لم تتوقف طالبان عن ارتكاب الجرائم بحقّ الشعب الأفغاني، إذ تعمل عل تصفية “حسابات قديمة” مع مَنْ تعتبرهم “خونة”، وتتوالى مشاهد القتل من وقت إلى آخر. في الغضون، يواصل الحكّام الجدد إدارة البلاد وفق عقلية رجعية تبرز معالمها بمنع الأفغانيات من حقّهن بالتعلّم، مع الإشارة إلى أنّ الأفغانيات ترفضن الإستسلام لطالبان، وتسيّرن من وقت إلى آخر التظاهرات حـّى في شوارع كابول رفضاً للقرارات الخاطئة.
- بعثة الأمم المتحدة تتهم سلطات طالبان بمضايقة موظفات أفغانيات في الأمم المتحدة
- بحلول نوفمبر يقدر أن 18.9 مليون شخص يواجهون مستويات حادة من انعدام الأمن الغذائي
- المقرر الأممي ريتشارد بينيت ينشر تقريراً يوثق الانتهاكات التي ترتكبها طالبان بحق الشعب الأفغاني
- الأمم المتحدة لأخبار الآن: أفغانستان في ظل طالبان محاصرة في أزمة بدا العالم عاجزاً عن معالجتها
- بينيت لأخبار الآن: التراجع عن حقوق النساء وقتل المعارضين وقمع الحريات جرائم ترقى لحدّ الاستبداد
مؤخراً، انتقدت بعثة الأمم المتحدة طالبان جرّاء المضايقات التي تتعرض لها الموظفات الأفغانيات اللواتي يعملن لديها، موضحةً أنّ 3 نساء أفغانيات يعملن في الأمم المتحدة اعتقلن في وقت سابق لفترة وجيزة، وتم استجوابهن من قبل مسلّحي من طالبان. ودعت الأمم المتحدة إلى الوقف الفوري لكلّ أعمال التخويف والمضايقة التي تستهدف موظفاتها الأفغانيات، مذكرةً طالبان بالتزاماتها بموجب القانون الدولي لناحية ضمان سلامة جميع موظفي الأمم المتحدة وجميع العاملين في أفغانستان. وفي المقابل نفى بيان أصدرته حركة طالبان أن تكون السلطات المحلية احتجزت أيّاً من موظفي الأمم المتحدة.
وجاء ذلك الحادث في الوقت الذي دعا ريتشارد بينيت (Richard Bennett)، المقرّر الأممي الخاص لحقوق الإنسان في أفغانستان، إلى تغييرات جذرية يف افغانستان، قائلاً في اجتماع لمجلس حقوق الإنسان، إنّ “التراجع الشديد عن حقوق النساء والفتيات، والأعمال الانتقامية التي تستهدف المعارضين والمنتقدين، وقمع حرية التعبير من قبل طالبان، ترقى إلى درجة الانحدار نحو الاستبداد”.
انتهاكات حقوق الإنسان مستمرة
“أخبار الآن” أجرت لقاءً خاصاً مع ريتشارد بينيت الذي أشار إلى القمع صارخ بحق الأفغان، قائلاً إنّ “الإنتهاك الأكثر إنتشاراً منذ نحو السنة هو فصل الفتيات في المراحل الثانوية، المدارس مقفلة ومعظم الفتيات في المرحلة الثانوية في المنازل، وذلك أمر غير اعتيادي ولا يحصل في أيّ بلد في العالم. حقوق النساء والفتيات تمّ إلغاؤها، وقد أجبروا على البقاء في المنازل والخروج فقط عندما تكون هناك حاجة ملحّة، كما أنّ معظم النساء العاملات خسرن وظائفهن أو طُلب منهم البقاء في المنزل وعدم الحضور إلى العمل. إذاً هناك تأثيرات على التعليم والوظائف وسبل كسب العيش. أمّا من الناحية الصحية، فقد أفادت التقارير عن ارتفاع في معدّلات حالات العنف المنزلي والزواج المبكر وعمالة الأطفال، وبشكل عام معظم النساء الأفغانيات يعبّرن عن شعورهن بأنّهن سجينات داخل منازلهن”.
وتابع: “الأمر المقلق هو خلق ذلك الجو من الرعب بين السكان، رغم أنّ طالبان أعلنت عن عفو عام في ما يخص المسؤولين الأمنيين السابقين ومسؤولي الخدمة المدنية، إلّا أنّ هناك تقارير عديدة عن اقتحام المنازل وتفتيشها، وحصول اعتقالات وتوقيفات وتعذيب وإبلاغ عن مفقودين، بالإضافة إلى عمليات قتل، كما أنّه لا توجد مساحة للمجتمع المدني، خصوصاً بالنسبة للمدافعين عن حقوق الإنسان الذين فرّ عدد كبير منهم إلى خارج البلاد، كما أنّ هناك هجرة للأدمغة منذ أغسطس 2021”.
وأضاف: “مع أنّ الإعلام الأفغاني مازال يعمل إلى حدّ ما، إلّا أنّه يعمل في ظل ظروف صعبة، فيما المؤسسات التي تضبط عمل الدولة قد تمّ القضاء عليها بشكل كامل، إذ تمّت تنحية الدستور جانباً، وتمّ إلغاء مجلسي النواب، بالإضافة إلى ذلك تمّ إلغاء بعض الوزارات كوزارة شؤون المرأة ووزارة السلام، كما تمّ حلّ لجنة حقوق الإنسان المستقلة. كلّ تلك الأمور أثّرت بشكل سلبي على وضع حقوق الإنسان ككل”.
هجوم متواصل على الأقليات العرقية والدينية
وعن آداء طالبان حيال المكونات والأقليات العرقية والقومية والدينية والمذهبية في أفغانستان، حيث الطاجيك والهزاره والأوزبك والبلوش وغيرهم، قال بينيت لـ”أخبار الآن“: ” على الرغم من أنّ طالبان عيّنت بعض الأعضاء من المجموعات العرقية التي لا تنتمي إلى البشتون في الحكومة، إلّا أنّ ذلك الأمر ليس شاملاً وهناك قلق عند العديد من المجموعات العرقية المتواجدة في أفغانستان، وهم يشعرون أنّه تمّ تجاهلهم”.
وتابع: “هناك هجوم متواصل على الأقليات العرقية والدينية، خصوصاً الهازارة وغيرهم كالسيخ والهندوس والصوفيين والماجا، وأغلب تلك الهجمات التي كانت تستهدف دور العبادة والمدارس قام بها تنظيم داعش في خراسان، وتلك مشكلة أخرى، بالإضافة إلى كلّ ذلك لا يوجد تسامح مع أيّ نوع من الخصم سواء كان سلمياً أم لا، وهناك تقارير عديدة عن عمليات عسكرية خاصة في بعض المقاطعات الشمالية، وانتهاكات للقوانين الدولية الإنسانية في تلك المقاطعات أيضاً”.
رغم الخطوات التي تعتبرها طالبان إصلاحية، مازال الكثير من المدارس الثانوية الخاصة بالفتيات مغلقة، فيما استبعدت النساء من الوظائف العامّة. ويتم التحكّم في نشاطات بسيطة مثل الاستماع إلى الموسيقى وتدخين الشيشة ولعب الورق بشكل صارم في المناطق المحافظة، بالإضافة إلى قمع الإحتجاجات وتهديد الصحافيين أو توقيفهم بانتظام. وقالت مساعدة الأمين العام لحقوق الإنسان، إيلزي براندز كيريس (Ilze Brands Kehris)، إن ما يقرب من 850 ألف فتاة تسربن من المدرسة حتى الآن، ما يعرضهن لخطر زواج الأطفال والاستغلال الاقتصادي الجنسي.
تقرير يوثّق انتهاكات عناصر طالبان بحق الأفغان
المقرّر الأممي الخاص لحقوق الإنسان في أفغانستان ريتشارد بينيت أعدّ مؤخراً تقريراً خاصاً حول انعكاس للتطورات منذ عام على استيلاء طالبان على السلطة، وفي السياق قال المسؤول الأممي لـ “أخبار الآن“: “لقد أنجزت تقريري وقدمته إلى لجنة حقوق الإنسان، كما عقدت إجتماعاً مع الدول الأعضاء لمناقشة التقرير وقد وضعوا ملاحظاتهم ولقد تحدثت عن مواضيع عدّة في ذلك التقرير الذي يتضمن تقييم عام لحالة حقوق الإنسان، ويتطرق إلى مواضيع عديدة ضمن ذلك الإطار كحقوق النساء والأطفال والحقوق المعيشية، الإجتماعية والثقافية كذلك الحقوق المدنية والسياسية والحريات الأساسية، وكيفية تطبيق العدالة، وحقوق الأقليات، ووضع المجتمع المدني الذي يشمل المدافعين عن حقوق الإنسان وذكرت بعض التوصيات لمعالجة ذلك الأمر”.
“طالبان تعترف بالمعاهدات الدولية ولكنها لا تنفذ شيئاً”
وتابع: “عندما زرت أفغانستان في شهر مايو استقبلني رجال في السلطة وتمكّنت من إجراء محادثات عالية المستوى، والسفر إلى مناطق عديدة في البلاد بموافقتهم، أقروا بأنّ المعاهدات الدولية لحقوق الإنسان التي صادقت عليها أفغانستان في الماضي مازال معترفاً بأنّها التزام على الدولة وليس لأيّ حكومة معينة، وتلك نقطة البداية أو أساس تقريري ألّا وهو الإنطلاق من معاهدات حقوق الإنسان، مثلاً الحقوق السياسية والمدنية والحقوق الإقتصادية والإجتماعية والثقافية، اتفاقية مناهضة التعذي، اتفاقية حقوق الأشخاص ذوي الإعاق، اتفاقية القضاء على التمييز ضدّ النساء والأطفال، ذلك بعض ممّا ذكرت في تقريري، إنّها بداية جيّدة لمحاولة إحداث تغيير ما، كما أنّني سأقدّم تقريري الشهر المقبل في نهاية أوكتوبر إلى الجمعية العامة في نيويورك، سيكون تقريراً مكتوباً أيضاً كما سيكون هناك عرضاً شفهياً وحواراً مع أعضاء الجمعية العامة، وأنا سأتوجه إلى نيويورك من أجل ذلك”.
ويعتقد المقرّر الأممي الخاص لحقوق الإنسان في أفغانستان بينيت في حديثه لـ “أخبار الآن” أنّ “من أبرز المشاكل هو صعوبة الوصول إلى المعلومات التي تتعلق بالصراعات أو بانتهاكات حقوق الإنسان، مثلاً من الصعب على وسائل الإعلام نقل تلك الهجمات التي تحدثت عنها على دور العبادة أو المدارس، أيضاً من الصعب جدّاً وصولهم إلى المناطق التي تشهد صراعات لنقل الصورة هناك، وبالتالي الحصول على رقم دقيق للجرحى أمر صعب جدّاً”.
كابول تعلن قتل العشرات من المقاومة الوطنية في بنجشير
مؤخراً أعلنت الحكومة الأفغانية أنّ 40 من مسلحي جبهة المقاومة الوطنية قتلوا بينهم قادة ميدانيون، واعتقل أكثر من 100 آخرين خلال تمشيط شنته القوات الأفغانية في ولاية بنجشير شمالي العاصمة كابول، في حين تقول الجبهة إنّ طالبان تضخّم الأرقام. وتفيد المصادر بأنّ 15 عنصراً من القوات الأفغانية قتلوا خلال اشتباكات وقعت في مناطق متفرقة من ولاية بنجشير.
https://twitter.com/AfghanAffairs7/status/1569710739065294848?s=20&t=lZ2SZQWt8BHi4Y6agSPDyw
وذكر المتحدث باسم حركة طالبان ذبيح الله مجاهد في تغريدة له على تويتر، “نتيجة عملية تطهير ضد المتمردين في مناطق رخه ودره وأفشار في ولاية بنجشير، قُتل 40 من بينهم 4 قادة، واعتُقل 100 آخرون”، غير أنّ الجبهة قالت إنّ طالبان تبالغ في حصيلة القتلى في صفوف مقاتلي الجبهة، ونقلت وكالة الصحافة الفرنسية عن مسؤول العلاقات الخارجية في الجبهة علي نظري قوله “ندحض الأرقام، لقد ضخموا الأرقام”، وأضاف “مجموعة صغيرة فقط” من عناصرنا اعتقلوا أو قتلوا. وفرّ عشرات المدنيين من وادي بنجشير مع اندلاع أولى المعارك، إلا أن الهدوء خيّم على المنطقة في الأسابيع الماضية، ولكن المعارك تجدّدت في الوادي في الأيام الأخيرة، وفق ما أفاد سكان المنطقة.
حول حادثة بنجشير يقول بينيت: “أشعر بقلق عميق إزاء المزاعم الأخيرة حول إعدامات خارج نطاق القضاء بإجراءات موجزة في بنجشير، وأذكر بالتزامات حقوق الإنسان الدولية لكلّ الأطراف، وأدعو إلى إجراء تحقيق شامل وفوري ومحاسبة الجناة، أنا أراقب الوضع عن كثب”.
في الـ15 من أغسطس الماضي تمكّنت طالبان من بسط سيطرتها على كامل الأراضي الأفغانية، وذلك بعد الإنسحاب الأمريكي من أفغانستان بعد مهمّة دامت نحو 20 عاماً تقريباً. اليوم الأزمة الإنسانية تتعاظم بشكل متسارع في البلاد، حيث كانت الأزمة الإقتصادية في أفغانستان بدأت قبل وقت طويل من سيطرة طالبان على الحكم، إلّا أنّ سيطرتها تلك دفعت بالبلاد إلى حافة الهاوية، إذ جمّدت الولايات المتحدة الأمريكية 7 مليارات دولار من أصول البنك المركزي، ما أدّى إلى انهيار القطاع المصرفي وتوقّف المساعدات الخارجية التي تمثّل 45 % من إجمالي مداخيل البلاد ليصل الفقر إلى مستويات غير مسبوقة.
شاهدوا أيضاً: عام على عودة طالبان إلى حكم أفغانستان.. الأفغان بين الجوع والإرهاب والإصرار على النضال