في شهرها الثامن، تشهد الحرب في أوكرانيا متغيّرات جديدة حيث تصاعدت نسبة التوترات في الميدان خلال الأيّام الماضية، لاسيما بعد استهداف جسر القرم الاستراتيجي. والمتغيّر الأبرز هو انخراط طهران الآن بشكل مباشر على الأرض ومن خلال توفير الأسلحة التي تقتل المدنيين وتدمّر البنية التحتية المدنية في أوكرانيا، حيث قال المتحدث الرسمي باسم الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي، سيرهي نيكيفوروف (Serhii Nykyforov)، لـ”أخبار الآن” في لقاء خاص، إنّ القوات الأوكرانية أسقطت نحو 250 مسيّرة “شاهد” في الأيّام الماضية، فيما عدد قليل جدّاً منها نجح في تحقيق أهدافه، لكن الأضرار كانت جسيمة.
- المتحدث باسم زيلنسكي يكشف لأخبار الآن حجم انخراط إيران بالحرب على أوكرانيا
- كييف تصف طهران بأنها مجرمة حرب وشريكة موسكو بالجرائم ضدّ الإنسانية
- قوات أوكرانيا أسقطت معظم المسيرات الإيرانية وعدد قليل منها نجح في تحقيق أهدافه
“لسوء الحظ اختارت إيران مساندة الطرف المخطىء، والجميع يذكر الحادثة المأساوية التي حصلت مع الطائرة الأوكرانية التي أسقطها الحرس الثوري الإيراني في طهران، ثمّ قالوا إنّ ما حصل مجرّد حادث ورفضوا الإعتراف بالأمر، وما زالوا يرفضون دفع تعويضات لشركة الطيران الأوكرانية وللمواطنين الأوكرانيين الذين خسروا أفراداً من عائلاتهم في الحادث. ونذكر أنّه كان يتواجد على متن تلك الطائرة مواطنون من جنسيات مختلفة، كنديون وإيرانيون وأوكرانيون لم تدفع أي تعويضات لعائلاتهم”.
وتابع نيكيفوروف: “الوضع الحالي يوضح أنّ ذلك الرفض الإيراني لدفع التعويضات ليس مجرّد حادثة وحيدة، بل هي واحدة من سلسلة أكاذيب صدرت عن الحكومة الإيرانية، و حالياً هم يرفضون الاعتراف رسمياً بأنّهم يمدّون الروس بالطائرات المسيّرة، رغم كلّ الأدلّة التي في حوزتنا… لقد أسقطنا عدّة طائرات مسيّرة مؤخراً، وتمكّنا من إنزال البعض منها من دون تدميرها و نجحنا في تفكيكها، ورأينا أنّها قد صنعت في إيران. إذاً رغم كلّ الأدلّة التي نملكها ما زالت إيران ترفض الاعتراف بأنّها تمدّ الروس بالطائرات المسيّرة، و من المهم أن أشير إلى أنّ روسيا تستخدم تلك المسيّرات الكاميكازية التي تسمى شاهد 136، لضرب البنى التحتية المدنية، فهي تستهدف معامل الطاقة والبنية التحتية للطاقة الكهربائية، كما تستهدف الأبنية المدنية والمتاحف والسيارات المدنية الموجودة على الطرقات، وليس السيارات العسكرية فقط، لذا يجب على إيران أن تواجه الحقيقة وهي أنّها تشارك في الجرائم العسكرية التي يقوم بها الجنود الروس، وذلك أمر مؤسف جدّاً”. وأوضح أنّ “القوات الأوكرانية أسقطت نحو 250 مسيّرة شاهد في الأيام الماضية، وتمكّنت من إسقاط معظمها، فيما عدد قليل جدّاً منها نجح في تحقيق أهدافه، إلّا أنّ الأضرار كانت جسيمة”.
“إيران مشاركة في الجرائم ضدّ الإنسانية”
وشدد المتحدث باسم زيلنسكي في حديثه لـ “أخبار الآن“، على أنّ “إيران مشاركة في الجرائم ضدّ الإنسانية التي تحصل بحق المدنيين الأوكرانيين الذين يعيشون حياتهم الطبيعية، و يتعرّضون للقصف وهم في طريقهم إلى عملهم وفي سياراتهم … تلك جرائم ضدّ الإنسانية وجرائم حرب، وإيران تشارك فيها”. وفي السياق، دعا إيران إلى أن تتوقف عن تقديم الإمدادات للروس، “وعلينا أن نفهم أنّ تلك ليست حرباً بين أوكرانيا وروسيا، بل هي غزو روسي للأراضي الأوكرانية، وعلى إيران وقف مساعداته تلك”.
وتجدر الإشارة إلى أنّ البيت الأبيض كان أكّد أيضاً أنّ إيران عمقت بشكل كبير مشاركتها في الغزو الروسي لأوكرانيا من خلال تقديم الدعم الفني للطيّارين الروس الذين يقودون طائرات من دون طيّار إيرانية الصنع لقصف أهداف مدنية، فيما كان كلّ من المملكة المتحدة والاتحاد الأوروبي أعلنا عن فرض عقوبات على إيران لتوفيرها طائرات من دون طيّار شاهد -136، وهي طائرة من دون طيّار ذات أجنحة دلتا مصممة للتحليق في الهدف والإنفجار عند الاصطدام، والتي استخدمتها القوات الروسية على نطاق واسع ضدّ المدن الأوكرانية. وقد نفت موسكو استخدامها للطائرات الإيرانية من دون طيار، لكن المسؤولين في طهران أكّدوا ذلك وقالوا إنّهم سيقدمون أيضاً صواريخ باليستية للمساعدة في تجديد مخزون روسيا المتضائل.
كارثة جديدة قادمة!
وقد لعبت الطائرات من دون طيّار الإيرانية دوراً مهمّاً في جهود فلاديمير بوتين لتجميد الأوكرانيين من أجل الخضوع، وذلك من خلال استهداف محطات الطاقة والبنية التحتية للطاقة الأخرى. لكنّ كييف أدخلت جدولاً طارئاً لانقطاع التيار الكهربائي للمساعدة في استقرار إمدادات الطاقة في البلاد، والتي تضرّرت بشدّة جرّاء أكثر من 300 هجوم روسي بطائرات من دون طيّار وصواريخ على مدار الأيّام العشرة الماضية حيث أصبح الطقس أكثر برودة.
في ذلك السياق، قال زيلينسكي إنّ الناس يجب أن يكونوا مدركين بشكل خاص لاستهلاك الكهرباء من الساعة 7 صباحاً وتجنّب استخدام الأجهزة غير الضرورية، حيث حذّر من انقطاع التيار الكهربائي المحلي”. وفي تصريحات له، قال زيلينسكي إنّ روسيا تأمل في إثارة موجة جديدة من الهجرة إلى الدول الأوروبية، وقال إنّ “الإرهاب الروسي ضدّ منشآت الطاقة لدينا يهدف إلى خلق أكبر عدد ممكن من مشاكل الكهرباء والتدفئة لأوكرانيا هذا الخريف والشتاء، بحيث يذهب المزيد من الأوكرانيين إلى الدول الأوروبية”.
وفي السياق، قال المتحدث باسم زيلنيسكي لـ”أخبار الآن“: “وفقاً لمعلوماتنا، فإنّ مجمّع وسد محطة كاخوفكا لتوليد الطاقة الكهرومائية تمّ تلغيمهما من قبل الإرهابيين الروس”، مضيفاً: “إذا ما تمّ تفجير السد، فإنّ قناة شمال القرم ستختفي ببساطة، وستكون تلك كارثة على نطاق واسع”.
وعلى صعيد التقدم الميداني الي تحرزه القوات الأوكرانية، شرح نيكيفوروف لـ”أخبار الآن” الوضع الحالي على ساحة المعركة في الفترة الأخيرة، قائلاً: “لقد حققنا نجاحات كبيرة جدّاً خلال الفترة الماضية… على مدى الشهرين الماضيين، استعدنا بين 12000 و 15000 كيلومتر مربع، إنها أكبر من مساحة قطر على سبيل المثال. والقوات الأوكرانية بخير، لديها المبادرة الآن في ساحة المعركة. لذا فإنّ القوات الروسية هي التي يجب أن تعدل استراتيجيتها، وبالطبع، هدفنا النهائي هو استعادة كل أراضي أوكرانيا في الحدود المعترف بها دولياً”.
مسار الإنضمام إلى الاتحاد الأوروبي والناتو لا رجعة فيه
في جانب آخر، كان ألكسندر فينيديكتوف، نائب أمين مجلس الأمن الروسي، صرّح مؤخراً أنّ قبول انضمام أوكرانيا لحلف شمال الاطلسي سيكون كفيلاً بتصعيد الصراع في أوكرانيا إلى حرب عالمية ثالثة، فيما كان الرئيس الأوكراني قد وقّع على طلب الانضمام إلى الحلف كرد على ضمّ أراض أوكرانية إلى روسيا. في ذلك الصدد، سألت “أخبار الآن” المتحدث الرسمي باسم زيلينسكي نيكيفوروف عن مسار التفاوض بشأن الإنضمام للإتحاد الأوروبي والناتو، فقال: “هناك الآن موضوع ترشحنا للعضوية، الإتحاد الأوروبي اتخذ قراراً بمنح أوكرانيا وضع المرشح لعضوية الإتحاد الأوروبي، و في غضون بضعة أشهر سنبدأ بالمفاوضات لتلبية معايير الإتحاد الأوروبي لنتمكن من الإنضمام الى الإتحاد، وذلك طريق لا يمكن التراجع فيه، لقد تمّ الإعتراف رسمياً بتطلعاتنا الأوروبية من قبل المواطنين الأوكرانيين والدول الأعضاء في الإتحاد الأوروبي، إنّها مجرد مسألة وقت قبل أن تنضم أوكرانيا إلى الاتحاد الأوروبي”.
وتابع: “من جهتنا نحن نبذل قصارى جهدنا لتحقيق ذلك بأسرع وقت ممكن، فمستقبلنا في الإتحاد الأوروبي أمر محتوم ولا رجعة فيه، وحالياً الأكثرية الساحقة من الشعب الأوكراني، في الواقع 90 في المئة من السكان يدعمون انضمام أوكرانيا إلى الإتحاد الأوروبي، وأغلبية الشعب الأوروبي يؤيد انضمام أوكرانيا إلى الإتحاد الأوروبي.
أمّا بالنسبة للناتو، فأوضح أنّ “أوكرانيا قدّمت طلباً رسمياً للإنضمام إلى الحلف الأطلسي بموجب إجراءات معجلة، و أعتقد أنّ 11 بلداً أو أكثر أيّدوا طلبنا، بالطبع قرار الإنضمام يجب أن يؤخذ بالإجماع، لذا يجب أن يوافق عليه كلّ الأعضاء المشاركين في الناتو. ديبلوماسيونا يعملون على ذلك الموضوع، ونحن سنتواصل مع كلّ بلد لإقناعهم بالموافقة على إنضمامنا للناتو. وعليّ أن أشير إلى أنّ الناتو سيكون أقوى مع انضمام أوكرانيا إليه لأنّ الأمن في أوروبا، الأمن في شمال الأطلسي مرتبط جدّاً بالأمن في أوكرانيا، لذلك أعتقد أنّ الناتو يجب أن يسعى لانضمام أوكرانيا إليه، ربّما ليس الآن ولا في المستقبل القريب أو الأشهر أو السنوات القادمة، لكن كما هو الحال مع الإتحاد الأوروبي، أعتقد أنّ ذلك الأمر لا رجوع فيه”.
يذكر أنّ النزاع الروسي الأوكراني طوى شهره الثامن، وسط استمرار للضربات المتبادلة بين الجانبين، وتقدم بطيء نسبياً في الوقت الحالي، للقوات الأوكرانية في هجومها المضاد الذي أطلقتها الشهر الماضي، بعد أن سجلت تقدماً ملحوظاً في السابق على حساب القوات الروسية.
شاهدوا أيضاً: “مات والدي بين يديّ”.. يورا الناجي من ما حدث في بوتشا يروي التفاصيل كاملة!