العام 2008 أعلنت كوسوفو استقلالها من جانب واحد عن صربيا التي تعتبر اليوم أنّ كوسوفو مقاطعة إنفصالية. الأقلية الصربية العرقية تريد المزيد من السلطة السياسية في وقت تحاول فيه حكومة كوسوفو فرض سيطرتها.
التوتر والهدوء يتأرجحان ومؤخراً وتحديداً في سبتمبر من العام 2023 تصاعدت التوترات للمرّة الأولى منذ سنوات عندما اقتحم مسلحون من العرق الصربي قرية في شمال كوسوفو وتحصّنوا في دير أرثوذكسي صربي وحينها قتل شرطي وثلاثة مسلحين وقبل أيّام قليلة فرضت حكومة كوسوفو حظراً على العملة الصربية وأمرت الأقلية الصربية بتبنّي اليورو الأمر الذي أثار بلبلة عارمة ورفع من وتيرة الاحتقان وسط انتقادات دولية لتلك الخطوة.
وعلى وقع الاحتقان تحتفل كوسوفو بالذكرى السادسة عشرة لإعلان الاستقلال وفي وقت تواجه فيه كوسوفو تحديات كثيرة بما في ذلك سعيها للحصول على الاعتراف الدولي الكامل، العلاقات المعقدة مع صربيا والقضايا الداخلية.
رئيسة كوسوفو توجز انجازات بلدها وتحدياته في السنوات الماضية
ومع أسبوع ذكرى استقلال كوسوفو، التقت أخبار الآن رئيسة كوسوفو فيوسا عثماني (Vjosa Osmani) فى عاصمة بريشتينا، وقد استُهل اللقاء بالحديث عن الإنجازات والتحديات خلال السنوات الماضية قائلةً: “لقد حققت كوسوفو تقدماً كبيراً في السنوات الـ 16 الماضية، في العديد من الميادين، من بناء الدولة إلى تطبيق النظام الديمقراطي إلى النمو الإقتصادي. لقد حققت كوسوفو تقدماً ملحوظاً في كلّ تلك الميادين، حتّى أنّها باتت تتقدم على بعض البلدان الموجودة في المنطقة، والبعيدة أيضاً، في عدة مجالات، حتّى أنّ التقارير الدولية التي تُنشر من وقت إلى آخر، تقول إنّ كوسوفو تتألق في مجال تطبيق الديمقراطية وحماية حقوق الإنسان، ومحاربة الجرائم والفساد، وفي تطبيق القانون”.
وتابعت: “الأهم من كلّ ذلك هو أنّ كوسوفو هي قصّة نجاح بين شعب كوسوفو ومؤسساتها، وبين المجتمع الدولي والديمقراطيات حول العالم. إنّها برهان على ما يمكن أن تحققه الدول التي تتمسك بالقيم عندما تتعاون معاً وتقف معاً بوجه الأنظمة القمعية، وتلك التي ترتكب الإبادات الجماعية، وتحارب من أجل الحرية والإستقلال والديمقراطية، كما فعلنا في كوسوفو منذ العام 2008 عندما أعلنا استقلالنا، كان علينا أن نبدأ من الصفر لتحقيق ما وصلنا إليه اليوم، لقد قمنا بإنشاء المؤسسات التي لم تكن موجودة من قبل، والتأكد من أنّ تلك المؤسسات تسير وفقاً للمبادىء الديمقراطية، وأنّه يتمّ إدارتها بطريقة فعّالة، وبالطبع واجهنا تحديات عديدة، ولا زالت تلك التحديات موجودة لكن الفشل لم يكن مسموحاً، بل بالعكس صبرنا لن ينفذ، ونحن مصممون على التغلب على كلّ الصعوبات، والإندفاع في التغلب عليها يزداد، وأنا واثقة من أننا سننجح وسنصل إلى المكان الذي نستحقه بين الدول الحرة”.
رئيسة كوسوفو تدعو إلى الاعتراف الكامل بها
كوسوفو حتى الآن ليست عضواً في الأمم المتحدة وتفتقر إلى العضوية في العديد من الهيئات الدولية الرئيسية مثل اليونسكو أو الإنتربول بالإضافة إلى 5دول في الاتحاد الأوروبي. هذا النقص المستمر في الاعتراف العالمي الشامل يؤثر بطبيعة الحال على تطوّر كوسوفو ودمجها في المجتمع العالمي. فى ذلك السياق تقول عثماني: “من المؤسف أن شعبنا يشعر بالضرر الذي يحدثه ذلك من خلال تصرّفات العديد من البلدان حول العالم، لذا فإنّنا ندعو البلدان الكبيرة والصغيرة بغض النظر عن بعدها الجغرافي عن كوسوفو، إلى الانضمام إلى بقية دول العالم التي اعترفت بشجاعة بجمهورية كوسوفو، كما أنّ محكمة العدل الدولية أيضاً أعلنت العام 2010 أنّ استقلال كوسوفو يتوافق تماماً مع القانون الدولي، ولم يتم انتهاك أي مبدأ عام للقانون الدولي ولا أيّ قرار للأمم المتحدة عند إعلان استقلال كوسوفو، مع ذلك التأكيد ومع الواقع أنّ البلدان التي اعترفت بكوسوفو لم تخسر شيئاً، بل على العكس لقد ربحوا صديقاً وشريكاً وحليفاً، يمكنهم التعاون معه لمواجهة التحديات والدفاع عن القيم المشتركة، ولهذا السبب نحن نعمل مع الدول التي لم تتخذ ذلك القرار بعد لإقناعها على إتخاذ تلك الخطوة، لأنّ ذلك سيكون له أثر إيجابي على السلام والإستقرار في البلدان التي تقع غرب البلقان، وسوف يسهل علينا كثيراً التحرك نحو التكامل الأوروبي الأطلسي”.
تجدر الإشارة إلى أنّ قبل أيّام قليلة فرضت حكومة كوسوفو حظراً على العملة الصربية وأمرت الأقلية الصربية بتبنّي اليورو، الأمر الذي أثار بلبلة عارمة وبالطبع ستكون لهذه الخطوة تداعيات على هؤلاء السكان في تلك المناطق.
عثماني أوضحت أنّه لا توجد أي رسالة موجهة الى المجتمع الصربي من خلال ذلك القانون وهو لم يكن قراراً حكومياً بل قرار صادر عن المؤسسة المستقلة التابعة لسلطة البنك المركزي المنفصلة تماماً عن الحكومة، فقالت: “المشكلة كانت في طريقة إيصال تلك الفكرة، كل ما أنجزناه في البلد كان كما ذكرت في البداية نتيجة للتعاون بيننا وبين شركائنا الدوليين، وعندما تدخل القرارات التي تتخذها مؤسساتنا حيز التنفيذ، يبدأ التساؤل كيف ستتأثر الأقليات بتلك القرارات، والطريقة الوحيدة الآن للخروج من تلك المشكلة هو التأكّد من وجود اتفاقيات مشتركة مع أصدقائنا وحلفائنا بشأن بناء خطة تنفيذية لكيفية تنفيذ اللوائح التي اعتمدها البنك المركزي”.
وتابعت: “لا أحد يطالبنا بإلغاء قرار سلطة البنك المركزي، ولا أحد يطلب منّا عدم تطبيق دستورنا أو الحفاظ على الدينار، بل على العكس القانون لا يذكر الدينار، بل يتحدث عن محاربة غسيل الأموال، وتحديد ما هي قواعد ومعايير التدفق النقدي وغيرها لكن بالطبع يمكن الجلوس ومناقشة الأمر بين حكومتنا وحلفائنا الدوليين، والتأكّد من تنفيذ ذلك الإجراء، وخلال فترة تنفيذه أو الفترة الإنتقالية التي سيُنفذ فيها، سنتأكد من أنّ جميع مواطنينا الصربيين لديهم وصول إلى المعلومات الضرورية التي يحتاجونها، وإذا كانوا يرغبون في فتح حسابات مصرفية جديدة سيكون لديهم متسع من الوقت للقيام بذلك، ولتحويل أموالهم الموجودة في حساباتهم المصرفية إلى اليورو، وللتأكّد من عدم تضرّر المواطنين من ذلك الإجراء لأنّ ذلك الأمر لا يريده أيّ من المسؤولين في كوسوفو”.
رئيسة كوسوفو: صربيا لا تريد الحوار
الحوار بين كوسوفو وصربيا متوقف، وتقول صربيا بوضوح إنّها لن تعترف باستقلال كوسوفو. لا يزال التوتر والهدوء يتأرجحان ومؤخراً وتحديداً في سبتمبر من العام 2023 تصاعدت التوترات للمرّة الأولى منذ سنوات عندما اقتحم مسلحون من العرق الصربي قرية في شمال كوسوفو وتحصّنوا في دير أرثوذكسي صربي وحينها قتل شرطي وثلاثة مسلحين.
فى ذلك الصدد، أوضحت رئيسة كوسوفو لـ “أخبار الآن” أنّ صربيا ترفض الاعتراف بكوسوفو وتعلن رفضها لتنفيذ اتفاقيات بروكسل ,وقالت إنّ “تلك إشارة إلى أنّهم لا يريدون الحوار، والهجوم الذي حصل على كوسوفو في 24 سبتمبر يُظهر أنّهم لجؤوا إلى العنف، وذلك أمر مؤسف لأنّ السبيل الوحيد للوصول إلى السلام الشامل والدائم في المنطقة، وضمان انضمام دول غرب البلطيق إلى الاتحاد الأوروبي هي عبر الحوار السلمي، وكوسوفو قد التزمت بذلك بشكل كامل، لم يتوقف الحوار بسببنا، لقد حصل بعض العقبات لأنّ صربيا قامت بعمل عدائي في سبتمبر، حصل تحقيق في الأمر وكلّ النتائج أشارت إلى تورّط رؤساء المؤسسات الصربية”.
وتابعت عثماني: بالطبع صربيا تقول اليوم إنّها لن تعترف بسيادة كوسوفو لكن يوماً ما ستفعل ذلك، ونأمل أن يحصل ذلك قريباً وأن لا يتأخر الأمر، وذلك سيعود عليهم بالفائدة أيضاً لأنّه حان الوقت لأن تتقدم تلك المنطقة بدل محاولة إعادتنا إلى الماضي، إلى التسعينيات، وكما أقول دائماً استقلال كوسوفو لا رجعة فيه، كوسوفو وُجدت لتبقى، ونحن لن نذهب إلى أيّ مكان، سنبقى كدولة ذات سيادة، كدولة مستقلّة، كذلك كدولة محبة للسلام أيضاً، وهي دولة تريد أن يكون لها علاقات ممتازة مع كلّ جيرانها.
“يجب أن يوقفوا الأعمال العدائية، ويتخلّوا عن عقلية ميلوسيفيتش، وعن فكرة الهيمنة على كلّ الدول المجاورة واعتبارها مجرّد دول موقتة، وأنّ عليهم الاستيلاء والسيطرة عليها، من الواضح أنّ ذلك التفكير لن يتقبله أحد، ومن المؤسف لنا جميعاً أنّهم ما زالوا يدفعون قدماً نحو زعزعة استقرار تلك الأجندة، إذا كانت صربيا ترغب فعلاً بأن يكون لديها علاقات جيّدة معنا جميعاً هنا في المنطقة، وإذا أرادت تحسين علاقتها مع الإتحاد الأوروبي، فعليها أن تتوقف عن اللجوء إلى العنف، وعليها أن تتقبل أنّ كوسوفو هي دولة مستقلة وستبقى كذلك، والبوسنة والهرسك مستقلة أيضاً، وستبقى كذلك أيضاً، وذلك هو حال مونتينيغرو وشمال مقدونيا وكلّ الدول الأخرى التي نشأت نتيجة التفكك الدموي العنيف ليوغوسلافيا السابقة”.
ما هي خطوط كوسوفو الحمراء؟
أمّا في ما يتعلق بالخطوط الحمراء لكوسوفو، فقالت: “لا مناقشة أو تفاوض بشأن سيادة كوسوفو، لا مناقشة أو تفاوض بشأن سلامة أراضي كوسوفو ودورها كدولة ودستورها، تلك المبادىء الأربعة تحمينا حتّى لو ناقشنا كيف يمكن تعزيز حقوق الأقليات بشكل أكبر، علماً أنّه لدينا أحدث دستور في أوروبا في ما يتعلق بحقوق الأقليات، لكنّنا مستعدون لفعل المزيد من أجل مواطنينا، للأقليات وليس لصربيا التي لم تظهر أيّ اهتمام لتقديم أيّ شيء للأقليات الموجودين في كوسوفو، بل كلّ ما تريده هو الإستيلاء على أراضي كوسوفو، ونحن بالطبع لن نسمح بحصول ذلك، نحن نرى أنّ اتفاق أوهريد واتفاق بروكسل الذين تمّ التوصل إليهما في فبراير ومارس الماضيين، بالرغم من أنّهما ليسا مثاليين، إلّا أنّهما يشكّلان أساساً جيّداً من شأنه أن يؤدّي في المستقبل القريب إلى الاعتراف المتبادل بين كوسوفو وصربيا، لأنّ ذلك الإتفاق من بين أمور أخرى ينصّ على وجوب الإحترام المتبادل للأراضي التابعة للدولتين، لكوسوفو وصربيا، الاحترام المتبادل للمساواة في السيادة بين الدول، واحترام مبادئ المساواة بين الأطراف، ومن بين أمور أخرى يتضمن أيضاً المادة الرابعة التي تقول إنّ صربيا يجب أن لا تعارض انضمام كوسوفو إلى أيّ منظمة دولية، أنا أرى أنّ ذلك تقدّماً كبيراً في ذلك الإطار، بالطبع كوسوفو قدّمت بعض التنازلات أيضاً، لكن تلك المبادىء ستوصلنا إلى الإعتراف المتبادل”.
رئيسة كوسوفو: يتم تدريب مجموعات إرهابية للقيام بعمليات واعتداءات علينا
وكشفت عثماني فى حديثها لـ “أخبار الآن” أنّ هناك تهديدات بهجوم هجين من قبل صربيا، وحالياً يتم تدريب مجموعات إرهابية للقيام بعمليات واعتداءات على كوسوفو. فقالت: “ربما لا يكون عملية عسكرية تقليدية، لكننا نعلم ما تمثله صربيا، تعلمنا ذلك من خلال تجارب صعبة، أنا أتحدث عن القيادة وليس عن الناس. من المهم جدّاً أن أوضح أنّنا مستعدون لأيّ سيناريو، أنا لا أثق بنوايا صربيا، ولدينا معلومات أنّهم يدربون بشكل دائم مجموعات إرهابية ويقومون بتسليحهم وتمويلهم ليكونوا جاهزين للقيام بعمليات إرهابية واعتداءات على كوسوفو، وقد حدث ذلك فعلاً في 24 سبتمبر، لذلك لا يمكن أن يدّعي أحد أنّ تلك مجرّد حملات دعائية، بل ذلك قد حصل فعلاً، وإمكانية حدوث ذلك مرّة جديدة يعتمد على عدّة أمور في المقام الأوّل، نحن نعمل مع حلفائنا على تعزيز حدودنا مع صربيا لمنعهم من إدخال الإرهابيين والسلاح”.
رئيسة كوسوفو: مَنْ يُشعل فتيل زعزعة الاستقرار في المنطقة هي روسيا
وتابعت: “من الواضح أنّ مَنْ يُشعل فتيل زعزعة الإستقرار في المنطقة هي روسيا، فروسيا تريد أن يمتد الصراع إلى خارج أوكرانيا، هي تحاول تحقيق ذلك غرب البلقان، وبالدرجة الأولى في كوسوفو والبوسنة والهرسك، لكن بالطبع ما كانوا سينجحون في ذلك لو لم تكن تعاونها دولة عميلة أقصد صربيا، لو رفضت صربيا ذلك التعاون مع روسيا، لما تمكّنت روسيا من زعزعة استقرار المنطقة، وربّما سيكون سبب نجاحهم في تحقيق مبتغاهم هو من خلال تعاونهم مع صربيا. لا يمكنني القول إنّ اللوم يقع على روسيا فقط بل إنّ روسيا وصربيا شريكتان في كلّ ذلك”.
وأكّدت عثماني أنها لديها دلائل تثبت أنّ الرئيس الصربي فوتشيتش أعطى الأمر لمجموعات الصرب الهاجمة على منطة بانيسكا شمال كوسوفو في سبتمبر 2023 فقالت: “قد تمّ تأكيد ذلك من قبل أحد أهم حلفائنا، وقد تمّت مشاركة هذا الدليل مع اعضاء الناتو، وهو يعود مباشرة إلى فوتشيتش، نحن لا نتحدث عن فقدانه السيطرة على بعض العصابات، بل نتحدث عن تنظيمه لهذا الهجوم وإصداره الأمر بتنفيذه، لهذه العصابات وهو يحاول الآن التملّص من مسؤوليته عمّا جرى عبر محاولة إلقاء اللوم على الآخرين. إذاً الكل يعلم، وقد استقبلت عدداً كبيراً من الضيوف والقادة في مكتبي، وهم قد أكّدوا لي هذا الأمر، وقد أخبروا فوتشيتش في عدة مناسبات أن بحوزتهم أدلّة تدينه. طبعاً هذا الدليل الذي تمّ تأكيده من قبل الحلفاء والشركاء، هم سيختارون الوقت المناسب للإعلان عنه ونشره، ونحن لا يمكننا التدخل لأنّ لكلّ بلد سياسته الخاصة المتعلقة بكيفية إجراء التحقيقات والوصول إلى النتائج وكيفية استخدام الأدلّة التي يحصلون عليها جرّاء هذه التحقيقات، وتحديد توقيت نشرها، تقدير كلّ ذلك يعود لهم وليس لنا، لكن تقريرنا التي قامت به مؤسسات كوسوفو الأمنية أظهر وجود تواصل مباشر بين فوتشيتش وبين مَنْ نفذوا الهجوم، ذلك بالإضافة إلى تمويله لهذه المجموعة”.
وتابعت: “هناك أدلّة تشير إلى علمه بالتدريبات التي قاموا بها في القواعد العسكرية الصربية، وأدلّة تُظهر نقل الأسلحة من الجيش الصربي إلى أولئك الإرهابيين، وأخيراً الأدلّة التي تشير إلى أنّ صربيا تحت إدارة فوتشيتش تؤمن الغطاء السياسي لهؤلاء الإرهابيين الذين لا يزالوا يتنقلون بحرية في صربيا، ذلك بالإضافة إلى كلّ ما ذكرت سابقاً، الأدلّة موجودة لكلّ مَنْ يريد الإطلاع عليها، لكن بالطبع هناك بلدان تودّ استعمال تلك الأدلّة وبلدان ترغب في تجاهلها، للأسف، وهذا يعيدني إلى نقطتي السابقة مجدّداً، التاريخ قد علّمنا ما يكفي من الدروس، وقد دفعنا ثمناً باهظاً لقاء ذلك، عندما يلجأ المعتدي إلى العنف ويتمّ استرضاؤه، فذلك يدفعه إلى فعل المزيد وعدم التراجع. أتمنّى أن تقوم كلّ الدول التي تريد فعلاً تحقيق السلام والاستقرار في منطقتنا بدراسة كلّ ما أرسلناه لهم من أدلّة، وكلّ ما أرسله حلفاؤنا من معلومات لهم، وأن يتخذوا بعدها موقفاً حاسماً ضدّ كلّ تلك الأعمال التي تهدّد الأمن في صربيا”.
علاقة كوسوفو مع دولة الإمارات العربية
وعن العلاقة بين كوسوفو ودولة الإمارت العربية المتحدة، قالت عثماني إنّ “العلاقة بين كوسوفو ودولة الإمارات العربية المتحدة بدأت في أصعب الأوقات، خلال الحرب، عندما كان شعب كوسوفو مهدّداً بالإبادة، وكنّا نتعرض للهجوم من قبل نظام ميلوسيفيتش، الإمارات العربية المتحدة كانت من الدول التي ساعدتنا حينها، وبعد الحرب عندما كنّا نعيد إعمار البلاد، وعندما لم يكن لدينا أي شيء، بعدما تمّ تدمير البلد بالكامل، كان علينا إعادة إعمار كلّ شيء من نقطة الصفر، لم يكن لدينا منازل ولا مستشفيات، وأول مستشفى تمّ إنشاؤها هي مستشفى الشيخ زايد في مدينة بوشتري، وحتى يومنا هذا عندما تتحدث مع سكان تلك المنطقة فسيخبروك كيف تغيّرت حياتهم مع وجود هكذا مستشفى استطاعت أن تؤمّن لهم ما يحتاجونه، وهذه المستشفى التي أنشئت منذ 25 عاماً لا زالت تقدم خدماتها حتى الآن، ومنذ حوالي السنة افتتحنا أول مستشفى للأطفال وهو مستشفى الشيخة فاطمة، وقد تمّ تمويلها من قبل الإمارات العربية المتحدة أيضاً، لقد زرت المستشفى حديثاً ورأيت الخدمات التي تًقدم للأطفال الموجودين هناك، والذين يحتاجون إلى العلاج، ويمكنك رؤية التأثير الهائل للدعم الذي قدمته دولة الإمارات العربية المتحدة”.
وتابعت: “خلال إجتماعي مع سموه في دولة الإمارات العربية المتحدة خلال قمة كوب 28، أجرينا محادثات مهمّة عن كيفية تطوير تلك العلاقة بين البلدين والبناء على ذلك الإرث المذهل لوالديه، والعمل على تقوية تلك العلاقة، والتأكيد على إيجاد الفرص لشعبينا للتطور على الصعيد الإقتصادي والثقافي وغيرها من الميادين. نعم أول خطوة اتفقنا عليها هي إلغاء التأشيرة لأنّ ذلك كان يعيق التواصل. أنا ممتنة للغاية لأنه بعد ساعتين من لقائنا مباشرة، أرسلوا مسودّة الاتفاقية وبعد الإجراءات اللازمة، أصبحت الاتفاقية سارية الآن، وأمس تبلغنا عن خطوة إيجابية جديدة في علاقاتنا، ولكن علينا أن ننتظر استكمال الإجراءات اللازمة لكي أعلن عن الأمر، لكن يمكنني القول إنّ هناك المزيد من الأخبار السعيدة في المجال الإقتصادي وفي مجال الإتصالات. من المهم جدّاً أنّنا نحن نسير قدماً في المواضيع التي اتفقنا عليها خلال ذلك الإجتماع، وآمل أن أزور الإمارات المتحدة قريباً، لكن نحن ننتظر زيارة سموه إلى كوسوفو، هو زار كوسوفو في السابق عدّة مرات، لكن هذه ستكون زيارة رسمية، زيارة دولة، ونأمل أن نتمكن من التوقيع على عدة اتفاقات تعود بالفائدة على بلدينا وشعبينا، وكما ذكرت للتأكّد من أنّ العلاقة بين بلدينا ستنتقل إلى آفاق جديدة. ما يمكنني قوله هو أنّ شعب كوسوفو ممتن جدّاً لكل ذلك الدعم، ونحن مستعدون لفتح مجالات جديدة للتعاون”.