الزعيم السابق في الجماعة الإسلامية يكشف لـ”أخبار الآن” أسرار وخفايا الجماعة
حذر ناصر عباس الزعيم الجهادي السابق في شرق آسيا من أن القاعدة والجماعات التابعة لها لا تزال تشكل خطراً على المنطقة والعالم بأسره.
الماليزي ناصر عباس (54 عاما) هو زعيم سابق للجماعة الإسلامية المرتبطة بتنظيم القاعدة، وهي الجماعة المسؤولة عن تفجيرات بالي المدمرة عام 2002 والتي أودت بحياة 202 شخصًا من 20 دولة مختلفة.
كان عباس في أفغانستان من 1987 إلى 1993، في ذات التوقيت تقريبًا الذي كان يتواجد فيه الزعيم الفعلي الحالي للقاعدة سيف العدل في أفغانستان، الضابط السابق في القوات الخاصة المصرية، والمرصود له 10 ملايين دولار في برنامج المكآفات الأمريكية للإدلاء بأي معلومات عنه بهدف القضاء عليه.
التقت “أخبار الآن” ناصر عباس في أبريل من العام الحالي 2023 في مقهى بجنوب جاكرتا بإندونيسيا، وأجرينا مقابلة حصرية معه، وروى ناصر تفاصيل الفترة التي قضاها في أفغانستان وآرائه حول القاعدة في ظل زعيمها الحالي سيف العدل، كما تحدث عن الجماعة الإسلامية، وهي الجماعة التابعة للقاعدة في شرق آسيا، والتهديد الذي تشكله على إندونيسيا اليوم.
في البداية، قال عباس إنه لم يلتق بسيف العدل قط خلال الفترة التي قضاها في أفغانستان ولا يعرفه.
وتابع: “تنظيم القاعدة لا يفكر في السيطرة على الأراضي وإقامة دولتهم”.
وأضاف: “مهمة التنظيم ستبقى كما هي – المساعدة والمشاركة في القتال وشن الهجمات في مناطق الصراع، القاعدة تميل إلى البحث عن مناطق الصراع والبحث عن هدف تعتبره عدواً”.
وأردف: “أينما كان هناك صراع، ستكون القاعدة هناك، هدفهم هو توسيع الصراع، هذا هو موقفهم”.
وأكد ناصر أنه “بعد انتهاء الحرب السورية أرى أنهم مشتتون وأنهم سيواصلون التحرك، والعمل في مناطق الصراع”، لافتاً إلى أنه من بين الدول التي قد تكون ذات أهمية بالنسبة للتنظيم اليمن ودول أفريقية مثل السودان ونيجيريا”، ولم يستبعد أن “يذهب التنظيم إلى أوزبكستان لأنها قريبة من أفغانستان”.
وقال إن “المجموعة ربما تذهب إلى أوكرانيا حيث يوجد مسلمون هناك”، غير أنه رأى احتمالية حدوث ذلك ضئيلة.
القاعدة لا تزال تشكل خطراً
بالنظر إلى مهمة القاعدة في القتال في مناطق الصراع، يعتقد عباس أن هذه المهمة لا تزال بإمكانها جذب بعض الأشخاص إلى التنظيم.
وقال: “لا يزال بإمكان القاعدة جذب الناس بسبب دعوتها للجهاد.. كلمة الجهاد مقدسة في أي مكان في العالم، وخاصة لمن يحبون القتال”.
وردا على سؤال حول ما إذا كانت شعبية القاعدة بين المسلحين قد زادت أو تضاءلت، أجاب: “ما زالت إلى حد كبير كما هي، لا ترتفع أو تنخفض”.
العلاقات بين القاعدة والجماعة الإسلامية
ذكر ناصر إن بعض كبار أعضاء الجماعة الإسلامية الذين تدربوا في أفغانستان تأثروا بالقاعدة وأسامة بن لادن.
وتابع موضحاً العلاقات بين القاعدة والجماعة الإسلامية: “الجماعة هي فرع من فروع القاعدة، وهي لا تخضع للقاعدة ولكن هناك أفراد داخلها متأثرون بالقاعدة”.
في عام 2002، تعرضت إندونيسيا لتفجيرات بالي المدمرة التي لا تزال أكبر هجوم إرهابي في البلاد حتى اليوم.
تلقت الجماعة حينها حوالي 50 ألف دولار أمريكي من القاعدة لتنفيذ الهجوم الذي صدم إندونيسيا ودفع البلاد إلى اكتشاف وجود الشبكة الإرهابية.
وقال عباس “القاعدة تنظر إلى الجماعة الإسلامية كرفاق يشتركون في نفس الطريق”.
بينما لم يكن عباس متورطًا في التفجيرات، فقد قام بتدريب بعض الرجال الذين شاركوا في تفجيرات بالي خلال فترة وجوده في أفغانستان حيث كان مدربًا في الأكاديمية العسكرية لمجاهدي أفغانستان عام 1990.
وأوضح في هذا السياق: “ذهبت إلى أفغانستان عام 1987 عندما كان عمري 18 عامًا، بعد تخرجي من الأكاديمية العسكرية لمجاهدي أفغانستان، أصبحت مدرسًا هناك في عام 1990”.
حيث تعلم عباس كيفية تجميع القنابل وتم تدريبه على استخدام مجموعة متنوعة من الأسلحة، ولا سيما الأسلحة الصغيرة والبنادق وقاذفات الصواريخ.
عباس أيضا حارب إلى جانب مقاتلي أفغانستان ضد الروس.
قال وهو يرفع يده اليسرى لإظهار ندبه: “لقد أصبت أثناء القتال هناك، اخترقت رصاصة يدي اليسرى”.
غادر عباس أفغانستان في عام 1993 وعاد إلى ماليزيا لفترة وجيزة قبل أن يتوجه إلى جنوب الفلبين في عام 1994 لإقامة معسكر تدريب عسكري في جزيرة مينداناو يسمى معسكر الحديبية لتدريب أعضاء الجماعة الإسلامية من جميع أنحاء منطقة جنوب شرق آسيا في صنع القنابل والتعامل معها.
ترك الجماعة الإسلامية
كان عباس يُعرف سابقًا بأنه أخطر إرهابي مطلوب في جنوب شرق آسيا، والآن يكرس حياته لجهود مكافحة الإرهاب في إندونيسيا، لقد أنشأ منظمتين غير حكوميتين على الأقل لمواجهة ذلك.
تأسست الجماعة الإسلامية في عام 1993 من قبل اثنين من رجال الدين المثيرين للجدل في إندونيسيا، وهما عبد الله سنقر وأبو بكر بشير أثناء إقامتهما في المنفى في ماليزيا.
الهدف المعلن للجماعة الإسلامية هو إقامة دولة إسلامية تضم إندونيسيا وماليزيا وسنغافورة وتايلاند ومينداناو في جنوب الفلبين.
غادر عباس الجماعة الإسلامية في عام 2003 لأنه اختلف مع أعضاء الجماعة الإسلامية الذين التزموا وردوا على فتوى أسامة بن لادن عام 1998 التي تدعو إلى قتل الأمريكيين وحلفائه في أي مكان في العالم.
وأكد ناصر أنه “من الخطأ قتل المدنيين”.
الجماعة الإسلامية لا تزال قوية
لا تزال الجماعة الإسلامية واحدة من أكبر التهديدات الإرهابية لإندونيسيا.
وتقول الشرطة الإندونيسية إن المجموعة تضم “حوالي 6000 إلى 7000 عضو” منتشرين عبر المؤسسات الحكومية والمنظمات المدنية والدينية.
فيقول عباس إن الجماعة الإسلامية ما زالت تسعى إلى تحقيق هدفها المتمثل في استبدال حكومة إندونيسيا المنتخبة ديمقراطياً بدولة إسلامية، وقال ناصر إن “الجماعة الإسلامية تركز في تحقيق هدفها على سياسة المدى الطويل”.
في 11-12 أبريل 2023، قامت فرقة الشرطة الخاصة لمكافحة الإرهاب التابعة للشرطة الإندونيسية، المفرزة 88 (Densus88) باعتقال ستة من المشتبه بهم من الجماعة الإسلامية في لامبونج بجزيرة سومطرة.
فتح المشتبه بهم النار خلال المداهمة وقتل اثنان من أعضاء الجماعة الإسلامية، فيما أصيب ضابط شرطة.
عثرت الشرطة على مخبأ كبير للأسلحة ومخبأ بعمق مترين في تل تعتقد الشرطة أنه كان يستخدم لاختبار أسلحتهم محلية الصنع.
وقال عباس إن مداهمة الشرطة في لامبونج ومصادرة مخبأ كبير للأسلحة كانا اكتشافًا مهمًا.
وأوضح أن المخبأ الضخم للأسلحة التي تم ضبطها واكتشاف المخبأ يظهران أن الجماعة الإسلامية تواصل “استعداداتها العسكرية وتطوير أسلحتها”.
وأكد عباس على أن “الجماعة الإسلامية لا تزال تواصل تخزين أسلحتها ومعداتها، ففي رأيه الجماعة لا تتوقف، حيث تم العثور على الكثير من الأسلحة خلال غارات لامبونج فيما بعد”.
من عام 1999 إلى عام 2009، كانت الجماعة الإسلامية مسؤولة عن بعض أكثر الهجمات الإرهابية فتكًا في إندونيسيا.
وشنت الجماعة هجومها الأخير في عام 2011 عندما فجر انتحاري عبوة ناسفة في مسجد في حضور بعض من ضباط الشرطة في سيريبون بجاوة الغربية، مما أسفر عن مقتله وإصابة حوالي 28 شخصًا، معظمهم من قوات الشرطة.
ومنذ ذلك الحين، ظلت الجماعة بعيدة عن الأضواء حتى اعتقال زعيمها بارا ويجايانتو في عام 2019، وكشف اعتقاله أن الجماعة الإسلامية قد حولت نفسها إلى جماعة جيدة التنظيم وممولة تمويلًا جيدًا مع شركات مشروعة تعمل على توفير التمويل مثل: مزارع زيت النخيل وتربية الماشية – و العديد من الأنشطة الأخرى لتمويل المنظمة.
وفقًا للوكالة الوطنية لمكافحة الإرهاب في إندونيسيا (BNPT)، تحاول الجماعة الإسلامية التسلل إلى المؤسسات الحكومية والخدمة المدنية وقوات الشرطة والجيش منذ عام 2010.
من عام 2010 إلى 5 أبريل 2023، تم القبض على ما مجموعه 45 من موظفي الخدمة المدنية والشرطة والعسكريين لصلتهم بمنظمات مسلحة معظمها من الجماعة الإسلامية (JI)، وفقًا لبيانات فرقة شرطة مكافحة الإرهاب الخاصة بالشرطة الإندونيسية، مفرزة 88 (Densus88).
وقال عباس: “الهدف هو التأثير على أعضاء الخدمة المدنية والجيش والشرطة والأحزاب السياسية.. التأثير على المجتمع، على سبيل المثال إثارة مشاعر الغضب والاستياء (ضد الحكومة) والكراهية”.
وتابع: “عندما يغضب الناس وينهضون، ستكون هناك فوضى وأعمال شغب، عندها ستدخل الجماعة الإسلامية”.
وواصل القول: “إنهم ويقصد (الجماعة الإسلامية) يؤمنون بالثورة على الطريقة الإيرانية للاستيلاء على السلطة”.
وأتبع عباس : “الجماعة الإسلامية لا تحتاج بالضرورة دائمًا أشخاصًا للانضمام إليها، يكفي التأثير عليهم”.
ولفت إلى أن التهديدات الأخرى التي تواجهها إندونيسيا في الفترة الحالية هي هجمات الذئاب المنفردة وتنظيم داعش، والذي تمثله جماعة أنشاروت دولة (JAD)، أكبر فرع لداعش في إندونيسيا.
وحول عودة طالبان إلى السلطة في أفغانستان وتأثيرها على مسلحي جنوب شرق آسيا، قال ناصر إنه ليس لها تأثير كبير، وتابع: “الشيء الوحيد هو أن بعض الجماعات الإرهابية قد ترغب في العودة إلى أفغانستان”.