تقاطع زوبي في العاصمة الصومالية مقديشو.. يشهد على إرهاب جماعة الشباب الموالية لتنظيم القاعدة
يعرف الصوماليون تقاطع زوبي (Zoobe) ذات الاكتظاظ الدائم، خير معرفة ومنذ زمن طويل. فذلك التقاطع الواقع في قلب العاصمة مقديشو، والذي يربط أجزاءها بعضاً ببعض، يُعدّ من أكثر الشوارع ازدحاماً في العاصمة الصومالية خصوصاً، وفي البلاد عموماً.
وقد شكَّل منذ بدء الصراع بين جماعة الشباب الارهابية والدولة الصومالية الذي يعود إلى العام 2009 مع أوّل تفجير ارهابي للجماعة المتطرفة، عصب الدولة المركزية التي حتّى اليوم لا تريد جماعة الشباب قيامها في الصومال، بل ترغب بأن يكون البلد الموجود في القرن الأفريقي، إمارة اسلامية تابعة لتنظيم القاعدة التي أعلنت جماعة الشباب الولاء لها العام 2012، أي بعد 8 سنوات على تأسيسها و3 سنوات على أوّل عملية إرهابية لها في الصومال، التي طالت حفل تخرج في إحدى جامعات العاصمة.
التقاطع هدف استراتيجي لجماعة الشباب
تقاطع زوبي يُشكّل عمق الدولة الصومالية التي لم تبسط سلطتها الكاملة بعد. وهو يضمّ مباني رسمية كوزارة التربية والتعليم الصومالية، ومتاجر وفنادق ومكاتب لشخصيات رسمية. وكونه عصب الحياة في مقديشو التي زارتها “أخبار الآن” وتجوَّلت فيها، أصبح ذلك التقاطع هدفاً استراتيجياً لجماعة الشباب في كلّ مرّة تريد فيه نشر الرعب في نفوس الصوماليين، أو تهديد الدولة بأنَّها قادرة على نسفها.
تفجيرات “زوبي”.. الأسوأ في الصومال وخارجه
في 14 أكتوبر العام 2017، انفجرت شاحنة مُحمَّلة بمواد متفجّرة أمام إحدى الفنادق الواقعة في تقاطع زوبي، وذلك بعد يومين من استقالة وزير الدفاع وقائد الجيش من منصبه، وبعد يوم من زيارة قائد القيادة الأمريكية في أفريقيا إلى العاصمة مقديشو.
التفجير قضى على حياة نحو 1000 صومالي من موظفين رسميين وعاملين ومسؤولين وأبناء القبائل، وذلك ما أكَّدته مصادر مطلعة لـ”أخبار الآن” خلال تواجدها في مقديشو. عدد القتلى كان الأعلى على الاطلاق ليس فقط في تاريخ الصومال، إنَّما أيضاً في تاريخ القارة الأفريقية. وقد نتج عنه مئات الجرحى الذين نُقل بعضهم إلى خارج البلاد للعلاج.
وتخليداً لشهداء 14 أكتوبر 2017، أقامت الحكومة الصومالية نصباً تذكارياً وسط التقاطع. وسرعان ما لملمت الحكومة الصومالية أثار الانفجار الذي هزَّ البلاد والدولة وكلّ مَنْ آمن بقيامها، عادت جماعة الشباب الارهابية وضربت الشارع “العصب” مجدّداً بعد 5 سنوات في 29 أكتوبر العام 2022، لكن في تلك المرّة كان الانفجار من باب وزارة التربية والتعليم عبر سيارتين مفخختين، ما أدّى إلى قتل أكثر من 100 شخص وإصابة العشرات، ليعود تقاطع زوبي الذي حمل اسم تقاطع شهداء 14 أكتوبر منذ تفجير 2017 الدامي، إلى الواجهة من جديد.
أخبار الآن تزور المنطقة وترصد الحركة
زارت “أخبار الآن” التقاطع وعاينت عن قرب الحواجز الأمنية في العاصمة، والتي من شأنها أن تمنع أيّ تفجير لجماعة الشباب المتشددة، خصوصاً في ذلك الشارع. إلّا أنَّ الجماعة تحاول جاهدة تكثيف تفجيراتها اليوم وقدر الامكان بحسب ما أوضحت لنا مصادر أمنية وسياسية التقينا بها في مقديشو، وذلك لأنَّ الشباب ترى بالتفجيرات باباً لوقف العمليات العسكرية التي تُشنّ عليها في المناطق التي كانت تحت سيطرتها لأكثر من 15 عاماً.
شارع زوبي يحاول استعادة الحياة من جديد، والحكومة المركزية الصومالية تقول لـ”أخبار الآن” إنَّ التفجير الذي طال وزارة التربية والتعليم منذ بضعة أشهر لا يعني فقدان القوّات الرسمية السيطرة على أمن العاصمة، بل هناك موجة كبيرة من التفجيرات التي تفسد القوّات الرسمية الكثير منها.
في ذلك السياق، تسعى الدولة الصومالية لتكثيف عملها الاستخباراتي وكسب ثقة المواطنين أكثر على اختلاف انتماءاتهم القبلية كي تنجح بكشف معلومات جديدة عن عناصر جماعة الشباب الذين يخططون للتفجيرات بسرية كبيرة وبخوف شديد.
تجدر الاشارة إلى أنَّ “أخبار الآن” شهدت خلال التغطية في مقديشو على عملية أمنية نفّذتها القوات الصومالية بالتعاون مع أبناء القبائل، إذ تمكّنت من الوصول إلى عنصر جماعة الشباب المتخصص بصناعة وتركيب القنابل والعبوّات الناسفة، تتحفظ “أخبار الآن” على نشر الصور نظراً لقساوة المشاهد فيها .
شاهدوا أيضا: أخبار الآن في العاصمة الصومالية مقديشو بتغطية خاصة واستثنائية