هل فكرت يوماً كيف تصل لك الملابس الصينية التي ترتديها، والسيارة الحديثة التي تقودها؟ من الذين يصنعونها وماذا يحدث لهم؟ الإجابة باختصار هي إنّ هذه المنتجات تأتي إليك على حساب أرواح مئات الآلاف من مسلمي الإيغور والأقليات المسلمة الأخرى الموجودة في الصين، فهناك يتعرض الكثيرون للتعذيب والتنكيل، والحرمان حتى من الطعام والشراب داخل مصانع مقاطعات الصين المختلفة، في انتهاك واضح وصريح لكافة مواثيق العمل الدولية.
في هذا التحقيق نكشف لكم كواليس هذا العالم الخفي غير الإنساني والتي تسعى دائما الحكومة الصينية لجعله يتوارى عن أنظار العالم.. ونسلط الضوء على الانتهاكات الجَمة، التي تحدث للأقليات المسلمة في هذه البقعة تحديداً، وتصل إلى حد الموت والتعذيب فوق ماكينات المصانع، ونضع أمام متخذي القرار في النهاية مجموعة من التوصيات والحلول التي بإمكانها أن تنقذ وتخفف من وطأة استغلال تلك الجماعة المُسلمة.
ماذا يحدث للإيغور داخل المصانع؟
98 يوماً هم الأسوأ في تاريخه، تغلبه دموعه كلما تذكر ما حدث له في تلك الأيام وما شاهده، فوسط 2027 سجيناً، قضى أصعب الأوقات وأقساها على الإطلاق بالنسبة له، ظن وقتها إن حياته ستنتهي في هذا المكان داخل مساحة لا تتجاوز بضعة أمتار تشبه القبر تماماً والسبب في كل هذا هو اعتناقه للإسلام في بلاد تضطهد كل أقلية لا تؤمن بثقافتها وشعاراتها.
هرب من ويلات الحزب الشيوعي الصيني، ولكن مكالمة قصيرة من والده أجبرته على العودة مجدداً إلى الصين ليكون برفقته في أخر أيام حياته، وفور وصوله اقتادوه إلى قسم الشرطة و احتجزوا جواز سفره وسألوه عما إذا كان يمارس شعائر الإسلام وبعدها تم اعتقاله.
يقول أوترباي لـ “أخبار الآن“: “طوال فترة اعتقالي كنت مُكبلاً بالسلاسل حول يديا وساقيا، ويتم نقلي من مكان إلى آخر وأنا مغطى الرأس لعدة ساعات، كنا نرتدي زي السجن ذا الأكمام القصيرة، ونسمع صوت صافرات الإنذار تدوي أثناء مرورنا بالشوارع وعندما وصلنا لأحد المعتقلات طلبوا منا الجلوس في الخارج انتظرنا حوالي ساعتين ونصف في الطقس البارد، ثم استدعوني إلى الداخل و نزعوا الغطاء الأسود عن رأسي و فكوا قيودي، جردونا من ملابسنا تماماً و طلبوا منا مواجهة الحائط و نحن عراة، ثم عادوا و هم يحملون زي المعسكر وبعد أن ارتديناه كبلونا أيدينا من الخلف و قام شرطيان بدفع رأسي إلى الأمام و اقتادوني إلى الزنزانة”.
هكذا بدأت شهادة إربكيت اوترباي (Erbaqyt Otarbay)، عن أكثر اللحظات جحيماً في حياته، ففي هذا المكان وداخل زنزانة تتسع لسبعة أفراد بالكاد، أخذ “إربكيت” وسط أربعين شخصاً العديد من الدروس في التلقين العقائدي مع تهديدات مستمرة فإما إجادتها أو العمل قسريا داخل أحد المصانع في مقاطعة شينجيانغ.
و“إربكيت” هو مواطن من أصل كازاخستاني من محافظة ألتاي بمنطقة شينجيانغ، كان يعمل كسائق شاحنة وتم إلقاء القبض عليه بتهمة حفظ مقاطع فيديو دينية من تطبيق الواتس اب غير القانوني في الصين وأثناء الاحتجاز، حُرم “أربكيت” من الطعام وتعرض للضرب وتم نقله عدة مرات بين السجن ومعسكرات التدريب، حيث كان عليه حضور الدروس.
وفي وقت لاحق، خضع للعمل القسري في مصنع للملابس. ويقول عن تلك الفترة، كان المصنع ضخماً، وكان عدد المحتجزين الذين يعملون فيه بالمئات و كنت واحداً منهم كان دائما ما يتم تحذيرنا إذا لم ننته من العمل المطلوب فلن يُسمح لنا بالعودة الى الزنزانة فيجب أن نتم العمل خلال الساعات المحددة و إلا سيتوجب علينا العمل لساعات أطول،كما تم تحذيرنا من أننا إذا لم ننجز العمل فلن نحصل على الطعام “.
وبالفعل انتهى به الحال داخل أحد المصانع، قائلا: كان المصنع ضخماً، و كان عدد المحتجزين الذين يعملون فيه بالمئات و كنت واحداً منهم كان دائما ما يتم تحذيرنا إذا لم ننته من العمل المطلوب فلن يُسمح لنا بالعودة الى الزنزانة فيجب أن نتم العمل خلال الساعات المحددة و إلا سيتوجب علينا العمل لساعات أطول، كما تم تحذيرنا من أننا إذا لم ننجز العمل فلن نحصل على الطعام “.
حرمان من الوجبات وممنوع الذهاب للمرحاض
ظروف العمل التي كان يتعرض لها “إربكيت” داخل أحد مصانع المنسوجات في شينجيانغ، وبشهادته كانت قاسية جدا، الكاميرات في كل مكان لمراقبة العمال، كانوا يعملون فى الصباح لمدة 5 ساعات قبل موعد الغذاء ويسمح لهم بالذهاب إلى المرحاض مرة واحدة فقط.. “كنا يجب أن نرفع يدنا فيأتي الحارس أو الشرطي ويكبلنا ثم يرافقنا إلى المرحاض، كانت تفصل بين كل الأقسام أبواب حديدية، وعليك أن تمر عبر هذه الأبواب الحديدية لتعبر من قسم الى آخر، و عندما تنتهي من المرحاض يرافقونك إلى مكانك ثم يفكون الأصفاد”.
ويضيف باكياً لـــ”أخبار الآن“: ولأنه لم يكن مسموحاً لنا بالذهاب إلى المرحاض أكثر من مرة، كان الأمر مهيناً للغاية، في الكثير من الأوقات، كانت النساء، يتبولن أثناء العمل لأنهن كن يخفن من طلب الإذن لدخول المرحاض، و لأن ذلك كان يحصل مراراً كان يمكننا أن نشم رائحة البول، وحتى بعد أن عرفوا ما الذي يحصل قالوا لا بأس ,يجب أن تكونوا ممتنين لأننا لا نضربكم”.
التفاصيل التي يرويها “إربكيت”، تذهب إلى حد العبودية التي جرمتها المواثيق الدولية وتنطبق مع مفهوم العمل القسري الذي جرمته منظمة العمل الدولية، وعرفته بأنه أي عمل يتم القيام به قسراً تحت التهديد بالعقوبة ويتم فيه توظيف العمالة إما تطوعياً عن طريق الخداع أو الإكراه أو الترهيب، وإما بتطبيق العقوبات المالية مثل فقدان الأجور ومصادرة أوراق الهوية أو وثائق السفر والعنف الجسدي أو العقوبة وسحب الحقوق أو الإمتيازات. وتحدد منظمة العمل الدولية أيضاً مؤشرات العمل القسري بأنه كل ما يشمل “تقييد حركة العمال وعزلهم واستغلال نقاط الضعف فيهم، والعنف الجنسي أو الجسدي ضدهم وترهيبهم وتهديدهم والاحتفاظ بوثائق هويتهم وحجب أجورهم والإفراط في عملهم الإضافي.
الصين تناقض نفسها تُجرم العمل القسري وتطبقه
الغريب في الأمر، إنه على الرغم من أن الصين لديها قوانين وأنظمة ضد العمل القسري حيث يحظر قانون العقوبات الصيني في المادة 244 منه إجبار أي شخص على العمل بالعنف أو التهديد أو تقييد الحرية الشخصية، إلا إنه يتعرض ما لا يقل عن 100 ألف إلى مئات الآلآف من الإيغور والعرقية الكازاخستانية والأقليات المسلمة الأخرى للعمل القسري في الصين بعد الاحتجاز في معسكرات إعادة التأهيل، أو من خلال برامج نقل العمالة التي تنقل أفراد تلك الأقليات من منازلهم في المناطق الريفية إلى المناطق الحضرية للعمل في المصانع .
لم تتوقف مأساة “إربكيت” عند هذا الحد، بل يروي لنا مزيد من التفاصيل التي ندلل بها على جرائم الحزب الشيوعي الصيني تجاه الأقليات المسلمة فيما يتعلق بالعمل القسري ، حيث يقول : في كثير من الأحيان، كنا لم نتمكن من إنهاء العمل لأن الكميات كانت كبيرة جدا، وبدلاً من الحصول على وجباتنا المسائية كان يتم ضربنا، كنا ننام أوقات كثيرة بلا طعام، ولم يكن مسموحاً لنا أن نتحدث مع بعضنا البعض، وإذا تبادلنا النظرات حتى أكثر من مرة كان يتم تحذيرنا من تحريك رأسنا، فهم يراقبوننا بالكاميرات ويطلبون منا التركيز في العمل، معظم العاملين من الإيغور وكازاخستان وأوزباكستان ، وقيرغستان فهذه السياسات تستهدف المسلمين “.
ويتابع: تتميز النساء الإيغوريات بشعرهن الطويل، كان الشرطي يجرهن من شعرهن ويقصه و يأخذه، بعض النساء المُسنات، كن يقاومن ويصرن على الحفاظ على شعرهن، لكنهم لم يصغوا إليهن و عقاباً على مقاومتهن كانوا يكبلون أيديهن من الخلف و يجروهن بعيداً ولم أرى هؤلاء النساء مرة أخرى كان رد الفعل على أي احتجاج عنيفاً جداً.
إعلانات في الشوارع الصينية تطلب عمال إيغور
توجد في مقاطعات الصين المختلفة عشرات المصانع والتي تشمل الصناعات الثقيلة مثل الحديد والصلب والألمونيوم والأسمنت فى أورومتشي ومصنع الأدوات الزراعية فى كاشغار، والبتروكيماويات في كاراماي، دوشانزي، أورومكي، كورلا، وزيبو هذا بخلاف مصانع النسيج ومصانع سكر البنجر حيث تتوافر المواد الخام في تلك المقاطعات لذلك جاء تشييد تلك المصانع بالقرب منها، ويتم توريد جميع منتجاتها لكبرى العلامات التجارية حول العالم.
وتتوافر أدلة منذ عامي 2017 و2018، حيث كان وسطاء العمل ينشرون إعلانات علنية فى الشوارع يقولون بإمكاننا إرسال عمال الإيغور على دفعات سواء كنت تحتاج إلى 100 أو 200 عامل يمكننا إرسالهم معاً، هم تلقوا تدريبات عسكرية لذا فهم ملتزمون ولن تواجهوا معهم مشكلة مغادرة العمال فهم لن يتركوا العمل.. بهذه الكلمات بدأت لويزا جريف (Louisa Coan Greve)، مديرة المناصرة العالمية لمشروع حقوق الإنسان الإيغوري، حديثها لــ”أخبار الآن” قائلة : هناك عمالة تفرضها الدولة على الإيغور كجزء من سياسة الإبادة الجماعية، فالحكومة الصينية لديها سياسة محددة ويمكن قراءتها باللغة الصينية وهي تنص على أنه ينبغي توظيف جميع البالغين وبالفعل يتم إرسال العمال بمرافقة الشرطة لتلك المصانع للتأكد من عدم حدوث أى مشكلة وهذا دليل قاطع على وجود العمل القسري.
وتضيف “جريف”: أنه وفقاً للإحصائيات الرسمية فهناك 12 مليون أيغوري، يعيشون في موطنهم في شينجيانغ منطقة الحكم الذاتي للإيغور، وتم تسريب معلومات تفيد بأن هذا الرقم أقل بكثير من الرقم الحقيقي، ولكن على أي حال هذا يعني إن كل الأشخاص الذين تتراوح أعمارهم من 16 وحتى 64 عاماً مُجبرين على العمل فى المكان الذي تحدده الحكومة وفقاً للقوانين التي تحددها الدولة، أي ما بين 8 إلى 9 ملايين شخص، يخضعون لسياسة صريحة تنص على أن الدولة ستجبرك على العمل.
وتتابع: “الوضع برمته سري للغاية، لذلك لا توجد صور ولا يمكن للصحافيين أن يجروا مقابلات مع ناجين من العمل القسري إلا بصعوبة شديدة، وعدد قليل جدا من السكان تمكن من الهروب، تقريباً 100 شخص فقط نجوا من العمل القسري ونجحوا في الخروج من الصين، فالسرية ومحاولة إخفاء ما يجري يدل على أن أمراً مروعاً يحدث هناك لكن هذا يعني أيضاً أنه يتعين علينا النظر إلى الأبحاث التقنية في سلاسل التوريد من أجل إيصال هذه القصص إلى العالم وطرح السؤال التالي على الناس: كيف يمكن للشركات والمستهلكين التأكد من أنهم لا يستفيدون من نظام عمل قسري واسع النطاق و هو من الجرائم الوحشية التي تحصل هناك”.
كيف يتم توريد العمالة للمصانع؟
يتعاقد بعض مصنعي كبرى العلامات التجارية من الباطن مع وكلاء توريد عمالة، وينشأ عن هذا سلسلة توريد أو شبكة تعاقدية غير شرعية، ونظراً أن هناك ملايين الأشخاص يصبحون رقماً في سلاسل توريد العمالة في جميع أنحاء العالم، ونتيجة للانتهاكات التي يعانون منها، ذهبت العديد من الدول لوضع أطر قانونية وحقوقية على وكالات التوظيف والعمالة المختلفة، لحماية حقوق العاملين.
وهذه الأطر تتسق في مجملها مع قواعد منظمة العمل الدولية ويتم تطبيقها على أرض الواقع تحت أعين ومراقبة مفتشين رسميين، ولكن إذا تحدثنا عن الصين فالوضع مختلف تماماً بداية من طريقة إحضار تلك العمالة وتوفيرها حيث يمر الوكلاء برفقة الشرطة على المنازل في المناطق الريفية لإحضار العمال، رغماً عنهم، وصولاً لظروف العمل القاسية التي يتعرضون لها داخل المصانع مثل الأجور الزهيدة، العمل الإضافي القسري والتحرش الجنسي ناهيك عن التعرض للمواد السامة وغيرها من المخاطر المهنية الشديدة التي تواجههم دون حماية.
وغالباً ما يفتقر العمال الذين يواجهون هذه الانتهاكات إلى إمكانية الوصول إلى آليات الشكاوى أو حتى اللجوء إلى القانون وهذا ما يدلل عليه “إربكيت” قائلاً : الحكومة الصينية كانت تختلق الأكاذيب طوال الوقت وتنفي حدوث تلك الأمور، حتى أنهم حاولوا تزييف الواقع، ليُظهروا أن الوضع طبيعي، حتى في المصانع حيث كانوا يُجبرون الناس على العمل، وعندما يأتي المفتشون، لا يمكنهم أن يروا الحقيقة، لأنه قبل وصول فريق المفتشين يغيرون أموراً في الموقع ليبدو الوضع طبيعياً تماماً، لذلك أقدم لكم شهادتي لأنني أريد أن تعرف الناس أكاذيبهم، يجب أن لا يثقوا بهم.
المعهد الأسترالي للسياسة الاستراتيجية، ذكر في تقريره أن هناك 27 مصنعاً في تسع مقاطعات صينية تستخدم عمالة من الإيغور تُقدر بــ 80 ألف عامل ، تم نقلها من شينجيانغ منذ عام 2017، وجاء في التقرير إن المصانع تدعي إنّها جزء من سلسلة توريد لحوالي 83 علامة تجارية عالمية معروفة وقال التقرير إن الإيغور اضطروا للعيش في عنابر منفصلة داخل المصانع ، وتلقوا دروساً في لغة المندرين وتدريباً أيدلوجيا ، بعد ساعات العمل ، وتعرضوا للمراقبة المستمرة ومنعوا من ممارسة الشعائر الدينية.
جردونا من ملابسنا رجال ونساء وتركونا في الخلاء
حادثة لن ينساها ستظل عالقة في ذهنه، أبداً ما حيا، يقول “إربكيت” كان هناك سيدة حدث شيء ما في الآلة التي كانت تعمل عليها، واتهموها بأنها خبأت أداة فيها وقاموا بتجريد كل الرجال والنساء في القسم بالمصنع من ملابسهم و أجبروهم على الوقوف في الصف و هم عراة، لا يمكنني نسيان هذه الحادثة أبداً. كانوا يرغموننا على الوقوف خارجاً في الصقيع لأربع ساعات ونحن نرتدي ثياباً رقيقة جداً”.
ويضيف: أعي أنه من الصعب جداً شرح حقيقة ما يجري في مخيمات العمل القسري بسبب الألاعيب والأكاذيب التي تُطلقها الحكومة الصينية، و أعلم أنه من الصعب على الناس فهم الظروف الصعبة جداً التي مررنا بها، أنا اختبرت تلك الحياة، كنت شخصاً يتمتع بصحة جيدة، لقد تم إعطائي الحقن أثناء وجودي هناك، حقناً غير معروفة، وقد حقنوني بها بالقوة، فاليوم أنا أعاني من مشاكل صحية، لا يمكنني الرؤية بعيني اليسرى.
شهادة “إربكيت” تأتي بعدما تمكن من الفرار خارج الصين تحديداً في 23 مايو 2019 ” توجه نحوي مساعدين للشرطة بينما كنت اقوم بالخياطة في المصنع وأمراني بالتوقف ثم وضعوا غطاءاً أسوداً على رأسي وكبلوني وأخرجوني و نقلوني من المعسكر إلى مكان آخر، وقالوا لي لأن سلوكك كان جيد سمحنا لك بالعودة إلى ديارك لكن تحت شرط واحد عندما تصل هناك يجب ألا تكشف عما حصل لك هنا وإذا تحدثت فإن والدك وأمك وأولادك، وكل من لديك سيدفعون الثمن لم أقل شيئاً وقتها كنت خائفاً على عائلتي، لكن عام 2021 شعرت بالذنب وقررت أنه يجب علي أن أفضح حقيقة ما يجري هناك.
منصات إلكترونية لبيع الملابس وشركات عالمية متورطة
تنتج منطقة شينجيانغ أكثر من 20% من القطن في العالم و84% من القطن في الصين، ولكن وفقاً لتقرير جديد صادر عن مركز السياسة العالمية، هناك أدلة مهمة على أنها “ملوثة” بانتهاكات حقوق الإنسان، كالعمل القسري للايغور وغيرهم من الأقليات التركية المسلمة.
ولعل الشهادة السابقة والتي تكشف الستار عما يحدث داخل مصانع النسيج، من جرائم وانتهاكات عمل بسخرة، تتطابق مع البحث الذي أجرته منظمة العفو الدولية وجاء فيه إن الحكومة الصينية تجبر الأقليات المسلمة من العمل في مجال صناعة الملابس إما في حصاد القطن أو في تصنيعه من الغزل، ولعل تلك الشهادة وغيرها من الشهادات الأخرى دفعت مبادرة قطن أفضل لإيقاف أنشطتها في شينجيانغ على خلفية المخاوف بشأن انتشار انتهاكات العمال في المنطقة وبناء على الاعتراف بأن بيئة التشغيل تمنع تنفيذ الضمانات والتراخيص ذات المصداقية.
بالتزامن مع التحذيرات التي أطلقتها عدد من المنظمات الحقوقية المعنية بمناهضة كافة أشكال العمل القسري للتوقف عن استيراد منتجات الشركات المتورطة في الأمر، ترددت أسماء اثنين من تلك الشركات لكبرى العلامات التجارية الصينية في عالم بيع الملابس وهما “شي إن وتيمو” لاحتمالية حصولهم على منتجات ناتجة عن العمل القسري.
ومن جانبنا في “أخبار الآن” توصلنا مع تلك الشركات لمعرفة سياستها المتبعة في مراقبة سلاسل التوريد الخاصة بها ومدى تأكدها من خلوها من أي شبهة عمل قسري وجاء رد شركة “تيمو” علينا كالأتي:
” تدير شركة Temu سوقاً تابعاً لجهة خارجية يربط بين المستهلكين والبائعين المستقلين. نحن لا نملك علامات تجارية، ولا ننتج سلعاً، ولا نكلف الآخرين بإنتاجها نيابةً عنا.
تحظر Temu استخدام جميع أشكال العمل غير الطوعي وتتوافق معاييرنا وممارساتنا مع تلك الخاصة بمنصات التجارة الإلكترونية الرئيسية الأخرى التي يثق بها المستهلكون. وأي ادعاءات في هذا الصدد لا أساس لها من الصحة على الإطلاق. نحن نلتزم بقوانين وأنظمة الأسواق التي نعمل فيها، ونلتزم بشركاء العمل والبائعين لدينا بنفس المعايير. نحن نحتفظ بالحق في قطع العلاقات مع أي شركة تنتهك قواعد السلوك الخاصة بنا أو القانون.
ومن بين الخطوط العريضة للنظام الذي وضعناه لمنع بيع المنتجات المصنوعة عن طريق العمل القسري على منصتنا: مراقبة قائمة كيانات UFLPA بشكل نشط ونتحرك بسرعة لمنع الكيانات المدرجة من العمل على منصتنا، كما توضح قواعد سلوك الطرف الثالث الخاصة بنا الالتزام الإلزامي بالقوانين واللوائح لجميع الشركاء في الأسواق التي نعمل فيها.
أما بالنسبة للضمانات التكنولوجية فنحن نستخدم أدوات للتعرف على النصوص والصور والفيديو للإبلاغ عن المنتجات التي يحتمل أن تكون مرتبطة بمخاوف العمل القسري. إلى جانب عمليات التفتيش العشوائية على المنتجات، بما في ذلك فحص الملصقات والمنشأ، وإعداد التقارير والمساءلة ، حيث لدينا نظام مخصص يسمح بالإبلاغ السريع عن العناصر التي يحتمل أن تكون غير متوافقة. نحن نحقق بدقة في جميع الادعاءات الموثوقة كما يُطلب من شركاء البضائع تقديم الوثائق الداعمة التي تدعم الامتثال للوائح تحديد المصادر عند الطلب.
وأضافت الشركة في ردها: الادعاءات القائلة بأن الأسعار التنافسية التي تقدمها شركة Temu يتم تحقيقها من خلال ممارسات العمل الاستغلالية لا أساس لها من الصحة. ونحن نحث على إجراء فحص دقيق لنهجنا الذي يعتمد على إزالة النفقات غير الضرورية. ونؤكد على أن قدرتنا التنافسية من حيث التكلفة ترجع إلى الاتصال المباشر بين المستهلكين والمصنعين، والاستغناء عن الوسطاء وهوامش الربح الخاصة بهم. يعمل نموذجنا أيضاً على تبسيط لوجستيات الإنتاج والتوزيع، مما يسمح لنا بتقديم أسعار أقل لعملائنا.
طرحنا على الشركة سؤال آخر يتعلق عما إذا كانوا قد قطعوا العلاقات بالفعل، وأوقفوا التعامل مع أي شركات وسيطة أو موردين سبق تورطهم في هذا الأمر ولكن لم تصلنا إجابة قاطعة سواء بالإيجاب أو النفي، وأمام تلك الإجابة العامة من وجهة نظرنا، مازال لدينا تشكك بأنه لم يحدث شيئاً حقيقياً على أرض الواقع ولم يتم قطع العلاقات بالفعل مع الوكلاء المتورطين فى انتهاكات العمل القسري لأن الأمر إن كان كذلك على الأقل كان سيتم ذكر أسماء هؤلاء الوكلاء المتورطين.
الشيء نفسه فعلناه مع شركة “شي إن” والتي تردد اسمها أيضاً في قائمة الشركات التي تقدم منتجات ناتجة عن العمل القسري للأقليات في الصين، خطبناها ولكن لم يصلنا ردها حتى وقت كتابة هذه السطور.. واكتفت الشركة ببيان عبر موقعها الإلكتروني حول شفافية سلسلة التوريد ، جاء فيه إن لديها سياسة واضحة وقوية ضد العبودية الحديثة والعمل الجبري والإتجار بالبشر وإنها تطالب جميع الموردين والمصنعين بالامتثال لجميع قوانين العمل والبيئة المعمول بها.
وتقول الشركة أيضاً إنها تراقب بانتظام ممارسات مورديها بحثاً عن أي انتهاكات محتملة، بما في ذلك العمل الجبري والتلوث البيئي واعتبارات السلامة، على الرغم من أن الخبراء والمراقبين طالبوا بمزيد من الشفافية.
زومريتاي إركين (Zumretay Arkin)، مديرة المناصرة العالمية والمتحدثة الرسمية باسم مؤتمر الإيغور العالمي، تقول: “ينتشر العمل القسري الذي يُمارس على الإيغور في صناعات مختلفة، وأبرزها صناعة الملابس القطنية وصيد الأسماك والتكنولوجيا وصناعة السيارات، والألواح الشمسية وكذلك مجال الزراعة وغيرها فقد حولت الحكومة الصينية شرق تركستان أو منطقة الإيغور إلى مراكز للصناعات الثقيلة ومن ضمنها صناعة الألمونيوم ويمكننا القول أن شرق تركستان أو منطقة الإيغور تنتج كمية المنيوم أكثر من أية دولة أخرى ولتصل الصين إلى هذه الدرجة كان من الطبيعي أن يتعرض الإيغور والأقليات المسلمة الأخرى لمزيد من القمع والتنكيل فتم إبعادهم عن أسرهم و خضعوا لمراقبات جماعية طوال الوقت ويجب عليهم أن يلتحقوا بصفوف تعليم اللغة الصينية بعد انتهاء دوام العمل”.
وتضيف: “العمال الايغوريين يتعرضون لمشاكل صحية وهناك بعض الشهود الذين شاركوا تجربة العمل القسري التي عاشوها وجميعهم يخبرونا نفس القصة تم إجبارهم على هذا العمل ولم يختاروه، ولم يتقاضوا أجراً مقابل عملهم أو كان يُدفع لهم أجراً ضئيلاً جداً، إذن ظروف العمل سيئة جداً، وفي بعض الحالات تعرض بعضهم للتعذيب وهناك عاملات إيغوريات شابات تم أخذهم بالقوة من عائلاتهن للعمل في هذه الشركات الكبرى ويعشن بعيداً عن أهاليهن لعدة أشهر”.
في الحلقة القادمة من هذا التحقيق .. نكشف لكم كيف تتصدر الصين سوق صناعة السيارات على حساب أرواح مسلمي الإيغور.. شاهد عيان من داخل مصانع الألمونيوم يروي التفاصيل وتوصيات حقوقيون لتوعية المستهلكين.