أنّ بعض الناس يحبون شراء لوحات لها بعد تاريخي”. وأضاف: “على سبيل المثال، نرى لوحات ونستون تشرشل (رئيس وزراء بريطانيا إبّان فترة الحرب العالمية الثانية)، تباع إلى اليوم بأسعار جدّاً باهظة، أي قرابة بعض مئات الآلاف لكل لوحة”. وهنا عقّبت زوجته زينة بالقول: “قد أصبح اسم عمر آداة جذب لأعماله الفنية ليس فقط لأنّ الناس يحبون اللوحات، لكن لأنّهم يعتقدون أنّ ذلك استثمار للمستقبل”.
عمر أسامة بن لادن: سعيد جدّاً بالمحافظة على جذوري
إلى جانب الدور الذي تلعبه عائلة عمر بجذب الناس لأعماله الفنية كما يقول، إلّا أنَّه يرفض التخلّي عن هويته المتمثلة بعائلته من منطلق ما تعنيه بالنسبة له حتى ما قبل والده أو جدّه محمد بن عوض بن لادن. وقال لـ”أخبار الآن“: “أنا سعيد جدّاً بالمحافظة على جذوري، وليس فقط جذوري قبل بضع مئات السنوات، لكن جذوري أيضاً قبل آلاف السنوات”. وتابع: “تنتمي عائلة بن لادن إلى مملكة قديمة جدّاً تُسمَّى كندة ولديها العديد من القبائل، وكانت موجودة في الجزيرة العربية وبدأت من حضرموت لتمتد إلى كلّ الجزيرة العربية وتصل إلى مدينة دمشق، لذلك أنا فخورٌ بتاريخ عشيرتي وعائلتي”.
مخططات عديدة لعمر وزينة إلى جانب الرسم
صحيح أنّ عائلة بن لادن المتواجدة في النورماندي الفرنسية اليوم تمتهن الرسم وتبيع لوحاتها التي تحكي عن قصص عديدة تراود فكر عمر وزوجته، لاسيّما تلك المرتبطة بالعائلة والتاريخ العربي والمرحلة التي عاشها عمر إلى جانب والده لاسيّما في أفغانستان… وصحيح أنَّهما كما كشفا لنا أنّهما يبيعان نحو الـ20 لوحة فنية شهرياً، إلّا أنّ لهما مخططات شرحتها زينة لـ”أخبار الآن“، وهي تبدأ مع امتهان اللغة الفرنسية التي يتعلّمونها في حصص مدرسية خاصة. ومن أبرز تلك المخططات إلى جانب الرسم وعرض لوحاتهما، إطلاق سلسلة مطاعم خاصة بهما تبدأ في فرنسا وتجول العالم أيضاً. وقد بدأت أولى خطوات ذلك المشروع مع شراء مطعم في النورماندي وإطلاق التجهيزات لانطلاقته.