علّقت وزارة الدفاع الأوكرانية على تصريحات الرئيس الروسي فلاديمير بوتين الذي هدّد بأنّ “موسكو ستستخدم كلّ الوسائل المتاحة لها للدفاع عن نفسها بما في ذلك السلاح النووي”، معتبرةً أنّ تلك الخطوة إذا ما أقدمت عليها روسيا فستشكل نهايتها.
ووصف مستشار وزير الدفاع الأوكراني، يوري ساك (Yuriy Sak)، في لقاء خاص مع “أخبار الآن“، روسيا بأنّها “دولة إرهابية”، معتبراً إنّ “أوكرانيا يجب أن تأخذ تصريحات بوتين على محمل الجد، فيما جيش روسيا مستعد لارتكاب الإبادة الجماعية على نطاق واسع، وهو يرتكب جرائم حرب وفظائع بشكل يومي. وإذ من المعلوم أنّها قوة ودولة نووية، فإنّها بعدما أصبحت غير قادرة على هزيمة أوكرانيا في ساحة المعركة، وتتعرض للإذلال على الجبهة، فكلّ شيء ممكن”.
وأشار ساك إلى أنّ “أوكرانيا تتواصل مع شركائها الدوليين حتى يمكن اتخاذ تدابير لضمان عدم حدوث ذلك (تجنّب الخيار النووي)، وإذا ما حدث ذلك، فسوف يُقابل بردّ قوي للغاية من قبل المجتمع الدولي، ونأمل أن يفهم بوتين أو على الأقل الأشخاص من حوله، ذلك الأمر وأنّ ذلك سيكون نهاية روسيا”. وتابع: “إذا ما أقدمت روسيا على تلك الخطوة، فلن يكون لها مستقبل، وهم الآن معزولون ويخسرون في ساحة المعركة، وإذا ما فعلوا شيئاً غبياً مثل الضربات النووية، فستكون تلك قصة مختلفة تماماً، وإذا كان هناك على الأقل القليل من الحكمة المتبقية في رؤوسهم، فلا ينبغي لهم حتى التفكير في القيام بذلك”.
ساك: لن نميّز بين جنود التعبئة وغيرهم
وعن قرار بوتين بإعلان “التعبئة الجزئية”، اعتبر مستشار وزير الدفاع الأوكراني في حديثه لـ”أخبار الآن“، أنّ ذلك “دليل على إخفاقاتهم في ساحة المعركة وتأكيد على مشاكلهم الكثيرة مع الأفراد”، لافتاً إلى أنّ “الجيش الروسي، ونتيجةً لنجاح الجيش الأوكراني، محبط للغاية ويواجه الكثير من المشاكل، ولذلك هم بحاجة إلى تجنيد المزيد من الجنود”. وقال: “الجيش الأوكراني دمّر قتل منذ بداية الغزو أكثر من 55 ألف جندي روسي، ولم يُقتل هؤلاء إلّا في القتال، وقد أصيب عدد أكبر من الجنود الروس ولم يعد بإمكانهم المشاركة في الأنشطة العسكرية”.
وأضاف: “تلك التعبئة الجزئية هي علامة على ضعفهم وعلى يأسهم، ونحن نفهم الآثار الجانبية الأخرى لتلك التعبئة الجزئية، ألا وهي ردّ فعل المجتمع الروسي، فليس هناك الكثير من الناس في روسيا على استعداد للقتال، هناك طوابير طويلة من الشباب الروس الذين يحاولون الهروب من روسيا إلى فنلندا إلى جورجيا إلى بيلاروسيا، إلى أيّ بلد في أوروبا، فقط حتى يتمكّنوا من تجنّب تلك التعبئة لأنّهم لا يريدون الموت من أجل أوهام زعيمهم”.
وأكّد أنه حتى “لو نجح الروس في إجراء تلك التعبئة الجزئية وإذا ما قاموا بتجنيد 300 ألف شخص، بالنسبة لنا لا يهم من نقتل، سواء قتل المحتلين الروس الذين انضموا إلى الجيش بموجب عقد، أو أولئك الذين تمّت تعبئتهم، لذلك فلن يكون لها أيّ تأثير على استراتيجيتنا العسكرية، نحن نعلم ما هو هدفنا النهائي وسنواصل متابعته”.
ما حجم تقدّم الجيش الأوكراني ميدانياً؟
وعن حجم التقدم الذي أحرزه الجيش الأوكراني على الأرض مؤخراً، قال ساك: “في الفترة الأخيرة حقق الجيش الأوكراني نجاحاً كبيراً، وقد بدأ الهجوم المضاد في بداية سبتمبر، ونتيجة للأنشطة الفعّالة للغاية للجيش الأوكراني خلال الأسبوع الأوّل من سبتمبر، تمّ تحرير أكثر من 8 آلاف ونصف كيلومتر مربع من الأراضي الأوكرانية في منطقة خاركيف. وفي الوقت الحالي، تمّ تحرير كلّ منطقة خاركيف تقريباً، ويتفق معظم الخبراء العسكريون على أنّ تلك كانت واحدة من أكثر الهجمات المضادة نجاحاً منذ الحرب العالمية الثانية… وكان ذلك نتيجة التصميم العالي للجنود الأوكرانيين، ونتيجة التخطيط المتفوّق والتخطيط العسكري للقيادة العسكرية الأوكرانية، وبالطبع نتيجة الاستخدام الفعّال للأسلحة الغربية التي تتلقاها أوكرانيا من حلفائنا”.
وأضاف: “في الوقت الحالي، يستمر الهجوم المضاد في جنوب أوكرانيا في منطقة خيرسون، والأمور تسير بشكل أبطأ من الفترة الأولى في سبتمبر، لكن في نفس الوقت نحرز تقدّماً، نحرر قرية وراء قرية، وكيلومتراً بعد كيلومتر، لأنّ هدفنا العسكري العام بالطبع هو إكمال تحرير الأراضي الأوكرانية في تلك المناطق حيث تمكّن الجيش الأوكراني من طرد العدو”.
أدلّة على جرائم حرب وفظائع جديدة
وشدّد على أنّ السلطات الأوكرانية تعثر على أدلّة على جرائم حرب وفظائع جديدة، “ونحن واثقون من أنّه عندما تنتهي تلك الحرب وتكسب أوكرانيا، ستكون هناك محكمة دولية للتحقيق في جرائم الحرب تلك وستحاسب المسؤولين عنها”، مشيراً إلى أنّ الأمين العام للأمم المتحدة، أنطونيو غوتيريش، كان قال إنه من المهم للغاية إنشاء مثل تلك المحكمة والتحقيق في تلك الجرائم ومحاسبة المسؤولين.
وأوضح: “كما يوجد الآن قتال عنيف في منطقة دونباس، في منطقة دونيتسك، حول مدن مثل عبدو بورهاموود وسلوفيانسك، لذلك يستمر العدو في شنّ ضربات صاروخية على المدن الأوكرانية، لكن الجيش الأوكراني يواصل الدفاع عن أرضنا ويتقدّم تدريجياً، لذلك ذلك هو المكان الذي نقف فيه في الوقت الحالي”.
وأردف: “منذ بداية ذلك الغزو الواسع النطاق – الحرب الفعلية بدأت العام 2004 – كان المعتدون الروس يأملون باحتلال أوكرانيا بأكملها في غضون 3 أيّام، وبالطبع، فشلوا. إنّ أوكرانيا تقف في مواجهة عدو لديه الكثير من القوى البشرية والسلاح، لذلك فمنذ اليوم الأوّل للغزو الواسع النطاق، كنا نتحدث مع حلفائنا الدوليين والإستراتيجيين، ونطلب منهم دعم أوكرانيا عسكرياً لأنّنا نملك جيشاً قادراً جدّاً، قوياً ومصمماً على حماية أرضنا وحماية مستقبل أوروبا. فنحن بحاجة إلى المزيد من الأسلحة حتى نتمكّن من خوض تلك المعركة، وقد تلقينا بالفعل الكثير من الدعم الحاسم والدعم العسكري من حلفائنا”.
ذلك ما تحتاجه أوكرانيا اليوم لمواصلة الوقوف بوجه روسيا
وأوضح ساك في حديثه لـ”أخبار الآن“: “لقد تلقينا على سبيل المثال، مدفعية ثقيلة عيار 150. خلال منتصف الصيف استلمنا أنظمة الصواريخ العالية الدقّة والمهمّة. أنظمة الصواريخ المتعددة الإطلاق تسمح للجيش الأوكراني بأن يكون فعّالاً للغاية في ضرب المراكز اللوجستية الروسية ومستودعات الذخيرة الروسية ومراكز القيادة الروسية. وكما تعلمون، كان ذلك جزئياً سبب نجاحنا في الهجوم المضاد”.
وتابع: “في هذه المرحلة من الحرب، ما زلنا بحاجة إلى الدعم العسكري من حلفائنا، ونحن نطلب منهم تزويد أوكرانيا، أوّلاً وقبل كل شيء، بصواريخ بعيدة المدى وغيرها، وبالطبع، إذا حصلنا عليها، فسيكون ذلك فعالًا للغاية لأننا سنكون قادرين على ضرب العدو بشكل أعمق في خطوط الإمداد الخاصة به، وذلك سيجعل من الصعب على العدو الإستمرار في احتلال أراضينا، وسنكون قادرين على إكمال تلك الحرب بشكل أسرع”.
وأضاف: “نحن نطلب أيضاً الدبابات لأنّ الدبابات في تلك المرحلة من الحرب مهمة جدّاً للجيش الأوكراني، ويجب على حلفائنا الغربيين اتخاذ قرار بالبدء في توفيرها. بالطبع، الأنواع الأخرى من الأسلحة التي نحتاجها هي أنظمة الدفاع الجوي، لأنّ المدن الأوكرانية، كما قلت، هي بالفعل هدف للهجمات الصاروخية بشكل يومي، ولكي نكون قادرين على حماية سكاننا المدنيين والبنية التحتية المدنية والمدن المسالمة، نحتاج إلى أنظمة دفاع جوي أكثر تقدماً، بالإضافة إلى أنظمة صواريخ الناتو. وأخيراً، فإنّ الشيء المهم بالنسبة لأوكرانيا هو البدء في استقبال الجيل الرابع من الطائرات المقاتلة، نحن نتحدث مع حلفائنا بهدف استقبالهم، والمحادثات جارية، لذلك نأمل أن يتم ذلك قريباً”.
وختم ساك لـ”أخبار الآن“: “نحن ملتزمون بتحرير أوكرانيا بالكامل، بما في ذلك شبه جزيرة القرم، فيما المفاوضات غير ممكنة حتى يغادر الجنود الروس أوكرانيا، أو يتمّ قتل آخر الجنود الروس أو أسرهم أو مغادرتهم”.