بوندارينكو: كان فاغنر يقتلون الناس ثم يتناولون طعامهم بأيادٍ ملوثة بدماء ضحاياهم
- أوليج تعرض للتعذيب على يد فاغنر ولم يشفع له كونه رجل دين
- قرية “موتيزين” من أكثر المناطق التي عانت من جرائم حرب روسية بسبب وجود سريتين من فاغنر بها
- أوليج: فاغنر أبرحوني ضربا في كل الأوقات ومازالت آثار التعذيب على ظهري
لم يكن الراهب أوليج بوندارينكو سمع في السابق عن فاغنر ولم يكن يعلم من هم وما هو دورهم في حروب روسيا، حتى وقع ضحية الأسر في أياديهم.
فبينما كان الراهب أوليج يمارس عمله كمدير لمركز التعافي من الإدمان التابع للكنيسة والذي الذي يديره قريبا من قرية موتيزين على مسافة ما يقرب من 90 كيلومترًا من العاصمة الأوكرانية كييف، إذا به يفاجأ بمجموعة من المقاتلين الروس يوجهون أسلحتهم إليه، فأطلقوا الرصاص بجانب رأسه ثم طرحوه أرضا على بطنه وأخذ أحدهم يغرز السلاح وكاد احدهم أن يقتله ثم علا صوت آخر يخبرهم ان القائد يريده حيا
وكانت صحيفة الجارديان البريطانية قد نشرت مؤخرا تقريرًا عن تورط مجموعات فاغنر كانت قد تسببت في مقتل مالا يقل عن 13 مدنيا في بلدة تينينكو في مالي، كما نشرت الجريدة البريطانية بالأمس تقريرا عن مدى نفوذ فاغنر ومالكها في الكرملين والتي قال التقرير أنها وصلت لدرجة نفوذ وزير الدفاع ووزير الخارجية الروسي نقلت الجارديان عن ميخائيل خودوركوفسكي، المعارض الروسي البارز والسجين السياسي السابق، إن قادة مجموعة المرتزقة الروسية “فاغنر”، صار لديهم من النفوذ السياسي في الكرملين بما يكافئ النفوذ السياسي لوزراء بارزين في نظام الحكم بروسيا، مثل وزير الخارجية سيرغي لافروف، ووزير الدفاع سيرغي شويغو.
جاء ذلك في تصريحات أدلى بها ميخائيل للجنة الشؤون الخارجية في البرلمان البريطاني، وفقاً لما ذكرته صحيفة الجارديان البريطانية، الثلاثاء، 1 نوفمبر 2022.
وأضاف ميخائيل إن يفغيني بريغوجين ،الذي أقر مؤخرا بأنه من أسس المجموعة، صار يُستمع إلى رأيه ومشورته لدى الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، بقدر ما يُستمع للمسؤولين الحكوميين الرسميين.
وأكد ميخائيل أن بريغوجين هو من كان وراء تعيين الجنرال سيرغي سوروفكين لقيادة العملية العسكرية خلال الأسابيع الماضية، وهما يتعاونان تعاوناً وثيقاً في أوكرانيا.
أوليج ضحية فاغنر وشاهد عيان على جرائمهم في قرية موتيزين الأوكرانية
يقول أوليج بوندارينكو في حواره لـ”أخبار الآن” الذي يروي فيه قصته بمقر تعذيبه بقرية موتيزين الأوكرانية “في البداية دخل علي حامل سلاح وبدأ إطلاق النار على الحيطان والمرايا وحتى المرحاض. ومن بعد دخل قائدهم وقال لي ألم اقل لك إذا تقابلنا مرة اخري سوف تحزن كثيرا، وصاروا يطلقون النار بجانب رأسي وربطوني إلى دراجة رباعية وأحضروني إلى هنا الي تلك القاعدة بجانب البحيرة، وصاروا يمزحون و يسخرون و ظللت حيا بمعجزة، كانو يودون أن يمروا علي أرجلي بالسيارة، وأطلقوا الرصاص بجانب رأسي كما فرق أحدهم ساقيي عن بعضهما البعض وصار يطلق النار بينهما، ثم طرحوني على بطني وجعل أحدهم يغرز السلاح في ظهري ويجلس عليه، ومازالت لدي فجوات في الظهر بعد مرور نصف عام يمكنكم أن تروها و من ثم قال أحدهم اتركوه لان القائد طلب أن نأتي به حيا، إنها معجزة أنني بقيت علي قيد الحياة”
قرية موتيزين الأوكرانية التي شهدت جرائم حرب على يد فاغنر
واقتاد المقاتلون الروس الراهبَ أوليج معصوبَ العينين إلى قرية موتيزين، وهي من أكثر المناطق التي شهدت جرائم حرب مفزعة على يد الروس في أوكرانيا حتى إن عمدتها تم قتلها هي وأسرتها بعد تعذيبهم لرفضها تسليم القرية للمقاتلين الروس، والذين ماكانوا إلا مجموعة من شركة أمن خاصة روسية تسمى فاغنر تجند السجناء السابقين والمرتزقة في حروب روسيا في بلاد عدة.
الراهب أوليج فرق بين فاغنر والمجندين الروس من سلوكهم الفظ
ألقى فاغنر الراهب أوليج في ماسورة صرف كان شاهدا منها على قتل فتاة وتعذيب أسرة مكونة من أب وأم وطفل، هناك في الغابة قتلهم فاغنر بدم بارد بعد تعذيبهم ودفنوهم في مقبرة جماعية بعد تهشيم وجه الزوج بإطلاق الرصاص على رأسه من الخلف حتى اختفى وجهه ، ليس وحده ذلك الأب المعذب بل أكثر من 20 جثة وجدوها بجوار الأسرة معظمهم مهشم الوجه.
ويسترسل الراهب أوليج في حكايته فيقول “أتوا بي الي هنا وكانت عيناي معصوبتين، حققوا معي هناك في تلك الشرفة من بعد بدأ محاربونا الأوكران قصفهم لعلمهم بوجودهم هنا في ذلك المنزل هناك يوجد قبو، يغلق بغطاء حديدي. كانوا يختبئون هناك من قصف الأوكران وكل مره كانوا يختبئون كانوا يلقون بي في العراء ويقولون لي فلندع أصحابك يقتلوك.”
عندما عزموا إطلاق النار علي دافع عني أحدهم و قال لماذا بدون سبب نقتل رجل دين وليس عليه شئ. فرد أحدهم: لدينا قائمه بأسماء المجندين سوف اذهب الآن وأقبض علي اثنين منهم وأطلق النار علي سيقانهم وسوف يسردوا لنا كل ما يعرفوه عن رجل الدين هذا.
ذهب هذا الشخص إلي القرية لإحضار اثنين وجاء بي المجندين وخبأوني في حفرة الصرف الصحي، كانت يداي موثقة خلف ظهري وعيناي معصوبتان، ألقوا بي داخل الحفرة، اليوم الأول كنت أستطيع الجلوس والقيام، اليوم الثاني جلست فقط علي يداي وانحصرت ولم أستطع القيام، تم ضغط الأعصاب وعضلات اليد وسوف أجري عملية جراحية قريبا،أبرحوني ضربا في كل الأوقات كل أسناني متخلخلة، وظللت في تلك الحفرة يومين”
فاغنر تفننوا في تعذيب ضحاياهم بقرية موتيزين الأوكرانية
لم يكن أوليج مجرد ضحية تعذيب في منطقة كانت من أكثر المناطق التي وقعت بها جرائم حرب في أوكرانيا خلال إقامة فاغنر بها، بل كان أيضا شاهد عيان على باقي الجرائم في حق الآخرين من الأهالي حيث يروي لنا باقي القصة فيقول ” مساء كل يوم كانوا يحضرون شخصا و يقتلونه، حدث هذا هنا وأنا كنت أسمع كل شيء يطلقون النار علي أرجلهم و يكسرون أذرعهم ويطلقون النار علي ركبهم ومن ثم يعودون ويطلقون النار علي بطونهم يموتون من الآلام في بعض الحالات كانوا يطلقون النار علي مؤخره الرأس حتي لا يكون هناك وجه. حتي يتم دفنهم في تابوت مغلق. هنا وجدنا متطوع تحت الأنقاض عندما جاءنا فرنسيون في لجنة مساعدة وهم من وجدوه فقد كان حذاؤه فقط يظهر من تحت الأنقاض. أخرجناه وكان سرواله مسدل ويبدو أنهم أجلسوه علي عنق الزجاجه وكذلك آثار الرصاص علي ساقيه ويداه محطمتان وأيضا لم تكن هنالك ملامح للوجه من أثر الطلقات خلف الرأس ولدي بعض الصور”
أوليج: فاغنر ذكروا أن الحرب هنا مسلية أكثر من سوريا
استطاع الراهب أوليج أن يفرق بين من يحيطون به من مرتزقة فاغنر وصغار المجندين من سلوكهم المتباين فبينما كان فاغنر يريدون الفتك به وتعذيبه كلما رأوه ، كان المجندون الصغار يخبئونه أحيانا عن عيون فاغنر لحظة غضبهم ورغبتهم في الدماء خشية قتل رجل دين فيغضب الرب عليهم بينما رأى أوليج مقاتلي فاغنر يقتلون ويستمتعون بتعذيب ضحاياهم والتمثيل بجثثهم ثم يتناولون طعامهم دون غسل أياديهم من الدماء وبينما أخبر المجندون الروس الصغار الأب أوليج بأنهم أخذوا إلى أوكرانيا دون أن يعلموا بوجهتهم وانهم لا يريدون الاستمرار في الحرب كان فاغنر يخبرون بعضهم البعض أن الحرب هنا أحسن من الحرب في سوريا، فقد كان للفاغنر دور دموي كبير في حرب سوريا.
ويشرح أوليج ذلك فيقول “استطعت التفريق بين فاغنر والمجندون الصغار حين أخبرني المجندون انهم بالصدفه جاءوا الي هنا. فلم يقل لهم احد الي اين هم ذاهبون. فقالوا: نحن نؤمن بالرب ولا نريد حربا و نتمني العودة سريعا. طلبوا مني أن أصلي للرؤساء حتي يتفقوا ويمكنهم الرجوع إلي ديارهم علي قيد الحياة، إن هؤلاء المجندون الصغار كانوا كخدم يجلبون الماء و يعدون الطعام للمقاتلين فاغنر كما أنني سمعتهم يخبرون بعضهم البعض أن الحرب هنا في أوكرانيا مسلية أكثر من سوريا كما أنهم جميعا كانوا كبار السن فوق الـ40 ، كما كانت أجسادهم ضخمة ومدربين جيدا.”
أوليج: شاهدت تعذيب شخص حتى دعوت أن يأخذه الرب ليرتاح
في هذه الفترة لم يكن الراهب أوليج مجرد ضحية بل كان شاهد عيان على تعذيب فاغنر لسكان القرية وقتل العديد منهم بعد حفلات التعذيب التي كان يستمتع بها عناصر فاغنر وعن ذلك يوقول أوليج ” مكثت يومين بدون طعام أو ماء و عندما كنت بداخل الحفرة جاءوا بشخص ضخم الجثة عذبوه ساعة و نصف، كنت أدعو أن يأخذه الرب حتي يرتاح، أيضا حطموا يديه وكان المجندون يعلمون أنهم سوف يلقوه في هذه الحفرة فسارعوا برفعي وخبأوني خلف المبني. وقالوا انهم ليسوا وحوش ولا يودون قتل رجل دين و طلبوا مني أن ادعو الرب لهم وأمروني أن اجلس بصمت هنا فإنهم اذا لم يجدوا ضدك شئ يحتمل أن يتركونك حيا.”
ويتذكر أوليج أمسيات التعذيب في ظل أسر فاغنر فيقول ” لما كان كل مساء يقتل المقاتلون أحد الأشخاص، كانوا هم يحملون الجثة و يدفنوها هنالك، حيث توجد أيضا حفره ضخمه قد وجدنا فيها ٢٠ جثة كثيرون مازالوا مفقودين حتي الآن، يحتمل أن يكونوا مدفونين في مناطق أخري ،وكنت أسمع فاغنر يتحدثون بعد قتلهم لشخص عن الطعام وماذا لديهم اليوم واي نوع من السلطات سوف ياكلون. حتي ايديهم لا يغسلونها .”
قرية موتيزين الأوكرانية هي من أكثر المناطق التي شهدت جرائم عنيفة ضد سكانها أثناء مقاومتهم دخول الروس إليها ، وفي حديثه معنا يكشف لنا الراهب أوليج السر وراء ذلك حيث كان السر هو أن القرية كانت مقرا لسريتين جميعهم من فاغنر، ويشير أوليج إلى ذلك قائلا” هنا كان ثلاثة مواقع سرية لنظم الصواريخ الميدانية وتحرسها سرياتان من فاغنر كان عددهم من خمسين الي ستين كانت السريتين تحت إمرة اثنين من قيادات فاغنر وهما فيتيبسك وكالوغا هذه كنيه القائدين علي الكتيبتين من فاغنر وكنت اسمع اسميهما عندما كانوا يتحدثون باللاسلكي.”
أوليج: فاغنر قتلوا فتاة بسبب ردائها الأسود
في الغابة القاطنة بأطراف قرية موتيزين تجولنا مع الراهب أوليج وشاهدنا مقر سريتي فاغنر بجوار المقابر الجماعية ، ويحكي لنا أوليج عن الحوادث التي رآها حين كان حبيسا في حفرة الصرف فيقول مشيرا إلى واحدة من تلك المقابر”هنا تم دفن ياسيا الفتاة التي أطلق القناص عليها رصاصة في الظهر، لقد هرعت الفتاة إلي الحديقة كان هناك أوامر للقناص الروسي باصطياد كل من كان يرتدي زي أسود وكانت الفتاة ترتدي ستره سوداء وتنوره سوداء. ورغم أن القناص علم أنها فتاة إلا أنه أطلق النار عليها من الخلف هرع والدها ليسألهم صارخا ماذا تفعلون؟، فلم يجد إجابة فقد قتلت ابنته فقط لأنها كانت ترتدي زيا أسودا بلون ملابس المقاومة.”
ويستمر أوليج في شرح باقي المآسي فيقول ” كان هنا ٤ أشخاص مقتولين فهنا قتلوا أسرة من ٣ أشخاص الأب والأم و الطفل ، نعم تحت أنظار بعضهم البعض، كانت هنا الام والطفل و الاب مربوط بالشجره و كذلك كان هنا متطوع مقتول بجوارهم، كان لديهم قائمة بأسماء الناس الذين كان عليهم جمعهم و هنا حفروا حفره كبيرة وفي جذع هذه الشجرة كان الزوج مربوط الرأس كانت ساقيه مضروبة بالرصاص وأصابع يديه محطمه ويديه بالكامل ومن ثم أطلقوا النار علي بطنه ولما مات أطلقوا ثلاث رصاصات علي مؤخره رأسه حتي انخلع وجهه. كان ملقي هنا بدون وجه. فقط تبقت قطعه من ذقنه.”
ثم يشير أوليج إلى دليل آخر أنهم فاغنر وليسوا مجرد مجندين عاديين فيقول” هنا وجد رجال الأمن الوطني الكثير من أغلفه القذائف من المسدسات والاسلحة الاتوماتيكية وكانوا بدون أرقام. كانت غير مرقمه وهذا يعني انها تتبع لقوات خاصة”.
هكذا أينما حلت الوجوه الحمراء الروسية حلت الدماء وانتشر الدمار، إنهم فاغنر جيش القيصر الروسي من المرتزقة ومعتادي الإجرام ومحققي أحلامه في بلاد العرب وإفريقيا.