يقول قائل من أهله “إنّ الحرس الثوري الإيراني تحوّل إلى وحش مفترس، لا يهدّد الدول الأخرى باعتباره منظمة إرهابية فحسب، بل يقوم بأعمال داخل إيران نفسها تهدّد الأمن الوطني، مثل إطلاق الصواريخ، التدخّل في الشؤون السياسية، التورّط في أنشطة مافيوية، تهريب المخدرات، تهريب النفط، غسل الأموال، الالتفاف على العقوبات، المقامرة والإتجار بالجنس، وكلّما تُرك ذلك التنظيم حرّاً، كلّما كانت مخاطره أكبر”.
مؤسس الحرس الثوري يكشف المستور
القائل هنا هو الايراني محسن سازكارا (Mohsen Sazegara)، الذي ساهم في إنشاء الحرس الثوري الإيراني، العمود الفقري للنظام في إيران وأذرعه بالمنطقة.
من هو محسن سازكارا؟
التحق محمد محسن سازكارا العام 1979 بالخميني في منفاه في العاصمة الفرنسية باريس، حيث أصبح أحد مترجميه، ورافقه في العودة إلى طهران بعد سقوط محمد رضا بهلوي. وهناك ساهم في تأسيس الحرس الثوري وكتابة البيان السياسي لتلك القوّة العسكرية. بعد ذلك أصبح رئيساً لهيئة الإذاعة الإيرانية، ونائباً لرئيس الجمهورية في الشؤون السياسية محمد علي رجائي. ومع ظهور الحركة الإصلاحية في نهاية تسعينيات القرن الماضي، التحق بها وحكم عليه بالسجن العام 2004 بتهمة تعريض الأمن القومي للخطر، فأضرب عن الطعام في السجن، وبعد خروجه استقر في الولايات المتحدة الأمريكية، حيث ينشط حالياً إعلامياً ومدنياً ضدّ النظام الذي ساهم بقوّة وعلى أعلى المستويات في تأسيسه.
هل دخل النظام الإيراني سنواته الأخيرة؟
في لقاء خاص مع “أخبار الآن“، يقول سازكارا إنّ “ما يحصل في إيران الآن هو ثورة نساء وثورة حياة وحرية، وتلك الثورة هي على غرار أيّ ثورة أخرى تمددت جغرافياً في سائر أنحاء البلاد، وتعمّقت أيضاً في المجتمع، وهي تضمّ مواطنين من مختلف الفئات، فيما تطبّق الحكومة النهج الذي تعرفه وتسير فيه، وقد طبّقته خلال السنوات الـ 40 الماضية، على سبيل المثال القمع والقتل والإعتقالات الجماعية والتخويف”.
ويُضيف,”لقد طبقوا كلّ تلك الأساليب إلى درجة متقدمة جدّاً، خصوصاً في مناطق مثل كردستان (Kurdistan) وبلوشستان(Balochistan)، لكن من دون نتيجة تُذكر، إذ لم تكن الحكومة قادرة على منع المواطنين من النزول إلى الشارع”.
يؤكّد العضو السابق في الحرس الثوري الإيراني أنّه “من الصعب التكهّن بتوقيت سقوط النظام ولو أنّ النهاية باتت قريبة، لكن يمكن القول إنّ التحرّك الذي بدأه الإيرانيون يفيد بأنهم لا يريدون نظاماً وحشياً، بل يريدون بناء عالم جديد لهم، وبالتالي يمكن القول إنّ تلك الأمة ستحقق النصر بكلّ تأكيد، والتعامل معهم بطريقة وحشية والوقوف بوجههم سيرتدّ على النظام سلباً”.
وعمّا إذا كان النظام في إيران بدأ يفقد السيطرة في بعض المناطق، يقول سازكارا إنّ “الحكومة كانت تخسر منذ وقت طويل، والنظام ليس لديه سيطرة حقيقية على المسائل الثقافية والإقتصادية والإجتماعية وغيرها من المسائل المرتبطة بالمجتمع الإيراني، لكن حتى الآن لم يستعمل النظام سوى سلاح القمع المتوفّر بين يديه، وذلك ما جعله يصمد حتى الآن، ومع ذلك، فقد اهترأت آلة القمع وكانت عديمة الجدوى في التعامل مع الشعب على مرّ الأيّام الـ70 الماضية”.
ارتطام نظام خامنئي وإفلاسه
ويكشف سازكارا عن معلومات من داخل الحكومة الإيرانية، مفادها أنّ “أكثر من 65 % من قوّات الباسيج والحرس الثوري الإيراني، وهي القوة الرئيسية للقمع، لا تؤمن بالحكومة ولا تؤمن بقتل المواطنين”، مضيفاً: “لذلك يعاني ذلك القطاع أيضاً من مشاكل جمّة لدرجة أنّ الحكومة توظّف قتلة ومجرمين لقاء أموال طائلة، وتلبسهم ثياب رجال شرطة وترسلهم لقتل المواطنين، لكن ذلك لن يجديهم نفعاً”.
ويتابع: “ما لم يتنبّه له العالم كثيراً هو الفساد المستفحل في كنف النظام الحاكم. يجوز القول إنّ تلك الحكومة هي عبارة عن زمرة مافيوية ومجرمين ينشطون في كلّ مجالات عمل المافيا. إنّ حرّاس الثورة ليسوا مجرمين فحسب، بل هم متورطون في الإتجار بالمخدّرات وإنتاجها والدعارة والمقامرة ومسائل أخرى مماثلة. لقد اطلع العالم على قدر قليل فقط، وعليه أن يعرف ما هي حقيقة ذلك النظام الفعلية، وكيف يتورّط، بدءاً من القيادة، في كلّ أنواع الجرائم الدولية مثل تبييض الأموال والأعمال الإرهابية والتهريب”.
خطأ المشاركة في قيامة نظام الملالي والندم
رداً على سؤال حول ضلوعه في تأسيس نظام الملالي وكونه ركناً رئيساً سابقاً منه قال سازكارا أنّ “الإيرانيين كانوا يسعون للوصول إلى التحضّر والحرية على مر 200 سنة، وإنْ جمعتم كلّ الحركات التي انخرطوا فيها في السنوات الـ200 الماضية، ستجدون أنّ هناك صراعاً بين تقاليد المجتمع والتحضّر والصراع بين الإستبداد والحرية”. وأضاف، “خلال السنوات الـ200 تلك التي بذل فيها الإيرانيون جهوداً جبارة، كانت الثورة الإيرانية إحدى أكبر الأخطاء التي ارتكبناها، وقد تطبّعت في جيلنا أفكار خاطئة، وأنا كنت واحداً من ذلك الجيل، وبالتالي إنْ عدت بالزمن إلى الوراء عندما كنت في الـ 20 من عمري، وكنت أملك فكري الحالي، وكنت أملك القدرة على التفكير خارج النمط السائد حينها، لكنت قد ناضلت ضدّ أيّ دكتاتور عسكري مثل الشاه أي الملك، لكنّني ما كنت لأنضم إلى الثورة الإسلامية”.
وعمَّا إذا كان نادماً على تلك المرحلة الماضية من حياته، يقول سازكارا، “في خضم أحداث كبرى كتلك، لا يمكن القول إنّ أمّة ما قرّرت السير في الاتجاه الخطأ في العام 1979 أو إنّها تندم على ذلك اليوم، وبالتالي أحداث كبرى كأيّ ثورة على غرار الثورة الحالية في إيران، تكون متجذرة في الزمن لعدّة عقود بشكل أنَّ عدّة أحداث تسير يداً بيد لتفضي إلى اندلاع ثورة لأنَّ الثورات ظواهر اجتماعية كبيرة ترى النور في كنف المجتمع، ونحن الإيرانيين بذلنا جهوداً متواصلة، شأننا شأن دول أخرى من دول العالم الإسلامي كي نتمكن من التعامل مع ظاهرة العالم المتحضر الذي رأى النور في الغرب وكي نجلبه إلى بلدنا ونستعمل منتجاته المختلفة مثل الديمقراطية والحرية. واعتبر سازكارا أنَّ مفاهيم الثورة الايرانية كانت شبيه بتلك الفرنسية، ولكنَّه أقرَّ أن الواقع كان عكس الأفكار والاعتقادات تماماً
خطر الحرس الثوري الإيراني
وعن خطر النظام الإيراني بأنشطته وأذرعه، قال سازكارا إنَّ “الجمهورية الإسلامية الإيرانية والحرس الثوري أعادا إنتاج نموذج الحرس الثوري في المنطقة، فتلك المنظمة العسكرية، والسياسية، والإيديولوجية، والإقتصادية، الفاسدة والإرهابية في إيران، أعادت إنتاج النموذج نفسه في لبنان على شكل منظمة حزب الله، أو في العراق على شكل مجموعات الحشد الشعبي أو في اليمن”.
مضيفاً، “لقد حاولوا تكرار المثل مع الحوثيين في اليمن وفي سوريا أيضا. إنّ حزب الله هو أكبر المنظّمات وأقربها إلى النظام الإيراني، وهو أحد أذرع شبكة التهريب والإرهاب التابعة للجمهورية الإسلامية، والذي انتشر من كابول إلى كاراكاس، وتورّط في الإرهاب والإتجار بالمخدرات والمقامرة والدعارة وعمليات عديدة أخرى. إنّ حزب الله هو كذراع للجمهورية الإسلامية وهو توأم للنظام الإيراني في لبنان وقد أثر على حياة اللبنانيين بتلك الطريقة، وهكذا يتدخل ذلك النظام في حياة الشعب ويهينه”.
خامنئي مريض ونصرالله مجرم
في ختام حديثه لأخبار الآن أعطى سازكارا وصفاً لكلّ من خامنئي والحوثيين وحسن نصرالله. فقد قال إنّ :خامنئي قائد متوهم ومريض ومصاب بالاكتئاب، يعرف فقط كيف يقتل الشعب ويعيش في عالمه الخاص”. وأضاف، “إنّ الحوثيين آداة للحرس الثوري وحتى أنّ صواريخهم ومسيراتهم من صنع إيران، وهم لعبة بيد الحرس الثوري والجمهورية الإسلامية، إنهم يقومون بهدر دم الشباب اليمني والمواطنين والأبرياء من أجل مصالح الجمهورية الإسلامية، فقط من أجل أن تكون شوكة في خاصرة المملكة العربية السعودية”.
وأردف عن حسن نصرالله قائلاً: “إنَّه مجرم إرهابي يشبه خامنئي أو قادة الحرس الثوري الإيراني في إيران”.