ترتكب روسيا في حربها على أوكرانيا عدداً من جرائم الحرب بحقّ الأطفال على وجه الخصوص، وذلك وفقاً لمنظمة يونيسف التابعة للأمم المتحدة. إنّما أخطر تلك الجرائم خطف الأطفال الأوكرانيين لما يتبع ذلك من ترحيل قسري للأطفال إلى الداخل الروسي، وسلخهم عن عائلاتهم ومجتمعهم. فما هو السبب الحقيقي وراء تلك الجريمة الموصوفة؟ وأيّ هدف تودّ موسكو تحقيقه؟
- روسيا ترتكب بحق أطفال أوكرانيا جرائم حرب عديدة يحاسب عليها القانون الدولي نسرد لكم منها 4
- نقلت روسيا قسراً حوالى نصف مليون طفل إلى الداخل الروسي وشبه جزيرة القرم المحتلة
- تسعى روسيا سياسة لخطف الأطفال ضمن خطط القضاء على الهوية الأوكرانية ومعالجة خللها الديموغرافي
أربع جرائم حرب ترتكبها روسيا بحق أطفال أوكرانيا
يحدد مجلس الأمن الدولي ستة انتهاكات جسيمة إن ارتكبت في أوقات الصراعات تُدرج ضمن ما يعرف بجرائم الحرب ضدّ الأطفال. وتلك الانتهاكات هي قتل الأطفال وتشويههم، الهجوم على المدارس والمستشفات، منع وصول المساعدات إلى الأطفال، اغتصاب الأطفال، تجنيد الأطفال، وخطفهم.
إنطلاقاً من ذلك التحديد الذي يجيز لمجلس الأمن التدخل سريعاً في حال وقوع أي جريمة من الجرائم الـ6 المذكورة إنطلاقاً من الفصل السابع لميثاق الأمم المتحدة، ترتكب روسيا على الأقل 4 جرائم. فهي أوّلاً قتلت إلى اليوم بحسب بيانات الحكومة الأوكرانية الرسمية، ما لا يقل عن ألف طفل، 17% منهم ما دون الـ5 السنوات.
دمرت 300 مدرسة في أوكرانيا و400 مؤسسة للرعاية الصحية من ضمنها مستشفيات وأجنحة ولادة وعيادات خارجية، وأبرز تلك الهجمات التي استهدفت المستشفيات وقضت على أطفال، تتمثل بالغارة التي دمَّرت مستشفى للولادة في ميناء ماريوبول في 9 مارس تاركة أطفالاً تحت الحطام.
منع وصول المساعدات إلى الأطفال، الأمر الذي عبَّرت عنه مفوضية الأمم المتحدة لحقوق الإنسان إنطلاقاً من القيود التي فرضته القوات الروسية على حركة الأوكرانيين من جهة، والحصار الذي فرضته ومازالت على عدد من المدن.
ورابعاً خطف الأطفال، تلك الظاهرة الخطيرة التي ازدادت واستمرت رغم التحذيرات الأممية وحتى العقوبات التي طالت مسؤولين روساً بسبب تلك النقطة على وجه الخصوص.
إثباتات تؤكد خطف روسيا أطفالا أوكرانيين ونقلهم قسراً إلى الداخل الروسي
في شهر يونيو الماضي أعلن مندوب أوكرانيا في الأمم المتحدة سيرغي كيسليتسيا (Sergey Kislitsa) أنَّ أكثر من 243,000 طفل أوكراني تمّ نقلهم من المدن والقرى الأوكرانية التي سقطت بيد القوات الروسية إلى الداخل الروسي. وقد أعربت مفوضية الأمم المتحدة لحقوق الانسان في الخامس عشر من الشهر نفسه، عبر تقرير خاص لها، عن قلقها البالغ حول ما أسمته “الترحيل القسري” للأطفال الأوكرانيين لاسيما الأيتام الى الداخل الروسي، مؤكدةً أنَّ ذلك يُدرج ضمن محاولات الإبادة الجماعية، بحسب القانون الدولي.
ورداً على ذلك التقرير والتصريحات الأوكرانية الرسمية، فرضت بريطانيا في 16 يونيو الفائت، عقوبات على مسؤولين روس بينهم مفوضة الرئاسة الروسية لحقوق الطفل ماريا ليفوفا بيلوفا (Maria Lvova-Belova) التي ظهرت على التلفاز الرسمي الروسي وهي تقابل الرئيس الروسي فلاديمير بوتين وتتحدَّث له عمَّا أسمته ” المحبة الروسية” التي دفعت أسراً روسية عديدة لتبنّي الأطفال الأوكرانيين الذين “أنقذتهم القوات الروسية”.
كلام ماريا لوفا بيلوفا ذلك، خلق استهجاناً كبيراً على النطاق الدولي لأنّه شكل مدخلاً للإعلام الروسي لتجميل بشاعة النقل القسري لآلاف الأطفال الأوكرانيين من كلّ المدن التي سقطت بيد الجيش الروسي، وأتى ردّاً على تصاريح أوكرانيا في الأمم المتحدة وتقارير المنظمات الدولية التي أكَّدت الترحيل القسري للأطفال.
وفي ذلك السياق، تواصلنا مع منظمة ماغنوليا (Magnolia NGO) الأوكرانية التي تأسست العام 2001 كمبادرة عامة من قبل مجموعة من الصحفيين الذين تعاونوا من أجل حماية حقوق الأطفال والأسر الضعيفة، وشريكة مبادرة (Telefono Azzuro) المتخصصة بمتابعة شؤون الأطفال المخطوفين في القارة الأوروبية.
مارينا ليبوفتسكا (Maryna Lypovetska) رئيسة وحدة التفتيش عن المفقودين في منظمة ماغنوليا قالت في حديث مع “أخبار الآن“: “لقد بدأت منظمتنا العمل في أوكرانيا منذ أكثر من عشرين عاماً في مجال البحث عن الأولاد المفقودين على وجه الخصوص وبالتالي إن مجال عملنا الرئيسي ومهمتنا يقتضيان مساعدة الأسر والأهل على العثور على أطفالهم وعلى إعادة لم شمل العائلة، وإن أردنا مقارنة الأرقام، نرى أنه خلال فترة عملنا التي امتدت على 20 عاماً، تلقينا قرابة 2300 حالة عن أطفال مفقودين، ولكن منذ بداية الحرب الحالية أي منذ 6 أشهر تقريباً تلقينا حتى اليوم 2400 تقرير عن أطفال مفقودين وهذا العدد يفوق التقارير التي تلقيناها على مر 20 عاماً من العمل لسوء الحظ”.
تحدَّثت لبيوفتسكا عمَّا شبهته بغزو على مكاتبهم في كييف من قبل أهلٍ ومراهقين يتواصلون معهم ومع مكتب نائبة رئيس الحكومة الأوكراني إيرينا فيريشوك (Iryna Vereshchuck) التي أيضا بدوره جنَّدت طاقمها الخاص لتوثيق عدد الأطفال المفقودين. وتضيف ليبوفتسكا في حديثها عن حالة الخطف والإختفاء “في بعض الحالات وردتنا معلومات مقلقة للغاية عن أطفال اختطفهم الروس من دون معرفة الدواعي، هنا مثلاً يمكنني أن أتشارك معكم الحالات الأكثر إثارةً للقلق بالنسبة لي”.
وأضافت: “منذ بداية الحرب هربت عائلة من مدينة كييف وكانت مؤلفة من أب وأم وفتاتين، زفيما كانوا يحاولون الهرب من العمليات العسكرية إلى مناطق أخرى في أوكرانيا، تعرضوا لهجوم نفذه الجيش الروسي وقرر الأب محاولة الفرار منهم، فتوجهوا إلى مدينة واقعة في ضواحي كييف، إلا أنَّهم التقوا بجنود روس لسوء الحظ وبالرغم من أن الأب تعرض لجروح بالغة وكان في السيارة مع زوجته وابنتيه، بدأ الروس بإطلاق النار عليهم فتوفي الأهل وأصيبت إحدى الفتاتين البالغة من العمر 15 عاماً في رجلها فاصطحبها الروس في شاحنة صغيرة، أما الفتاة الثانية البالغة من العمر 8 سنوات فاصطحبوها في سيارة أخرى وبالتالي فرّقوا الشقيقتين لكن الفتاة الثانية تركوها في سبيلها في أقرب بلدة إلى مكان الحادثة وهي التي سردت لنا بعد ذلك ما حدث معها وأهلها”.
ليبوفتسكا أضافت “ما زالت الفتاة الثانية المدعوة أرينا والبالغة من العمر 15 عاماً في عداد المفقودين لسوء الحظ، وقد أفاد آخر خبر وردنا عنها أنها وقعت في قبضة الروس وأنها تعرضت لجروح، ولكن ما يقلقنا كثيراً أنَّها شاهدة عيان على جرائم حرب، وقد أدركت أن الروس قتلوا والديها وهذا مدعاة للقلق لأن هؤلاء الأطفال رأوا الكثير من الويلات”.
ليبوفتسكا أكّدت لـ “أخبار الآن“، إنطلاقاً من الحالات التي تصلهم ويتابعونها مع الجهات الأوكرانية الرسمية، أنَّ اختفاء العديد من الأطفال الأوكرانيين غير مرتبط أبداً بنية روسية لحمايتهم، وتتحدَّث عن حالات تؤكد هذا الأمر، إذ قالت “لقد تلقينا نداءات مقلقة مرتبطة بشباب مراهقين لأوكرانيين لهم أقرباء يعيشون في املناطق المحتلة، إذ يتم اختطاف الشباب من قبل القوات الروسية لينضموا إلى الجبهة مع الروس”. وتروي لنا هذه الحالة الآتية: “لقد تم اختطاف شابين أحدهما من منطقة نيكولاييف الواقعة في المناطق الأوكرانية المحتلة وقد اختطفه الروس إلى جانب أخيه الذي يكبره سناً، هو في السابعة عشرة من عمره وأخوه في الرابعة والعشرين، إذ حضر الروس إلى منزلهما وأرغموا الأم على فتح الباب لهم وقالوا إن كل الرجال الموجودين في المنزل يجب أن يخرجوا، وعندما خرج الشاب مع أخيه، اصطحبوه معهم وذهبوا في وجهة مجهولة وما زال مصيره مجهولاً وتفتش عنه السلطات الرسمية، كذلك تفعل أمَّه ولكن دون جدوى”.
وتختم ليبوفتسكا حديثها بالحديث أيضاً عن ابتزاز الشباب الأوكرانيين عبر خطف الأطفال أيضاً إذ قالت: “قرأنا معلومات منقولة عن عمدة مدينة لوغانسك الواقعة تحت الإحتلال منذ وقت طويل تفيد أن الروس يأخذون الفتيان من منازلهم لإبتزاز أقربائهم الأكبر سناً لا سيما أشقائهم الأكبر سناً منهم وحتى الآباء، فيقومون بإخفاء الفتيان في مكان معين إلى أن يستدرجوا الأكبر سناً للإنضمام إلى الجيش الروسي ومحارية الأوكرانيين على الرغم من كونهم أوكرانيين”.
هكذا تم خطف ابن مسؤول أوكراني محلي
في سياق الحديث عن الأطفال المفقودين الذين بمعظمهم تعرضوا للخطف من قبل القوات الروسية، يبرز اسم مسؤول منطة زاباريجيا الشهيرة في أوكرانيا أوليغ بورياك (Oleg Buryak) الذي خطف ابنه فلاد بورياك البالغ من العمر 16 سنة، أثناء هروبه من مدينة ميليتوبل عبر سيارة مدنية استقلها هو ومجموعة من الفتيات والنساء.
وفي حديث خاص لـ “أخبار الآن“، روى أوليغ بورياك تفاصيل عملية اختطاف ابنه وتحدث بحكم معرفته عن طرق خطف الأطفال والسبل المتبعة من روسا في هذا السياق. علماً أنّ اختطاف ابنه بحسب يحمل بعداً مختلفا عن محاولات النقل القسري للأطفال الأوكرانيين وذلك لأن اختطاف فلاد أوليغ بورياك، يُدرج ضمن التكتيكات المتعارف عليها في الحروب والقائمة على الخطف للتبادل.
مع ذلك، تظهر حادثة فلاد بورياك مدى وحشية التعاطي الروسية مع الأطفال والطفولة، إذ قال أوليغ لـ “أخبار الآن“، إنّ “مدّة التسعين يوماً التي قضاها ابني فلاد في السجن تنقسم إلى قسمين، 48 يوماً قضاها في زنزانة إنفرادية في سجن تابع لقسم التحقيق في أحد مراكز الشرطة، وهي عبارة عن غرفة مساحتها: متران بثلاثة امتار، وقد رأى هناك وسمع شتى أنواع التعذيب التي كانت تمارس على المعتقلين، إذ يقبع في ذلك السجن الأسرى العسكريون والمدنيون، وكانوا يُضربون بالهراوات”. وأضاف أوليغ: “لقد قرأت شهادة أحد المعتقلين الذي قضى 18 يوماً في ذلط السجن، والذي أكّد من خلال الصور أنّه شاهد ابني فلاد هناك”.
ويُردف بالقول “لدى هذا الشخص أربعة اضلع مكسورة واصبع مقطوع كما تم اغتصابه هناك، حيث يخضع المعتقلون للتعذيب بالتيار الكهربائي ويصعقون بالأماكن الحساسة، وقد أشار إبني فلاد أن الجيش الروسي كان يغرز أبر تحت الاضافر ثم يوصلوها بالاسلاك الكهربائية، ومن المهام التي كانت موكلة لفلاد تنظيف غرفة التعذيب فكان يغسلها من الدماء، وفي إحدى المرات كما أخبرنا فلاد دخل إلى هذه الغرفة فوجد شخصاً معلقا إلى السقف بسلك وبدت عليه آثار التعذيب وعلى الأرض تحته مستنقعا من الدم حيث قام فلاد بتنظيفها”.
بورياك روى لنا الانتهاكات التي وثقها ابنه فلاد في السجن قبل أن ينجح بتحريره عبر صفقة تبادل أسرى، وقال: “أخبرنا فلاد أنَّه وفي اليوم الرابع لاعتقاله انضم إليه شاب في الثالثة والعشرين من العمر اسمه ألكسي وقد عذبوه بوحشية وضربوه وصعقوه بالتيار الكهربائي بما فيه في المناطق الحساسة، وهو لم يستطع تحمل التعذيب فقرر الانتحار وقام بقطع أوردته بغطاء معلبة معدنية فجلس فلاد ماسكا بيده محاولا مساعدته أو على الأقل تسهيل قدوم نهايته، ولكن لحسن الحظ جاء الحراس قبل أن يفارق الكسي الحياة واتو بطبيب ثم اخذوه ولم يعلم فلاد بعدها أي شيء عن مصيره، بعدها قام فلاد بتنظيف الغرفة والمرحاض الكائن في زاوية صغيرة من الزنزانة”.
ما هي الخطة الروسية لخطف الأطفال؟
بورياك استطاع معرفة مكان تواجد ابنه وتحريره بعد تسعين يوماً، على عكس آلاف الأهل والأقارب الذين فقدوا أولادهم. ويقول بورياك في ذلك السياق: “تبعا للمعطيات المتوافرة لدينا تمّ إخراج أكثر من نصف مليون طفل تقريباً إلى روسيا، وذلك من محافظات دانيتسك ولوغانسك وكذلك من زاباروجيا وخيرسون”.
ويشرح الخطة الروسية لخطف الأطفال قائلاً: “لا يُسمح للمواطنين الاوكران بالمغادرة إلى المناطق غير المحتلة والواقعة تحت السيطرة الاوكرانية، فهم شكلوا ممرات آمنة باتجاه شبه جزيرة القرم والأراضي الروسية فقط حيث يتم تسجيلهم في مراكز فرز ثم توزيعهم على مناطق داخل روسيا. ويُكمل بالقول “لم يكن لدى هؤلاء اي إمكانية للتوجه إلى هنا بسبب العمليات العسكرية الجارية كما في ماريوبل مثلاً حيث لم يسمح للمدنيين بالمغادرة وهذه كانت مشكلة كبيرة”.
وختم: “لقد حاولنا مع ممثلي الصليب الأحمر الدولي والأمم المتحدة تأمين ممرّات آمنة وإخراج المدنيين إلى هنا في زاباريجيا ومن ثم إلى المناطق الاوكرانية غير المحتلة، لكن السلطات الروسية منعتنا دوما من تحقيق ذلك لذا كان الناس مضطرين للنجاة من القصف ومن كوارث الحرب، من الدمار والقتل، فتوجهوا إلى الأراضي الروسية”.
ماذا تريد روسيا من الأطفال الأوكرانيين؟
بعد تأكيد النقل القسري للأطفال الأوكرانيين إلى الداخل الروسي عبر تقارير ومواقف وشهادات حيَّة، يبقى السؤال لماذا تخطف روسيا الأطفال وماذا تريد منهم؟ “أخبار الآن” سألت رئيسة مركز الحريات المدنية في أوكرانيا أولكساندرا ماتفيتشوك (Oleksandra Matviichuk) التي عددت 3 أسباب تدفع بوتين منذ بدء حربه في أوكرانيا إلى خطف أطفال أوكرانيا:
- أولاً: استخدام الأطفال لخدمة البروباغندا الروسية إذ أنَّ الجيش الروسي يخطف الأطفال ويرسلهم إلى الداخل حيث تستقبلهم سلطات روسية رسمية وينقل الإعلام الروسي قصصاً عنهم مفادها إنقاذ هؤلاء الأطفال من النازيين الذين يحاولون قتل أطفالهم.
- ثانياً: ادراج الخطف ضمن سياسة الإبادة الجماعية واغتيال الهوية الأوكرانية ويتضح ذلك بوضوح من خلال النظر إلى القرارات التي اتخذتها روسيا في المدن الأوكرانية التي اجتاحتها بحيث يعلمون الأطفال بحسب ماتفيتشوك “النسخة الروسية من التاريخ والنسخة الروسية من الثقافة والنسخة الروسية حول كيفية إدارة شؤون المجتمع والقيم الروسية التي ليست قيم الحرية بل الاستبداد”.
- ثالثاً: لأسباب ديموغرافية بحتة، وهنا تشرح ماتفيتشوك الأمر قائلةً: “روسيا إمبراطورية تسيطر على العديد من الشعوب غير السلافية ولا توفر لتلك الشعوب امكانية التمتع بالهوية الوطنية وهم بحاجة للشعور بأنَّهم كالسكان الآخرين ينتمون للعرق السلافي لذلك يحتاجون إلى الأوكرانيين لسد الفجوة وتحقيق التوازن في المشاكل الديموغرافية”.
هل ممكن إسترجاع الأطفال؟
لا يوجد إطار قانوني على المستوى الوطني أو على المستوى الدولي يمكن أن يدفع روسيا لإعادة الأطفال الأوكرانيين بعد ترحيلهم بشكل غير قانوني الى الاراضي الروسية. وفق ماتفيشوك التي أوضحت أنه عندما حصلت تلك الحالات للمرة الاولى في العام 2014 مع بداية الحرب بدأت المحكمة الأوروبية لحقوق الانسان إجراءاتها وردا على ذلك أعادت روسيا الأطفال الاوكرانيين، لكن الأمر اليوم يختلف تماما بحسبها.
وتوضح ماتفيتشوك كلامها قائلةً: “لا تلتزم روسيا اليوم بأي طلب أو معاهدة أو قانون دولي، وحتى قبل 16 سبتمبر تاريخ انتهاء العضوية في المجلس الأوروبي تجاهلت روسيا علناً قرارات الأمم المتحدة ومجلس أوروبا ومنظمة التعاون الاقتصادي الأوروبي التي تم اتخاذها حول قضايا حقوق الإنسان، لذلك لا توجد آلية في الوقت الحالي لإعادة الأطفال الأوكرانيين، لكنَّ السلطات الأوكرانية تحاول جاهدة العثور على معلومات عن مكان وكمية الأطفال الذين يتم نقلهم، إنما المشكلة أصبحت أكثر تعقيداً منذ أن قامت روسيا بتبسيط التشريعات التي يمكن من خلالها تبني الأطفال ومن بينهم أطفال كانوا مع أهاليهم قبل الغزو الروسي لكنّهم قُتلوا على يد الروس والآن يتم تبنيهم من قبل الروس أنفسهم”. وتختم ماتفيتشوك حديثها بالقول “لكننا لن نفقد الأمل ففي المستقبل سنجد حلاً وسنُعيد الأطفال الأوكرانيين”.
ما ورد في ذلك التقرير يُوثَق جانباً آخر مختلفاً عمّا نراه من انتهاكات روسية لحقوق الإنسان بشكل واضح في أوكرانيا. وقد يكون ذلك الجانب الأكثر سواداً لحرب بوتين تلك لأنّ موسكو تسعى من خلاله إلى تغيير الديموغرافيا البشرية عبر الترحيل القسري للأطفال وغسل أدمغتهم، ليأتي يوم ربّما يجد فيه الأوكراني نفسَهُ يواجه مواطنه على جبهات القتال، ويمكن القول إنّ لذلك الجانب بعداً أكثر عمقاً أيضاً يستهدف الهوية الأوكرانية.