في مقطع الفيديو أدناه – مدّته 31 ثانية – الذي انتشر على موقع تويتر، يظهر فيه طفلة إيغورية ترتدي زيّاً عسكرياً، بينما تردّد عبارات حفظتها عن ظهر قلب بعدما تمّ تلقينها إيّاها في إحدى المراكز التي يخضع فيها الأطفال للتلقين من أجل إنشائهم على الولاء للحزب الشيوعي الصيني في الصين.
Uyghur kids are forcibly indoctrinated through military training. It reminds me two month mandatory military training when I enrolled university in Beijing. I was 16 at that time , much older than this girl. She is just Child, suppose to stay with her parents 💔 pic.twitter.com/HL0hAukqld
— Rukiye Turdush (@parlabest) July 12, 2023
ذلك الفيديو هو واحد من تسجيلات كثيرة يظهر بعضها إلى العلن فيما يبقى بعضها الآخر طي الكتمان خوفاً من تداعيات تسريبها، وهو مثال واضح على سياسة الحزب الشيوعي الصيني في كيفية غسل أدمغة أجيال الصين، ليكبروا على “الولاء والطاعة”.
في ذلك التقرير، تستقصي “أخبار الآن” عمّا يجري داخل مدارس الصين لكشف السياسة الأخطر التي تقودها الصين بحق الأجيال القادمة، وقد تمكّنا من الدخول إلى تلك المعسكرات أو المدارس من خلال شهود عيان عايشوا الأطفال وشاهدوا عن قرب ما يتلقونه خلف تلك الجدران، فماذا يجري هناك؟
غرف سوداء
صرخات تعلو من داخل غرف سوداء لصغار لا تتجاوز أعمارهم 13 عاماً، قُدر لهم أن يقعوا فريسة في شباك الحزب الشيوعي الصيني، من أجل تلقينهم أفكاراً ومعتقدات وإجبارهم على الإيمان بها… صيحات استغاثة يطلقها هؤلاء الصغار علّهم يجدون من يخلصهم من أيدي هؤلاء الذين يبرحونهم ضرباً ليلاً نهاراً.
وعلى الرغم من أنّ تلك الصرخات كانت في كل مرّة تؤلم المُعلمة سايراغول ساويتباي، التي قضت ما يقرب من 5 أشهر داخل تلك المعسكرات لتعليم الأطفال الثقافة الصينية رغماً عنها، إلّا أنّها لم تقوَ على إنقاذهم.
تبديل المعتقدات، تغيير الهوية، تغذية العقول بأفكار تخدم مصالح مُنتهك الحقوق فى المقام الأوّل… أسلحة كثيرة يستخدمها الحزب الشيوعي الصيني للتعامل مع مسلمي الإيغور الموجودين في إقليم شينجيانغ، إذ لم يكتفِ الحزب الحاكم بتلفيق التهم وتعذيب كلّ مَنْ يعارض مبادئه وأفكاره داخل معتقلاته، بل لجأ أيضاً لاستقطاب أطفال لم تتجاوز أعمارهم بضع سنوات، ووضعهم داخل مراكز إعادة التأهيل الصينية وحرمانهم من ذويهم لتغذية عقولهم بأفكاره الخاصة وطمس هويتهم، حتّى وإن كلفه ذلك تعذيبهم وإذلالهم، لذا كان طبيعياً أن نرى فى مقاطع الفيديوهات المنتشرة مؤخراً لأطفال من الإيغور يروجون إنّهم يحبون الصين وعندما يكبرون سينضمون إلى جيشها ويدافعون عن أرضها.
البداية كانت مع المُعلمة سايراغول ساويتباي، تلك السيدة التى تبلغ 46 عام و التي وُلدت في مقاطعة إيلي الكازاخية ذاتية الحكم في شينجيانغ، وعملت طبيبة ثمّ معلمة ومديرة في العديد من دور رياض الأطفال، وذلك قبل أن يتمّ نقلها من التدريس في رياض الأطفال إلى معسكرات الاعتقال عندما أجبرتها السلطات الصينية على تعليم اللغة الصينية تحديداً في الفترة الممتدة من نوفمبر 2017 وحتى مارس 2018، وشهدت خلال تلك الفترة العديد من التجاوزات فى حق المحتجزين عامة والأطفال خاصة.
ماذا يحدث لأطفال مسلمي الإيغور في شينجيانغ؟
تقول سايراغول التي تعرضت هي أيضاً للتعذيب داخل تلك المعسكرات، لـ “أخبار الآن”: لم أشهد أي معاملة خاصة مع الأولاد الصغار كان يتمّ تعذيبهم داخل غرف سوداء خاصة، وكنت أشاهد ذلك من نافذة الصف وأسمع صوت الضرب الذي يتعرضون له وصوت صراخهم. الحكومة الصينية والشرطة تستعملان أدلّة مزيفة لوضع الناس في معسكرات الإعتقال، وكانوا يقومون باعتقال الناس في الليل وفي النهار، وفي أوقات مختلفة للتحقيق معهم.
وتضيف: أدخلوني قسراً الى أحد معسكرات الاعتقال لأعلم المساجين اللغة الصينية، داخل هذا المعتقل كان يوجد حوالي 2500 سجيناً من النساء و الرجال والشباب وحتى الأطفال، كان السجناء من خلفيات مختلفة ومن مستويات تعليمية متفاوتة، كان من بينهم كتاب ومؤلفون وأساتذة وأطباء، جميعهم كانوا مكبلون بسلاسل على أيديهم وأرجلهم، كان ذلك المعتقل يخضع لمراقبة شديدة، فكل غرفة وكل زاوية فيها كانت مراقبة على مدار الساعة، وداخل كل غرفة كانت توجد 5 كاميرات مراقبة. هناك غرفة داخل معسكر الاعتقال كانت تُعرف بالغرفة السوداء، في تلك الغرفة كان يتم تعذيب السجناء بمختلف الوسائل حتى الأطفال منهم.
وتسرد الطبيبة الناجية العديد من التفاصيل المؤلمة قائلة: عندما كنت أعطي دروساً في المعتقل، كان رجال الشرطة الصينيون يدخلون إلى صفي ويأخذوا الأطفال إلى الغرفة السوداء ويقومون بتعذيبهم، وكان يمكننا سماع صوتهم وهم يستغيثون، وبعد مضي بضعة ساعات كانوا يعيدونهم وأجسادهم مغطاة بالدماء ومن دون أظافر… أذكر تلك الغرفة جيّداً فقد دخلتها أنا أيضاً وتعرضت فيها للضرب والتعذيب.
سايراغول .. كانت ترغم على تعليم الأطفال الثقافة الصينية
قبل اعتقال سايراغول كانت مسؤولة عن 5 دور رياض أطفال، وعندما تمّ اعتقال الأهالي لم يعد موجود من يهتم بهؤلاء الصغار، فصدرت أوامر الحكومة الصينية للمعلمين للاهتمام بالأطفال الذين خسروا أهاليهم، قائلة: خسارة الأهل شكلت صدمة كبيرة للأولاد وأثرت بشكل كبير على حالتهم النفسية، وقد توقفوا عن اللعب مع زملائهم وكانوا يجلسون بمفردهم ولا يرغبون في التواصل مع باقي الأولاد وكانوا يتعذبون نفسياً. حاولت كإمرأة وكأم أن أهتم بكل الأولاد وأرعاهم، وبدأ الأولاد ينادوني بالأم المسؤولة، كانوا يقدرون ما أفعله لهم وأنا من جهتي فعلت ما بوسعي كي أساعدهم على تحمل الظرف الصعب الذي كانوا يمرون به، فلا يمكن أن نصف ما الذي كانوا يشعرون به و الألم الكبير الذي كان يعتصر قلوبهم
وتتابع: أُمرت بتعليمهم تقاليد الزواج و الحضارة الصينية و الإجراءات التي يجب أن يتبعها الناس في الجنازات وفق التقاليد الكونفوشيوسية، كذلك كنت أعلمهم إرشادات الحزب وسياسته بشكل عام كنت أعلمهم الثقافة الصينية التي تعتمد على طقوس الكونفوشيوسية و تعاليم وإرشادات الحزب الشيوعي الصيني.
دعوات حقوقية قادتها المؤسسات الدولية للضغط على الحكومة الصينية لإطلاق سراح الأطفال الذين يتم احتجازهم داخل دور الأيتام ومراكز إعادة التأهيل ، كان أحدثها دعوة منظمة هيومان رايتس ووتش لإعادة الأطفال المحتجزين فى مؤسسات “رعاية الطفل” والمدارس الداخلية فى شينجيانغ إلى أسرهم فوراً وإيقاف فصل أطفال الإيغور والأقليات المسلمة عن أسرهم، خصوصاً أنّ السلطات الصينية تضع عددا كبيرا من الأطفال احتجز آباؤهم أو نفوا في مؤسسات رعاية الأطفال والمدارس الداخلية الحكومية دون موافقة أهلهم أو قدرتهم على الوصول إليهم.
“الأولاد الذين خسروا أهاليهم تم نقلهم قسراً الى دور الأيتام و تم إجبارهم على أن يصبحوا مواطنين صينيين وبالتالي هم خسروا جذورهم الإيغورية أو الإسلامية أو التركية، هؤلاء سيخسرون هويتهم وثقافتهم وكل شيء”، بتلك الكلمات عبرت “سيراجول” عن حال عدد كبير من الأطفال الذين يقبعون داخل مراكز إعادة التأهيل الصينية.
وتقول: “لقد تم التغاضي عن الكثير من الأدلة المهمة خلال التحقيق في الأعمال المروعة التي قامت بها الحكومة الصينية، كحرمان الأولاد من أهاليهم و نقلهم الى دور الأيتام، و المواطنون الذين سجنوا و تعرضوا لمختلف أنواع التعذيب في معسكرات الإعتقال، لا يوجد نظام يمكنه التحكم في كيفية معاملة المعلمين الصينيين للأطفال المسلمين الذين خسروا أهاليهم، في العادة الأستاذ الصيني يتحمل كامل المسؤولية ولديه كامل الصلاحية للقيام بأي أمر، تخيلوا بوسعهم القيام بما يريدون و في أيّ وقت”.
سياسة الحزب للسيطرة على عقول أطفال الإيغور
في ديسمبر 2016 صدر قرار الحزب الشيوعي الصيني ضد الإيغور بتدريس اللغة الصينية فقط فى مدارس تركستان الشرقية فى محاولة منه لطمس هوية تلك الأقلية المسلمة ، ولكن لم يصدر الحزب قرار تعليم اللغة فحسب ولكن لحق به توجيهات أخرى بالتأكيد على الولاء للصين ونفسه.
وثيقة منشورة على موقع التربية والتعليم للحكومة الصينية عام 2017، تم من خلالها الإعلان عن توصيع المدارس الداخلية ، ووفقا للأرقام الواردة فى الوثيقة فإن 40% من الطلاب الملتحقين بالمدارس الثانوية والإبتدائية ، أى حوالي 500 ألف طفل يقيمون فى معسكرات الأطفال، ولفت الأكاديمي الألمانى “أدريان زينز” فى تقرير حديث له، أن النظام الشيوعي أصدر تعليمات للمسؤولين المحليين بجمع معلومات مفصلة عن الأطفال. ونتيجة للبيانات التي تم جمعها، حُرم معظم الأطفال في تركستان الشرقية من رعاية أسرهم لأن والديهم كانوا في معسكر إعتقال. وصدرت أوامر برعايتهم بإيداعهم فى مدارس داخلية ودور أيتام لتلقينهم الثقافة والمبادئ الشيوعية.
وفى إطار سياسته التوسعية للسيطرة على عقول الأجيال، زاد الحزب من عدد المدارس الداخلية ومراكز الرعاية الخاصة فى تركستان الشرقية اعتبارا من 2017 ، كما خطط لبناء 4387 مؤسسة تعليمية لمرحلة ما قبل المدرسة فى فبراير من العام نفسه، وفى هذه المدارس من المقرر أن يتلقى 562900 طفل تعليمهم ليس هذا فحسب ولكن خصص الحزب الشيوعي الصيني ما يقرب من 8 مليار صيني لبناء مباني التعليم قبل المدرسي. وكان هدف الحزب هو تسجيل مليون طفل في هذه المدارس بنهاية عام 2017 .وبلغ الرقم الفعلي 1.4 مليون. واستمرت زيادة الإلتحاق في العام التالي، وارتفع الرقم إلى 1.6 مليون وفقاً للأرقام المعلنة.
شعارات تأييد الحزب الشيوعي الصيني داخل أروقة المدارس
10 سنوات قضتها جولي ملساب مديرة العلاقات الحكومية في المشاريع المتعلقة بحقوق الإيغور الإنسانية، داخل الصين تحديدا فى المديريات التعليمية، كانت كافية بالنسبة لها لرصد الانتهاكات التي يتعرض لها أطفال مسلمي الإيغور والإدلاء بشهادتها عن تلك الفترة، حيث تقول “جولي” لــ“أخبار الآن“: انخرطت بموضوع الإيغور بعد أن أمضيت عقداً من الزمن في العيش والعمل في الصين، أمضيت وقتاً في تعلم اللغة قمت أنا وزوجي بإدارة برامج تعليم خاصة للأطفال الصينيين، قدمنا الكثير في مجال تعليم الأطفال في غرب سايو، علمناهم اللغة الإنجليزية ، كما علمناهم لغات أخرى في دورات إضافية هذا كله قبل أن نقرر ترك الصين فى 2020 بسبب تردي الأوضاع التعليمية.
“مدارس داخلية للأولاد = معسكرات إعادة التأهيل”
وتضيف: “عندما نقول مدارس داخلية أو دور أيتام تديرها الدولة فهذا يعني في الحقيقة معسكرات إعادة التأهيل للأولاد، ونحن نعلم أنه في هذه المعسكرات ممنوع على الأولاد التحدث بلغتهم الأم ، هم يتلقون تعليمهم بلغة الماندرين الصينية و يجب عليهم التحدث بلغة الماندرين الصينية دائماً، ويتعرضون لغسل أدمغتهم و يُتوقع منهم أن يتصرفوا كما يتصرف الراشدون في معسكرات التأهيل، يتعلمون كيفية القيام بالحملات الدعائية الحزبية والإشادة بنظام شين جين بينغ، وإعادة هندسة هويتهم العرقية والدينية ليشبهوا الهان الصينيين، وعندما يقولون أنهم يريدون أن يصبح الأولاد صينيين فهم يقصدون أنهم لا يريدون أن يكون لهؤلاء الأولاد معتقدات عرقية او دينية مختلفة بل يريدون منهم أن يكونوا ما يسمونه مواطنون صينيون مثاليون يعتمدون على الدولة فقط و يُشيدون بالدولة فقط و أن لا يتعلموا شيئاً عن الإسلام بالرغم من أن أهلهم مسلمين”.
وتشير جولي إلى أنّه “في كثير من الأحيان يقولون لهم أن والديهم أشخاصاً سيئون و يجب إعادة تأهيلهم، ويعتمدون طوال الوقت على تلقينهم بأفكارهم الخاصة مثلما رأينا في أحدث مقاطع الفيديوهات المنتشرة لأطفال من الإيغور يقولون انهم صينيون وسيقاتلون من أجل وطنهم والجزء الأكثر إيلاماً للأهالي الايغوريين الذين تمكنوا من الفرار من المخيمات هو صعوبة الإجتماع مع أبنائهم، و البعض منهم يعثرون على أولادهم من خلال مشاهدة هذه الفيديوهات”.
يحمي القانون الدولي لحقوق الطفل، كل مَنْ هو دون سن 18 عاماً بغض النظر عن العمر واللغة والدين والجنس، وتستند حماية حقوق الطفل تلك إلى اتفاقية الأمم المتحدة لحقوق الطفل والموقعة عام 1989 من قبل 196 من بينهم جمهورية الصين الشعبية ، وتهدف تلك الإتفاقية تحديدا فى المادة 54 منها إلى توفير الظروف اللازمة لأى طفل ليعيش حياة صحية دون تمييز بناء على مصالح الطفل في القرارات التي تؤثر على حياته وهذا ما لا يتحقق مع أطفال مسلمي الإيغور خاصة فى التعليم والمأوى والصحة.
دليل آخر على جرائم الحزب الشيوعي الصيني ضد أطفال الإيغور، هو انتهاكه لإتفاقيات الأمم المتحدة بشأن الأطفال والإبادة الجماعية حيث تُعرف المادة الثانية من اتفاقية الإبادة الجماعية جرائم الإبادة الجماعية جزئياً على أنها “إتخاذ إجراءات لمنع الإنجاب في المجموعة” و“نقل الأطفال قسراً من مجموعة إلى مجموعة أخرى”. وذلك ما يقوم به الحزب الشيوعي الصيني بتعقيم النساء قسراً، وتهجير أطفال الأويغور إلى أسر الهان الصينية أو دور الأيتام التي تديرها الدولة.
كما تؤكد أيضا المادة 9 من الاتفاقية على أنه لا يمكن فصل الأطفال عن والديهم ما يكن هناك سوء معاملة أو إهمال أو انفصال بين الأبوين ، وبالتالى يتضح أن السبب الرئيسى وراء انتزاع ما يزيد عن 900 ألف طفل من الإيغور عن أسرهم وفقا للإحصائيات الأولية هو محو هويتهم المسلمة ، وفقا لتصريحات جولي ملساب.
وتضيف : يركز الحزب الشيوعي الصيني على موضوع اللغة لقطع سبل التواصل بين الأطفال وذويهم حتى وإن عثروا عليهم وهذا في رأي نوع من الاعتداء النفسي أيضاً و من القصص المرعبة والصادمة أيضاً الإستماع الى الأولاد يتحدثون عن شين جين بينغ و مكانته الكبيرة وأنه الأله كان نظاماً مريضاً حيث كان من فيه يعتقدون أن الناس بحاجة الى إعادة تأهيل وهذا تفكير مريض وكلما رأينا طفلاً في الواقع أو في الفيديو يقول والداي سيئان لأنهما مسلمان و لأنهما يتكلمان بلغة قالت معلمتي أنها ممنوعة و هكذا يتم قطع أي صلة تربطهم بجذورهم و عائلاتهم و هذا أمر مخيف .
وتتابع جولي لــ“أخبار الآن“ ساردة تفاصيل ما يتم تلقينه داخل تلك المعسكرات : يقولون للأطفال إن الحزب الشيوعي الصيني هو المعيل و الموحّد و شي جين بينغ هو قائدكم و هو يمثل شخصية الأب و الأهم أن هناك العديد من الشعارات الدعائية التي يغنيها الأولاد,و هذه الشعارات تركز على أنهم ينتمون الى الصين و أنهم صينيون و سيدافعون عن وطنهم في هذه الأفلام نرى أن الأولاد يعيشون نوعاً من الحياة العسكرية، وفي كثير من الأحيان هم يرتدون بزات و يرددون شعارات عن الدفاع عن وطنهم لكن علينا أن ندرك أن هذا الأمر موجود في نظام التعليم الصيني منذ وقت طويل ، لكن الذي اختلف الآن أن أطفال الإيغور يتم إجبارهم على الدخول في هذا النظام أنا سمعت بعض هذه الشعارات، وهذه الأفكار لا يجب أن يتعلمها ولد في الثانية أو الثالثة من عمره فهو غير قادر على فهم الأنظمة السياسية فهذا الأمر سياسي بحت ويركز بشكل كبير على إزالة المؤشرات الفعلية للهوية المختلفة.
وعن الروتين اليومي لهؤلاء الصغار داخل المعسكرات ، تقولى جولي : هذا نموذخ للمدرسة الصينية ,حيث يأكل الأولاد و ينامون و ينظفون أسنانهم و يقومون بالروتين المعتاد,ولكن ما أستطيع قوله كأستاذة عن هذا الروتين الموجود في المخيم هو أنه في الكثير من الأحيان النشاطات التي تقوم بها المدارس الرسمية الصينية للأولاد لا تساعدهم على النمو بالشكل المناسب و لهذا رأينا أن العديد من الأهالي نقلوا أولادهم إلى مدارس خاصة حتى من هم في سن مبكرة، لأن الأهالي يرغبون في حصول أولادهم على تعليم عال جداً كحال الأهل في كل مكان، لذا عندما يكون مستوى التعليم منخفضاً كما يحصل في المدارس التي تديرها الدولة و حيث يقيم الأطفال من دون أهاليهم و لا توجد مساءلة ستكون النتيجة سيئة .
وتضيف: “ما يحصل هناك مطابق لما يحصل في المدارس الرسمية الصينية، الجلوس على الكرسي خلف طاولة، ترديد وحفظ للشعارات، في هذه المرحلة العمرية يجب القيام بنشاطات للأولاد تحفزهم على اللعب بإستقلالية و الإستكشاف، و على التفكير الإبداعي و كيفية حل المشاكل ، كذلك على العمل كفريق وعلى أهمية العلاقات العائلية ,هذا أمر مهم جداً لصحة الولد العاطفية ، حتى خلال هذا الروتين اليومي من الجلوس على المقاعد و الحفظ و الإمتثال للتعليمات في الوقت الذي يتم إبعادهم عن عائلاتهم ,هذا الأمر مضر بعملية نمو الأولاد كذلك سيؤذيهم عاطفياً الروتين اليومي لا يوجد فيه ما هو غير عادي و هذا بحد ذاته أمر مقلق”.
وتتابع: “ما صدمني هو سماع ما قاله مسؤولو التعليم في بكين، إن الأشخاص المسؤولين عن وضع سياساتك وإعطاء التوجيهات للبلد بأكمله خصوصاً في ما يسمى بالمناطق التي تتمتع بالحكم الذاتي، حيث يحاولون إعادة هندسة الهوية العرقية للسكان، هؤلاء لديهم مستوى عال من الجهل، بسبب الفساد وطبيعة هيكلية الحزب الشيوعي الصيني وطريقة عمله، فإنّ الأشخاص الذين يتبوأون هذه المراكز ليس بالضرورة أن يكونوا أخصائيين في التعليم، حتى عندما كنت أنا في الصين و قبل أن أغادر كانت بكين قد بدأت بتطبيق هذه السياسات في منطقتنا، المدرسة التي أعمل فيها تعرضت للإنتقاد لأنه كان يوجد على الجدران صور لأولاد من عرقيات مختلفة، و قد أبلغونا أن الأولاد الصينيين لا يجب أن ينظروا إلى وجوه غير صينية وأن لا يتلقوا التعليم من أشخاص غير صينيين و يجب ان لا يتعلموا لغة غير الماندارين وقد تم منع تعلم لغة إضافية وكل هذه المحاولات لخلق هوية عرقية أحادية”.