يتواصل ضغط المعارضة الإيرانية على النظام، وهي تعمل على مستويات عديدة محاولةً الحفاظ على استمرارية الدعم الغربي للاحتجاجات المستمرة داخل البلاد منذ سبتمبر الماضي. فالصورة في الخارج ليست بعيدةً عمّا يجري داخل إيران من تحرّكات مناهضة للنظام، إذ أنّه لأوّل مرّة عقد اجتماع مؤخراً في واشنطن، جمع أبرز الشخصيات المعارضة للنظام الإيراني في لقاء حمل عنوان “مستقبل الحركة الديموقراطية الإيرانية”. أحد هؤلاء عبدالله مهتدي وهو أحد الرموز الكردية للمعارضة التي تعمل على إعلاء صوت الإيرانيين التوّاقين إلى الحرية.
“الأكراد في إيران يريدون استعادة حقوقهم”
وفي لقاء خاص مع “أخبار الآن“، أوضح الأمين العام لحزب كومله الإيراني عبد الله مهتدي (Abdullah Mohtadi) أنّ “أهم رسالة توجهها الثورة الإيرانية الحالية للمعارضة هي وحدتها وتضامنها”، قائلاً: “عندما نزل كلّ الشعب الإيراني للتظاهر معاً من زاهدان إلى كردستان إلى طهران وغيرها من المناطق، لم يسأل أحد عن التوجّهات السياسة للآخر، ولم يتظاهر أحد بسبب توجهاته السياسية، بل ساروا في الشوارع وبدأوا تلك الثورة وهم يحملون شعارات الموت للجمهورية الإسلامية ومن أجل الحرية ومن أجل العدالة”.
وتابع: “الناس القادمون من مناطق مختلفة ومن طبقات اجتماعية مختلفة لديهم أمانٍ رغبات مختلفة، مثلاً الأكراد في إيران يريدون استعادة حقوقهم، ولن يقبلوا بالتعامل معهم على أنّهم مواطنون من الدرجة الثانية بعد الآن، وأن يُحرموا من هويتهم ولغتهم، ومن فرصة حكم مناطقهم، وليسوا مستعدين لقبول ذلك بعد اليوم، ويجب أن يقوم نظام الحكم المستقبلي في إيران على مجتمع تعددي ومتنوع مع الاعتراف بالهويات العرقية والثقافية واللغوية والدينية المختلفة. خلال هذه الثورة للشعب الإيراني، أظهر الشعب مدى وحدته، وهو يطلب الأمر نفسه من المعارضة”.
“من قال إن المعارضة لا يمكنها الجلوس حول طاولة واحدة”؟
يذكر أنّ الإجتماع الذي جمع تلك الشخصيات المعارضة لأوّل مرّة عقد في معهد جورج تاون في واشنطن، وتحدث عن استمرارية الانتفاضة وديناميتها، ووجهات نظرهم المشتركة حول مستقبل طهران، والآثار العالمية للتغيير الديمقراطي في إيران.
في ذلك الصدد، اعتبر مهتدي في حديثه لـ”أخبار الآن” أنّ “أهم نتائج اجتماع جامعة جورج تاون هو أنّه وجّه رسالة واضحة إلى إيران والشعب الإيراني، وأعطاهم أملاً بأنّ النصر بات قريباً”، قائلاً: لطالما كان يُقال إنّ المعارضة الإيرانية لا يمكنها الجلوس حول طاولة واحدة، ولا يمكنها أن تتحد وأن يتعاون أفرادها مع بعضهم البعض، أتمنّى أن يضع ذلك الإجتماع حدّاً لتلك الأقاويل، ويثبت أنّ المعارضة الإيرانية وبالرّغم من بعض الاختلافات يمكنها أن تعمل معاً، وبوسعها أن تضع خلافاتها جانباً وتتعاون للقضاء على الجمهورية الإسلامية وأنا أرى أنّ تلك الرسالة كانت موجّهة إلى الشعب الإيراني، وأعتقد أنّها وصلت إليهم”.
“مسألة اختيار زعيم للمعارضة تحتاج لنقاش”
وأضاف أنّه “لا يوجد قائد حتى الآن أو ناطق باسم المعارضة الإيرانية، واختيار زعيم للمعارضة يحتاج إلى نقاش بين رموزها”، قائلاً: “لقد اتفقنا على أن تكون حقوقنا متساوية، وبالتالي إذا كان علينا اختيار شخص ما ليكون قائداً في المستقبل، فيجب أن نناقش ذلك الأمر ولكن حتى الآن، نحن جميعاً متساوون ولا أحد يمثّل الآخرين ولم يفرض أيّ حزب شروطاً على الآخر، بل شاركنا آراءنا ونتمنّى أن يؤدّي ذلك إلى الوصول إلى نهاية أفضل”.
وعندما سألناه عن سبب غياب منظمة “مجاهدي خلق” عن اجتماع المعارضة في واشنطن، قال إنّ “مجاهدي خلق هم أنفسهم لا يريدون التعاون مع بقية قوى المعارضة”.
ما الذي يجب على المعارضة فعله أكثر؟
هنا يقول مهتدي إنّ “أوّل ما يجب على المعارضة فعله هو توسيع وحدة المعارضة، فبقدر ما ستكون تلك الوحدة أوسع، بقدر ما ستصبح تلك الثورة أكثر أهمية وقوّة، ويجب علينا التنسيق مع الموجودين داخل إيران، وليس خارج البلاد فقط، وإنشاء روابط مع مختلف مكوّنات المجتمع الإيراني، وأن يتمّ تنسيق العملية بين الناشطين الميدانيين في إيران، بالإضافة إلى جذب انتباه المجتمع الدولي، وأن تصبح المعارضة لسان الناس في المجتمع الدولي والمتحدثين باسم الشعب، وأن تعكس قضاياهم وتقنع المجتمع الدولي تدريجياً بضرورة الامتناع عن أيّ نوع من العلاقات مع جمهورية إيران الإسلامية”.
وكونه الأمين العام لحزب كومله الإيراني الكردستاني، شدّد مهتدي أنّهم على تواصل دائم مع الناشطين الميدانيين داخل إيران، خصوصاً داخل كردستان، وقال: “نحن على اتصال ليلاً ونهاراً مع الناشطين المحليّين في كردستان، وعدد كبير منهم زملاؤنا. نحن نسيطر على نبض تلك الثورة في الشوارع، من خلال العائلات، من خلال الأحياء والمدن والمدارس والمتاجر والشعب الكردستاني يريد الوحدة بين الأكراد، وتلك أهم رغبة لديهم هم يريدون تأكيد حقوقهم ويريدون عدم انتهاك تلك الحقوق مرّة أخرى مستقبلاً في إيران ويريدون تطمينات من المعارضين الإيرانيين للتأكّد من الاعتراف بحقوقهم ولغتهم وثقافتهم وقدرتهم على إدارة شؤونهم الداخلية وضمان مشاركتهم في السلطة السياسية بشكل كامل”.
أصل اسم مهسا أميني “جينا”
بالحديث عن الشابة مهسا أميني، قال: “تعرف أكثر باسمها الكردي جينا أميني، هي مواطنة إيرانية تنحدرُ من مدينة سقز التي تتبعُ محافظة كردستان. عاشت في مدينة كردية تعرّضت لقمع شديد من قبل الحكومات الإيرانية المتعاقبة، لكن في الاحتجاجات هتف الجميع بمهسا أميني بشكل عام من دون الإشارة إلى أنّه اسمٌ كردي”.
وأضاف: “لسوء الحظ، بسبب التمييزات العديدة الموجودة في إيران، بينها التمييز ضدّ المجموعات العرقية المختلفة خصوصاً تجاه الأكراد، لم يسمحوا بتسجيل اسمها جينا أميني في شهادة ميلادها. لذلك اختاروا لها اسم مهسا، وعلى الرّغم من أنّ موتها كان مأساوياً للغاية، وأحزن كلّ شعب كردستان وإيران، لكن بوفاتها وبالتضحية بحياتها، جعلت مهسا الأكراد معروفين ليس فقط في إيران، ولكن أيضاً في العالم”.
وعن مقاطعة بلوشستان التي تعرّضت للقمع بقوة ملحوظة من قبل النظام الإيراني، قال مهتدي في حديثه لـ”أخبار الآن“: “كانت كردستان وبلوشستان البؤرتان الرئيسيتان للثورة في إيران في الأشهر الـ5 الماضية. في رأيي، لعب شعب بلوشستان دوراً كبيراً لا غنى عنه في تلك الثورة بشجاعتهم ووحدتهم ومن حق شعب بلوشستان المشاركة في أيّ تحالف، وبالطبع، يجب أن يتمتع شعبها، مثل شعب كردستان، بالحريات الفردية والثقافية واللغوية والدينية في المستقبل”.
وتابع: “نحن، شعب كردستان، نشعر بالكثير من التقارب والتعاون والتضامن مع شعب بلوشستان. أرسل صلاتي إلى النفوس الطاهرة لجميع شهداء بلوشستان وبالطبع في كلّ أنحاء إيران، وأقدم تعازيّ لعائلاتهم وشعبهم، وأؤكّد لهم أنّ جهودهم في طريق الحرية لن تضيع”.
أين ترى إيران في المستقبل لناحية الحُكم الداخلي والعلاقات الدولية؟
في ذلك الصدد، فال مهتدي: “إيران دولة شاسعة، فيها عدد كبير من السكان وموارد طبيعية وفيرة وفي رأيي، يجب أن تكون إيران في المستقبل قادرة أوّلاً على قبول واستيعاب الحرية، والمساواة في الحقوق، والاعتراف بتنوع الهويات داخلها. ثانياً، في رأيي، يجب إنشاء برنامج تنمية مستدام ومتوازن في نفس الوقت لحماية البيئة تعرّضت البيئة خلال حكم الجمهورية الإسلامية إلى تدمير كبير، لذلك من المهم جدّاً إيلاء هذا القطاع إهتماماً كبيراً لوضع البيئة الإيرانية على السكة الصحيحة”.
“المطلوب دولة تحترم جيرانها وعلاقاتها”
وتابع: “يجب على إيران في المستقبل هو أنّه بدلاً من العداء والتدمير، بدلاً من تصدير الإرهاب، بدلاً من تصدير الثورة الإسلامية إلى الدول المجاورة، أن تتعامل مع جيرانها بشكل ودّي وبدلاً من العداء ومحاولة زعزعة استقرار المنطقة العربية، ويجب على إيران تأسيس لعلاقة مبنية على الصداقة والتعاون أمّا بالنسبة لدول المنطقة، فيجب على إيران الانخراط في علاقات ودّية والحفاظ على علاقات صحية معها واحترام حقوق الدول الأخرى وعدم التدخل في شؤونها. وأخيراً، ينبغي أن تكون المهمّة الأخيرة لإيران في المستقبل هي أن تصبح عضواً مسؤولاً في المجتمع الدولي لمساعدة السلام والأمن العالميين، وليس زعزعة السلم والأمن العالميين بالأعمال الإرهابية”.
شاهدوا أيضاً: النجمة الإيرانية نازنين بنيادي تفتح النـارعلى نظام خامنئي موّل الإرهـاب وصدّره