عنصرية باطرفي ودعايات وهمية وانتشار الجاسوسية
- القاعدة تتعاون مع الحوثي وداعش.. وتستقطب القتلة والإرهابيين والشخصيات المنبوذة
- منشق عن القاعدة في اليمن: كنت أعمل مع خلية جاهزة لتنفيذ أي مهمة إرهابية توكل إليها
انضم إياد – اسم وهمي حرصا على سلامته – إلى تنظيم القاعدة الإرهابي في نهاية عام 2002 بسبب تأثير الوضع في أفغانستان والعراق حيث أراد الذهاب إلى العراق بعد الغزو الأمريكي فخدع بدعايتهم الوهمية، وتم تجنيده ليبايع فواز الربيعي أبرز قيادات القاعدة الإرهابية والتي كانت تعمل بوضوح في أبين والذي تعرف عليه من خلال أحد المعارف.
وكانت مهمة الربيعي حسب وصف إياد غسل ادمغتهم بالأشرطة الدعوية ثم أخذ دورة استخدام ار بي جي وبعض الأسلحة المتوسطة، ودورة اقتحامات في أبين لتجهيزه للعمل ضمن خلية إرهابية في القاعدة.
سجن إياد بعد عام من انضمامه للتنظيم الإرهابي وخرج في 2006 بعفو رئاسي تم بين القاعدة والسلطات اليمنية، وسرد لنا كيف كان يعمل مع خلية جاهزة لتنفيذ أي مهمة توكل إليها، بالإضافة لطلبات القاعدة الإرهابية لهم باستهداف القيادات الأمريكية والمحلية والقادة العسكريين والأمنيين، حيث كان يتلقى التعليمات مباشرة من الربيعي الذي أوكل إليه ضرب أهداف عسكرية وأمنية.
كانت أول عملية له مع القاعدة في يوليو من عام 2003، قام فيها بتجهيز العتاد والسلاح واستأجر منزلا في عدن، مؤكدا أن التنظيم الإرهابي في ذلك الوقت كان يملك أموالا كثيرة تدار من المسؤول المالي الذي كان يطلب منهم أن يدبروا المال بشكل شخصي والقيام بالعملية ثم يدفع لهم لاحقا.
أكد إياد أن اجورهم كانت تصل الى 500 دولار أسبوعيا، وشرح تكلفة عمليته الأولى التي تضمنت شراء قذائف آر بي جي وأسلحة للتحضير لاستهداف كوادر سياسية في عدن منها مستشار رئيس الجمهورية عبد الكريم الإرياني، وكان في ذلك الوقت موقع تنفيذ العملية في جامعة عدن في خور مكسر، ويؤكد إياد الغائها بسبب تجمهر الطلاب.
ومن المهمات التي أوكلت إليه سرد إياد كيف كان يطلب منهم تتبع ورصد حركة أي جنود أمريكيين كانوا يعملون على نزع الألغام في تلك الفترة في بير أحمد وأبين.
التوبة ثم السجن فالعودة للقاعدة
بعد خروجه من السجن في 2006 تزوج إياد ورزق بمولود وحاول الاهتمام بأسرته واستعادة حياته السابقة قبل انضمامه للقاعدة الإرهابية، لكنه سجن بتهم إرهابية مجددا حيث أشتبه به بعد تجدد عمليات الاغتيالات ضد القيادات الأمنية فتم سجنه وتعذيبه لمدة عام في سجون الأمن السياسي في صنعاء، أضرب فيها عن الطعام وحاول الانتحار.
فتمت إعادة تدقيق أوضاعه ليتبين عدم ارتباطه بأي من تلك التفجيرات، لكنه أكد أن عودته لتنظيم القاعدة بعد ذلك جاءت انتقاما مما حدث له واستمر معهم حتى 2011.
بعد احتلال القاعدة لأبين في 2011 قرر إياد تسليم نفسه للسلطات وإعلان توبته بعد ما شهده من تنكيل بأهله في أبين من التنظيم الإرهابي، مؤكدا اختلافه ونقاشه المباشر مع جلال بلعيدي على ما حدث من اعتداءات على قبائلهم من التنظيم الإرهابي.
الداعية الوهمية في قتال القاعدة للحوثي
في 2003 كان تنظيم القاعدة حريصا على عدم ضم أي أشخاص إلا بشروط صارمة كما يؤكد إياد الذي تم اختياره بدقة مؤكدا انهم كانوا يستقطبون السلفيين والمؤثرين دينيا في المناطق التي يسيطرون عليها، لضم أكبر عدد من الشباب لهم، إلا أنهم اليوم يستقطبون أي أحد حتى لو كان قاتلاً أو إرهابياً أو شخصية منبوذة، مشددا على أن استقطاب أي أحد للانضمام للقاعدة تسبب في تفكك القيادات الأمنية تحديدا بعد 2015 حيث أصبح التنظيم منفتحا على مصراعيه بعد حرب الحوثي.
رغم إعلانه توبته وتسليم نفسه للسلطات إلا أن إياد وجد الحوثي يتمدد في أبين ولا أحد قادر على مواجهته، وسمع بالدعاية الإعلامية الوهمية للقاعدة الإرهابية التي طلبت من الناس النفير إليهم لقتال الحوثي، فقرر الانضمام مجددا في 2015 وقاتل معهم لمدة عام واحد، وبسبب ما اكتشفه من المصالح بين القاعدة والحوثي وعدم توجيه ضربات إلى مواقع الحوثيين، قرر ترك التنظيم والانضمام إلى داعش الإرهابي.
العلاقة بين الحوثي والقاعدة وداعش
ترك إياد القاعدة بعد مقتل القيادي البارز جلال بلعيدي، واستلام أبو حسين من عدن قيادة العناصر في أبين، والذي كان يحركهم من مقر تواجده في البيضاء ولم يتمكن من اللقاء به بسبب الحراسة المشددة، فترك القاعدة وانضم إلى تنظيم داعش الارهابي لإقامة دولة الخلافة التي كانوا يزعمونها قائلا: “كنت أعتقد أن داعش يريد إقامة دولة مقارنة بالقاعدة التي تركت حرب الحوثي”.
ذهب إياد وبايع قادة تنظيم داعش الإرهابي في يافع مع بداية ظهوره في 2015، من خلال الملقب بـ”أبو سليمان العدني” من أبناء عدن والذي جاء أمر تنصيبه من داعش العراق، مؤكدا بقائه مع داعش الارهابي حتى 2017، لحين القضاء عليه نهائياً في اليمن بعد اختراقه وتصفية كافة الكوادر القديمة به ومنهم خالد المرفدي وأبو بلال الحربي.
تلقى إياد في داعش دورة مفخخات مع خالد المرفدي لمدة شهر، ثم نقلوه إلى يافع، ثم إلى البيضاء ليعمل في تصنيع المفخخات، يقول “كنا نصنع دوائر الكترونية ونضعها على شكل علب بخور مربوطة بدائرة الكترونية عبر الجوال”.
جهز إياد مئات الدوائر الإلكترونية لتكون عبوات ناسفة تزرع فيها المواد التي تخلط بالمتفجرات، كما أخذ دورة اقتحامات واختطافات في البيضاء لكنه لم يتمكن من تنفيذ أي عملية إرهابية بسبب سيطرة الحزام الأمني على أبين وعدن ولحج، قبل أن يصل إلى يافع وبسبب هذا الانتشار الأمني الواسع عاد متخفيا الى أبين.
شهد إياد خلال تلك الفترة وجود علاقة بين الحوثي والقاعدة وداعش حيث كان الحوثي يتجنب زيادة الخلافات مع القاعدة وداعش وحرص على عدم توسيع العداء مع التنظيمين الإرهابيين، ويؤكد إياد قيام الحوثي بعمل خط مفتوح مع القاعدة وداعش لتبادل الخبرات والموارد والدعم.
تفتت القاعدة
بدأت القاعدة تتشتت وتنتهي في البيضاء وأبين على حد وصف إياد بعد موت القيادات وتصفية “أبو بصير الوحيشي” في المكلا، وتصفية “قاسم الريمي”، وكبرت الانقسامات في القاعدة عندما نصب خالد باطرفي نفسه أميراً في وادي حضرموت، وبدأ يقرب منه فقط من يثق بهم من حضرموت وفرض نفسه على التنظيم.
“بعد تصفية جلال بلعيدي شكوا بالجميع وأخذونا للتحقيق وأُعدم البعض بطريقة شنيعة” يقول إياد الذي وصف إعدام نائب جلال بلعيدي بالشنيع حيث أخذوه من جعار في أبين إلى المكلا وحققوا معه ثم ذبحوه واستلمت أسرته جثته وكان مذبوح ومقطع الأوردة، وظهرت عليه آثار التعليق وتقطيع لحمه من وحشية التعذيب، ورفضت أسرته استلامه.
فتسببت هذه الحادثة في انشقاق الكثيرين من القاعدة خوفا من التصفية والسجن والتحقيق معهم بطريقة وحشية، يقول إياد: “نقلت القاعدة الكثير من العناصر من أبين والبيضاء للتحقيق معهم مع القائد الجديد أبو هريرة الصنعاني فانشقت العناصر وهربت لتأمين نفسها لدى الدولة خوفا من القاعدة”؟
الجاسوسية وسرقة الأموال
سرد إياد ورود بعض المعلومات من كوادر القاعدة بأن تصفية جلال بلعيد تمت من داخل التنظيم لأن نجمه بدأ يظهر، إذ أن “القاعدة كانت تخاف من جلال” بحسب إياد، بعد ضم أكبر عدد من الشباب لتنظيم القاعدة الإرهابي دون تدقيق.
حيث بايع إياد جلال بلعيدي مباشرة وتحدث معه عن تشكيل مجاميع خاصة من القاعدة لأبين بمميزات خاصة بعد ما شهدوه من تفرقة بين عناصر القاعدة في حضرموت وعناصرها في أبين، كما طالبوا بدورات وأسلحة لقتال الحوثي والذي لم يتوفر ما شكل لإياد ومن معه تساؤلات كثيرة عن حقيقة قتال القاعدة للحوثي.
أكد إياد ملاحظتهم تغيرت القيادات في القاعدة وتغير معاملتهم لهم في أبين وسرد خلافا حصل مباشر بينه وبين جلال بلعيدي على بعض العمليات التي أبعدوا عنها قائلا: “كان جلال يستأثر بالعمليات المهمة لبعض الأشخاص ويترك بعض المجاميع، سألته مباشرة عن سبب إهماله لنا وإبعادنا من المشاركة، وأكد أن الأمر أمني وصادر من قاسم الريمي الذي بدأ يشعر باختراق التنظيم بالجواسيس تحديدا بعد تصفية أبو بصير الوحيشي”.
وأكد إياد أن معاملة جلال بلعيدي لهم أصبحت سيئة بسبب الشك والتخوين فيما بينهم ما اضطرهم إلى تجهيز بعض العمليات الإرهابية من جيبوهم لعدم ثقة التنظيم بإعطاء الأموال لكثير من العناصر وتركهم بدون رواتب ليختبروا ولائهم بعد سرقة كم هائل من الأموال من القاعدة.
يقول: “أثر بنا أن نجبر على تجهيز عمليات إرهابية لهم ونحن لا نجد مصروف أسرنا وبيوتنا” وشدد على أن قيادات القاعدة أخذت على جلال بلعيدي مأخذا لصرفه 150 مليون ريال يمني في أبين دون تنفيذ أعمال إرهابية ليثبت قاعدة قبلية له في مناطق أهله في أبين.
“عندما كنا في موجان والمكلا كانوا يصرفوا لنا رواتب، أخذنا أموالا ضخمة من نهب أموال البنك المركزي ووزعت أموال طائلة منها وقطع سلاح لشراء ولاء القبائل” يقول إياد ويؤكد أن القاعدة شككت بجلال بلعيدي بسبب صرفه للأموال وتعامله مع الأفراد وقررت إبعاده من المسؤولية العسكرية وجلبوا أبو عبد الله الصنعاني ثم تمت تصفية جلال واتهموا أشخاصا من داخل التنظيم ليبرؤا أنفسهم.
عصابة باطرفي فككت القاعدة
يؤكد إياد أن خالد باطرفي ومجموعته يمسكون لوحدهم بمفاصل القاعدة في اليمن وينظرون لهم في أبين نظرات عنصرية واحتقار وازدراء حيث كانوا يعاملونهم كعناصر بطريقة سيئة ويقدمون لهم أسوء السكن والمأوى والصرف والتنقل، فضايقت القاعدة عناصرها في أبين وحاربتهم ماليا وأبعدتهم عن المسؤولية العسكرية بعد أن كانت تصرف أموالها بدون حساب على القبائل لشراء ولائهم على حد وصف إياد.
“تسببت عنصرية باطرفي في كره الشباب للتنظيم ونبذه” يقول إياد الذي يشدد على أن الكثير من العناصر الارهابية في القاعدة تركت التنظيم وانشقت ومن تبقى يريدون العودة الى أسرهم بعد ما شهدوه من دعايات وهمية في قتال الحوثي وداعش وانتشار الجاسوسية وعدم الثقة والتحقيقات المستمرة ومعاملة التنظيم السيئة للافراد.
سرد إياد كثيرا من الدعاية الوهمية التي زرعها التنظيم في عقولها ومنها قولهم إنهم يريدون تحرير القدس فيما التنظيم يبحث فقط عن مصلحته ويتفق مع أي أحد قائلا: “تتفق القاعدة مع الحوثي وأي مليشيات اخرى” وأشار إلى حرية الحركة التامة للقاعدة في وادي حضرموت مع وجود تسهيلات.
وحول من تبقى من عناصر مع باطرفي يؤكد إياد أن التنظيم تحول إلى مجاميع متفرقة وعصابات في أبين وأخرى في حضرموت فيما انتهى التنظيم في البيضاء، وشدد على أن القاعدة الآن مجرد مجموعات بسيطة تتحرك في الأودية بدون اي تنسيق مع القيادات العليا وانتهى التنظيم الكبير السابق وأصبح الآن بلا مأوى.
ووصل إلى أن يبيع عناصر القاعدة سياراتهم الخاصة ولا يجدون التموين الغذائي فبعد أن كان للجرحى غذاء خاص أفلسوا ولم يعودوا يطعمونهم ويتركونهم للموت ولم يعد لهم ثقل وتحولوا الى مجاميع ليس لها قائد يحركها من الكوادر الكبيرة
مرئيات باطرفي وهمية
تتنصل القاعدة اليوم من أي عمل إرهابي “ضد القابل” كما يقول إياد حتى ولو كانوا هم الفاعلين حتى لا يخسروا شعبيتهم على حد وصفه، وعند كل عملية فردية لعناصر القاعدة المشتتة يصدر التنظيم الإرهابي مرئيات حتى يظهر للرأي العالمي انه يتواصل مع عناصره في أبين ويسيطر عليهم.
لكنه في الحقيقة لا سيطرة له على عناصره هناك وما يحدث في أبين مجرد تحركات فردية يحاول باطرفي استغلالها لبث اصدارات مرئية حيث لم يتبقى له سوى مناطق بسيطة في وادي حضرموت وشدد إياد على أن كل مجموعة في القاعدة تنفذ عمليات ارهابية لوحدها كعصابة بلطجة ولا تقبل بالحديث أو العمل مع أي مجموعة أخرى.
نهاية القاعدة في أبين
خسر تنظيم القاعدة الإرهابي شعبيته نهائيا وظهر ذلك بعد خسارته مناطقه في وادي خبر المراقشة الذي طرد منه بسبب خسارة القاعدة الشعبية بقتل التنظيم أبناء القبائل فقاموا عليهم.
كما ذهب بعض عناصر القاعدة الى مودية واصطدموا مع بعض القبائل هناك فباتوا بحسب إياد جائعين خائفين من التصفية ولا يقدمون على الموت بالأحزمة الناسفة لقلة عددهم ويخطفون السيارات ويبيعونها في أبين والمحفد وشبوة حيث تنتشر بعض عمليات البلطجة ليصرفوا على أنفسهم.
كما يحاول عناصر القاعدة المتبقون تجنب الصدامات المباشرة حتى لا يقتلوا ويستخدمون المفخخات والعبوات الناسفة فباتت عملياتهم بلا نتائج تذكر ومجرد بلطجة وارتزاق وتعدي على المواطنين ما ساهم أكثر في نبذ الناس لهم بعد أن أصبح تمويلهم من قطع الطرق والبلطجة وسرقة المسافرين، أما باطرفي ومن معه يؤكد إياد أنهم يحصلون على الدعم من علاقتهم بالحوثي شمال اليمن وعلاقتهم مع ايران وقيادات القاعدة التي تتواجد هناك.