غيرت الحرب في السودان أثار الشوارع ، وأطفأت طلقات البنادق أنوار البهجة والزينة، وبدلت لحظات الرعب والفزع ملامح مئات الآلآف من أبناء النيل ، ولكن رغم كل ذلك لم تستطع أحداث الخامس عشر من أبريل 2023 أن تمحو ما تبقى من عادات وتقاليد الشعب السوداني في شهر رمضان المبارك ، فمازالت بعض الأسر تمارس طقوسها اليومية احتفالاً بالشهر الفضيل ومازالت بعض الموائد تحتفظ بالأطباق السودانية الشهيرة التي تميزها عن غيرها من بلاد العالم .
في مدينة بورتسودان تحديداً ووسط أجواء يغلب عليها الفرحة الرمضانية، قضت أخبار الآن يوماً رمضانياً كاملاً مع إحدى السيدات السودانيات، فجاءت المشاهد حاملة معها تفاصيل تلك الموائد المميزة، ورائحة الأكلات السوادنية الشهية والمشروبات المتنوعة .
في السودان يعيش الأهالي طقوس خاصة ومختلفة عن باقي المجتمعات العربية، و يتم الإستعداد لها قبل رمضان بشهر كامل، وتبدأ التجهيزات من إعداد مشروب شعبي رمضاني يسمى “الأبري”وهو مشروب يُصنع من دقيق الذرة مع مجموعة من التوابل، أو”الحلو مر” والذي يفسر اسمه حالة التناقض التي يشعر بها كل من يتذوقه فطعمه يميل إلى الطعم الحلو والمر في نفس الوقت .
حياة عادية تعيشها نادية محمد، تلك السيدة الأربعينية في محاولة منها لإحياء ما تبقى من تراث وعادات وتقاليد سودانية خلال شهر رمضان، تبدأ يومها داخل ورشتها الخاصة كل صباح ، ثم تُسرع لإحضار الإفطار ويشاركها فى ذلك بنات العائلة والجيران أيضاً، تقول نادية: منذ قديم الأزل لدينا عادات خاصة في رمضان، يتم تحضيرها قبل الشهر المبارك وهذه السنة بسبب الحرب وسوء الأوضاع لم يستطع بعض الناس ممارسة نفس الطقوس، ونتيجة لعدم توفر غالبية السلع فأن أسعار ما توفر منها مرتفع ، ولكن رغم ذلك مازال هناك حالة من التراحم بين السودانيين.
وأضافت نادية: من ضمن التغيرات التي طرأت علينا أيضا نتيجة الحرب أن معظم الناس لا تصوم في منازلها فهناك النازحين في المدارس على سبيل المثال، بالإضافة أن البيت الواحد أصبح يضم أربعة أو خمسة أسر، وقبل الحرب كنا نحضر المواد من الغرب ولكن نتيجة غلق الطرق لم يعد بإمكاننا الحصول على أي شيء ، بشكل عام السودانيين مازالوا متمسكين بعاداتهم وتقاليدهم ويصارعون الظروف للحفاظ عليها والشعور بقليل من السعادة وأمنيتي الأخيرة أن تنتهي الحرب ويعود السودان كما كان .
ووفقا لأحدث إحصائيات المنظمة الدولية للهجرة ، فقد بلغ عدد النازحين بسبب النزاع بين القوات المسلحة السودانية وقوات الدعم السريع الذي بدأ في 15 أبريل 2023 ، 7.76 مليون داخل وخارج السودان. وقد نزح ما يقدر بنحو 6.14 مليون شخص داخل البلاد .
شاهد أيضاً : شهادات مؤلمة لناجيات من الاغتصاب في السودان.. الكابوس بدأ للتو