أكّد منسق الشؤون الإنسانية في الأمم المتحدة المقيم في صنعاء، ديفيد غرسلي (David Gressly)، أنّ “الوضع غير مطمئن من الناحية الإنسانية في اليمن، إذ مازال هناك 20 مليون شخص بحاجة إلى المساعدة، ونحو 7 ملايين طفل بحاجة إلى المساعدة ويعانون من سوء تغذية حاد”.
وقال في حديث خاص لـ”أخبار الآن“، إنّ “الأمم تؤمّن الغذاء حالياً لـ 30 مليون شخص، كما تقدّم المساعدة الصحية للمستشفيات، والحكومية منها تكتظ بالمرضى الذين يأتون من المناطق الريفية التي تفتقر إلى المراكز الصحية”.
وتابع: “نساعدهم في تأمين الغذاء والمياه والمأوى لـ 4 ملايين ونصف مليون نازح، ونفعل ما في وسعنا لمساعدة من هم الأكثر حاجة والأكثر ضعفاً، ونحاول قدر الإمكان الوصول إلى من هم بحاجة، ونعمل جاهدين من أجل الوصول إليهم أينما كانوا متحدّين كلّ الصعوبات التي ممكن أن تعترض عمل البعثة الأممية”.
وعن من الصعوبات التي تواجه عمل بعثة الأمم المتحدة في اليمن، أوضح غرسلي أنّ “الصعوبات الأساسية تتمثل في الجانب المالي، إذ أنّ الأمم المتحدة لا تستحصل سوى على 31 % ممّا نحتاجه لمساعدة الـ 20 مليون شخص، ونحن على وشك التخفيف من عدد الأشخاص الذين يستفيدون من المساعدات الغذائية”. وأوضح قائلاً: إنّ “المسؤولين عن برنامجنا الغذائي أعلموا السلطات بأنّ التمويل الذي حصلنا عليه تلك السنة غير كاف، لذلك نحن قلقون على هؤلاء الأشخاص الذين يتّكلون علينا، مع الإشارة إلى أنّنا تمكنا العام الماضي من تخفيف عدد الأشخاص المحتاجين إلى مساعدة مالية، وهنا أعني مساعدة غذائية لنحو المليوني شخص، وذلك النجاح في خطر الآن في حال لم نتمكن من تأمين التمويل اللازم لليمن، وأنا قلق جدّاً من ذلك الأمر”.
وشدّد المسؤول الأممي على أنّ “الصراع الموجود في اليمن له تأثير كبير على الوضع الإنساني، فقبل بدء الحرب كانت بعض المناطق تعاني نقصاً في الاحتياجات الإنسانية… كان هناك نقص في الغذاء أكبر بكثير ممّا نشهده حالياً، ومن التداعيات المهمّة لتلك الحرب المستمرة منذ 8 سنوات هي تسببها في انهيار الإقتصاد، فأولئك المواطنون الذين ينتمون إلى الطبقة المتوسطة، أو المهنيون أو المزارعون أو صيادو الأسماك وغيرهم، خسروا مورد رزقهم، فلم يعد بوسع الصيادون الصيد بسبب الألغام المائية، ومن لديهم وظائف في المدن خسروا وظائفهم لأنّ العديد من الشركات أقفلت مكاتبها، لذلك الحرب كان لها تأثير كبير على المواطنين الذين كانوا يحتاجون إلى المساعدة، ولذلك نرى أنّ هناك 21 مليون شخص بحاجة إلى المساعدة”.
وتابع: “العامل الآخر هو النزوح، فقد نزح 4 ملايين ونصف مليون شخص، وذلك يُقدر بنحو 15 % من عدد السكان، إنّه حمل كبير أيضاً على العائلات التي تستضيفهم، ذلك إذا وجدنا عائلات قادرة على استضافتهم، فالناس تعيش في ظلّ ظروف صعبة جدّاً، المنازل بدائية جدّاً والمساعدات الغذائية محدودة جدّاً، كذلك الأمر بالنسبة للمدارس والوظائف، تلك الحرب تدمر البلد، والحل الوحيد هو إمكانية التوصل إلى السلام الذي سيساعد في إعادة النهوض الإقتصادي وبالتالي سيتمكن المواطنون من الحصول على وظائف ومدخول شهري ولن يعودوا بحاجة إلى تلك المساعدات التي تأتيهم من الخارج”.
الأمم المتحدة: لم ندفع أموالاً للقاعدة
في فبراير العام 2022 تمّ اختطاف 5 موظفين تابعين للأمم المتحدة من قبل القاعدة في اليمن، وتم إطلاق سراحهم مؤخّراً. “أخبار الآن” سألت غرسلي ما إذا كانت المنظمة الأممية دفعت فدية لقاء تحرير هؤلاء الموظفين، فردّ بالقول إنّ “الأمم المتحدة لا تدفع فدية لأنّ دفع الفدية يعني أنّه سيتمّ اختطاف عدد أكبر من الموظفين، ونحن نحاول تفادي حصول ذلك الأمر، وقد حاولنا تفادي دفع أيّ مبلغ عندما حصلت عملية الخطف، لذلك استغرقت عملية إطلاق سراحهم وقتاً طويلاً، نحو 18 شهراً، إذ كنّا نحاول إقناع الخاطفين أنّنا لن ندفع أيّ فدية”.
وأضاف: “وهنا أنتهز الفرصة لأشكر كلّ الجهات التي ساعدتنا في المفاوضات، من دون أن أدخل في التفاصيل لأنّ الوضع حسّاس، لكنّني ممتن جدّاً لكلّ الدول التي ساعدتنا في تلك المفاوضات الحساسة، ونحن سعداء جدّاً بالنتائج، ويمكنني القول إنّ الإمارات العربية المتحدة هي واحدة من تلك الدول التي ساعدتنا بشكل كبير، لذا أودّ أن أشكرها، وهناك دول أخرى أيضاً لكنّني لا أريد أن أذكر أسماء الآن”.
وقال: “نحن سعداء جدّاً أنّ هؤلاء الموظفين عادوا إلى منازلهم وعائلاتهم، ونعمل على إعادة دمجهم مع أسرهم ومجتمعهم. لكن ما حصل يذكّرنا بالظروف الصعبة التي نعمل فيها، وأنّنا يجب أن نكون حذرين لنتمكن من الاستمرار في عملنا، إلّا أنّنا ملتزمون بمساعدة اليمن بغض النظر عن الظروف الأمنية الصعبة التي تواجهنا”.
كيف يمكن تجنّب عمليات خطف مماثلة في المستقبل؟
وحول كيفية العمل من أجل تجنّب حصول عمليات خطف مماثلة في المستقبل من قبل القاعدة، أجاب غرسلي أنّه “من المهم للغاية أن نواصل العمل على نوع التدريب الذي نقدّمه لموظفينا، بما في ذلك أولئك الذين يقومون بالقيادة حول كيفية تجنّب تلك المواقف. كما أنّه من المهم جدّاً أن يكونوا واعين لمحيطهم حيث يعملون ويسافرون فيه كي يتمكّنوا من ملاحظة أيّ إشارة تدلّ على أنّ هناك خطراً يجب أن يبتعدوا عنه”.
وختم حديثه لـ “أخبار الآن“: “ذلك يتطلب التعاون مع المجتمعات المحلية ليعلموا أنّنا هنا لمساعدتهم وأنّنا بحاجة إلى مساعدتهم أيضاً لتحذيرنا من أيّ خطر محتمل، كي نتمكن من الاستمرار في تقديم المساعدة لهم. لقد تعلمنا الكثير من الدروس من تلك الحادثة وغيرها من الحوادث، وقد تمكّنا من إثبات قدرتنا على الحفاظ على أمن موظفينا وعلى الاستمرار في تقديم الدعم الذي يحتاجه عدد كبير من اليمنيين”.