أطفال غزة يحبون الحياة وينتصرون على الحرب بالرسم والتلوين
وسط الخيام البالية، وبين مئات الآلاف من الأطفال النازحين، اختارت الناشطة الدكتورة وفاء أبو جلالة أن تنجو بأرواح هؤلاء الصغار الملائكة عن طريق الرسم والتلوين. وهذا عن طريق مبادرتها “الخيمة الملونة” الملاذ الآمن الوحيد لأطفال غزة، ففي هذا المكان يقضي الصغار بضعة ساعات من الفرح بعيداً عن طلقات المدافع وأصوات الدبابات ومشاهد حطام المنازل .
داخل خيمتها المبهجة جلست “أبو جلالة” ترسم على وجوه الأطفال وتقص عليهم حكايات هم أبطالها ، وترقص معهم على أنغام أكثر الأغاني الطفولية قرباً لقلوبهم .” الهدف من المبادرة هو مساعدة الأطفال على تجاوز الأزمات النفسية التي ألمت بهم بسبب الحرب والعدوان المستمر، وفكرة الخيمة تقوم على أنشطة الرسم والتلوين والعديد من الأنشطة الترفيهية الأخرى المقدمة للأطفال لبث الشعور بالارتياح والسعادة والأمل في نفوسهم ” بهذه الكلمات بدأت وفاء أبو جلالة مسؤولة مركز الوفاء في مدينة رفح جنوب قطاع غزة، حديثها لـ أخبار الآن قائلة ” مهمتنا من خلال هذه الخيمة هو إخراج الطاقة السلبية الموجودة في الأطفال ومعالجة الاضطرابات النفسية الحادة التي خلفتها الحرب وهذا كله من خلال العلاج بالرسم والتلوين ” .
بملامحها البريئة انكبت رؤى الملاحي، صاحبة الأحد عشرة عاماً على الورقة والألوان، ترسم أحلامها بالعودة لدارها يوماً ما وتسجل اشتياقها لمعلماتها اللاتي حرمتها الحرب منهن ” في الخيمة بنفرح ، نرسم ونلون وننسى الحرب ” بهذه الكلمات بدأت كلامها معبرة عن اشتياقها لمعلمتها أريج ومدرستها ورغبتها في العودة لديارها وممارسة حياتها بشكل طبيعي كما كانت قبل الحرب .
خَلصت دراسة حديثة قام بها مجموعة من الباحثين الأجانب في معهد “غرينوود ” للصحة النفسية للطفل برفقة مجموعة باحثين من القدس، أن المراهقين الموجودين في قطاع غزة ويتعرضون للعنف الدائر حالياً سوف يعانون في المستقبل من صدمات نفسية عنيفة تؤثر لاحقاً على حياتهم . فيما يسمى بإضطراب ما بعد الصدمة النفسية وهو توصيف نفسي لما يحدث لهم من قلق واكتئاب وخلل نفسي.
واوضحت الدراسة أيضاً أن الأطفال الفلسطنيين بالتحديد يتعرضون لعدد يومي متزايد من مشاهد العنف تجعلهم أكثر عرضة لإضطراب ما بعد الصدمة مما يزيد من سلوكهم العدواني ويجعلهم يعانون من المخاوف والقلق والكوابيس طوال الوقت .
“سبب إنطلاق خيمة الوفاء، أن الأطفال في حاجة كبيرة لتخفيف العبء من عليهم خاصة في ظل غياب المدارس والأنشطة الترفيهية لذلك كان هدفنا هو خلق بيئة تعويضية وترفيهية لبعث الأمل في نفوس الأطفال وكل من يقصد الخيمة ” هكذا بدأ محمد الكومي ، مدرس اللغة العربية داخل الخيمة ، حديثه لـ “أخبار الآن” قائلاً : أنا مُعلم لغة عربية ورياضيات هدفي هو خلق نوع من الترابط بين الطلاب والمعلمين ، وتأهيل الطلاب نفسياً خاصة وأن واحدة من أكبر المشكلات التي تواجههم الآن هي العنف تجاه أنفسهم والأخرين ، وبالتالي فالأطفال في حاجة دائمة لتطوير سلوكهم وتربيتهم ، في ظل عدم انتظام العملية التعليمية وعدم قدرة أولياء الأمور على التربية بسبب ظروف الحرب .
وفي تقديرات سابقة لمنظمة الأمم المتحدة للطفولة “اليونيسيف” يعيش في غزة ما يقرب من مليون طفل منهم 250 ألف طفل يعانون من مشاكل نفسية وفي حاجة للمساعدة والدعم .