بعد عامين من العمل على التهيئة السياسية وجمع التمويل وتطوير المشاريع، نجحت العملية التي تقودها الأمم المتحدة في منع تسرّب نفطي هائل في البحر الأحمر من الخزان العائم العملاق “صافر” المتهالك. فقد قامت شركة سميت للإنقاذ البحري التابعة لمجموعة بوسكالز الرائدة في مجال الخدمات البحرية، بنقل أكثر من 1.1 مليون برميل من النفط من خزان صافر البالغ من العمر 47 عاماً إلى الناقلة البديلة الآمنة “اليمن”. وكان برنامج الأمم المتحدة الإنمائي الذي يتولى إدارة المشروع قد تعاقد مع شركة سميت لتنفيذ المهمّة.
تراجع خطر “صافر”
صُنع خزان “صافر” العام 1976 للعمل كناقلة نفط عمالقة، وبعد عقد من الزمن تمّ تحويلها إلى مرفق عائم للتخزين والتفريغ، يرسو حالياً على بعد حوالي 4.8 ميلاً بحرياً قبالة ساحل محافظة الحديدة في اليمن. العام 2015 تمّ تعليق عمليات الإنتاج والتفريغ والصيانة الدورية للخزان بسبب النزاع القائم في اليمن، ومن ثمّ شهدت السلامة الهيكلية للخزان الذي يحمل أكثر من مليون برميل من النفط، تدهوراً كبيراً عرّضه لخطر الإنهيار. كما توقفت أنظمة ضخ الغاز الخامل في الخزان عن العمل العام 2017، ما عرضه لخطر الإنفجار، ومن ثمّ أصبح الخزان غير قابل للإصلاح.
في ذلك السياق، أجرت “أخبار الآن” لقاء مع منسق الأمم المتحدة في اليمن ديفيد غرسلي (David Gressly) الذي وصف اكتمال عملية نقل النفط من الناقلة المتهالكة “صافر” إلى سفينة بديلة، بالخطوة المهمّة التي ستبني زخماً وتولّد أملاً بإمكانية تسريع جهود السلام في اليمن. وقال: “تمّ تصميم وحدة التخزين والتفريغ العائمة صافر لتفادي حصول تسرّب نفطي بعد تآكل الناقلة، وسبب ذلك التآكل هو عدم صيانتها خلال السنوات الثمانية الماضية، أي منذ بدء الحرب في اليمن. ذلك بالإضافة إلى أنّها ناقلة قديمة جدّاً، وكانت مهدّدة بالتفكك وربّما الانفجار بسبب نقص الصيانة، لذا كان من المهم إيجاد حلّ فوري لتجنّب تلك الكارثة على وجه التحديد، الأمر الذي لم لم يحدث”.
نقل أكثر من 1.1 مليون برميل من النفط من السفينة المهترئة
وأوضح: “كانت الفكرة – ويجري تنفيذها الآن – هي إحضار سفينة جديدة يمكنها تخزين النفط بأمان حتى لحظة تصريفه بالكامل. ومن المحتمل أن يستغرق تحقيق ذلك إجراء مفاوضات مكثّفة. لقد تمكنا من القيام بذلك في الوقت الحالي، وتمّ نقل كلّ النفط، أكثر من 1.1 مليون برميل من النفط – من سفينة وحدة التخزين و التفريغ القديمة صافر، إلى السفينة الجديدة التي تسمى MT اليمن. اكتملت عملية النقل ونحن نقوم فقط بأعمال التنظيف النهائية، لننتقل إلى المرحلة التالية من المشروع، وهي ربط السفينة الجديدة بعوّامة التثبيت في منطقة ميناء الصليف، في رأس عيسى، حتى تتمكن من الاستمرار في عملها كناقلة تخزين”.
“الصعوبة تكمن في أنّ الناقلة موجودة داخل منطقة النزاعات”
وشدّد غرسلي في حديثه لـ”أخبار الآن” على أنّ “العديد من دول البحر الأحمر أدرك خطورة ذلك الوضع، بما في ذلك اليمنيون أنفسهم الذين كانوا أوّل المتضررين من هكذا تسرّب، بالإضافة إلى المملكة العربية السعودية وجيبوتي والصومال ومصر، لأنّ هكذا تسرب نفطي يمكن أن يعرقل الوصول إلى خليج عدن عبر باب المندب، وذلك سيجعل قناة السويس غير صالحة للاستخدام، وهذا ما أثار قلق العديد من البلدان”.
وأضاف: “الصعوبة تكمن في أنّ الناقلة موجودة داخل منطقة النزاعات، وهو الأمر الذي صعّب الوصول إلى حلول، لذلك كان من الصعب علينا إيجاد حلّ تقني مع أنّه كان ضرورياً، لذلك حاولنا إيجاد حلٍّ سياسي وتقني لنتمكن في المضي قدماً بذلك المشروع”.
وأعلن أنّه “منذ العام الماضي وتحديداً منذ شهر مارس، توصلنا الى إتفاق سياسي سمح لنا بالسير في ذلك المشروع، وقد حظي ذلك الإتفاق بموافقة طرفي النزاع، بالإضافة إلى دعم إقليمي، وذلك الدعم تُرجم عبر المساهمات التي قدمتها تلك الدول، لذا في النهاية نجحنا في التوصل إلى حلّ سمح للجهات القلقة جرّاء ذلك الوضع المساهمة في ايجاد الحل الأمثل، ويسعدني أن أقول إنّنا نجحنا في نقل النفط وخفّضنا ذلك التهديد إلى حد كبير”.
“مازلنا بحاجة إلى 22 مليون دولار”
وشكر المسؤول الأممي الدول الأعضاء والقطاع الخاص وعامة الناس الذين ساهموا بمبلغ 121 مليون دولار في المشروع حتى الآن، وهو الأمر الذي أدّى إلى نقل النفط، وبالتالي منع حصول السيناريو الأسوأ: حدوث تسرّب كارثي أكبر بأربع مرّات من تسرب النفط في إكسون فالديز العام 1989″.
وختم غرسلي: “لكن بالرغم من ذلك مازالت ناقلة صايفر المهترئة تشكل تهديداً بيئياً خطيراً، لأنّها ستتحطم في نهاية المطاف وتترك بقايا زيت لزجة ممزوجة بالرواسب التي لا يمكن إزالتها إلّا أثناء عملية التنظيف النهائية. العمل المتبقي يتضمن تركيب عوامة كالم وربط اليمن بها، وسحب صافر لإعادة تدويرها بشكل آمن، فيما القيام بذلك يتطلب 22 مليون دولار، بما في ذلك سداد الأموال التي قدمها صندوق الأمم المتحدة المركزي لمواجهة الطوارئ من خلال التمويل الداخلي الموقت لضمان السيولة الكافية لبدء العملية”.