من داخل إيران وعلى عكس كلّ ما تقوله أركان النظام الإيراني أو تحاول الترويج له بخصوص التحرّكات الأخيرة التي تشهدها المدن الإيرانية، والتي أطلق شرارتها مقتل الشابة الإيرانية مهسا أميني، رفع القيادي السابق في الحرس الثوري الإيراني محمد باقر بختيار الصوت في وجه جرائم نظام الملالي، معلناً بالتالي ندمه وأسفه كونه عمل يوماً على الحفاظ على النظام.
“أخبار الآن” واستناداً إلى مصادر خاصة وبارزة وموثوقة، تمكّنت من التأكّد من صحة ذلك التصريح، وقد عملت المصادر نفسها على تشريح التصريح الذي أدلى به محمد باقر بختيار، الذي اعتبر كلامه انشقاقاً علنياً واضحاً ولاذعاً عن انظام الايراني، وهو كان مسؤولاً هاماً في إقليم كردستان، كما أنّه كان من الذين شغلوا أعلى المناصب القيادية. ودفعت رسالة بختيار تلك النظام الإيراني وأدواته إلى اختلاق بروباغندا للترويج بإنّ بختيار سجّل تصريح الجديد من خارج إيران، وأنّه غير متواجد على الأراضي الإيرانية. مع ذلك، تؤكّد المصادر الدقيقة لـ”أخبار الآن“، والتي نتحفظ عن ذكر اسمها، أنّ بختيار مازال في إيران حتى تاريخ نشر تلك المقالة، وأنّه فعلاً يبعث تلك الرسالة من الداخل الايراني على عكس كلّ ادعاءات النظام.
بختيار يخرج عن صمته
بختيار خرج عن صمته بعد سنوات عديدة من استقالته من منصبه في الحرس الثوري الايراني، ونشر رسالة صوتية هامة عبر قناة على موقع يوتيوب، يفضح فيها محاولات النظام الإيراني تكذيب قتله مهسا أميني، إستنادا إلى براهين وأدلّة طبيّة تلقاها ممن أسماهم بـ “أصحاب الضمير الحي” في السلطة الايرانية، وتوجه إلى الإيرانيين برسالة دعم، وإلى النظام الإيراني برسالة تحذيرية.
“أخبار الآن” ترجمت أهمّ المقتطفات من تصريح محمد باقر بختيار.. استمعوا إلى بعض ما قاله في الفيديو أدناه
نشر بختيار مطلع شهر أكتوبر الجاري، وصفها المراقبون والمتابعون للشأن الإيراني بأنّها بالغة الأهمية، وهي الأولى من نوعها منذ قيامة نظام الملالي بعد انقلاب العام 1979، والذي أسسه الخميني بعد استيلاءه على الحكم في البلاد.
مدّة رسالة بختيار الذي انشق عن نظام الملالي بعد حرب إيران والعراق في ثمانينات القرن المنصرم، 35 دقيقة وقد أتت لتفضح انتهاكات النظام الايراني وجرائمه والنهج الذي يتبعه، بالإضافة إلى تأكيد مقتل الشابة مهسا أميني التي أشعلت الثورة الإيرانية، على يدّ القوات الرسمية استناداً الى وثائق طبية سُرّبت له من داخل النظام، أي ممن كان بختيار ذات يوم ينتمي معهم إلى النظام الإيراني.
في تفاصيل تصريحه، توجّه بختيار إلى خامنئي نفسه بالقول “عندما تًضرب تلك الشابة البريئة بتلك الطريقة وتأخذها إلى المستشفى، ثم تحاول التلاعب بالمعلومات ومنع طاقم المستشفى من قول الحقيقة، ألّا تعتقد أنّ الحقيقة في النهاية سوف تتكشف”؟
بختيار يذكّر النظام الإيراني بحادثة كهريزك
وأضاف: “ألا تتذكر تجربة كهريزك” (الحادثة التي دفعت معظم القيادات الكردية في الحرس الثوري الايراني للانشقاق عن نظام الملالي)… ألا تتذكر كيف انتشر الخبر عندما قام سعيد إمامي بتعذيب السجناء السياسيين في سجون الشمال”؟ وتجدر الإشارة إلى أنّ إمامي هو من أبرز قيادات الحرس الثوري الايراني وأكثرهم إجراماً الذي حمل “مشروع تطهير البلاد” من كلّ مَنْ لا يؤمن بمشروع ولاية الفقيه مئة بالمئة، محاولاً التخلص من ما يقرب من 70 كاتباً ومثقّفاً وشاعراً معارضاً لحكم الملالي.
وأردف بختيار متوجّهاً إلى خامنئي نفسه: “لماذا تحاولون إعادة خوض تلك التجارب مرّة أخرى بدلاً من التعلّم منها”؟ وبعد كشفه عن الوثائق التي تجزم تواطؤ النظام الايراني بقتل مهسا أميني، قال لقيادات النظام بدءاً ممن يُعرف بمرشد الجمهورية أي خامنئي ونزولاً: “اعلموا أنّ الناس سيختارون مصيركم، فحتى القوى القمعية هي مثل الناس، الأشخاص الذين ليس لديهم مشاعر إنسانية موجودون بالفعل بين القوى القمعية، دعنا نضع خطاً تحت ذلك، لكن غالبية العناصر في مختلف القوى يدعمون الناس”.
بختيار، غمز عبر ذلك من قناة الغضب العارم على تصرفات نظام الملالي بحرسه الثوري وأجهزته القمعية على اختلافها، وأضاف: “القوّات التي تستخدمونها في الشرطة أو الباسيج أو غيرها هي مثلها مثل الناس سوف تخالفكم في نهاية المطاف، ولن يتحملوا مساندتكم حتى النهاية”.
بختيار يأسف لكونه دعم يوماً النظام
في تصريحه، أسف بختيار أيضاً كونه حاول يوماً الحفاظ على نظام الخميني، لذلك توجه إلى الإيرانيين طالباً “المغفرة”، وقد قال: “أنا آسف للغاية لأنّنا كنّا نحاول أن نبقي ذلك النظام على قيد الحياة، عبر استخدام المفاهيم المثالية من دون أن نعرف أنَّه وفي العقود المقبلة (أي في الفترة الحالية)، سوف يسرق بعض السياسيين إنجازات الناس لإستخدامها لمصالحهم الخاصة”.
رسالة بختيار القاسية تلك تتضمن بعداً إيجابياً يتمثل بالأمل والدعم الكبيرين للشباب، فهو توجه إلى المتظاهرين، لاسيّما الشباب منهم وقال إنَّ “المستقبل مشرق أمامهم”. وختم الرسالة بعبارة “الجندي، جندي الأمة، أخوكم، محمد باقر بختيار”.