الجنرال إرو: نجيد حرب الشوارع ولكن”الشباب” أشعلت نوعا جديدًا للحرب
في وقت تعاني فيه الصومال من أزمة خارجية على حدودها مع جارتها اللدود أثيوبيا، بعد اتفاق بين حكومة أثيوبيا وولاية أرض الصومال بمعزل عن الحكومة المركزية في مقديشو وفي انتهاك صارخ لسيادة دول الصومال، ها هي الجبهة الداخلية مازالت مشتعلة منذ عقود بعدو داخلي يستنزف مقدرات هذا الشعب العربي الأفريقي، إنها جماعة الشباب، فعلى مدار ما يزيد عن 18 عاما شكلت جماعة الشباب طرفا رئيسيا في معاناة الشعب الصومالي، ورسمت سلسلة جديدة من الحديد تقوض عجلة التنمية في تلك الدولة التي تعانى من الحروب على مدار أكثر من 60 عاما .
ففي عام ٢٠٠٦ كانت النقطة الفاصلة في تاريخ الصومال، وقتما تأسست جماعة الشباب المنبثقة عن المحاكم الإسلامية، والتي تدين بالولاء لتنظيم القاعدة، لتسيطر بعدئذ على مناطق شاسعة من البلاد، وتتخذها نقطة انطلاق لعملياتها الإرهابية داخل الصومال وخارجها، حتى وصلت بعض التقديرات مؤخرا إلى أن الجماعة تسيطر على 70% من الأراضي الصومالية.
70% من أراضي الصومال في قبضة جماعة إرهابية يتخذون من المدنيين في قراهم دروعا لهم ومن أراضي الفلاحين وأغنام الرعاة الفقراء مصدرا لأرزاقهم المحرمة .
وفي أثناء رحلتنا الصحفية إلى الصومال، والتي نستشرف فيها الوضع في البلاد وملامح الحرب على الإرهاب، من خلال لقاء وزراء وشخصيات استخباراتية ومسؤولين صوماليين، كان من المهم أن نلتقي الشخصية الرئيسية التي تسير الحرب على الشباب في الميدان بإقليم جالمودج بوسط الصومال، إنه الجنرال عبدالله آدم إرو Colonel Abdullahi Adam Ciro، والذي بدأ الجنرال كلامه معنا بوصف الوضع الميداني وتطورات الحرب على الشباب قائلا “فيما يخص الحرب على جماعة الشباب، فقد استطعنا طرد عدد كبير منهم وأصبحوا الآن متواجدين فقط في تقريبا أقل من ٢٠٠ كيلومتر مربع في الولايات الوسطى ونحن نأمل أن نطردهم تماما قريبا وبعد ذلك ستكون الولايات الوسطى محررة من جماعة الشباب.”
جماعة الشباب تعتمد بث الفتنة والفرقة بين القبائل
سنوات عجاف عاشها الصومال تحت وطأة تلك الحركة الإرهابية، حتى قررت الحكومة أن تواجه بشراسة تضاهي شراسة عدوها، وتبدأ في قلب الطاولة على الشباب، علها تعيد للصومال مفهوم الدولة الذي تحتاجه بمؤسساتها وتحاول مواجهة فكر التقسيم والقبليات الذي تستثمره جماعة الشباب لتفتيت المجتمع الصومالي.
صعبة هي ومرهقة تلك الحرب الطويلة التي تخوضها الدولة الصومالية على الإرهاب منذ أعوام، إذ تواجه قوات الجنرال إرو والحكومة الصومالية العديد من التحديات خلال رحلتهم الشاقة لاقتلاع جذور الإرهاب من البلاد والتي قول عنها الجنرال إرو “الحرب لها تكتيكات مختلفة، فهذه الحرب لم تحدث في تاريخ الصومال حرب أسوأ منها لأن هؤلاء الرجال يسخدمون تكتيكات جديدةلم يعرفها العالم من قبل في الحرب ،فحرب المدن كنا نعرفها
وحرب الضواحي والشوارع كانت معروفة ونجيدها أو الحرب بين دولتين أيضا كانت معروفة لكن لم نكن نعرف أن من الممكن أن تندلع الحرب بين ساقيك وتحت مسمى العقيدة وخلف ستار الدين وأخذ المسؤولون والشعب مدة طويلة لفهمها استراتيجية الشباب كباقي الحركات الإرهابية في أي مكان في العالم تعمل على طمس وتزييف الحقائق وبث التفرقة بين القبائل ومكونات الشعب.”
جماعة الشباب تغتال أصحاب الفكر والمثقفين داخل القبائل
ثم يكمل الجنرال عبدالله آدم إرو قائلا “إنهم يعملون على قتل ذوي الفكر والمثقفين وأصحاب الحكمة داخل القبيلة ثم بعد ذلك يلصقون تهمة القتل بالقبائل الأخرى لكننا نتجاوز الفتنة أولا بقوة الجيش ثانيا نقوم بعمل مصالحة بين القبائل ومن ثم تأخذ الإدارة المحلية دورها في التنسيق بين القبائل بعد المصالحة.”
ويبقى السؤال كيف تمكنت تلك الجماعة والحركة البدائية بأفكارها الرجعية أن تسيطر على بلد هام شاسع المساحة بحجم الصومال؟
وعن ذلك يقول الجنرال عبدالله أدم إررو قائد القوات الصومالية المقاتلة ضد الشباب في جالمودج “كيفية سيطرة الشباب على الأراضي الواسعة، فبعدما سيطرت الحكومة على المدن الكبرى بدأ الشباب في السيطرة على القرى والمناطق الريفية والزراعية كما سيطروا على رعاة الغنم والفلاحين والمزارعين ونحن نواصل العمل على إخراجهم”
أعوام كثيرة مرت تجرعت فيها القوات النظامية الصومالية هزائم متوالية على يد جماعة الشباب الدموية، ولكن الوضع اختلف في المعارك الأخيرة من العام المنصرم 2023 فما هو السر، وكيف بدأت الدولة تستعيد عافيتها وتسترد الكثير من الأراضي التي كانت تخضع لسيطرة جماعة الشباب
وعن ذلك يشرح الجنرال إرو” كان واجبا على الحكومة الصومالية أن تطرد هذا العدو الذي تحكم في الوطن وفي الناس لذلك عملت الحكومة الصومالية على خطط مغايرة عن السابق، مثلا جندت الحكومة جيشا كبيرا من الفتية الذين انضموا إلى الجيش والنقطة الثانية أن الرئيس الصومالي وهو المسؤول الأعلى في الحكومة الصومالية هو الذي أعلن الحرب على الشباب وهو مازال على الخطوط الأمامية هذا هو ما تغير في الخطط التكتيكية وهو تغير من أعلى رأس في الدولة”
ميليشيات قبلية أم دفاع شعبي
لكن عنصرًا آخرًا كان في غاية الأهمية شكل مفتاح النصر الصومالي على الشباب، فلا يمكن للقوات الحكومية أن تقف في المعركة وحيدة ضد الإرهاب، فما هو ذلك العامل الذي قلب به الصومال الطاولة على الإرهاب والشباب، إنه القبائل وفتيانها وفي هذا الشأن يستطرد الجنرال عبدالله أدم إرو مستنكر ًا إطلاق اسم الميليشيات على قوات القبائلحيث قال”الميلشيات القبلية! نحن لا نطلق عليهم “الميلشيات القبلية” ولكن نعرفهم بالدفاع الشعبي وما كان لنا أن نحصل على النصر لولاهم فهم يحاربون إلى جانب الجيش الوطني الصومالي وهم يتعاونون بمعرفتهم بالأرض ويعاونون من الناحية الاستخباراتيةويتعاونون بالتمويل وهم مع الجيش بالنفس والمال
لذلك فإن الهزائم التي ألحقناها بالشباب لم تكن لتتحقق لولا الدفاع الشعبي من القبائل ونحن سعيدون بهم ومقتنعون بهم ونشكرهم ونرجو أن يكملوا ما تبقى”
ثم يسترسل الجنرال إرو معللا إقبال العشائر على خطوة الانخراط في الحرب، فيقول”هدف الشباب ألا يظل شخص صومالي حي وألا تجد شخصين متفقين في الرأي كما أنهم يفتنون بين القبائل، جماعات وفرادى ويسطون على أموال الناس لذلك نحن كحكومة نعمل على المصالحة ونضع قوات الجيش بين القبائل المتحاربة وأيضا يقومون بصنع المتفجرات ويزرعون الألغام في كل الأراضي دون مبالاة بالأرواح ونحن نعمل قدر استطاعتنا على التحذير والتوعية منها كما نعمل على منع زراعتها في المجمل، المعاناة التي يتسبب بها الشباب للشعب الصومالي لا يمكن تقدير حجمها لكن نرجو في المستقبل القريب أن تقل هذه المعاناة.”
اختتم الرجل المقابلة معنا وقد بدت على ملامحه علامات التفاؤل بالقضاء على الإرهاب قريبا فهكذا كما ذاقت القبائل الويلات وعرفت حجم المعاناة ومير البلاد تحت حكم الظلام ، لبت نداء الواجب مدافعة عن بلدها وحيات شعبها ومن قبلهما حريتهم، حيثق أنهى ينهي الجنرال عبدالله أدم إرو حواره معنا بقوله”لقد حصرنا خدع الشباب وتكتيكاتهم ونتوقع منتصف العام القادم أن ننتهي من الشباب إن شاء الله”
فهل تتحقق نبوءة الجنرال الميداني وتنتهي هذه الجماعة الإرهابية على الأرض في منتصف العام الجديد؟ حيث يدخل الصومالعامه الجديد بتحديات كبيرة خارجية وداخلية كما يحمل أملا بأن يدخل مع ذلك العام عهد جديد من تاريخه، دون دم، دون إرهاب، دون دمار ربما يستطيع ان يعيش ذلك الشعب المبتلى على أرضه الغنية بالموارد بلا تلك الجماعة حياة تليق بمعاناتهم علة مدار عقود.