في الوقت الذي تحلم فيه أنت باقتناء سيارة أحلامك.. هناك إخوة لك في الإنسانية في بقعة أخرى من العالم، تجمعهم أحلام أكثر بساطة ، كرؤية أطفالهم الذين حرموا منهم فجأة ودون ذنب، أو النوم ساعات كافية، تناول طعام لذيذ وشهي والحصول على معاملة آدمية.. هذا بالضبط ما يتمناه عمال الإيغور والأقليات المسلمة الأخرى التي قُدر لها أن تعمل قسرياً داخل مصانع مقاطعات الصين المختلفة وعلى رأسها مصانع الألومنيوم المستخدم في تصنيع السيارات لكبرى الشركات العالمية..فإليكم تفاصيل ما يحدث لهم داخل تلك الأروقة المظلمة في الحلقة الثانية من هذا التحقيق..
العمل 16 ساعة والعمال يخضعون لنظام تقييم بالنقاط:
12 عاماً قضاها ضمن الخدمة في صفوف فرق التدخل السريع، و قاده حظه العثر للخدمة كمراقب داخل أحد مصانع الألمونيوم فأصبح واحداً من أهم شهود العيان الذين رووا لنا ما يحدث داخل تلك المصانع في سبيل انتاج أحدث السيارات ذات الماركات العالمية.
يقول “عبد الرشيد” – اسم مستعار بناء على رغبته وخوفاً على حياته – كانت تمتد ساعات العمل في تلك المصانع لأكثر من 16 ساعة، ويتم العمل وفقاً لنظام تقييم يصل مجموعه إلى 100 نقطة ، وإذا حصل العامل على 60 نقطة يكون مؤهلاً للحصول على طعام ومكاناً للنوم وعلى علاج أفضل، لكن إذا كان المجموع أقل من الرقم المذكور ، فهذا يعتبر مشكلة كبيرة ، وإذا كان المجموع أقل من 30 سيخضع العامل لعقاب صارم يصل لحرمانه من كافة حقوقه الآدمية كالطعام والشراب أو النوم أو حتى الذهاب للمرحاض.
ويضيف شاهد العيان لـ “أخبار الآن” حول آلية العمل داخل تلك المصانع: “في الصباح ينبغي على العمال الاستعداد خلال 3 دقائق فقط، وإنهاء الفطور في 15 دقيقة، والتواجد في المصنع عند الساعة السادسة والنصف صباحاً، ليبدأ العمل ويتواصل حتى الثانية عشر ظهراً، وبعدها يأخذون قسط من الراحة لتناول وجبة الغذاء خلال نصف ساعة فقط وبعدها يعودون إلى العمل مجدداً، كانت وجباتهم الثلاث عبارة عن الخبز المطهو على البخار”.
منظمة صينية شبه عسكرية تسيطر على مصانع الألومنيوم وقطع غيار السيارات:
تُعد الصين أكبر دولة مُصنعة للسيارات في العالم منذ عام 2009 وحتى وقتنا هذا، حيث يشكل الإنتاج السنوي في البلاد أكثر من 32 % من إجمالي السيارات المُنتجة في جميع أنحاء العالم ، بعد أن بلغ إجمالي الناتج أكثر من 14 تريليون دولار في عام 2021 وفقاً للجمعية الصينية لتصنيع السيارات. وفي مارس 2023 تم الإعلان عن بلوغ إنتاج الألمنيوم في الصين نحو 396 مليون طن وفقاً للمعهد الدولي للألمنيوم.
وهذا يعكس خطة الدولة في تصدر مشهد الدول الأكثر انتاجاً للسيارات عالمياً، ولعل هذه الخطة تطرح تساؤل حول حجم العمالة التي تقف وراءها وما يحدث لهم خاصة وأن مصانع الألومنيوم في مقاطعات الصين المختلفة واحدة من الأماكن التي تستقبل عمالة الإيغور والأقليات المُسلمة الأخرى ليعملوا فيها قسرياً وذلك وفقاً للتقارير الحقوقية.
وهذا ما يقول عنه عبد الولي أيوب (Abduweli Ayup)، الناشط في مجال حقوق الإنسان ومؤسس منظمة “إيغور هيلب”: الألومنيوم من الموارد المعدنية الموجودة في وطننا، و تقوم الحكومة الصينية بتصنيعه في شرق تركستان، ويجبرون السجناء ومعتقلي معسكرات العمل و معتقلي مراكز الاحتجاز على العمل في صناعة قطع الغيار تلك ويتركز هذا الأمر بشكل خاص على منظمة شبه عسكرية صينية في تركستان الشرقية.
ويضيف : تُعرف تلك المنظمة بالصينية باسم “بينغياو”، وبالإنجليزية “Xpcc” أي هيئة التعاون والإنتاج في شينجيانغ، وهي منظمة شبه عسكرية ومعظم معسكرات العمل و معسكرات الاعتقال متواجدة في تلك المنظمة الشبه عسكرية، فهي المُنتج الرئيسي لقطع الغيار هذه، ولدي صديق عمل في ضواحي ريمتي، قضى حوالي عامين في تلك المنظمة و قال أن حوالي 20 % ممن يعملون فيها هم من إيغور هاشكار .
ويؤكد أيوب على أن الأعمال القسرية في تلك المنظمة الأم وغيرها من المصانع تهدد صحة الناس، الذين تم توظيف غالبيتهم بسبب أجورهم المنخفضة فما يهم الصين هو أن تُصدر هذه المنتجات الثلاث إلى العالم حتى وإن كان ذلك على حساب أرواح تلك الأقليات، كالألواح الشمسية والسيارات والبطاريات وهذه المنتجات الثلاثة الهامة مرتبطة بـالعمالة القسرية للإيغور، على سبيل المثال البوليثيوم الذي يُستخدم في صناعة الألواح الشمسية فهو يُصنع في شرق تركستان.
وبالنسبة للسيارات فالألومنيوم المستخدم في صناعتها يأتي من شرق تركستان أيضاً، وكذلك الأمر بالنسبة للبطاريات المستخدمة في السيارات التي تسير على الطاقة الكهربائية، كل هذا مرتبط بالعمالة القسرية للإيغور وغيرهم من الأقليات المسلمة.
في ديسمبر 2022، نشر باحثون من جامعة شيفيلد هالام ومركز هيلينا كينيدي للعدالة الدولية تقريراً بعنوان “القوة الدافعة: سلاسل التوريد الخاصة بالسيارات والعمل القسري في منطقة الإيغور”. وجاء فيه أن شركات التعدين أو التصنيع ذات الأرقام المزدوجة ذات الصلة بقطاع السيارات والتي تعمل في منطقة شينجيانغ لها صلات موثقة بممارسات العمل القسري.
كما يؤكد التقرير على أن العديد من الشركات الفرعية في صناعة السيارات مُعرضة للمنتجات المصنوعة في شينجيانغ XUAR، وأنّه يوجد 96 شركة تعدين أو تصنيع ذات صلة بقطاع السيارات تعمل في منطقة الإيغور، بما في ذلك ما لا يقل عن 38 شركة لديها مشاركة موثقة في برامج نقل العمال المدعومة من الدولة.
وأوضح التقرير أن أكثر من 40 شركة تصنيع في قطاع السيارات في الصين تستورد من منطقة الإيغور أو من الشركات التي قبلت نقل العمال الإيغور في جميع أنحاء الصين. وأنه أكثر من 50 شركة دولية لتصنيع قطع غيار السيارات أو السيارات، أو شركات الشراكة الخاصة بها، التي تستورد مباشرة من الشركات التي تعمل في منطقة الإيغور أو من الشركات التي قبلت نقل العمال الإيغور في جميع أنحاء الصين.
وأشار التقرير كذلك إلى أن أكثر من 100 شركة دولية لتصنيع قطع غيار السيارات أو السيارات التي لديها بعض التعرض للبضائع المصنوعة من العمل القسري للإيغور وأن عدة شركات كبيرة دولية لتصنيع السيارات بما في ذلك مجموعة فولكس فاجن أودي، هوندا، فورد، جنرال موتورز، مجموعة مرسيدس بنز، تويوتا، تيسلا، رينو، نيو، ومجموعة ستيلانتيس كان لديها عدة تعرضات في سلاسل التوريد إلى منطقة الإيغور.
العمال مصابين بأمراض مزمنة و محرومون من رؤية أهاليهم:
“أن تعمل قسراً داخل تلك المصانع فهذا يعني حرمانك من رؤية أهلك لشهور قد تمتد لسنوات في حالة معاقبتك ، حتى وإن شعرت بالدوار أو النعاس سيكون عقابك الحرمان من النوم وفي حال لم تنصاع لأوامر الحارس سيرسلونك مباشرة إلى السجن الانفرادي ” ، هكذا يلخص عبد الرشيد الحال الذي عاش فيه مسلمو تلك الأقليات طوال فترة عملهم داخل المصانع الصينية ومن بينها مصانع الألمونيوم ، يسرد لنا كل التفاصيل قائلا : خلال عملي كنت أتجنب النظر إلى الكاميرا، لأن مراقبة الكاميرات تعني أنني سأرى بعض الأخطاء التي يرتكبونها هؤلاء الضحايا ومن ثم سيصبح لزاماً عليّ معاقبتهم وهذا شيء لم أقو عليه، بل تجنبت النظر إلى الشاشات لأنني لم أكن أريد أن أرى أحداً يُخطىء ، لأنني في حالة رأيت أحدهم يرتكب خطأ ولم أعاقبه فأنا من سيعاقب.
ويضيف عبد الرشيد قائلاً : كان الوضع مؤلم جدا كنا جميعا مثل الآلآت كان علينا أن نخبرهم بما نراه وإذا لم نفعل سنكون نحن الضحايا ، كان هناك الكثير من الأشخاص المصابين بأمراض مختلفة مثل ارتفاع ضغط الدم والسكري والنوبات القلبية وكان رجال الشرطة يعلمون بمرضهم ورأوا تقاريرهم الطبية ولكنهم تركوهم يعانون عمداً وتركوهم يموتون هناك ، الكثير من الناس ماتوا هناك يا أخوتي.
وبصفته حارس أمن في أحد هذه المصانع، عانى عبد الرشيد أكثر من غيره، لأنه لم يتعرض لمعاملة غير إنسانية فحسب، بل كان أيضًا يراقب باستمرار شاشات المراقبة حيث يتعرض زملائه العمال لسوء المعاملة كل ساعة وكل يوم.
لقد أصبح واحدًا من أكثر شهود العيان تميزًا على الظروف داخل المصانع التي تسيطر عليها شركة XPCC. كان العبء على ضميره ثقيلاً للغاية، لدرجة أنه عندما كسرت ساقه ذات يوم، شعر بالارتياح لأنه حتى يتعافى، لن يضطر إلى مشاهدة التعذيب اليومي للعمال.
أراد “عبد الرشيد” أن يعرف العالم أجمع ما يحدث على أمل أن يؤدي الاهتمام الدولي إلى الحد من سوء معاملة العمال. وبهذا الأمل، اتصل بالناشطين خارج الصين، وأرسل إليهم تحديثات منتظمة بصوته. لقد كان يعلم أنه كان يخوض مخاطرة كبيرة، وبالفعل لم يعد من الممكن الوصول إليه اليوم. ولا أحد يعرف ماذا حدث له. ومع ذلك، تستمر ملاحظاته الصوتية في رسم رواية شاهد عيان قوية حتى اليوم.
الصين تُجبر الموردين على عدم الحديث:
تزامناً مع توسع حجم الانتهاكات ضد أقلية الإيغور، سعت الحكومة الصينية لجعل شينجيانغ ذاتية الحكم للإيغور، مركزاً صناعياً هاماً والدليل على ذلك أن إنتاج الألومنيوم في تلك المقاطعة نما من حوالي مليون طن في 2010 إلى 6 ملايين طن في 2022، وترجع أهمية هذا الإنتاج في الاعتماد عليه لتصنيع قطع غيار السيارات مثل كتل المحركات، وإطارات المركبات والعجلات وأيضا رقائق البطاريات الكهربائية والتي يتم تصنيعها في الصين وتصديرها إلى الشركات العالمية لصناعة السيارات مثل “تيسلا، بي واي دي، فولكس فاجن، تويوتا ، وغيرهم”.
ولعل الرابط بين شينجيانغ وصناعة الألومنيوم والعمل القسري، يتمثل في برامج نقل العمالة المدعوة من الحكومة الصينية والتي تجبر الإيغور وأفراد الأقليات المسلمة الأخرى على العمل بحجة محاربة الفقر.
وذكر أحدث تقرير لمنظمة هيومن رايتس ووتش العالمية، أنه على الرغم من خطر التعرض للعمل القسري في مصانع الألومنيوم في شينجيانغ فقد استسلمت بعض شركات تصنيع السيارات في الصين لضغوط تطبيق معايير حقوق الإنسان ولكن لم تفعل معظم الشركات سوى القليل للغاية لرسم خريطة سلاسل التوريد الخاصة بها وتحديد حجم المخاطر التي يتعرض لها العاملين، وفي ظل حالة التعتيم التي تمارسها الحكومة الصينية في منعها لكثير من الموردين من الحديث أو الكشف عن طبيعة العمل داخل تلك المصانع تبقى شركات السيارات في كثير من الأحيان على جهل بمدى تعرض منتجاتها للعمل القسري.
وأكد التقرير على أن منتجي الألومنيوم في شينجيانغ يشاركون في عمليات نقل العمالة. على سبيل المثال، تلقت شركة شينجيانغ إيست هوب للمعادن غير الحديدية، وهي أحد مصاهر الألومنيوم الرئيسية، عمليات نقل عمالة استهدفت الإيغور والمجتمعات المسلمة التركية الأخرى في أعوام 2017 و2018 و2020. ويرتبط إثنان آخران من أكبر منتجي الألومنيوم في شينجيانغ، وهما تيانشان للألمنيوم ومجموعة شينفا شينجيانغ، ارتبطاً وثيقاً مع منظمة (XPCC) شبه العسكرية.
ويعلق جيم ورمنجتون، باحث أول ومناصر مساءلة الشركات في هيومن رايتس ووتش ، لـ أخبار الآن، على هذا الأمر قائلاً : 10% من الألمنيوم الموجود في العالم، وهو عنصر مهم لإنتاج المصانع، يُصنّع في شينجيانغ، تلك المنطقة الصينية التي تتواجد فيها أعلى نسبة من العمل القسري، وتم وضع ملايين الإيغور في برامج العمل القسري، ويُصدر الألمنيوم من منطقة الإيغور ويدخل في سلسلة التوريد العالمية، وفي العديد من الصناعات، خاصة السيارات التي نستعملها كل يوم.
ويضيف: من خلال إجراء بحث شامل للتصريحات الإلكترونية الصادرة عن منتجي الألمنيوم والمصادر الحكومية المحلية في منطقة الإيغور، حيث صرحوا هم أنفسهم بأنهم يشاركون في برامج نقل العمالة، وهو نفس نوع العمل القسري الذي كنا نتحقق منه, وقالوا أنهم يشاركون في هذه البرامج لأنها جزء من سياسات الحكومة الصينية و جزء من أهداف الحكومة الصينية في منطقة الإيغور، لسنوات عديدة، كانت الشركات تسعى للتفاخر والمبالغة في تصوير مشاركتها في هذه البرامج على أنها جزء من مساهمتها في جهود الحكومة الصينية. وبناءً على ذلك، تمكنا على مدار سنوات عديدة من الاستعانة بتلك التصريحات العامة كدليل على عمليات نقل العمالة.
شركات سيارات عالمية متورطة:
فولكس فاجن (Volkswagen) واحدة من أبرز شركات السيارات العالمية المتورطة في العمالة القسرية للإيغور في الصين ،فالشركة التي تمتلك 50% من أسهم مشروعها المشترك مع شركة صناعة السيارات الصينية “سايك” (SAIC)، يقول عنها الباحث الألماني أدريان زينز (Adrian Zenz) لـ “أخبار الآن” في معلومات تُكشف لأول مرة: “عندما قامت شركة فولكس فاجن بإجراء عملية تدقيق لمصنعها، كان هذا التدقيق مليء بالثغرات، وقام به محامون صينيون لم يتبعوا الإجراءات المناسبة عندما قاموا باستجواب العاملين وقاموا بتهديدهم ونفوا وجود عمل قسري”.
وتابع: “تمكنت من العثور على نوعين من الأدلة, أولاً تواجه فولكس فاجن خطراً مباشراً يتمثل في توظيف ما يسمى بالخريجين من معسكرات إعادة التأهيل الإجبارية. هؤلاء الخريجون يُفرَج عنهم ويتم ضمهم إلى ما يُسمى بكليات تدريب المهارات المهنية، بما في ذلك مجالات صناعة السيارات والهندسة وما إلى ذلك”.
ويضيف: على مواقع الإنترنت الخاصة بهذه الصناعات والكليات، يُذكر صراحةً عن تعاونهم مع فولكس فاجن، الذي يشمل حضور الشركة في معارض توظيف وتوفير فرص للخريجين للالتحاق ببرامج تدريب فولكس فاجن والعمل لاحقًا في شركات مثل فولكس فاجن، وهذا الأمر لم يتم التطرق له من قبل المدققين ولم يتم التحدث عن إمكانية توظيفهم للإيغور الذين كانوا في المعسكر و الذين أجبرتهم الدولة على تنفيذ كل ما تطلبه والارتباط الثاني كان واضحاً جداً لأن فولكس فاجن مع شركائها الصينيين SAIC تدير مضمراً لإختبار السيارات في توبان و هي منطقة تابعة للإيغور وقد أظهرت الأبحاث التي قمت بها أن هذا المضمار بنته شركة مملوكة من الدولة، وتُتهم هذه الشركة باستخدام هؤلاء العمال لتنفيذ سياسات مماثلة لسياسات الإبادة الثقافية وفرض الوحدة الإثنية على المدارس، بما في ذلك إجبار الإيغور على التحدث باللغة الصينية وتعريض موظفيها لعملية غسل دماغي.
ويتابع: من خلال أبحاثي الأخيرة وجدت أن نقل العمال ضمن المنطقة يتزايد و هذا يعود للسياسة التي يطبقها الأمن العام الجديد للحزب بتشدد أكبر حالياً فهناك الآن شرط جديد وهو أن العمل لا يقتصر فقط على فرد واحد في كل منزل، بل يستهدف بشكل خاص الأسر الفقيرة أو الأسر الإيغورية. حيث تم فرض زيادة في متطلبات العمل بحيث يصبح العمل إلزاميًا على كل فرد قادر على العمل حتى أننا أصبحنا أمام رقم يقدر بــ 3.2 مليون عامل تم نقلهم من شينجيانغ للعمل في تلك المصانع وهو رقم لم يتم الإعلان عنه من قبل .
أخبار الآن تواجه شركة السيارات العالمية فولكس فاجن:
وأمام المعلومات السابقة كان علينا معرفة رد شركة فولكس فاجن، بشأن تورطها في العمل القسري للأقليات المسلمة في الصين وجاء ردها كالآتي : إن المجموعة لديها قواعد سلوك لشركاء الأعمال. يوضح هذا تفاصيل توقعات المجموعة فيما يتعلق بموقف وسلوك شركاء الأعمال في أنشطتهم المؤسسية، لا سيما فيما يتعلق بالموردين وشركاء المبيعات، وإنه يتم إلزام الشركاء على رفض كل استخدام واعي للعمل القسري والإلزامي.
وكذلك جميع أشكال العبودية الحديثة والاتجار بالبشر وأن العمل بالسخرة أو العمل غير الطوعي في السجون غير مقبول فيجب أن يتم الدخول في علاقات العمل على أساس طوعي ويجوز للموظفين إنهائها وفقاً لتقديرهم الخاص وخلال فترة إشعار معقولة.
وأشارت المجموعة في ردها علينا : إنها إذا علمت بوجود ادعاءات، فإنها تحقق فيها على الفور باستخدام “آلية التظلم في سلسلة التوريد” الخاصة .
وتابعت : يمكن أن تؤدي الانتهاكات الخطيرة مثل العمل القسري إلى إنهاء العقد مع المورد إذا فشلت تدابير التخفيف. ولهذا السبب نقوم بمراجعة عملياتنا الحالية واستخدامها بنشاط والبحث عن حلول جديدة لمنع العمل القسري في سلسلة التوريد لدينا.
ورداً على معلومات زينز بشأن إجبار المعتقلين في المعسكرات على العمل في مصانع الشركة، قالت المجموعة : لم نعثر على أي دليل على أن موظفي SAIC VOLKSWAGEN Xinjiang مجبرون على العمل هناك. يتم تعيين الموظفين على أساس مهاراتهم – بغض النظر عن العمر أو المعتقدات الدينية أو الأصل العرقي. ويعمل غالبية الموظفين هناك منذ افتتاح مصنع SAIC Volkswagen في عام 2013. ولسنا على علم بأي حالات كان فيها موظفو الشركة في معسكرات الاعتقال.
وبسؤالها عما إذا كانت قطعت العلاقات من قبل وأوقفت التعامل مع موردين ثبت تورطهم في العمل القسري ومن هم؟ كان رد المجموعة علينا : نطلب منكم تفهم أننا لا نقدم أي معلومات حول العلاقات الفردية مع الموردين. ويرجع ذلك جزئياً إلى التزامات السرية التعاقدية فنحن نعمل مع أكثر من 60.000 مورد مباشر و 7 موردين غير المباشرين في سلسلة التوريد العالمية لدينا. وأمام هذا الرد العام الذي حصلنا عليه مازلنا نتشكك في جدوى تطبيق تلك المعايير المشار إليها على أرض الواقع .
وهذا ما علق عليه “جيم ورمنجتون” الباحث بهيومن رايتس ووتش قائلاً : المسألة الأهم بالنسبة للعلامات التجارية العالمية العاملة في الصين كفولكس فاجن وغيرها لا تقتصر فقط على كيفية التعامل مع صادرات المنتجات الصينية إلى الأسواق العالمية، بل تتعدى كذلك إلى التفكير في كيفية هيكلة سلاسل التوريد الخاصة بها بحيث تتجنب التواطؤ في برامج العمل القسري التي تنتهجها الحكومة الصينية، وذلك حتى عند بيع المنتجات داخل الصين نفسها، أعتقد أنه يتم غض النظر عن هذا الأمر، حتى الحكومات لا تتابع الأمر مع الشركات الموجودة في مناطقها لكن لديها مصانع في الصين و من الجائز أن يكون العاملون فيها يعملون بشكل قسري.
مصاهر الألمنيوم في شينجيانغ غير مُعتمدة
تعمل مبادرة رعاية الألومنيوم ASI ، وهي منظمة غير هادفة للربح على برامج تدقيق وتقييم للموردين المباشرين وغير المباشرين وفقاً للمعايير الاجتماعية بما في ذلك استجاباتهم للعمل القسري، وبسؤالها عما إذا كانت رصدت أي مصانع مخالفة في شينجيانغ تحوم حولها شبهات للعمل القسري ، قالت إنها لم تقم بإعتماد المصاهر هناك لكنها منحت الشركات المصنعة لمنتجات الألومنيوم في أماكن أخرى من الصين درجة النجاح والاعتماد في ممارساتها المتعلقة بالمصادر حتى عندما تشير الأدلة إلى أن تلك الشركات ربما تكون قد حصلت على الألومنيوم من شينجيانغ .
في عام 2022 تواصلت ASI مع جميع أعضائها حول مخاطر العمل القسري ، وتم إبلاغهم أنه تم تعديل سلاسل التوريد لتتوافق مع قانون العمل القسري ودخل عدد منهم حيز التنفيذ ولكن في الولايات المتحدة، وتشمل عمليات التدقيق التي تقوم بها المبادرة تحليلاً لحقوق الإنسان للشركات والعناية الواجبة بسلسلة التوريد ولكن رغم ذلك لم تقم المبادرة بمراجعة موقف بعض الشركات الصينية ذات صلة بشينجيانغ مما يشير إلى وجود عمل قسري للإيغور فيها لأنها اعتبرت الأمر ذات حساسية سياسية في الصين.
كيف ننقذ الإيغور من العمل القسري وما الذي يمكننا فعله؟
وأمام الانتهاكات التي رصدناها لكم على مدار حلقتين من هذا التحقيق، ومحاولة الأطراف المختلفة للدفاع عن نفسها ، تبقى الأقليات المسلمة في الصين وحدها تعاني وتدفع ثمن عقيدتها وأفكارها المختلفة عن الحزب الشيوعي الصيني، لذلك نقدم لكم مجموعة من التوصيات علها تساعد في إنقاذهم وتدفع المجتمع الدولي للضغط أكثر لإيقاف استغلالهم.
لويزا جريف ، مديرة المناصرة العالمية لمشروع حقوق الإنسان الإيغوري، أوصت الحكومات وجمعيات حقوق الإنسان بإدانة هذا الأمر وفضحه كما يتوجب على منظمة العمل الدولية المسؤولة عن شروط العمل في جميع أنحاء العالم ألا تسكت عن العمل القسري الذي تفرضه الصين ، قائلة: كما تعلمون فإن الولايات المتحدة فرضت شروطاً كثيرة على الأسواق، فلن تكون الأسواق مفتوحة أمام المنتجات التي يمكن أن يكون قد شارك في صناعتها عمال إيغوريين اُجبروا على العمل، وأي شيء يأتي من تشينجيانغ ، وأي شيء تتم معالجته أو زراعته فيها أو مصانع أي مدينة صينية أخرى يحمل دليلاً على أن الإيغوريين الذين تم نقلهم قد شاركوا في صناعته.
وأضافت : خلال الأيام الماضية قام الاتحاد الأوروبي باتخاذ إجراء جديد، فقد أصدر تشريعًا بشأن قيود الاستيراد ينص على أنه بمجرد تنفيذه، سيتم حظر استيراد أو بيع أي منتجات داخل أي دولة من دول الاتحاد الأوروبي، وذلك في حال وجود أدلة على استخدام العمل القسري في أي حلقة من حلقات سلسلة التوريد الخاصة بها، وهذا سيفرض على الشركات المشاركة في التجارة الدولية والتي ترغب في البيع عبر الحدود أو في أي مكان في الاتحاد الأوروبي أو في أي مكان في الولايات المتحدة وكندا و المكسيك أن تعرف من هم مورديها، كما يجب عليهم الإنسحاب و توقيف كل الطلبات من الشركات الصينية التي تتبع سياسة العمل القسري مع الإيغور.
وتابعت : قدمنا دعوة للإدلاء بشهادتنا أمام الكونغرس، وكانت أول شهادة حول هذه القضية في أكتوبر 2019 منذ خمس سنوات تقريباً كانت أول شهادة لنا و قد طالبنا الكونغرس الأميريكي بإصدار قانون يدعم القانون الحالي, منذ عام 1930، يُعد استيراد أي منتج مصنوع باستخدام العمل القسري مخالفًا للقانون بالنسبة لأي شركة لكن هذا القانون لم يكن يُطبق. وإذا تمكنا من جذب انتباه صانعي السيارات حول العالم، وقلنا لهم يجب أن تعرفوا من أين تستوردون بضائعكم ويجب أن تعرفوا مصدر القطع و المواد وما إذا كانت تأتي من شركات لا تحارب العمل القسري الذي يُفرض على هذه المجموعة العرقية.
واتفق معها “جيم ورمنجتون” باحث هيومن رايتس ووتش ، قائلا : الاتحاد الأوروبي بات على قاب قوسين أو أدنى من الانتهاء من وضع قانونه الخاص الذي يحظر استيراد البضائع المرتبطة بالعمل القسري كما أن الولايات المتحدة قامت بحظر هذه البضائع، وكذلك عدد من الدول الأخرى أقرت قوانين الحظر مثل كندا و المكسيك و غيرها، و اقترح على الاتحاد الأوروبي الذي يملك أسواقاً تحتوي على عدد كبير من المستهلكين أن يرسل رسالة إلى كل المستوردين يمنعهم فيها من استيراد البضائع المرتبطة بالعمل القسري .
ويضيف: “نأمل أن يتم الإنتهاء من العمل على هذا المشروع وأعتقد أن تقاريرنا و فرض بعض القوانين كتلك التي فرضتها الولايات المتحدة كمنع استيراد بعض المنتجات كالسيارات بسبب ارتباطها بالعمل القسري سيدفع الشركات إلى البحث أكثر عن مصادر توريدها و ما إذا كانت مرتبطة بالأعمال القسرية في شينجيانغ ويجب على قطاع صناعة السيارات أن يقوم بالمزيد من الخطوات ولكن تبقى واحدة من أكبر العقبات التي تحول دون الوصول إلى حقيقة هذا الأمر تكمن في مدى الغموض والافتقار إلى الشفافية في تتبع سلاسل التوريد. فإما أن الشركات لا تعلم من أين تحصل على منتجاتها، أو أنها تعلم و قامت بتتبع المصادر، لكنها غير راغبة في الإفصاح عن ذلك لأحد. وكلما كانت سلاسل التوريد أكثر غموضًا، كلما كان من السهل على العلامات التجارية الكبرى الاستمرار في العمل والحفاظ على هذه البضائع المرتبطة بالعمل القسري دون اتخاذ أي إجراءات فعلية حيال ذلك”.